الصمت يخيم على قانا بعد مأساتها الثانية خلال عشر سنوات

> قانا «الأيام» بياتريس خديج :

>
جانب من الدمار الذي الحقه القصف الاسرائيلي في قانا
جانب من الدمار الذي الحقه القصف الاسرائيلي في قانا
خيم الصمت من جديد على انقاض قانا أمس الإثنين غداة القصف الاسرائيلي الذي اسفر عن مقتل اكثر من خمسين مدنيا لبنانيا بينهم 32 طفلا، لتبدو هذه البلدة التي نكبت بالمأساة نفسها مرتين خلال عشر سنوات، خاوية وساكنة.

فقد غادر رجال الانقاذ محيط الملجأ الذي كان عدد كبير من الذين قتلوا فيه يعتقدون انهم يستطيعون النوم فيه آمنين تماما مثل اولئك الذين وضعوا انفسهم عام 1996 تحت حماية الامم المتحدة معتقدين ان وجودهم في ثكنة لجنود حفظ السلام يجعلهم خارج دائرة الخطر,وفتحت المأساة حينذاك الطريق الى التهدئة.

وذهب الرجال الذين كانوا يحملون الرفوش وسيارات الاسعاف ومتطوعو الصليب الاحمر والدفاع المدني الذين انتشلوا جثث النساء والاطفال واحدة تلو الاخرى، ليزيلوا الدماء والغبار عن ملابسهم.

ولم يتبق صباح أمس الإثنين سوى بعض الاغراض الشخصية والحقائب والملابس التي تكدست امام الفجوات الهائلة التي احدثها القصف في المبنى الذي انهار ودفن تحت انقاضه 63 مدنيا كانوا يتصورون انهم بمناى عن الضربات الاسرائيلية.

وقد تم انتشال نحو 30 جثة هامدة وما زال عدد آخر من الجثث تحت الانقاض,ويفترض ان تستأنف عمليات ازالة الانقاض أمس الإثنين من اجل انتشال هذه الجثث المتبقية.

ومن مدخل القرية التي كان يبلغ عدد سكانها 15 الف نسمة -- قبل الهجوم الاسرائيلي -- يشهد الدمار على عنف عمليات القصف التي ضربت القرية 19 يوما واجبرت السكان على الفرار او الاختباء. فقد سويت منازل بالارض وبعضها احترق بالكامل، ودمرت واجهات المحلات التجارية وتمزقت ستائرها.

اما الطرق فتغطيها الانقاض والابنية التي ما زالت واقفة خالية والمحلات التجارية التي تحطمت واجهاتها مقفرة.

انتهز حسين سليمان البالغ من العمر 35 عاما، فرصة تعليق القصف الجوي الذي قررته اسرائيل لمدة 48 ساعة بعد مأساة قانا ليتفقد منزله. وقال "ما زال المنزل واقفا"، لكن محله التجاري تعرض للنهب. واضاف قبل ان يعود الى صور "انه امر شائع في هذا الوضع".

شوارع المدينة مقفرة لا يمر بها سوى بعض مقاتلي حزب الله ببزاتهم الصفراء والخضراء على دراجات نارية صغيرة.

وعلى زوايا الشوارع بقيت صور للزعيمين الشيعيين الامين العام لحزب الله حسن نصر الله وزعيم الثورة الاسلامية آية الله الخميني مرشد الجمهورية الاسلامية، على حالها كما لو ان معجزة حمتها,وتمر بعض النسوة المحجبات.

وتدخل شاحنة صغيرة احد الشوارع لتنقل عائلة جاءت اصلا من قرية الرمادية تتألف من اب وام وابنهما. ويقول الاب من نافذة السيارة "نحن راحلون". ويكرر الثلاثة "نحن راحلون الى بيروت حتى اذا اضطررنا الى النوم في الشارع".

البقال الوحيد الذي ما زال محله مفتوحا، ليس لديه كهرباء وبراده فارغا. اما على الرفوف فلا يوجد سوى عدد قليل من المعلبات وعلى الارض قوارير مياه.

امام هذا المحل توقف ضرير يدعى خضر نصر الله مع ابنه. ويقول "اريد ان اموت هنا .. انها ارضنا.. اريد ان اموت مع زوجتي وابنائي الثلاثة,نحن مع حزب الله وطالما ان اسرائيل تطلق النار سيطلق حزب الله النار واذا ما مات المقاتلون سنموت معهم".

وفي صيدلية توقفت حنيفة لشراء ادوية. وقالت "اين تريدوننا ان نذهب؟ الى بيروت لنقيم في المدارس والحدائق العامة او الشوارع؟ هل تفعلون ذلك باولادكم؟ لا نريد الموت في الشارع.. لا نخاف الموت.. الله معنا".

واذا ما كرر التاريخ نفسه وطالت الهدنة فقد تعطي مأساة قانا الثانية فرصة جديدة للعيش لحنيفة وخضر وغيرهم من آخر سكان هذه البلدة المنكوبة. (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى