جامعة عدن .. ودكتوراه المرشدي!

> «الأيام» احمد المهندس:

> كنت أتمنى أن يكون لجامعة عدن الرائدة السبق في تكريم الفنان اليمني الكبير محمد مرشد ناجي نظير ما قدم من عطاء فني وثقافي وإنساني ووطني لليمن الكبير .. حتى استحق لقب فنان الشعب عن جدارة فقد تغنى في ظل التشطير لليمن الواحد وبكل لهجات وفنون مناطقه من الساحل إلى الوادي والجبل، وعبر عن أحلامه وثورته وفرحه وتاريخه .. وكان صوت التحرير والثورة اليمنية في سبتمبر وأكتوبر .. والوحدة والمستقبل.

وتسبق جامعة الحديدة التي كرمت الفنان الصديق أحمد فتحي ومنحته الدكتوراه الفخرية، التي يستحقها كأحد أهم شباب الفن في اليمن الجديد.

ألم يكن المرشدي يستحقها أيضاً قبل تلاميذه .. لو بادرت جامعة عدن بتكريمه ومنحته الدكتوراه ليس الفخرية بل والعلمية التي يستحقها عن جدارة كفنان ومثقف قدم الى جانب فنه المبدع وألحانه الخالدة وتطويره للتراث الغنائي وانتشاره .. أعمالاً وكتابات وبحوثاً ومحاضرات وندوات مكتوبة ومسموعة ومشاهدة في الفن والتاريخ الفني اليمني ومشاهيره.

ولو تفرغنا لكتابة أولويات وإنجازات هذه القامة على امتداد تاريخها المجيد في الحياة الإنسانية واليمن لما اتسعت مساحة هذه الصفحة لها.

لقد كرمت الدولة اليمنية على مستوى القيادة والمراكز الثقافية القمة محمد مرشد ناجي .. الفنان والمثقف والسياسي ،ولكنه لم يكرم من قبل منارات العلم (الجامعات اليمنية) التي تمنح دكتوراتها الفخرية -واعذروني لصراحتي - لبعض من لا يستحق أو حتى من لم يقدم جزءاً يسيراً مما قدم أبو الفن اليمني العملاق (أبوعلي).

لقد حرم الاستعمار البريطاني إبان احتلاله لجنوب اليمن (عدن) محمد مرشد ناجي من إكمال دراسة العليا والفوز ببعثة لدراسة الفن خارج جغرافية الوطن نتيجة لمواقفه الوطنية وأغانيه التي كانت تتحدى الاستعمار وبطشه وتندد به .. أغان وألحان كانت أول رصاصة وطنية بالصوت سبقت رصاصات الفدائيين في ردفان وعدن وساهمت في إشعال الثورة حتى تحقق النصر والاستقلال والجلاء.

ولم يندم فناننا الكبير على هذا الحرمان والتعسف، فكل شيء يهون من أجل الوطن وتحريره.

ولكنه قبل التحدي وتفرغ للتعليم الذاتي وقرأ وتعلم ما لا يمكن أن يتعلمه من خلال التعليم النظامي الاعتيادي حتى أصبح من أهم المثقفين والفنانين على امتداد الجزيرة العربية بل والعالم العربي .. ومطلوباً كمطرب يملك موهبة الصوت وملحناً يقدم أعذب الألحان المؤثرة .. ومحاضراً ومثقفاً يقدم فن الأصالة وتاريخ أهل الإيمان والحكمة ويمثله خير تمثيل في المحافل الفنية والثقافية والجامعات العربية والدولية وعبر الفضائيات والمؤتمرات.

وكان تكريمه الأروع في حياته عندما اختاره أهل مدينته (الشيخ عثمان) في عدن الزهراء ممثلاً لهم في مجلس الشعب والنواب بعد الوحدة، ومنحوه صوتهم بنسب تؤهله لمنصب يتعدى عضوية مجلس الشعب والنواب والوزارة أيضاً.

وكان عند حسن الظن والواجب وخير من يمثلهم ويحقق آمالهم وطموحاتهم، فلا أعتقد أن جامعة عدن التي كانت لها البادرة الطيبة في طباعة الجزء الأول من سيرته الذاتية .. تود أن تحرمه كما فعل الاستعمار بعد التحرير والوحدة من نيل تقديرها وشهادتها الفخرية التي سوف تتشرف به عندما يزين وشاحها صدره .. ليضيف الى سجل ونجاح وتفوق وريادة الجامعة وتزيد من قدرها ومكانتها العلمية والانسانية. فلا تحرموا فنان الشعب من شهادة يستحقها عن جدارة بعد كل ما قدم من عطاء وإنجاز للوطن وأهله .. فقد كرمت من قبلُ جامعة حضرموت ابنها الفنان أبوبكر سالم بلفقيه، والآن فعلت الحديدة ذلك مع ابنها الفنان أحمد فتحي، فهل ستبخل جامعة عدن على أحد أهم أبنائها وأشهرهم، الفنان الكبير محمد مرشد ناجي، بالدكتوراه الفخرية تقديراً لفنه حتى لا تتهم لا قدر الله بالجحود وعدم الوفاء؟!

كرموا المرشدي بالدكتوراه الفخرية في حفل كبير يستحقه قبل الرحيل عن الدنيا ككل كائن حي، متعه الله بالصحة والعمر المديد ان شاء الله .. وهو مازال بيننا في كامل صحته وعطائه .. ليرى التقدير في عيون الناس وأهل منطقته .. وليطمئن بأن ما قدمه من تضحيات وعطاء على امتداد تاريخه الطويل لم يذهب سدى.

ولو كان محمد مرشد ناجي، في دولة غربية لأقاموا له التماثيل والاحتفالات السنوية ومنحوه أكثر من دكتوراه ولوزعت الجوائز باسمه .. ناهيك عن رسائل الدكتوراه عن فنه وكتبه التي بدأت من الخمسينات وحتى الآن.

أتمنى كعربي يقدر ويتابع ومعجب بعطاء هذا الفنان المبدع وبكل ما هو يمني أن تضيف جامعة عدن الى بادراتها الثقافية والفنية والعلمية والانسانية العديدة والمقدرة ،مبادرة جديدة وجديرة بالتقدير والثناء والاهتمام.

وخير لها أن تبدأ من الآن في الإعداد لحفل يليق بقامة فنان الشعب اليمني الكبير محمد مرشد ناجي وتمنحه ما يستحق من تقدير ووفاء .. حتى لو جاء التكريم متأخراً .

خير من أن تقوم به بعد فوات الأوان.. وحتى لا نتهم بأننا كعرب شعب ننسى عظماءنا ونكرمهم بعد الموت بمعسول الكلام الذي لا يفيد.. شكراً لجامعة عدن لقبولها المبادرة والتجاوب الكريم كما عودت المبدعين وللصديق الفنان الكبير محمد مرشد ناجي، مبروك سلفاً دكتوراه الحب من كل من أسعدتهم بصوتك وألحانك وأعمالك الثقافية والإنسانية.

أديب وصحفي سعودي رئيس تحرير مجلة «العقارية»

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى