الأمن وليس الديموقراطية هو مفتاح العراق

> لندن «الأيام» بي بي سي:

> عندما زار زعيم حزب المحافظين في بريطانيا ديفيد كاميرون العراق في بداية الأسبوع الجاري، اعتبر كثيرون أن الزيارة تأتي في إطار الحملة السياسية، وها هو اليوم يعود بتقرير حول ما رآه في العراق مستخلصا عبرا أربع تحدد بالنسبة له السياسة التي يجب على بريطانيا اعتمادها في العراق.

أربع توصيات ودرسان

وفي صحيفة "التايمز" عرض كاميرون لـ"توصياته" الأربعة في مقال بعنوان "الامن هو المفتاح وليس الديمقراطية".

الانطباع الأول الذي خرج به كاميرون من زيارته هي أنه "بعد أربع سنوات على غزو العراق، هناك صعوبة كبيرة في التنقل داخل البلاد" لا سيّما وأن الوقائع الأمنية شديدة الوضوح تبيّن أن "البلد يتأرجح على شفير الهاوية".

ويعتبر زعيم حزب المحافظين أن بريطانيا "مدينة لقواتها الموجودة في العراق وللعراقيين أنفسهم بأن تكون واضحة بشأن الاتجاه الذي يجب أن تتخذه في العراق".

ويعرض كاميرون لأربع نقاط أساسية. النقطة الأولى هي "أن نكون أكثر صراحة بشأن الوضع الذي نتعامل معه، فالوضع الأمني رهيب في العراق ولا جدوى من إخفاء ذلك".

النقطة الثانية هي أن "على طموحاتنا في العراق أن تكون عملية أكثر. فمن غير الواقعي التحدث عن إنشاء نسخة عراقية من الديمقراطية الليبرالية".

استطرادا، تكون النقطة الثالثة هي أنه "يجب علينا إعطاء الأمن الأولوية الأساسية، وهذا يعني بناء وتعزيز الجيش العراقي".

أما خلاصة الاقتراحات السابقة فهي في النقطة الرابعة التي تتمحور حول "قبولنا بأن ليس من حل عسكري خالص للمشاكل العراقية، فالسلام المستدام يتوقف على الاتفاقات السياسية الداخلية بين العرب والأكراد وبين السنة والشيعة".

ومن أجل تحقيق ذلك، يحتاج العراق "لدعم سياسي خارجي كبير جدا من قبَل جيرانه ومن جانب المجتمع الدولي"، حسب كاميرون الذي عاد من العراق بدرسين هما: "كن صريحا وكن واقعيا".

الإنكار واللجوء إلى الخيال

في الموضوع العراقي أيضا إنما في إطار آخر، وجّه الصحافي روبيرت فيسك انتقادا لاذعا للرئيس الأمريكي جورج بوش متهما إياه في مقال في صحيفة الـ"اندبندنت" بأنه "مثل هتلر وبريجنيف، يعيش حالة نكران".

ويصف فيسك في بداية مقاله المشهد التالي: "أكثر من نصف مليون قتيل، جيش يتخبط في أكبر هزيمة له منذ حرب فيتنام، سياسة للشرق الأوسط دُفنت في رمال بلاد الرافدين، ولا يزال جورج بوش ينكر؟ كيف يمكنه فعل ذلك؟"

ويستعيد كاتب المقال "المتنكرين" الذين مروا عبر التاريخ "والذين تجمعهم الحماقة ذاتها: عندما تواجههم الكوارث بإثباتات دامغة، يلتجئون إلى الخيال، مقتنعين أنه طالما يعدهم جنرالاتهم بالنصر، فإن القدر سيلين لصالحهم".

ويذكر فيسك في مقاله الرئيس المصري جمال عبد الناصر "الذي أصر أن بلاده تربح حرب "الستة أيام" في عام 1967 بعد ساعات على تدمير الإسرائيليين سلاح الجو المصري بالكامل، وكذلك الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر الذي كان يمتدح إيران الشاه على أنها واحة استقرار في المنطقة، وذلك قبل أيام من قيام الثورة الإسلامية، أما الرئيس الروسي ليونيد بريجنيف، فقد أعلن انتصار الاتحاد السوفياتي في أفغانستان بينما كان أسامة بن لادن ومقاتلوه يحتلون قواعد القوات الروسية".

وبينما يشبّه فيسك ولاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لبوش بوفاء وزير الإعلام العراقي السابق محمد الصحاف لصدام حسين، يعتبر أن المالكي يتلقى إطراء خاطئا من الرئيس الأمريكي شبيها بالإطراء الذي كان ناصر وبريجنيف يفيضان به على جنرالاتهما". ويتطرق صحافي الـ"اندبندنت" إلى موضوع الانسحاب الأمريكي من العراق معتبرا أنه لن يكون بأي حال "انسحابا لبقا بل أنه سيكون مجرد انهيار دموي ورهيب للقوة العسكرية".

وقابل فيسك بين انسحاب وزراء شيعة من حكومة المالكي وانسحاب الوزراء الشيعة من حكومة أخرى مدعومة من امريكا وهي الحكومة في بيروت "حيث يخشى اللبنانيون أيضا صراعا مروّعا ليس لواشنطن فيه أي سيطرة سياسية أو عسكرية".

أما الجملة الأخيرة التي يختتم فيها روبرت فيسك مقاله فهي: "إنما الخيال لا يعرف حدودا".

الحرب رقم ثلاثة

للعراق أيضا حصته في الـ"غارديان" حيث نشر جوناثن ستيل تقريرا طويلا عن "كركوك" طارحا السؤال الآتي: "يتخبط العراق في حربين، فهل ينجو من ثالثة؟"

ويصف ستيل كركوك بأنها "قصة حرب لم تحدث"، فهذه المحافظة الغنية بالنفط "لم تشهد العنف الذي يسيطر على بغداد والبصرة".

ويشير كاتب المقال إلى أن "تحديد ما إذا كان العراق يشهد حربا أهلية وهجمات مسلّحة بات أمرا أساسيا للولايات المتحدة بينما هو مجرد طرح أكاديمي للعراقيين، فهم يرون الحربين متزامنتين".

في المقابل وحسب ستيل فإن الجدل محسوم في كركوك "التي تشهد فقط هجمات مسلحة".

ويعرض الكاتب لوضع الأكراد الذين يتمتعون بالحكم الذاتي في كردستان العراق منذ عام 1999، مفاخرين بأنهم أنشأوا الديمقراطية التي أملت الولايات المتحدة بتعميمها على العراق عام 2003.

ويعتبر ستيل أن "وضع الأكراد الحالي أفضل من وضعهم في ظل استقلال تام قد يستفز تركيا وينهي موقعهم النافذ في حكومة بغداد"، إلا أنه يلحظ أن الاكراد ينتظرون الاستفتاءات الموعودين بها في العام المقبل بموجب الفقرة 140 من الدستور العراقي الجديد الذي يجيز للمصوّتين اختيار ما إذا كانوا يرغبون في الانضمام إلى كردستان.

وفي ظل ثقة السياسيين الأكراد بأنهم يملكون العدد الكافي من الأصوات للفوز، فإن العنف وحده قد يمنع ذلك وهو ما يفسّر الهجمات المسلّحة على كركوك، حسب ستيل الذي اعتبر ان الفقرة 140 ليس في مصلحة البعثيين.

وفي ظل إمكانية تأزم إجراء الاستفتاءات وتأجيلها، قد يُضاف الصراع العرقي بين العرب والتركمان والأكراد على الهجمات المسلّحة، "فلا تبقى كركوك بعد ذلك قصة حرب مؤجلة".

"ففي ظل حرب المسلّحين ضد الأمريكيين والاشتباكات القائمة بين الشيعة والسنة، هل يتحمل العراق فظائع الحرب رقم ثلاثة؟"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى