الجاليات اليمنية والإسلامية في أمريكا..أيام رمضان وغربة أوطان

> «الأيام» عن «نبأ نيوز» :

>
من مساجد اميركا
من مساجد اميركا
يعود شهر رمضان المبارك إلى كل بقاع الأرض حاملاً لكل المسلمين إشراقة الأمل، ونور البصيرة، وصفاء الذهن، والرحمة والغفران.. وكما ورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه إذا رأى الهلال قال: "ربي وربك الله هلال خير ورشد، اللهم أهلّه علينا بالسلامة والإسلام والأمن والإيمان" صدق رسول الله.

المسلمون في الولايات المتحدة قد لا يختلفون عن سواهم من المسلمين سوى كونهم في دولة غير إسلامية؛ فهم يستقبلون الشهر بفرح عظيم، كأنما هو النصر الذي لطالما انتظروه بشغف وترحيب.. فربما ظروف ساعات العمل الطويلة، أو الغربة نفسها تولد بعض البعد بين الناس، أو التجافي إلاّ أن أبناء الجالية اليمنية، والجاليات العربية المسلمة في أمريكا يجدون في المناسبة ما يجمع شملهم، ويوحدهم، ويغرس في نفوسهم إحساس الأسرة الواحدة التي لا غل، ولا خداع، ولا نفاق، ولا ضغائن بين أفرادها.. فترى بينهم التسامح، والتراحم، والتعاطف.. وتراهم يتلمسون أحوال بعضهم البعض قبل أيام من حلول الشهر المبارك- وخاصة في ولاية متشجن التي اعتادت أن تتميز عن سواها في استعداداتها لاستقبال شهر رمضان بفيض من البشاشة، وإشراقات الوجوه، والاستعداد النفسي لزيادة التقرب إلى الله تعالى، وسؤاله المغفرة والرحمة.

وكما هو حال المسلمين في اليمن أو غيرها فقد ارتبط رمضان في أذهان الكثير من الناس بالسهر ليلاً ، والنوم نهاراً والاهتمام بمتابعة الفضائيات، ومشاهدة المسلسلات؛ وكذلك التبذير من خلال المبالغة في الأطعمة والمأكولات.. وهذه مشكلة ظلت تلازم المسلمين أينما ذهبوا، رغم أن حدتها قد تختلف من بلد مسلم لآخر.. لكن في الجانب الآخر من الممارسات اليومية الرمضانية فإن نمط الحياة يتبدل حيث إننا هذه الأيام في "ديربورن" نجد أن المسلمين يتوافدون على المسجد في أوقات الفرائض بكثافة كبيرة، ويلتقون بمجموعات صغيرة يتبادلون التهاني برمضان، ويسترجع البعض ذكرياته حول رمضان مع الأهل في أرض الوطن، وأحياناً يستحضرون الأحاديث والقصص الدينية، والسنن النبوية، وغيرها من أمور الدين.

أبناء الجالية اليمنية هذا العام كانت لديهم عدد من النشاطات والفعاليات، حيث أعلنوا عن تخفيضات وتنزيلات هائلة في عدد من المبيعات بمناسبة شهر رمضان احتفالاً بالمناسبة ولتسهيل الأمور على البعض، كما استعدت المطاعم العربية لتقديم أشهى المأكولات، وبأسعار رمزية إكراما لضيوف الرحمن الصائمين.. كما كان هناك توفير الإفطار في المساجد، والذي جعل المرء لا يشعر بالفرق الكبير في الصيام بين المسلمين في المهجر والمسلمين في الأوطان- بل الحمد لله كل شي متوفر.

بعض أبناء الجالية يواجهون صعوبة في الصيام نظراً لكونهم يشتغلون في أعمال شاقة، ومرهقة، وطيلة فترة النهار الأمر الذي يجعل الصيام عليهم صعباً جداً.. ورغم ذلك فإن أعدادا كبيرة من أبناء الجالية أكدوا لـ"نبأ نيوز" أن هذا التعب والإرهاق بسبب العمل لا يؤثر على جميع الصائمين، وقد تكون هناك حالات قليلة تضطر لقضاء صومها لاحقاً لسبب أو لآخر.

قد لا يعلم البعض أن ساعات الصيام قد تختلف من بلد إلى آخر تبعاً لطول ساعات النهار أو قصرها.. ففي الولايات المتحدة تصل ساعات الصيام اليومي إلى حوالي (15) ساعة، وتتغير هذه الفترة كل عام- فعلى سبيل المثل هذا العام تبلغ ساعات الصيام حوالي (14) ساعة- أي للفترة من وقت الإمساك إلى وقت الإفطار تقريباً.. ولكن رغم امتداد وقت ساعات الصيام تجد أن المسلمين لديهم عزيمة، ومتمسكون بالصيام، بل ويستمتعون بالصيام جداً.

خلال شهر رمضان لم تعد شوارع أمريكا، ومعالمها الحضارية،وحدائقها، وملاهيها بنفس الجاذبية عند الجاليات الإسلامية، إذ إن الأغلبية - سواء العزاب أم العوائل- يفضلون التزاور إلى البيوت، أو الالتقاء في المساجد التي تقيم فعاليات مختلفة في المناسبة، كما أن المغتربين يجدون متعة في التواصل مع أسرهم في الوطن عبر الهواتف، وتبادل الأحاديث معهم، وتفقد احتياجاتهم، ويعدون ذلك واجباً عليهم في صلة الأرحام ، وإدخال السرور على نفوسهم.

(مسجد ديكس) في منطقة "دكس" بمدينة "ديربورن" يعد واحداً من أشهر المساجد في الولاية، وهو أيضاً مركز الجمعية الإسلامية الأمريكية، وفيه يتجمع العدد الأكبر من اليمنيين في الولاية.. حيث تتبنى الجمعية الإسلامية الأمريكية القيام بالكثير من الأنشطة التي تكرسها لبرنامج شهر رمضان المبارك، ومنها:

- إفطار الصائم بعد صلاة المغرب يوميا.

- واحة إيمانية بعد صلاة الفجر يومياً للشيخ حمود عفيف (إمام المسجد).

- محاضرات عامة يومي السبت والأحد بعد صلاة الظهر، ودروس بقية أيام الأسبوع.

- مسابقات القرآن الكريم كل أحد بعد صلاة العصر / السبت درس للسيخ حمود.

- خواطر لطلاب التحفيظ بقية أيام الأسبوع ، وخواطر عامة بعد التراويح .

- برنامج للمعتكفين في العشر الأواخر من رمضان.

- تكريم حافظ لكتاب الله من مدرسة عبد الله بن العباس التابعة للمسجد ليلة 27 رمضان .

- مسابقة ثقافية عامة يجيب عليها جميع أبناء الجالية المسلمة.

- حفل العيد، ويتم خلاله تكريم كل الفائزين في المسابقات القرآنية والعامة .

- قامت المكتبة التابعة للمسجد بافتتاح مكتبة أخرى خاصة بالنساء المسلمات.

المسلمون في المهجر مازالوا متمسكين بعقيدتهم ودينهم وهذا ما يجعلهم ينظرون إلى رمضان في البلدان الإسلامية ورمضان في البلدان غير الإسلامية كما لو أنه أمر لا يختلف عن بعضه، رغم أنهم في المهجر يشاهدون في الشوارع يومياّ أشخاصا كثيرين يتناولون الأطعمة لكنهم لا يكترثون لذلك.

هذه الأيام تنظم اللجنة الاجتماعية للجمعية الإسلامية الأمريكية في ديربورن بمسجد ديكس محاضرات خاصة بالطب والأمراض التي يعاني منها البعض، فيقوم الأطباء بمناسبة شهر رمضان بالتطوع لإلقاء محاضرات طبية بعد الصلوات.

ويوم الأحد تحدث الدكتور علي ناصر الماوري في محاضرة ألقاها أمام بعض المصلين في المسجد استعرض خلالها أسباب مرض السكري وطرق الوقاية منه وكيفية استخدام العلاج النافع لمثل هذه الأمراض الخبيثة.

الحقيقة التي يمكن قولها أن العالم مهما اختلفت بلدانه، وتباينت تضاريسه، وتعددت لغاته يبقى فيه شهر رمضان هو الأمر الوحيد الذي لا يختلف في تقاليده، وقيمه الأخلاقية، وعقائده الدينية، وانبعاثاته الروحية التي تنعش القلوب بذكر الله، وبمشاعر الحب، والمودة، والسلام.. حتى أن المرء ليقول: ليت الأيام كلها تتحول رمضان لتنعم البشرية بسلام أبدي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى