قصة قصيرة بعنوان (الوكيل)

> «الأيام» عقلان مرشد عقلان:

> لم تصدق ما تسمعه وهو يهاتفها من الخارج قائلاً «لقد أرسلت التوكيل».. ضحكت.. بكت.. تقاسمتها مشاعر الفرحة بقرب زوال الغمة والحزن على فقدان أبيها وذل رجالها بسبب ما حدث.

لملمت أغراضها.. شتت أفكارهم.. كانت تنظر إليهم دون أن تراهم.. غادرت المكتب حتى أنها نسيت جوالها..ركبت سيارتها.

جو الكبينة كان خانقاً.. أعاد الاتصال ثانية.. حاول أحدهم اللحاق بها دون فائدة.. تضاعفت حيرته فهو لا يعرف إلا هذه الطريقة للوصول إليها.. صاح «ولكنها لا ترد».. اتصل ثانية..سألت أحدهم «ماذا حدث؟» رد «سقطت سيارة في البحر».. عقبت «ليست وحدها من تسقط». شكلت السيارات خطين طويلين متوازيين.. ازدادت الحرارة ارتفاعاً.. أنزلت زجاج باب السيارة.. فتح باب الكبينة.. جلس يدخن.. رن جوال أحدهم.. تنبهت فتشت حقيبتها فلم تجده.. أرادت العودة إلى مكتبها.. عاد إلى الكبينة.. ساعدها رجل المرور لتعود من حيث أتت.. لم ترد.. تفاقمت حيرته.. أخرج الورقة ليتأكد من الرقم.. دقت على مقود السيارة بقوة وفكرت بصوت مسموع «لماذا لم أساله عن اسم الوكيل وكيف سيتواصل معي؟».. ازدادت سرعتها عندما أدركت أن الجوال هو الحل.. لم يتجرأ أحدهم على الرد فقد أصبحت متوترة مؤخراً.. اقتربت من موقع عملها.. نفد صبره.. صرخت زميلتها من النافذة «إنها هي.. لقد عادت».. فتحت باب السيارة.. فتح باب الكبينه وخرج.. دخلت المكتب وأخذت الجوال.. نظر في ساعته.. نظرت إلى الشاشة (مكالمات لم يرد عليها 20) ضغطت على الزر (1) ..ثم كتبت الرقم على الورقة.. اتصلت.. لم يرد .. سأل بحرقة «لماذا لم ترد؟».

تذكر الوافد الجديد فقد كان حذراً حتى لا يعرف أحد صمته ... أحست بألم في بطنها التي بدأت تكبر.. حكى له عن لحظة الضعف وعن فحولته وقتها.. أصابها اليأس فمزقت الورقة وانطلقت خارجة.. كان سعيداً وهو يسلمه التوكيل.. قال له «لم تصبح زوجتك بعد» .. تعانقاً.. عاد إلى الوطن.. نظر إلى السماء وصرخ «أين أنت؟».. لم تأبه لصرخات السائقين المستائين من قيادتها في الطريق السريع فقد كانت منشغلة بإعادة الاتصال به.. تذكر أنه قال له إنها كانت جارته.. ضحك.. انه يعرف عنوانه.. صاح «هو نفس العنوان».. أشار للسائق «مشوار».. لم تكن تدري إلى أين تذهب والوقت مبكر.. توقفت جانباً.. سأل نفسه «ماذا لو وصلت قبلها».. كان يعرف أن أسئلتهم ستكون كثيرة وصعبة.. صاح «توقف» نزل.. تسمرت عيناها على الجوال وتضرعت «يارب».. أحس بالجوع فاتجه نحو المطعم.. أراد قطع الطريق.. تلفت حوله ووقعت عيناه على اللوحة (اتصالات).. صرخت «هيا.. اتصل».. تذكر أنه ينتظر الرد هناك فاتجه نحو اللوحة.. صرخت «هيا .. رن .. رن .. أرجوك .. يارب».. رفع السماعة .. أعادت الاتصال به.. لم يصدق «إنه مشغول» أعاد.. أعادت ، حاول.. حاولت ثم رمت الجوال على الكرسي المجاور وأجهشت بالبكاء.. رن الجوال.. لم تصدق.. أخذته.. قال «ألو» قالت «ألو».. قال «أين الأخ أحمد؟» صرخت بقوة «غلط..غلط» بكت.. رن مجدداً.. صاحت «غلط ..غلط» لم ترد.. صرخ «مش معقول إما مشغول أو انها لا ترد» اتصل ثانية .. رن الجوال.. رفعته وصرخت بقوة «قلت لك الرقم غلط يا حمار».. قال «ألو ..الاخت سعاد» قالت بفرح وهي تمسح دموعها «نعم.. من أنت ؟» رد «أوف.. أخيراً» قالت «من أنت.. تكلم أرجوك» قال «أنا الوكيل» رددت «الوكيل؟» أكد له ا«أيوه.. معي وكالة زوجك.. إن شاء الله» سألت «تقصد حسن؟» رد «أيوه.. بس قولي لي كيف التقيك علشان نعمل الاجراءات» سألته بلهفة «أين أنت ؟ أنا سآتي إليك».. حدد مكانه واتفقا على اللقاء بعد ربع ساعة.. انتهت المكالمة.. بفرح أدارت محرك سيارتهاوانطلقت مسرعة..شعر بالجوع فاتجه للمطعم ليأكل وجبة سريعة قبل لقائها.. مضت الدقائق.. أكمل وجبته واتجه سيراً إلى مكان اللقاء..كاد مؤشر السرعة أن يحقق دورة كاملة لشدة سرعة السيارة التي أصبحت كالرصاصة.. أراد قطع الطريق.. تساءلت «كيف سأعرفه؟».

كان يحاول أن يتذكر صورتها الموجودة في حقيبة حسن.. سرحاً.. اقتربا من بعضهما أكثر.. صاح أحدهم محذراً «حاسب».. قذفته في الهواء.. لم تستطع التوقف دهسته ثانية.. مات.. توقفت السيارة.. جرت للقائه وتركته خلفها هامداً كانت تريد الحل.. تطارد مشكلتها ولم تعلم أنها أصبحت مجرد ورقة اختلط مدادها بدماء.. الوكيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى