نظرة حول أهمية تعديل قانون السلطة المحلية

> علي هيثم الغريب:

>
علي هيثم الغريب
علي هيثم الغريب
إجابة لدعوتكم يوم 6 أكتوبر الحاضر بشأن انتخاب المحافظين ومدراء المديريات وتدوير الوظيفة العامة وتعديل قانون السلطة المحلية وقانون مكافحة الفساد، أود كمواطن يمني أن أقدم إلى فخامتكم بعض الآراء التي توجب النظر إليها ومنها: أن تُشرح رسمياً وشعبياً الفلسفة القانونية والاجتماعية التي ستستقر عليها تعديلات قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2001م ودراستها دراسة مستفيضة لأن قانون السلطة المحلية مطلب وطني يتعين أن يتحمس له أفراد المجتمع حرصاً على مصالحهم الخاصة والعامة. وليس من شك في أنه إذا كان تحقيق العدالة هو جوهر رسالة التشريع فإن تأمين العدل للمواطنين جوهر مسئولية الدولة وقد لاحظنا كيف ازداد شعور المواطن بالانتماء لوطنه خلال الانتخابات المحلية لعامي 2001 و2006م. فالحكم المحلي عبر السلطة المحلية هو غاية وقمة الأهداف لأي مجتمع متحضر يكفل حاضراً أكثر أمناً من عودة الانظمة الشمولية، ويستقبل مستقبلاً أكثر استقراراً ورفعة وازدهاراً، فأشكال الانظمة الحديثة هي تركيبات مندمجة سواء كانت رئاسية أم برلمانية. فالولايات المتحدة الامريكية نظامها رئاسي فيدرالي، إلا أنها ذات نظام حكم محلي في كل ولاية، والحكم المحلي في كل ولاية هو أساس نظام الحكم فيها.

وفي روسيا الاتحادية الفيدرالية هناك تسع جمهوريات ذات حكم ذاتي مستقل تماماً ماعدا في الخارجية والدفاع، أي أن هناك -لظروف أخرى - جمهوريات فيدرالية داخل الدولة الفيدرالية وداخل كل جمهورية أقاليم، وهناك حكومة مستقلة في كل إقليم وهيئة تشريعية (برلمان) ودستور لكل إقليم .. ولا توجد أية فوضى بالحكم داخل هذه التركيبة العجيبة، لأن القضية ليس في كثر التقسيمات على مستوى أي دولة، ولكن القضية الرئيسة في صلاحيات ووظائف مؤسسات الدولة ومشاركة المواطنين فيها، والنظام الفيدرالي أو الرئاسي أو البرلماني بدون نظام الحكم المحلي أو السلطة المحلية هو بالأخير نظام شمولي مطور.

والأهم من الاشكال النظامية الإدارية والسياسية - بالنسبة لبلادنا - هي المجالس المحلية في المحافظات، بحيث تعمل هذه المجالس بصورة مستقلة وتحت مسئولية ونشاط المواطن نفسه الذي يقدر أهمية المسائل المحلية، وكذلك قيامه بإدارتها وتنفيذها. وسكان المحليات لا يجب أن يكتفوا بأن ينتخبوا القائمين على شئونهم فقط، ولكن يجب أن يقدروا قضاياهم المحلية وأملاكهم وكيف ينتفعون بها ويشرفون عليها باعتبارها أملاكاً محلية تخصهم، وفي العرف الإنساني لا يحق لأحد تغيير حدود الأراضي المحلية أو تخطيطها أو توزيعها بدون رضا المجالس المحلية، مهما كان وسع الأرض أو ضيقها مقارنة بعدد السكان. والسلطة المحلية يمارسها السكان المحليون عبر الانتخابات أو عبر هيئات ومؤسسات السلطة المحلية. ونأمل ألاّ يقتصر تعديل قانون السلطة المحلية على انتخاب المحافظ ومدير المديرية بل لا بد أن تكون هناك صلاحيات جديدة للسلطة المحلية تثبت قانونياً ودستورياً من حيث: إدارة الأملاك والموارد المحلية (استثمار، أراض وثروة)، وكذلك وضع الميزانية المحلية وطرق تحصيلها وجمعها وتوزيعها، وكيفية التصرف والانتفاع وامتلاك الأملاك الخاصة بالسكان المحليين، ومعرفة مصادر السلطة المحلية ومؤسساتها وإقرار الضرائب المحلية والرسوم وتحصيلها والتصرف فيها، ويعتبر أي تخطيط لغير المصلحة العامة محرماً، علاوة على ضبط وتنظيم مخططات التعمير والبناء مع اعتبار الأراضي البور هي موطن الأجيال القادمة، وحتى لا يترتب على هذا الخلل في الملكية خلل آخر في التمثيل المحلي يكون انعكاساً طبيعياً للسيطرة الاقتصادية الداخلية، وحتى لا تكون هناك مستقبلاً مجالس محلية تجتمع فيها نفس الفئة المتحكمة بالأرض والثروة. فما هي المجالس المحلية بالنسبة للمواطن الذي لا يجد لقمة عيشه مما يمتلكه؟ إن المجالس المحلية بالنسبة له ليست إلا أن يشارك بالإشراف والقرار الذي يوصله إلى الحصول على حقوقه وعلى رأسها لقمة العيش قبل الكرت الانتخابي. لذا على التعديل الجديد لقانون السلطة المحلية أن يهدف الى إقامة سلطة محلية سليمة لا تنفصل عن العدالة والمساواة.. وبدون صيانة تلك الحقوق المذكورة آنفاً يظل التصويت في الانتخابات المحلية غطاء ديمقراطياً شكلياً لانتخاب الأعضاء (المتحكمين) إلى المجالس المحلية ليكرسوا جهودهم في خدمة السلطات الحكومية المركزية وتعميق الوضع السائد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى