علاقة مباشرة بين انكماش الطلب ومعدلات النمو .. العجز التجاري الأميركي يشكل تحدياً لاقتصادات أوروبا

> «الأيام» عن «البيان» الإماراتية:

> قال محللون ان التدني الكبير في العجز التجاري الأميركي يشكل تحديا صارخا لاقتصادات اوروبا، فالاختلال التجاري السنوي الاميركي الذي وصل الى 800 مليار دولار يواكبه انخفاض في الواردات الاميركية وازدياد في الصادرات.

والمفارقة ان انخفاض الواردات الاميركية يؤدي الى انخفاض مواز في الصادرات الاوروبية وبالتالي فإن ضعف الدولار يجعل الصادرات الاميركية اكثر تنافسية وهو الامر الذي يقود الى ارتفاع الشحنات الاميركية الى اوروباوبالتالي حلول المنتجات الاميركية محل البضائع الاوروبية في الاسواق العالمية.

ولفتت صحيفة الفاينانشيال تايمز اللندنية الى ان انحسار الطلب على المنتجات الاوروبية سيقود الى تباطؤ في النمو الاوروبي الذي يتسم بالضعف اصلا.

ومن شأن هذا الطلب المتدني ان يؤدي الى اقلال الشركات الاوروبية من استثماراتها وانكماش في استخدامها لليد العاملة. وهذه السلسلة المتوالية من التباطؤ الحاصل في الدخول، ستلحق لا محالة الضرر بالانفاق الاستهلاكي وستؤدي حتما الى آثار التفافية بالاستثمار التجاري ومن شأن هذه الحلقة الدائرية ان تقود بعض الاقتصادات الاوروبية الى الكساد والركود وعوضا عن الاستعداد ليوم يحدث فيه ذلك، فإن كثيرا من المسؤولين الاوروبيين يمنون النفس بأن اوروبا لن تتأثر بانخفاض العجز الاميركي.

وثمة اعتقاد سائد مفاده ان اوروبا ليست ضالعة في الاختلال العالمي نظرا لامتلاكها الآن توازنا تجاريا اجماليا وبالتالي فإنها ليست بحاجة لتشكل جزءا من الحل. وهذا الاحساس يعززه الافتراض القائل بعدم وجود حجم لسياسة طلب توسعية في اوروبا نظرا لان البنك المركزي الاوروبي مضطر للتركيز على خفض التضخم في حين تتمحور السياسة المالية على خفض العجز الموازني المتزايد.

ولاشك ان من الاماني العذاب الاعتقاد بأن اوروبا بحاجة لتكون جزءا من الحل ففي الوقت الذي يخفض فيه المستهلكون الاميركيون وارداتهم بسبب تباطؤ الطلب في الولايات المتحدة او لأن التدني في قيمة الدولار يجعل السلع الاجنبية اكثر كلفة، فإن المنتجات الاوروبية بالاضافة الى الآسيوية والاميركية اللاتينية ستصاب بالضرر وما ان تزداد الصادرات الاميركية فإنها ستحل محل المنتجات الاوروبية ومنتجات الدول الاخرى.

ان من اهم ردود الفعل الخطرة تجاه هذا المسار المحتمل في التعديل التجاري هو فرض سياسات مصممة لحماية المنتجين الاوروبيين من زيادة الواردات وبالرغم من لوائح منظمة التجارة العالمية فإن في وسع الحكومات الاوروبية اللجوء الى اجراءات ادارية لكبح جماح الواردات وفرض ضغوط سياسية على الشركات المحلية لاجبارها على استخدام المنتجات المحلية في انتاجها.

وفي ضوء جولة الدوحة، فإن ذلك قد يقود الى حلقة مفرغة من الخطوات الانتقامية الضارة من قبل الولايات المتحدة وغيرها من الحكومات ولاشك ان الحمائية هي مسلك خطير لانها ما ان تنفلت من عقالها فإن ايقافها سيكون بالامر الصعب.

لكن ما هي السياسات التي يمكن اتباعها لتحفيز الطلب المحلي من قبل المستهلكين الاوروبيين والشركات بحيث لا يؤدي الانخفاض في صادرات اوروبا الصافية الى خفض الانفاق الكلي والبطالة! ان سياسة مالية تحفيزية من شأنها ان تلعب دورا مهما فقد كان البنك المركزي الاوروبي حتى الآن مصيبا في مقاومته للضغوط من جانب وزراء المالية، وغيرهم لانتهاج سياسة مالية تهدف الى تحفيز البطالة الحالية فالمعدل العالي الحالي للبطالة الاوروبية يعكس مشاكل هيكلية بدلا من الطلب غير الكافي .

ومن شأن انتهاج سياسة مالية اكثر سهولة ان يرفع من نسبة التضخم طويل المدى غير ان الانخفاض الرئيسي في الطلب نتيجة لتدني الصادرات وارتفاع الواردات لابد ان يؤدي بالبنك المركزي الاوروبي الى تحديد او عكس مساره الحالي في التشدد وفيما قد يكون من الخطأ بحث تقليص البطالة الهيكلية الراهنة بانتهاج سياسة مالية توسعية فإنه من غير الخطأ الاستجابة لانخفاض الطلب الخارجي عن طريق مثل تلك التيسيرات المالية.

وقالت الصحيفة ان سياسة مالية يمكن ان تتسبب في احداث ضعف في الطلب في منطقة اليورو برمتها.

بيد انها غير قادرة على استهداف الظروف لكل بلد على حدة فانخفاض الصادرات الصافية لن يكون له نفس الاثر في بلدان منطقة اليورو كافة. كما ان التغييرات المالية والتنظيمية المفصلة حسب ظروف كل بلد يمكن ان تلعب دورا مهما في الحفاظ على الطلب.

هذا من جانب ومن جانب آخر فإن وضع حوافز مالية يمثل تحديا صعبا نظرا لان العجوزات المالية الاوروبية هي عالية بالفعل.

وفي السياق ذاته فإن الهيكل السياسي لمنطقة اليورو يمكن ان يوجد تحفيزا تجاه العجوزات الموازنية العالية نظرا لان الحكومات المنفردة تقرر السياسات المالية فيما تشترك البلدان ذاتها في العملة وأسعار الفائدة المشتركة .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى