رجال في ذاكرة التاريخ .. النقيب محمد سعيد باعباد: أول شهيد مجاهد شرّف حضرموت في العمق الفلسطيني

> نجيب يابلي:

>
النقيب محمد سعيد باعباد
النقيب محمد سعيد باعباد
آل باعباد:ورد في كتاب «حضرموت 1934-1935م» لمؤلفه: دبليو .إتش. انجرامس، تعريب: د. سعيد عبدالخير النوبان - ص 51 - دار جامعة عدن للطباعة والنشر أن سكان المدن في حضرموت من حوالي ثمانين أسرة كانت قد هاجرت من العراق مع السيد أحمد بن عيسى المهاجر، ووردت أسماء الأسر الرئيسة على النحو التالي:

في الغرفة: آل باعباد وآل مسلم وآل طرموم وآل شيبان.

في شبام: آل باذيب وآل باعبيد وآل شماخ وآل معاشر وآل باجرش وآل التوي وآل قطن وآل جبر وآل بلفقيه وآل الخطيب.

في سيئون: آل باشغيوان وآل سعيد عبدالله وآل بافضل وآل حسان.

في تريم: آل بن دياب وآل دهرج وآل عبيد يماني وآل باجمالة وآل باسنبل وآل باصالح.

في دوعن: آل باشنفر وآل بايعشوت وآل بامدهف وآل بالكمة وآل بارحيم (آل بامشموس) وآل باباسط وآل باحنشل وآل باشميلة وآل باصمد وآل باعبيد وآل بحول وآل باجبير وآل بازرعة وآل باعشن وآل باصالح.

الولادة والنشأة:
محمد سعيد علي باعباد من مواليد 12 سبتمبر 1941م بمنطقة قصيعر الساحلية الحضرمية من أسرة متوسطة الحال اشتهرت بالاهتمام بالعلوم الدينية. التحق بمدرسة قصيعر الابتدائية وانتقل بعد ذلك إلى المدرسة الوسطى العريقة بالغيل (58-1959م) وغادر بعد ذلك إلى الكويت ليكمل تعليمه الثانوية بثانوية الشويخ وكانت الروح الوطنية والقومية والإسلامية قدر محمد باعباد، حيث شارك عندما كان طالباً في السنة الأولى من دراسته الوسطى عام 1956م بمسيرة طلابية حاشدة احتجاجاً على العدوان الثلاثي على مصر وشارك في أخرى عندما كان في سنة ثالثة من دراسته الوسطى عام 1958م ابتهاجاً بتحقيق الوحدة بين مصر وسوريا وها هو في الكويت يعيد الكرّة في مسيرة حاشدة عام 1961م احتجاجاً على انفصال سوريا عن مصر، الأمر الذي أحرج الحكومة الكويتية التي كانت لا تزال تحت الحماية البريطانية، إلا أنها كانت كريمة جداً مع الطلاب العرب الذين تقرر ترحيلهم فقدمت لهم العون السخي وشمل ذلك تذاكر السفر إلى أي بلد يريدونه وكان قرار باعباد بأن يرحل إلى مصر عبدالناصر.

التخرج بمرتبة الشرف والعمل في العبر وثمود:
في العام 1956م تخرج محمد سعيد باعباد في الكلية الحربية بمصر برتبة ملازم أول مع مرتبة الشرف وعاد إلى أرض الوطن، حيث التحق بجيش النظام بالسلطنة القعيطية ورتب عمله بصحاري العبر وثمود ضمن مجموعة من زملائه العائدين من مصر بذريعة أنهم يحملون أفكاراً تحررية حينها (راجع موضوع «صلاح مبارك بوعابس» عن الفقيد في نشرة «الشهيد» التي أصدرها «اتحاد الرياضة للجميع فرع حضرموت الساحل» في الذكرى الـ 36 لاستشهاد النقيب باعباد).

عمل النقيب محمد سعيد باعباد في عدة مناطق بعد نيل المناطق الجنوبية استقلالها في 30 نوفمبر 1967م، كان آخرها في محافظة شبوة عام 1969م، وهو العام الذي شبّ فيه الصراع بين رفاق التنظيم الحاكم، فعزم باعباد على شد الرحال إلى مصر ثانية، والتحق هناك بمعهد البحوث والدراسات العربية العالية، التابع للجامعة العربية وقدم رسالة الماجستير في الدراسات الإسلامية وقدر له النجاح، ثم قطع شوطاً لا يستهان به في التحضير لرسالة ماجستير أخرى وحال استشهاده دون إكمالها.

حركة (فتح) تنعى الشهيد باعباد:
أصدرت القيادة العامة لقوات العاصفة، الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بياناً طويلاً نعت فيه المجاهد البطل النقيب محمد سعيد باعباد «أبو السعيد» من أبناء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وسرد البيان سيرة الشهيد البطل بدءاً من ولادته ببلدة قصيعر بحضرموت عام 1941م ومروراً بمراحل تأهيله وانتهاء باستشهاده، عندما تحرك الشهيد محمد سعيد علي باعباد «أبو السعيد» في الساعة الثامنة من مساء 24 نيسان (أبريل) 1970م مع قوة من المجموعة 29 لخوض معركة ضد العدو في منطقة المشروع شرقي أشدوت يعقوب. استمرت المعركة أكثر من ساعة ودفع العدو بنجدات كبيرة إلى المنطقة محاولاً الالتفاف.. دارت معركة عنيفة. تسابق الثوار فيمن يغطي انسحاب رفاقه، بعد أن أنجزوا المهمة المطلوبة منهم.

يمضي بيان (فتح) بالإفادة «أصر بطلنا «أبو السعيد» على أن يكون هو الذي يحمل هذا الشرف. استطاع أن يشق ثغرة في الحصار، ليسقط بعدها شهيداً.. روى الأرض الفلسطينية بدماء عربية من اليمن، ليؤكد مفهوم الوحدة كما جسدته (فتح) .. وحدة الدم».

وصية الشهيد والبُعد القومي:
ورد في النشرة (مرجع سابق) أن الشهيد ترك قصاصة ورق في جيب بنطاله التمس فيها من إخوانه المجاهدين أن يدفن في مسقط رأسه (قصيعر). ويومها كتبت صحيفة المجتمع عن تشييع جثمانه تقول: «في الطريق من موقع القتال إلى عمان كان جثمان الشهيد محمد سعيد باعباد يعمق البعد القومي للثورة الفلسطينية وعلى أكف الجماهير في عاصمة الأردن وفي بغداد أول أمس وفي الكويت، حيث يتسم تشييع الجثمان بالبعد القومي للثورة الفلسطينية وتتضح معالم الطريق للذين لا يزال في قلوبهم غل وللذين ينكرون على الثورة الفلسطينية قدرتها على أن تستقطب الجماهير العربية من كل قطر».

وفاء الأستاذ فيصل بن شملان مع تلميذه الشهيد:
بثت إذاعة عدن في الثالثة والنصف من عصر الجمعة 2 مايو 1970م بأن جثمان النقيب الشهيد محمد سعيد باعباد وصل إلى مطار عدن الدولي صباح ذلك اليوم من دولة الكويت الشقيقة، وكان النقيب باعباد قد نال شرف الاستشهاد يوم الجمعة الماضية (24 أبريل 1970م، في معركة المشروع.

كان في استقبال الجثمان جمع غفير من زملاء وأصدقاء الشهيد وفي مقدمتهم أستاذه الفاضل فيصل عثمان بن شملان، الذي قام بترتيب طائرة عسكرية لنقل جثمان الشهيد إلى مطار الريان بالمكلا، بل ورافق جثمان الشهيد حتى مسقط رأسه قصيعر.

إصرار أهالي الشحر على القيام بصلاة الميت الحاضر في مدينتهم:
هبطت الطائرة العسكرية الخاصة التي أقلت جثمان الشهيد محمد سعيد باعباد ومرافقيه (وفي مقدمتهم وفد من مسؤولي حركة فتح ووزير خارجية بلادنا ووزير الثقافة والقائد العام للجيش والأستاذ فيصل عثمان بن شملان) على مدرج مطار الريان بالمكلا، حيث لقي جثمان الشهيد استقبالاً رسمياً وشعبياً كبيراً وكان في مقدمة المستقبلين زميله الرائد أحمد عمر باوزير.

اتجه الموكب الجنائزي رأساً إلى مدينة الشحر، التي استقبل أهاليها الجثمان وأصرت على إقامة صلاة الميت الحاضر في جامع المدينة ومنها اتجه الموكب إلى مسقط رأس الشهيد (قصيعر) ماراً بمدينتي الحامي والديس الشرقية، وفي ثرى قصيعر ووري الجثمان الطاهر في مقبرة باعلوي.

الواقفون من اليمين: 1- علي عوض باصالح - 5- أحمد سالم الكسادي - 6 - سعيد علي حبيشان - 7- المرحوم محضار حسين عيديد.. الجالسون : الأول من اليسار الشهيد محمد سعيد باعباد
الواقفون من اليمين: 1- علي عوض باصالح - 5- أحمد سالم الكسادي - 6 - سعيد علي حبيشان - 7- المرحوم محضار حسين عيديد.. الجالسون : الأول من اليسار الشهيد محمد سعيد باعباد
إمام وخطيب المسجد الأقصى بالقدس يرثي باعباد:
أما فضيلة الشيخ محمد صيام، إمام وخطيب المسجد الأقصى بالقدس فقد جادت قريحته بقصيدة موسومة «نم قرير العين أبا السعيد» في ستة أبيات فاتحتها:

خل عنك البكاء فليس التمادي

فيه تشفى إلا صدور الأعادي وخاتمتها:

نم قريراً وسوف نمضي على الدرب

ففينا آلاف (باعبَّاد) الشهيد والزواج في فلسطين:

أوردت نشرة «الشهيد» بضعة شهادات لمعايشي الشهيد محمد سعيد باعباد، جمعها محمد أحمد محمد باعباد في موضوعه الموسوم «قالوا عن الشهيد»، منها شهادة الشيخ أحمد سالم الكسادي من مدينة الحامي، والذي زامل الشهيد باعباد في المدرسة الوسطى بغيل باوزير ثم الكلية الحربية بمصر واختتما الزمالة في الجيش النظامي خلال الفترة 1965/1969م.

جاء في شهادة الكسادي أيضاً، أن الشهيد كان عازماً كل العزم على الالتحاق بمنظمة فتح وأنه أعلن خطوبته من إحدى ربات الصون والعفاف من آل العماري بمدينة الشحر.

أما صالح عوض التميمي، ابن أحد زملاء الشهيد باعباد والذي كان يعمل قائداً لإحدى سرايا الجيش النظامي فقد أفاد في شهادته أنه سأل الشهيد «لماذا لم تتزوج يا محمد؟» فأجاب الشهيد: «سوف أتزوج في فلسطين».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى