> «الأيام» وليد محمود التميمي:

أمسية باتحاد الأدباء بالمكلا
إنه الشاعر الشعبي سعيد عنبر فرج، الملقب بالعنبري، استعادة لجانب حيوي من إبداعاته الشعرية و سيرته الحياتية .. رصدها الإعلامي المعروف محمد علي عمرة، الذي أكد في مستهل محاضرته التي جاءت تحت عنوان: (سعيد عنبر فرج.. نماذج من شعره و سيرته) إن إقامة الأمسية تمثل فرصة ثمينة للإبحار في خضم الذكريات الجميلة التي حفلت بها حياة الفقيد .. شاكراً جهود نجل الشاعر الراحل صالح سعيد عنبر، الذي مكنه من جمع شذرات من أشعار والده رحمه الله، سارداً بعض المواقف التي تمخضت عن سلسلة لقاءاته بالشاعر العنبري والتي جسدت عن شخصيته التي طالما اتصفت بروح جمعت ما بين صفات المرح واللطف وحلاوة المعشر، مؤكداً أن الراحل كان يستحق التكريم اللائق بعطاءته الباذخة طوال سني حياته .. لكن التجاهل والنسيان امتدا لما بعد وفاته .. حيث لم يكتب عن ابداعاته الشعرية إلا ما ندر، ولم ينشر له ديوان أو كتيب صغير كما نشر لبعض الشعراء الذين لا يضاهونه شاعرية ورقة .. حاثاً اتحاد الأدباء والكتاب بالمكلا على تبني فكرة إصدار كتيب يحفظ ملامح و مقتطفات من أشعار الراحل الذي يستحق أن نجازيه بالوفاء بعد أن أثرى حياتنا إبداعاً و تألقاً.. مشيراً إلى أن مكتبة الراحل العنبري المتواضعة كانت من أبرز المصادر التي اعتمد عليها ليغترف منها ومضات من سيرة حياته وملامح من أشعاره .. مضيفاً أنه في الـ 19 من يوليو 1986م و بمناسبة مرور 40 عاماً على وفاة الفقيد .. أقام مكتب الثقافة واتحاد الكتاب اليمنيين في المحافظة حفلاً تأبينياً حضره عدد من الشعراء الراحلين منهم سالم محمد مفلح (بوراشد) ومحمد أحمد بن هاوي باوزير(بوسراجين) وجمعان عوض محروس (بوداود)، و قدم الأستاذ فرج جامع السنوسي، رحمه الله مداخلة عن الشاعر الفقيد في تلك الأمسية التأبينية.. عدد من خلالها مناقب الفقيد .. حيث قال:«إن مآثر الفقيد العنبري الشخصية و الشعرية كثيرة لا نستطيع إيفاءها في هذة العجالة .. فقد عاش الشاعر للناس و بالناس و هو ابن بار لطبقته الفقيرة .. لهذا كان التحامه بالجماهير لا يحد ولا تفتنه برتوكولات أو رسميات .. حتى أن الصحافة عندما تريد أن تجري معه حوارا تجريه معه وسط الناس .. حيث يمارس عمله تحت محكمة المكلا .. لقد عاش الفقيد على سجيته و فطرته دون تكلف أو خلق الحواجز بينه و بين الآخرين، ولم يشعر يوماً بمكانته كشاعر مرموق يتفوق على غيره من الشعراء».. وأكد المحاضر أن الشاعر العنبري أوصى قبل وفاته نجله صالح بإحراق أشعاره التي تركها.. إذا لم يصدر له ديوان أو حتى كتيب صغير يحفظ بين دفيته هذه القصائد الشعرية ..لكن أسرة الفقيد آثرت الاحتفاظ بما تركه والدهم من زاد شعري لمن يريد أن يخوض غمار تجربته الشعرية الفذة .. والشاعر الذي تنقل منذ صباه ما بين مدينتي شبام و المكلا، وكتب في الأولى قصيدة شعرية تعد من أروع ما قيل عن مدينة ناطحات السحاب الثراثية .. وطلباً للرزق اشتغل في عدد من المهن و الحرف تارة مدرباً عسكرياً براتب شهري قدرة 6 روبيات، وتارة أخرى مشاركاً في السهرات الغنائية التي كانت تقام في شبام و الغرفة و سيئون وتريم.. وبعدها امتهن مهنة المحاماة و باشر العديد من القضايا أمام المحاكم الشرعية والقانونية ..وقد أرغم تحت ضربات شظف العيش و صعوبة الحياة أن يبيع معظم الكتب التي احتوتها مكتبته الجامعة و التي بلغ عددها (1900) كتاب.
وفي ميدان الشعر نرى أن أشعار الفقيد الراحل تنوعت من أشعار الدان إلى الشعر الديني و شعر التساريح .. إضافة إلى مشاركاته في مساجلات الدان الحضرمي في المكلا والوادي، ومن أشعاره الخالدة .. قصيدة عدد فيها أسماء الله الحسنى، كما اشتهر في المكلا بمساجلته الشعرية التي دارت بينه وبين الشاعر سالم بن عبدالقادر العيدروس، رحمه الله..و قد اختتم عمرة محاضرته بقراءة قصيدة ( الدعوة بين الشاي و القهوة) التي برهنت على مقدرة الشاعر العنبري رحمه الله في طرق القوافي و التلاعب بالألفاظ.
بعد ذلك أفسح المجال للشاعر محفوظ بنش (أبوشاكر) الذي قص بدوره جانباً من ذكرياته و الفقيد .. ملقياً قصيدة شعرية إحياء لذكرى رحيل العنبري شاعر الدان والقوافي .. بعنوان (الذكرى بعد الرحيل).
كما ألقى الشاعر الشعبي صالح عبيد باظفاري قصيدة بالمناسبة بعنوان: (ريحة العنبر).
حضر الأمسية جمع غفير من الأدباء والشعراء يتقدمهم الأخ د. سعيد الجريري، رئيس اتحاد الأدباء و الكتاب اليمنيين بالمكلا، ود. عبدالقادر باعيسى، نائب رئيس الاتحاد الذي أدار المحاضرة كعادته باقتدار.. والذي أعلن في ختامها أن الاتحاد على وشك إخراج عدد جديد من مجلة (آفاق) بعنوان: (آفاق التراث الشعبي) كعدد يصدر مرتين كل سنة .. ويهتم بالشعر الشعبي بحثاً وقصائد وموضوعات.