يوم الجائزة

> «الأيام» عبدالقادر بن عبدالله المحضار:

> الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، لا إله إلا الله وحده لا شريك له الله أكبر ولله الحمد.

الحمد لله الذي تجلى على عباده في مواسم العبادة ومنح العاملين فيها الحسنى وزيادة وقبل التائبين وضاعف الجزاء لمن شكر، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد الذي يفرح المؤمنون بلقائه على الحوض المورود، وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين.

أيها المسلمون: هذا اليوم يوم عظيم وعيد كريم شرعه الله للمؤمنين ليفرحوا فيه بإتمام صيامهم ويشكروا نعمة الله عليهم، نعم إنه يوم الصائمين، فلاحظ فيه للمفطرين، إنه يوم القائمين الراكعين الساجدين فلا حظ فيه للمهملين ولا للمضيعين، إنه يوم الطائعين فلاحظ فيه للفاجرين ولا للفاسدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فنادوا أغدوا يامعشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم وأمرتم بصيام النهار فصمتم وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم فإذا صلوا نادى مناد: ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم فهو يوم الجائزة، ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة».

لقد جعل الله ذلك اليوم الكريم عيداً لأهل الإسلام واختتم به شهر الصيام وافتتح به أشهر الحج إلى البيت الحرام، فشوال وذو القعدة وأيام ذي الحجة كلها أيام للحج وأوقات للنسك، قال تعالى {الحج أشهر معلومات}، شرع الله الأعياد للعطف والبر والصدقة والصلة والبذل والعطاء، وآية ذلك أنه شرع الضحية في عيد الأضحى كما شرع صدقة الفطر في عيد الفطر وجعل قبل الصيام موقوفاً على دفع الزكاة.

شرع الله الأعياد فرحاً بإتمام الطاعات وابتهاجا بإكمال العبادات وإظهاراً لشعائر الإسلام ولذلك يستحب الذهاب إلى صلاة العيد في طريق والرجوع من طريق آخر وفي ذلك من فوائده الحسية والمعنوية ما لا يخفى كإظهار ذكر الله وإظهار شعائر الدين.

شرع الله العيد تأليفاً لقلوب المؤمنين بالتقائهم في صعيد واحد يتبادلون فيه التعاطف والتوادد والتراحم والتهنئة والتبريك فيستمتع الناس جميعاً بالبهجة والحبور والشعور بالإخوة الشاملة، ولذلك قال العلماء من السنة تهنئة المسلمين بعضهم بعضاً يوم العيد، وقد عقد الإمام البخاري لذلك بابا في جامعه الصحيح فقال: باب ما روي في قول الناس بعضهم لبعض في العيد تقبل الله منا ومنكم، وساق أخبارا يحيج بها جزاه الله خيراً.

شرع الله العيد ليكون مظهر الغبطة بقبوله ضيافة الكريم الذي دعاهم فيه إلى موائد كرمه وفضله فلبوها مسرورين جذلين بعد أن قاموا بواجب الصيام وحرموا أنفسهم مباشرة كثير من المتع واللذات، ولذلك نهى الشارع الحكيم عن صيامه والسر في ذلك ليستمتع بعد هذه المدة من الحرمان بما أمسكوا عنه من الحلال المباح تفضلاً من الله عليهم، وفي الصيام إعراض عن ضيافة الله تعالى لعباده كما صرح بذلك أهل الأصول.

شرع الله العيد ليكون يوم فرح وسرور وزينة فأباح الشارع الحكيم اللعب والزينة وأقر الرسول صلى الله عليه وسلم الحبشة على لعبهم وفي كل ذلك عبرة ودرس للعاقل إذ يتذكر سرور أهل الجنة ونعيمهم وفرحهم.

شرع الله العيد ليكون مظهراً صادقاً لأداء الشكر الجزيل الله سبحانه وتعالى على نعمه العظمى التي أفاضها على الأمة المحمدية في هذا الشهر الكريم فقد منّ عليهم بأن أقام لهم دولة الإيمان بنزول القرآن، دولة السلطان بالنصر في يوم بدر وفتح بلده الحرام وأزال عنه الأوثان وسطعت عليه شمس الإيمان لكلمة التوحيد واختصهم بليلة هي أعظم ليلة شهر ويسر لهم ثوابها وكتب لهم فضلها بأيسر وأقل العمل، وبعد هذا اطمأنت قلوبهم بإتمام ركن عظيم من أركان الإسلام، فكل نعمة من هذه النعم تستحق أن يكون لها عيد نشكر الله فيه على ما أنعم وتفضل ونحمد الله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، ولذلك يعلن الناس كلهم في هذا اليوم أن هذه النعم ليست كبيرة أو عظيمة بالنسبة للذي منّ بها ووهبها فإنه أكبر وأعظم من ذلك ولايزال يعطي ويهب والله ذو الفضل العظيم، يعبر عن هذا المعنى الكلمة العظيمة التي يرددها الناس في هذه المناسبة: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، قال صلى الله عليه وسلم:«زينوا أعادكم بالتكبير».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى