دمعة على رمضان

> «الأيام» جمال محمد الدوبحي:

> هذه هي سنة الله في الحياة أيام تمر، وأعوام تنقضي في تقلبها عبر، وفي تغيرها مدكر، وبين هذا وذاك فرص عظمى لإيقاظ ذوي الفطن وأصحاب العقول، لفعل الجميل، وترك القبيح، ومن هنا كان لزاماً علينا - نحن المسلمين - أن نبادر بفضائل الأعمال، ومكارم الخصال التي تنبهنا من الغفلة، وتمحو شوائب التقصير الذي يبدر منا في لحظات ضعفنا، فالحسنات تمحو السيئات لاسيما إذا كان فعلها في أماكن فاضلة أو أزمنة مباركة كهذا الشهر المبارك الذي دنا منه الرحيل والفراق، هذا الشهر الذي كنا بالأمس القريب نتلقى عبارات التهاني بقدومه ونبتهل إلى المولى أن يوفقنا لحسن الصيام والقيام فيه، واليوم قد ذرفت دموع الحزن ونحن نتلقى أحر التعازي بقرب رحيله ونسأل الله أن يتقبل منا صالح العمل فيه، فها هو وقت فراقه قد حان، ولحظات وداعه قد دنت، فبماذا عساكم مودعوه؟ وبأي قلوب أنتم مفارقوه؟ وكأني بكم قد أثارت لحظات الوداع الشجون، كيف لا وأنتم ترون أمة محمد صلى الله عليه وسلم قد تجهزت واستعدت لتشييع ضيفها المعروف بالبر والجود والإحسان، قد ذرفت دموعهم ووجلت قلوبهم وتحركت مشاعرهم الفياضة وعواطفهم الجياشة التي امتزجت بالخوف والرجاء يخافون أن يخطفهم الردى وأن يقعوا في مصائد المنون، فيحرموا من رمضان المقبل كما حرم أترابهم وأحبابهم ويدعون الله أن يكون ضيفهم هذا شاهداً لهم عنده فالسعيد في هذا الشهر من أخلص لله وأحسن العمل، وحاسب النفس وختم بالاستغفار والتوبة الصادقة.

صحيح أننا نودع رمضان لكن علينا ألا نودع الطاعة والعبادة بل علينا أن نوثق العهد مع الله ليبقى نبع الخير متدفقاً فينا بل نجعل من وداعه فرصة لنودع الإصرار على المعاصي، والعكوف على الكبائر لنجعله فرصة لتوديع المنكرات والمحرمات والعادات السيئة التي تضر مجتمعاتنا، لنجعل من رمضان فرصة لنتعلم كيف نصبر على من شتمنا وكيف نتعامل مع من أساء لنا منتهجين في ذلك نهج نبينا صلى الله عليه وسلم ونجعله فرصة لتوديع الأساليب الهمجية التي لا طائل منها إلا الشر فرمضان فرصة لتوظيب السلوك وتقويم النفوس، وتعديل الغرائز، وتهذيب الظواهر والبواطن، وتطهير الضمائر من كل ما يعكر صفو الحياة .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى