حرب لبنان تفسد حياة السلاحف في ملاذ غير معتاد

> المنصوري «الأيام» اليستير ليون :

>
السلاحف الخضراء الصغيرة
السلاحف الخضراء الصغيرة
تتسابق سرطانات البحر بامتداد شاطيء خال من المرتادين في جنوب لبنان ولكن كائنات مفترسة أخرى أتت بالفعل على آخر السلاحف الخضراء الصغيرة التي خرجت لتوها من البيض في موسم التزاوج الحالي.. إنها الثعالب التي ابتعدت عن الجبال بسبب القتال بين اسرائيل وحزب الله.

تركت الثعالب آثارها على الرمال ويتضح ذلك من العش التالف والذي يتناثر به القشر الأبيض للبيض الذي خرجت منه السلاحف الصغيرة لبدء رحلتها المحتومة إلى البحر على بعد عدة أمتار.

وقالت منى الخليل (57 عاما) آسفة "هذه مذبحة"وتدير منى مشروعا لحماية السلاحف في الشاطيء الواقع على البحر المتوسط منذ عام 2000 مع شريكتها حبيبة السيد التي تبلغ من العمر 48 عاما.

اندلعت حرب اسرائيل مع حزب الله لمدة 34 يوما في 12 يوليو تموز وسط موسم تكاثر السلاحف ومدته أربعة أشهر مما أجبر المرأتين في نهاية الأمر على الفرار.

وقالت منى "هذا عش سلاحف خضراء ظهر خلال غيابنا لذلك فإن مكان البيض لم يكن واضحا حقا."

وتقوم هي وحبيبة بتغليف الأعشاش التي تحفر لها أنثى السلاحف في الرمال بشبكة من الأسلاك. وتحمي هذه الشبكة البيض من الكلاب أو الثعالب ولكنها في الوقت ذاته تتيح للسلاحف فرصة التوجه للبحر.

ويبدو هذا الشاطيء الممتد لمسافة 1.4 كيلومتر الواقع قرب قرية المنصوري التي يمثل الشيعة أغلب سكانها ملاذا غير معتاد للسلاحف البحرية المهددة بالانقراض ولكن منى وحبيبة راقبتا 70 عشا للسلاحف ضخمة الرأس هذا الموسم وتسعة أعشاش للسلاحف الخضراء الأكثر ندرة.

وقالت منى "بالرغم من الحرب تمكنت نحو خمسة آلاف سلحفاة صغيرة من الخروج بنجاح" ولكنها أضافت أن خمسة فقط من هذا العدد ربما تعيش حتى البلوغ وتعود إلى الشاطيء للتكاثر.

وخلال الصراع أصبح البقاء هو الهدف ليس فقط للسلاحف بل أيضا لمن يحاولون الحفاظ عليها في الوقت الذي كانت تسقط فيه القنابل الاسرائيلية في أنحاء جنوب لبنان وكان حزب الله يرد بإطلاق الصواريخ عبر الحدود.

وقالت منى "بقينا لمدة 16 يوما.. لم نكن نرغب في الرحيل... ولكن عندما قصف الاسرائيليون منزل الجيران ووقع قتال ضار أدركنا أن علينا الرحيل."

وتركت المرأتان الماعز التي كانتا تربينها وكلبين وقطة ولم تأخذا سوى ببغاء افريقي رمادي اللون إلى بيروت. عندما عادتا بعد الهدنة التي أعلن عنها في 14 أغسطس آب كانت الماعز قد اختفت ولكن الكلبين والقطة ظلا يعيشان على الطعام والماء الذي تركتاه.

ولم ينج بيت منى الواقع داخل حديقة للموز والحمضيات على بعد نحو 200 متر من الشاطيء من الحرب دون أن يمسه ضرر.

فقد أتلفت الصواريخ الاسرائيلية غرفتين بين أربع غرف كانت المرأتان تستأجرهما للضيوف.

وقالت منى إنهما رأتا مقاتلي حزب الله على الشاطيء في اول يومين من القتال ولكن المقاتلين رحلوا عندما طلب منهم ذلك,ولكنهم أطلقوا صواريخ على اسرائيل من مكان مجاور مما أدى إلى قصف منزل الجيران,ولم يفكر أحد في أعشاش السلاحف في خضم هذا الصراع.

وقالت حبيبة مبتسمة "إنها ستأتي على أي حال. عندما يتعين عليها أن تبيض فعليها أن تبيض."

ونال مشروع الحفاظ على السلاحف مساندة من رابطة البحر المتوسط لإنقاذ السلاحف البحرية بعد أن أبلغت منى وحبيبة الرابطة بأن السلاحف الخضراء تبني أعشاشا في المنصوري.

ويتهدد السلاحف ضخمة الرأس والسلاحف الخضراء الخطر بسبب تدمير منطقة التكاثر وكذلك أساطيل الصيد التي تصيدها على سبيل الخطأ.

والشاطيء الواقع قرب قرية المنصوري هو ملاذ آمن نسبيا يتسم بالهدوء في منطقة مضطربة حيث انتشر 15 ألف جندي لبناني بدعم من قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) منذ انتهاء الحرب.

وإلى الجنوب تقع المنحدرات الصخرية البيضاء في الناقورة حيث تتمركز قوات يونيفيل على الحدود مع اسرائيل. ويمتد ميناء صور داخل البحر لمسافة عشرة كيلومترات إلى الشمال كما أن السفن الحربية الأجنبية موجودة بالساحل لضمان عدم حصول حزب الله على أي أسلحة بحرا.

ولكن السفن التي أحضرت وحدات يونيفيل الجديدة وتلك السفن التي تحرس الشاطيء جلبت معها أيضا المزيد من القمامة التي تصل إلى الشاطيء خاصة الزجاجات البلاستيكية التي كان بها مياه معدنية والتي تجمعها منى وحبيبة يوميا.

وقالت حبيبة "نجمع ما بين 30 و40 زجاجة يوميا.. مياه.. شامبو..بلسم.. عصير برتقال." وهذه المخلفات الجديدة تمثل إضافة للمخلفات المعتادة التي كانت تتألف من علامات تجارية لبنانية واخرى اسرائيلية.

وقال ميلوس ستروجار المستشار السياسي ليونيفيل لرويترز إنه سيحقق في هذه الشكوى لضمان الالتزام بالقواعد الصارمة للقوة في التخلص من النفايات.

لمست منى وحبيبة تعاونا من يونيفيل في الماضي عندما أقنعتا قائد وحدة فيجي بمنع رجاله من شراء السلاحف من الصيادين اللبنانيين لأكلها.

وقالت منى "لحسن الحظ أن الناس هنا لا تأكل بيض السلاحف أو لحمها لأن الإٍسلام يحرم ذلك."

ويحظر القانون اللبناني على الصياديين صيد السلاحف ولكن تنفيذ هذا الأمر ليس سهلا.

ومن الممارسات الأخرى الممنوعة ولكنها ظلت شائعة الصيد بالتسميم والتفجير بمواد ناسفة بدائية مما يعصف بهدوء الشاطيء بصورة شبه يومية.

وتقر منى وحبيبة بأن التوعية البيئية صعبة في المجتمع المحلي ولكنهما تأملان أن تعلن الحكومة يوما هذا الشاطيء محمية طبيعية لإنقاذه من الفنادق ونوادي الشاطيء التي تعج بها أغلب السواحل اللبنانية,ولكن ما الذي يجبر هاتين المرأتين على العمل في مثل هذا المحيط الصعب,ردت منى قائلة "حب الحيوانات والحياة.. الاستمرار." رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى