الفقيد الحي: عمر عبدالله الجاوي

> د. هشام محسن السقاف:

>
عمر الجاوي
عمر الجاوي
أعرفها مدينتي عدن تمد كفها للغد للإنسان لن تغمض الجفنين ولم تزل، تحمل في أحشائها الجنين ومشعلي تشرين عمر الجاوي

كنا نحاول قدر المستطاع أن نخرج عن دائرة الاحتفاء بالأثيرين إلى قلوبنا عن طريق ذكرى وفاتهم، لكن الغلبة تكون لإيقاع الحياة المتسارع وإذاً لا مناص بل ولا فكاك من العادة وقد سرقنا سيف الزمن لنقف متأملين في ذكرى وفاة الجاوي التاسعة وخيراً فعل شيخ السومانيين العتيد الأستاذ مبارك حسن خليفة، عندما غاص في صمت أصابع الجاوي (صمت الأصابع) وهو تجميع لبعض من أشعار عمر الجاوي ليخلص في الدراسة التي ألقاها في منتدى الوهط الثقافي يوم الخميس الماضي الى تشابك الهم الوطني والسياسي عند الجاوي شعراً كما هو ممارسة على الواقع كسياسي محترف يطل على المشهد الوطني منافحاً ومدافعاً عن المبادئ العظيمة للشعب اليمني دون أن تجرفه السنون قليلاً أو كثيراً عن تلك المبادئ وبالتحديد قضية تحقيق الوحدة اليمنية كما أرادها مبرأة من الاستحواذ والضم والإلحاق منذ أن كان طالباً وحتى لحظة وفاته في 23 ديسمبر 1997م. يقول مبارك في دراسته: إن الجاوي ذكر الوطن واليمن السعيد في ديوانه صمت الأصابع سبعاً وثلاثين مرة، وذكر صنعاء وعدن 19 مرة، وذكر البيضاء والحجرية وصرواح وتبن وحقات وشمسان وحضرموت وسبأ وحمير وغمدان ومأرب والحديدة وباجل ونجران ثلاثين مرة، وذكر ذونواس وذويزن وبلقيس وأروى خمس مرات، وليست المسألة مجرد ذكر أسماء وحشد لهذه الأسماء وإنما هذه الأسماء لها دلالاتها وتجلياتها كما يتضح من بعض النماذج (مبارك حسن خليفة: صمت الأصابع: شعر عمر الجاوي).

وقد جاهد مبارك نفسه عند قراءته للدراسة عن عمر الجاوي حتى السطور الأخيرة عندما تحشرجت الكلمات وانهمرت الدموع ليعلق أحد الحاضرين أن دموع مبارك هي أبلغ قصيدة قيلت في عمر الجاوي في تلك الأمسية.

ولمسة الوفاء التي نحددها لرائد كبير من رواد العمل الوطني في اليمن المعاصر والأستاذ عمر الجاوي هي أن تذهب المساعي الشعبية والأهلية وجهود كل الذين وقفوا ويقفون مع المبادئ الوطنية التي عمل وناضل الجاوي من أجلها، لتجميع إرث الجاوي الأدبي والفكري والتاريخي دون انتظار على أبوب السلطة لأن هذه ما كانت لتفعل لرائد وقف في وجهها كالطود الشامخ أكـثر من ديباجة لمرثية تعد سلفاً قبل الوفاة.

الجاوي بحق أقرب إلى كلمات (ايفتشنكو) التي رثى بها الكاتب الأمريكي العظيم (أرنست همنجواي):

كان يتقدم

بعزيمة ثابتة مظفرة

مثيراً موجة هائلة

فوق غبار العصور

كانت الأرض تستلم تحته

وهو يدوسها بكل قوة

وكان صلباً

كأنه قُدّ من الهجر

وينطلق كما ينطلق رجل بين الرصاص

عبر الزمان

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى