رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1- الشيخ علي بن صالح باهميل .. أرض الواحدي .. ورد في كتاب (هذا الجنوب أرضنا الطيبة) للراحل الكبير عبدالرحمن جرجرة: «بلاد الواحدي واسعة جداً ترتبط حدودها من الشرق بحضرموت، وبيحان من الجنوب الشرقي ومشيخة العوالق العليا من الغرب وسلطنة العوالق السفلى من الجنوب الغربي. كما تعتبر الحوطة (حوطة الفقيه علي) مركزا تجارياً لملتقى التجار، فإن بير علي وبلحاف يعتبران من أهم الموانئ في بلاد الواحدي وهما يرتبطان بحضرموت وعدن وكثيراً ما تصل الزوارق الشراعية وسفن الصيد إليهما». وورد أيضا أن سلطنة الواحدي تعمل بنظام المجالس البلدية وعددها ستة في كل من حبان والروضة والحوطة وعزان وميفعة ورضوم.

الولادة والنشأة .. الشيخ علي بن صالح باهميل من مواليد منطقة لماطر الزراعية في سلطنة الواحدي (محافظة شبوة حالياً) عام 1940م. تلقى دروسه الأولية في معلامة (كُتّاب) القرية علي يد الشيخ محسن بن صالح لمرط بارحمة، ثم طرق باباً صعباً عندما اعتمد منهج التثقيف الذاتي في اللغة العربية وآدابها والتاريخ والحساب، وحقق تراكماً طيباً قياسا بظروف ذلك الزمن.

باهميل في عدن لحضور دورة تربوية:
هاجر الشيخ علي بن صالح باهميل في شرخ شبابه إلى المملكة العربية السعودية التي كانت ملاذا لأعداد كبيرة من شباب المناطق الجنوبية للبحث عن فرص عمل وتكوين أنفسهم، واشتغل الشيخ علي في عدة أماكن ويبدو أن عائدها لم يكن مجزياً فقرر العودة إلى بلاده.

التحق الشيخ علي بن صالح باهميل بسلك التدريس حيث عمل مدرساً في مدرسة لماطر الابتدائية عام 1962م، وقبل مباشرته التدريس انتقل إلى عدن لحضور دورة تربوية ألقيت خلالها دروس قدمها تربويون أفاضل منهم الأستاذ محمد هادي عوض والأستاذ حسين الحبيشي والأستاذ لطفي جعفر أمان.

واصل الشيخ علي بن صالح باهميل تأدية رسالته السامية في سلك التعليم وارتقى سلم الوظيفة حتى أصبح مديراً لمدرسة الحوطة بالمحافظة الرابعة (شبوة اليوم)، إلا أنه أدار ظهره للوظيفة عام 1972م تحت وطأة الظروف السياسية والأمنية المحفوفة بالمخاطر، وكان عزاؤه الوحيد هم طلبته الذين درسوا على يديه منهم الأستاذ الدكتور عبدالله محسن طالب باسردة، من قيادات جامعة عدن حالياً، والأستاذ الدكتور علي مهدي العلوي بارحمة والأستاذ ناصر أحمد باسردة وغيرهم.

العودة إلى موطن الخير مرة أخرى:
يعطي الشيخ علي بن صالح باهميل شهادته للتاريخ ورد فيها أن مرحلة السبعينات من القرن الماضي في المناطق الجنوبية اتسمت بالاضطرابات السياسية والأمنية التي عصفت بالبلاد، حيث تعرض للاعتقال أكثر من مرة في سجون النظام مع إخوة كثيرين بعضهم قضوا ومنهم الشاعر الشهيد محمد صالح باسردة.

عايش الشيخ باهميل الكثير من المشاكل في ستينات القرن الماضي منذ قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م وثورة 14 أكتوبر 1963م وأدلى بدلوه في العمل الفدائي والسياسي في إطار قيادة المنطقة في سلطنة الواحدي سابقاً وفي مقدمتهم الأخوان المناضلان عمر أحمد صلفوح السليماني وعبدالله يسلم مشنّق باعوضة وغيرهما من مناضلي جبهة التحرير، وكان له شرف المساهمة في إسقاط ميفعة، عاصمة السلطنة عام 1967م، وكانت العملية بقيادة عبدالله يسلم مشنّق باعوضة تحت شعار جبهة التحرير.

كما شارك الشيخ باهميل في أحداث منطقة ميفعة ومن ضمنها حركة الوحدة الوطنية عام 1968م بمشاركة كثير من أبناء المنطقة إلى جانب الإخوة من العوالق مثل الشيخ محمد أبوبكر عجرومة والمقدم أحمد صالح بن لحمر وكان أيضا عضو اللجنة العليا لمديرية ميفعة مع زملاء آخرين منهم الشيخ عاتق سعيد باعوضة إضافة إلى رئاسته مجلس اللجان الشعبية لمديرية ميفعة.

عكست الظلال القاتمة نفسها على الشيخ علي بن صالح باهميل، فقرر الإقدام على الهجرة الثانية إلى موطن الخير المملكة العربية السعودية، وسنحت له الفرصة هناك لطلب العلم في الحرم المكي على يد عدة مشايخ منهم الشيخ يحيى عثمان المكي والشيخ محمد عبدالله الصومالي، الأستاذ بدار الحديث، وكان له شرف التدريس في الحرم بمعية الشيخ علي عامر، مدير دار الحديث سابقاً ومن زملائه الأخ العزيز على قلبه الشيخ علي بن سعيد بن الهندي بارحمة.

لا همّ للشيخ باهميل إلا إصلاح ذات البين:
أبدى الشيخ علي بن صالح باهميل ومعه الكثيرون من الخيرين حرصا بالغا على إصلاح ذات البين بين الناس، وبذلوا جهودا كبيرة للوصول إلى تلك الغاية وتوخيا للانصاف يقول الشيخ باخميل :«وأترك تقييم ذلك للعقلاء والأخيار من الناس». ويضيف: «غير أني أشيد بدور الأخ المناضل محمد علي هيثم، وزير الداخلية ورئيس الوزراء بعد ذلك ومعه الشيخ أحمد بن صالح الجراد والشاعر محمد بن صالح باسردة والشيخ عاتق سعيد باعوضة والشيخ هادي سعيد لثيلم باعوضة والأخ الشهيد أحمد يسلم بن لحمر باعوضة الذين شاطرونا ذلك الهم واستطاعوا تجاوز الكثير من القضايا، وبعضها كانت مزمنة تمتد جذورها إلى فترة ما قبل الاستقلال في المحافظة الرابعة».

الشيخ باهميل وقيادات جنوبية في المنافي:
مثلما كانت الظروف السياسية قاسية على الشيخ علي بن صالح باهميل وغيره الذين نجوا بجلودهم من دوامة الوطن واختاروا المنافي بديلا عن وطن لا يمنحهم الاستقرار والأمن، فقد كانت تلك الظروف قاسية على الآخرين بالدور، حيث التقى بعدد من القيادات الجنوبية في الخارج منهم الأخ محمد علي هيثم، والأخ علي شيخ عمر رحمهما الله وهما من قيادات الجبهة القومية، كما التقى بالأخوين شيخان الحبشي رحمه الله والشيخ محمد أبوبكر عجرومة أطال الله عمره من قيادات الرابطة، وبعدد آخر من القيادات الجنوبية وكان القاسم المشترك بين الجميع المعاناة والتطلع إلى وطن يتسع لكل أبنائه بمختلف توجهاتهم السياسية.

يجسد الشيخ علي بن صالح باهميل نبل مقاصده ويقول:«مازلنا نعيش على أمل أن يصلح الله الأمة وحكامها».

الشيخ علي بن صالح باهميل لا يزال مقيما في المملكة العربية السعودية وهو متزوج وله (13) ولدا، الذكور منهم: 1) حسين، 2) حسن، 3) يوسف، 4) عبدالقوي، 5) عمر، 6) أيوب، 7) أيمن، 8) سعيد، 9) صالح وأربع بنات.

2 - جميل يوسف عبدالجليل .. الولادة والنشأة .. جميل يوسف عبدالجليل حسن عبده من مواليد كريتر (عدن) بحافة حسين (بشهادة هشام باشراحيل) ثم انتقلت الأسرة إلى حافة البانيان (بشهادة محمد فارع طالب) في الخامس من ديسبمر 1937م. تلقى دراسته الابتدائية في مدرسة السيلة بكريتر (المتحف الحربي حاليا)، وتلقى دراسته المتوسطة/ الثانوية في مدرسة الريزميت (ثانوية لطفي أمان حاليا).

أكمل جميل يوسف عبدالجليل دراسته الثانوية في مدرسة الخديوية الثانوية العريقة بقاهرة المعز وكان من طلاب القسم العلمي وتميز بمادة الكيمياء ثم التحق بالكلية الحربية بالقاهرة وحصل على بكالوريوس في العلوم العسكرية في فبراير 1965م وحصل على دبلوم في الإدارة المحلية.

جميل يوسف رابطي في الداخل والخارج:
يتبين من خلال الوثائق الرابطية ووثائق الحركة الوطنية أن جميل يوسف عبدالجليل كان من قواعد حزب رابطة أبناء الجنوب ومن قياداتها الوسطى على المستويين السياسي والطلابي، حيث تبوأ منصب أمين سر فرع الرابطة بعدن عام 1955م ورئيس اتحاد طلاب الجنوب بالقاهرة عام 1954م.

عمل جميل يوسف عبدالجليل مديرا لمكتب المناضل الوطني الكبير شيخان الحبشي، كما عمل محررا لباب الرياضة في صحيفة «الجنوب العربي» وكان رئيس تحريرها الراحل الكبير أحمد عمر بافقيه وعمل محررا في صحيفة «الحق» وكان رئيس تحريرها رجلا كبيرا آخر وهو عبداللطيف كتبي عمر، متعه الله بالصحة وأطال عمره وكان جميل مسؤولا عن باب «يا طالع الشجرة هات لي معك بقرة».

جميل يوسف وقضية الجنوب أمام لجنة تصفية الاستعمار:
استقبلت لجنة تصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة عدة شخصيات من عدن ومحمياتها الشرقية والغربية في مقر مركز الإعلام التابع لهيئة الأمم المتحدة بجاردن سيتي بمدينة القاهرة خلال يومي 25-26 مايو 1963م، للاستماع إلى آرائهم وكان في مقدمتهم محمد علي الجفري ومحمد علي لقمان وشيخان الحبشي والسلطان علي عبدالكريم والشيخ محمد أبوبكر بن فريد وأحمد عمر بافقيه وأحمد محمد أبوبكر العولقي وامذيب صالح عولقي وعلي فخري وناصر عرجي وقاسم سلام، وذلك حسب ما ورد في «الجنوب العربي في هيئة الأمم المتحدة» وهي من إصدارات رابطة أبناء الجنوب العربي، إلا أن الأخ جميل يوسف أفادني بأنه كان ممثل الجنوب في لجنة تصفية الاستعمار مع الأستاذ محمد سالم باوزير.

جميل يوسف وخالد محي الدين وكمال الدين حسين وعبدالله باذيب:
ورد في إفادة الأخ جميل يوسف عبدالجليل أنه كان عضوا في منظمة الشباب الآسيوي الأفريقي في القاهرة عام 1957 برئاسة خالد محي الدين، عضو مجلس قيادة الثورة المصرية، كما كان عضوا في الهيئة الإدارية لنادي الطلبة الشرقيين، الذي كان يخضع لإشراف كمال الدين حسين، عضو مجلس قيادة الثورة المصرية.

كانت هناك إسهامات لجميل يوسف عبدالجليل في صحيفة «النهضة» لصاحبها ورئيس تحريرها عبدالرحمن جرجرة وشجعه على الكتابة فقيد الصحافة والحركة الوطنية عبدالله عبدالرزاق باذيب، حيث بدأ جميل ممارسة الكتابة القصصية وأولاها «طبق الخمير» وكان جميل من الشباب الواعدين في صفوف «مجموعة أنصار الأدب الجديد» وأبرز رموزها عبدالله باذيب، رغم أن الراحل الكبير حسين سالم باصديق أورد في دراسته الموسومة «القصة في اليمن ومراحل تطورها» أن أولى قصص جميل يوسف كانت بعنوان «السرير رقم 14» ونشرت عام 1955م.

محطات متفرقة في حياة جميل يوسف:
من المحطات التي شكلت سيرة المناضل الوطني والطلابي جميل يوسف عبدالجليل كانت مشاركته في عدة مؤتمرات طلابية في فترة ستينات القرن الماضي ومنها أيضا عمله في مجال التعليم، حيث وظفت وزارة التربية والتعليم بعدن معارفه العسكرية وعينته مدرسا للتربية العسكرية بثانوية الجلاء بخورمكسر، وكانت التربية العسكرية تتبع الدائرة السياسية (دائرة رعاية الشباب) والتحق بعد ذلك بهيئة الاستكشافات النفطية وأحيل للتقاعد مؤخرا.

من المحطات البارزة في حياة جميل يوسف عندما عمل سكرتيرا لمكتب محافظ المحافظة الأولى (عدن) المناضل الكبير أبوبكر شفيق، متعه الله بالصحة وأطال عمره، كما عمل بعد قيام دولة الوحدة رئيسا للجنة تنسيق الأحزاب.

المناضل الوطني جميل يوسف عبدالجليل متزوج وله ولدان: هاني وحسين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى