> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

أرض العقارب:جاء في كتاب (هذا الجنوب أرضنا الطيبة) للطيب الذكر عبدالرحمن جرجرة (ص 107) أن مساحة مشيخة العقربي مائة ميل مربع (258 كيلومتراً مربعاً) ويحدها شمالاً سلطنة لحج وشرقا ولاية عدن وسلطنة لحج وجنوباً عدن الصغرى وغرباً بلاد الصبيحة.

انضمت المشيخة إلى اتحاد الجنوب العربي في 12 مارس 1960م وعاصمة الولاية (بئر أحمد) ومن قراها بئر عيشة وبئر فضل والرباك وبئر سالم. قبائل الولاية: العقربي والضمبري والمقودي والقريني وآل باقي وفخوذ أخرى منها المشاهرة وآل بوحيمد وآل ماطر وحيد وآل فييح والمناصب السادة آل باعلوي.

اللافت المحزن أن أرض العقربي البالغة مساحتها مليونين و580 ألف فدان تعرضت للتفتت والنهب بعد قيام دولة الوحدة في 22 مايو 1990م عامة وبعد 7 يوليو 1994م خاصة، وتعرضت مناطق أخرى لأعمال مشابهة.

1- يوسف علي بن علي:الولادة والنشأة .. يوسف علي بن علي هادي، من مواليد مدينة بئر أحمد، حاضرة مشيخة العقارب (تتبع مديرية البريقة بمحافظة عدن حالياً) عام 1944م. تلقى تعليمه الابتدائي بمدينة الشيخ عثمان وأكمل تعليمه المتوسط بمدينة كريتر (ثانوية لطفي جعفر أمان حالياً) وانتقل بعد ذلك إلى المعهد الفني بمدينة المعلا عام 1958م وأكمل سنوات الدراسة الأربع بنجاح بنيله شهادة الهندسة الميكانيكية المتوسطة عام 1962م والتي كانت تعرف بشهادة سيتي آند جيلدز CITY & GUILDS البريطانية.

التحق يوسف علي بن علي، بعد تخرجه بشركة مصافي الزيت البريطانية B.P وعمل متدرباً APPRENTICE ولم يطل به المقام إذ أنهت إدارة الشركة خدماته لضلوعه في نشاطات سياسية ووطنية غير مرغوب فيها من وجهة نظر الشركة.

يوسف يشد الرحال إلى مصر
غادر يوسف علي بن علي أرض الوطن عام 1966م إلى الجمهورية العربية المتحدة للدراسة الجامعية، حيث التحق بالمعهد الفني العالي بشبرا وتخرج فيه بدرجة البكالوريوس في مجال هندسة السيارات عام 1971م، وعاد إلى أرض الوطن. صدر القرار رقم (28) لعام 1971م بتاريخ 21 اكتوبر 1971م لدولة رئيس مجلس الوزراء علي ناصر محمد، والذي قضى بتعيين الأخ م. يوسف علي بن علي، كبير مهندسي أمانة ميناء عدن ومارس مهام منصبه حتى سبتمبر 1974م ليغادر بعد هذا التاريخ إلى جمهورية مصر العربية للدراسة في الأكاديمية العربية للنقل البحري التابعة لجامعة الدول العربية وتحصل على شهادة الأهلية للعمل مهندساً بحرياً في فبراير 1975م.

قرار سالمين بتعيين يوسف مديراً عاماً لشركة أحواض السفن
تطورت معارف يوسف علي بن علي، وتراكمت خبرته في مجال عمله إدارياً ومهندساً ومن خلال الدورات التأهيلية التي حصل عليها في بلدان عربية وأجنبية منها الكويت وألمانيا وبريطانيا واليابان، وألم بأسرار فنيات المنشآت البحرية وتعززت الثقة به وبقدراته بصدور القرار الجمهوري رقم 28 في يونيو 1978م للشهيد سالم ربيع علي، رئيس مجلس الرئاسة والذي قضى بتعيين م. يوسف علي بن علي، مديراً عاماً لشركة أحواض السفن الوطنية.

مارس يوسف علي بن علي، مهام عمله كقائد فريق عمل وانتهج أسلوب الإدارة المفتوحة طيلة 8 أعوام، وفي أحداث يناير 1986م المؤسفة داهمت إحدى فرق الموت منزله في بئر أحمد في 29 يناير واعتقلته وقضى نحبه شهيداً عن عمر ناهز 42 عاماً مخلفاً وراءه ذكراً طيباًَ وسجلاً وطنياً وأرملة وأربعة أبناء وبنتاً واحدة.

المناضل الوطني يوسف علي بن علي
التحق يوسف علي بن علي بحركة القوميين العرب عام 1962م، وعند الإعلان عن الجبهة القومية عام 1963م كان يوسف علي بن علي من أوائل الملتحقين بها، وكان أحد قادة العمل العسكري بعدن، وبعد إعادة تنظيم وترتيب العمل المسلح على أساس المبدأ الجغرافي لجبهة عدن التي قسمت إلى المناطق التالية: 1- كريتر، 2- المعلا وخورمكسر والتواهي، 3- الشيخ عثمان ودارسعد وعدن الصغرى.

وبموجب التقسيم الجديد أنيطت بيوسف علي بن علي قيادة منطقة الشيخ عثمان ودارسعد وعدن الصغرى، وشارك في التخطيط والتنفيذ لعدة عمليات عسكرية وكان اسمه مع آخرين كثيرين مطلوبين للأمن البريطاني، الذي كان ينشر في لوحات خاصة في جولات الطرقات صور المطلوبين مع بيانات خاصة بكل واحد منهم، ومن البيانات المتعلقة بيوسف أنه مربوع القامة وعمره 24 عاماً وبشرته صافية وعيناه بنيتان، وظهر معه في الإعلان نفسه كل من عبدالفتاح إسماعيل ومحمد صالح يافعي (مطيع) وعبدالله أحمد حسن وعبدالله محفوظ راجح.

يوسف علي بن علي وأمر القيادة بنقله إلى جبهة حضرموت
شدد الأمن البريطاني الخناق على الناشطين في العمل الفدائي عامة والمطلوبين للامن خاصة، فاتخذت القيادة قراراً بنقله من جبهة عدن إلى جبهة حضرموت، وتدرب لفترة قصيرة على اللهجة الحضرمية، إلا أن السلطات الأمنية هناك اكتشفت أمره وطاردته، فتقرر سفره إلى مصر للدراسة في أكتوبر 1966م وعند حصول المحافظات الجنوبية على استقلالها في 30 نوفمبر 1967م كان يوسف في السنة الثانية من دراسته الجامعية.

حصل الشهيد يوسف علي بن علي على عدد من الميداليات والأوسمة كان آخرها وسام 30 نوفمبر من الدرجة الأولى بتاريخ 29 نوفمبر 1997م.

يوسف علي بن علي مناضل مغبون
ارتبط يوسف علي بن علي بعلاقات رفاقية في مرحلة الكفاح المسلح مع العديد من المناضلين منهم: سالم ربيع علي وعبدالفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد ومحمد صالح مطيع وأحمد سالم عبيد والحاج صالح باقيس وفارس سالم أحمد وعوض محمد جعفر وعلي جاحص ومحي الدين أحمد سعيد وفضل عبدالله عوض وناصر عمر فرتوت ومحمد عيدروس يحيى ورضوان عبدالرحمن محمد وعايش عوض سعيد وفضل أحمد كليب وعوض محمد عباد وغيرهم، إلا أن من المؤسف له أن اسمه استُثني من الكشوفات الأخيرة للمناضلين بحسب إعادة الهيكلة التي تمت.

لم يتم تسوية وترفيع درجته أسوة بالآخرين ولا تزال أسرته تتسلم معاشاً تقاعدياً متواضعاً لا يتناسب ودوره النضالي ومستواه العلمي والوظائف القيادية التي شغلها. أولاده جامعيون ولم يحصلوا على فرص عمل.

تعاني أسرة الشهيد يوسف علي بن علي أعمال البسط التي يمارسها متنفذون على أراضيهم التي آلت إليهم بالوراثة من أجدادهم.

2- فضل عبدالله عوض: الولادة والنشأة .. فضل عبدالله عوض الأسود من مواليد بئر أحمد، حاضرة مشيخة العقارب، عام 1946م وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة بئر أحمد الابتدائية، وتلقى دراسته المتوسطة بمدارس الشيخ عثمان، وانتقل بعد ذلك إلى المعهد العلمي الإسلامي بكريتر، الذي بناه وأسسه فضيلة الشيخ محمد بن سالم البيحاني الكدادي عام 1957م بأموال أهل الخير في الداخل والخارج.

خرج فضل عبدالله إلى ميدان العمل بعد إكمال دراسته في المعهد العلمي الإسلامي، وسنحت له فرصة التدريس في مدرسة بئر أحمد الابتدائية، وبعد فترة قصيرة انقطع عن مهنة التدريس لظروف خارجة عن الإرادة، ذلك أنه كان ضمن مجموعة متجانسة من أبناء قريته (بئر أحمد) التي اختارت خطاً واحداً ومصيراً واحداً بالتحاقهم بحركة القوميين العرب عام 1962م، والذين انضووا لاحقاً تحت راية الجبهة القومية منذ بداية تأسيسها عام 1963م ومنهم يوسف علي بن علي وفارس سالم أحمد وعايش عوض سعيد وغيرهم.

فضل عبدالله مع علي ناصر في القاهرة
سبق الإشارة إلى أن فضل عبدالله مارس عمله السياسي والعسكري في صفوف الجبهة القومية، وتفرغ للعمل في القطاع الفدائي التابع للجبهة القومية، وشارك في تنفيذ عدة عمليات عسكرية ضد الوجود العسكري البريطاني وتعرض للملاحقات من قبل قوات الأمن البريطانية، واضطر تحت طائلة ذلك الضغط للانتقال إلى الجبهة الوسطى للعمل ضمن صفوف فدائيي الجبهة، وقد كان يتنقل بين الجبهة الوسطى وتعز لتنفيذ المهام الموكلة إليه.

غادر فضل عبدالله أرض الوطن إلى القاهرة، العاصمة المصرية، عام 1966م مع فدائيين آخرين كان من ضمنهم علي ناصر محمد، في دورة عسكرية ومكثوا هناك عدة شهور، وعادوا إلى أرض الوطن قبل نيل الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م.

فضل عبدالله في مصلحة الهجرة والجوازات
عُيّن فضل عبدالله ضابطاً في إدارة الهجرة والجوازات والجنسية عام 1968م ودام بقاؤه فيها حتى عام 1973م، وتقلد فضل عبدالله منصب مدير إدارة الهجرة، وانتقل في ذلك العام إلى وزارة الخارجية بعدن وتبوأ فيها مسؤولية القسم القنصلي في عدد من سفارات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كان آخرها القنصل في مدينة بومبي بجمهورية الهند.

(حي ريمي) في الأصل هو (حي فضل عبدالله)

انتقل فضل عبدالله إلى جوار ربه في 14 أبريل 1983م في عهد الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، وتزامنت وفاته مع مشروع سكني جديد في مدينة المنصورة فأصدر الرئيس علي ناصر قراراً بتسميته مشروع فضل عبدالله السكني، إلا أن المشروع ذاته تزامن أيضاً مع عرض تلفزيون عدن لمسلسل ريمي الشهير وكان هناك تشابه بين بيوت المسلسل وبيوت المشروع، فأطلقت العامة على المشروع (ريمي) رغم أن التسمية الرسمية (حي فضل عبدالله السكني).

خلف الفقيد فضل عبدالله وراءه سجلاً وطنياً ونضالياً وعدداً من الأوسمة والميداليات وأرملة وثلاثة أبناء وبنتين ومعاناة أسرة تشكو ضآلة معاش الفقيد وعدم صرف قطعة أرض لأولاده على الرغم من أن اسمه مرتبط بحي سكني كبير، ويشكون أيضاً إسقاط اسم والدهم من كشوفات المناضلين الجديدة بعد إعادة هيكلتها وأن أحداً من أبنائه لم يوظف حتى الآن.