الفنان التشكيلي الكبير علي محمد يحيى وشيء من حديث الذكريات في الفنون التشكيلية ..شيخ الفنانين التشكيليين أحمد حسن مكاوي ..رسوماته وإبداعاته لا تقل مكانة عن أي فنان عربي أو عالمي

> «الأيام» شوقي عوض:

> في حديثه عن (تاريخ الحركة التشكيلية في عدن) في فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين يكشف الفنان التشكيلي والباحث علي محمد يحيى النقاب عن اللامرئي في تاريخ هذه الحركة التشكيلية في عدن منذ بدايات نشأتها برؤية إبداعية محايدة عسكت الأهمية التاريخية التي تحتلها هذه الحركة ومراحل تطورها بين بقية الفنون الإبداعية الأخرى.

قبل ذلك كان د. جنيد محمد الجنيد، نائب رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع عدن قد أشار إلى أن «الفنان التشكيلي والباحث علي محمد يحيى يعتبر من أوائل الفنانين والمؤسسين التشكيليين باليمن وأول مستشار فني للرئيس قحطان الشعبي.. وها هو يلقي على مسامعنا محاضرة تاريخية قيمة تتعلق بحركة ونشوء وتطور الفنون التشكيلية في عدن باعتبارها تشكل حزءاً مهماً وقيماً لدارسي فنون الحركة التشكيلية في بلادنا منذ ثلاثينيات القرن الماضي».

فيما أوضح الاستاذ الشاعر الناقد عبدالرحمن إبراهيم أن هذه الفعالية تأتي تأصيلاً لفعاليات متعددة ونشاطات مختلفة كانت قد شهدتها قاعة اتحاد الادباء والكتاب فرع عدن. شاكراً ذلك الحضور النوعي والحشد الجميل الذي ضم عدداً من مختلف تلاوين الفنون: الشعر، القصة، التشكيل وفنون ابداعية أخرى.منبهاً الى أن «الاستاذ الفنان والباحث علي محمد يحيى شخصية معروفة لها تاريخها الوضاء والباهر في التكوين الثقافي والفكري والفني وتأسيس الفنون التشكيلية في عدن وتطور مسارها فناً ونحتاً وتشكيلاً، فهو متعدد المواهب وكاتب متميز بقيمة معرفية تجذب وتشد انتباه القراء، لا سيما كتاباته المتميزة التي يطالعنا بها في صحيفة «الأيام»، فالحديث متنوع ومتعدد وذو شجون عن هذا الفنان والباحث الذي يتمتع بأفق واسع في الفن».

وفي سياق الحديث عن (تاريخ الحركة التشكيلية في مدينة عدن) تحدث الأستاذ علي محمد يحيى قائلاً:

«بادئ ذي بدء شكراً للاستاذين الجميلين د. جنيد محمد الجنيد، والناقد الشاعر عبدالرحمن إبراهيم على اطرائهما الجميل في سياق تقديمهما لفاتحة الحديث ولشخصي المتواضع. إن ما دعاني في شهاداتي هذه للإدلاء عن تاريخ الحركة التشكيلية بمدينة عدن هو معرفتي لأدق التفاصيل والأحداث والمواقف للحركة الفنية التشكيلية منذ 1930 بمدينة عدن، ومشاهدتي لأول لوحة فنية تشكيلية والتي بلغت مساحتها نحو (20.1 متر * 90 سم) ثم إن خوفي من الالتباس أكبر عند الحديث عن (تاريخ الحركة التشكيلية بعدن) خارج إطار المدينة عدن. وعدم معرفة العوامل الموضوعية التي أدت إلى التفتح والتفاعل لاستكشاف مثل هذه العملية التشكيلية الإبداعية ودوافعها ومسبباتها، إضافة إلى وجود خليط من الاجناس والطبقات والاستعمار (بعدن)، لا سيما وأن مفاتيح الأمور لمثل هذه القضايا البحثية الحساسة تجعل مهمة الباحث والناقد صعبة للغاية ما لم يكن الاقتراب منها مصحوباً بالاعترافات في مبدعيها الاوائل من التشكيليين، والمعلومات الصحيحة المتاحة، وكسر ما هو مألوف.. بمعنى آخر كيف يمكننا أن نقرأ مسار وتتابع هذه العملية الإبداعية التشكيلية ونشبعها بحثاً وتماهياً عند مشاهدتنا للوحة ما، مثلما وجدناها في مرسم شيخ الفنانين التشكيليين اليمنيين أحمد حسن مكاوي البالغ من العمر 85 عاماً، وفي لوحات لا تقل شهرة عن أية لوحات عالمية تزخر بالنور والظل والحيوية المفعمة بالفن والإبداع. ناهيكم عما تشكله هذه الفنون التشكيلية من أهمية تاريخية ووجدانية في الذاكرة الشعبية والإنسانية، فمازلت أتذكر في هذه المناسبة المسترهيث والسيد زين الحازمي، موسى الحازمي والمستر ديو وكيف كنا نتعامل معهم عندما كنا ناشئين ونقيم المعارض التشكيلية الموسمية الفصلية في معكسر طارق وكيف تصاعد هذا النشاط الثقافي الفني بين الجاليات المختلفة التي كانت موجودة بمدينة عدن ليصهر كل إبداعاتنا وفنوننا التشكيلية مع الثقافات المختلفة الأخرى.

وقد شكل هذا الاختلاط مع بقية الجاليات الاجنبية (بعدن) عروضا فنية كانت تقام في النادي الايطالي (النادي اليمني حالياً)، إلى جانب اللقاءات الفنية التي كانت تعقد خاصة مع الفنانين الايطاليين والانجليز ونادي الفرسان وأبناء الجالية الهندية والباكستانيين (المسلمين).

وكذلك ما شهدته قاعة المهاتما غاندي من حضور فني إلى جانب الدور الذي لعبته شركة (انتوني بس) بعدن وبعض الشركات الايطالية الاخرى، وما لعبته أيضاً شركة (سي سي سي) لصاحبتها الفنانة عبلة الفلسطينية، التي كانت تسكن بالفارسي في منطقة البريقة، وقد سعدت بمقابلتها والتحدث اليها.. وهناك أيضاً فنانون تشكيليون لعبوا دوراً كبيراً لا يقل أهمية ومكانة ومنافسة مع بقية الرسومات التي كانت تنافسها آنذاك.

وفي هذا السياق يحضرني دور معهد النور للمكفوفين الذي أنشئ في الستينات وما كان به من معروضات إلى ما بعد الاستقلال (منتصف السبعينات) وكذلك ما شكلة المرسم الذي يقام بمدرسة كلية بلقيس بعمادة الاستاذ حسين الحبيشي، وقد تخرجت من ذلك المرسم العديد من الاجيال التشكيلية المبدعة أمثال عبدالجبار نعمان، د.علوي عبدالله طاهر، هاشم علي وغيرهم».

ويواصل الفنان التشكيلي والباحث علي محمد يحيى حديثه قائلاً إنه قد قام برسم شعار المقاومة لإيقاظ الوعي الوطني ضد الاستعمار البريطاني، وكان ذلك خلال مرحلة الكفاح المسلح وتمثل ذلك برسم فدائي يقوم برمي قنبلة، كما قام برسومات كثيرة جسدت تأثره بالفن التشكيلي والثقافة البصرية وما كونته لديه من مفاهيم جمالية وفنية وفلسفية.. إلخ.

ويذكرنا الفنان والباحث التشكيلي علي محمد يحيى بأن مرحلة الستينات «قد حفلت بالعديد من الأسماء التشكيلية، التي أصبحت اليوم تتبوأ مكانة مرموقة في ساحة فنوننا الإبداعية والتشكيلية والحياة الثقافية، كالاستاذ الفنان التشكيلي سالم الحبشي، الذي يعتبر من كبار خطاطي العالم العربي وقد قام برسم وكتابة مصحف القرآن الكريم كاملاً، وكذلك الاستاذ الفنان التشكيلي الكبير شيخ الفنانين التشكيليين أحمد حسن مكاوي، الذي لا تقل رسوماته وإبداعاته عن مكانة أي فنان عربي أو عالمي، وتمتاز بجماليات فنية وتقنية فائقة وماهرة بالرسم بالباستيل، وكذلك الفنان التشكيلي الكبير أنور مريدي.

ولا ننسى الفنانين التشكيليين الاستاذ خالد صوري، الاستاذ عطية عزيز والاستاذ علي إبراهيم نور.. وغيرهم ممن استخدموا أشكالا متعددة في رسوماتهم وكانت متفردة في حضورها الذهني والوجداني ولها تأثيراتها في الفن التشكيلي لغة كالأعمال التشكيلية الفنية للاستاذ الشاعر الكبير لطفي جعفر أمان وأخيه فتحي أمان، نديم عباس، عبدالله مقبل، الآنسة نوري، نصر حسن عباس، هاشم عبدالستار، فيصل عبدالعزيز، طاهر الخطاط، عبدالله حكمت، عبدالكريم سكر، إبراهيم النجار، عبدالوهاب أحمد، عبدالقادر حداد، علي غداف، عبدالله محمد الحريبي، عبد الرحمن غالب، أحمد سعيد باوزير، عبدالله سالم باوزير، جمال عبدالقادر، عبدالرحمن بامدهف، علي باراس، عوض بريوم، عبدالله الأمين، عبده دائل، حمادة أحمد قاسم، منصور نور وغيرهم». موضحاً في ختام محاضرته أن ما ذكره من الاسماء كانت على سبيل المثال وليست للحصر والقائمة طويلة وهو بذلك يحاول إنعاش ذاكرة الفنون التشكيلية بشيء من حديث الذكريات الجميلة عن شواهد لوقائع حية ما زالت مخلدة في الذاكرة وأضابير الصحف والمجلات وأغلفة الكتب المبعثرة هنا وهناك.

باحثاً بعين الراصد المتفحص أكثر منه رساماً تشكيلياً بل وناقداً تشكيلياً استطاع أن يمتزج مع الألوان ويتناغم مع مختلف اللوحات مسلطاً الضوء على هذا المنجز التشكيلي المدثر بمدينة عدن منذ الثلاثينيات بمزيد من الأضواء على بعض ممن أجحف في حقهم ونسيت إسهاماتهم وعطاءاتهم في هذا المضمار.

فجاء حديثه من القلب وإلى القلب ممهوراً بالحنين والذكريات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى