عدن.. مدينة مقيدة (1-2)

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
حاليا ... تبدل (الشك) الكامن بفكري، في إمكانية تحول مدينة عدن إلى منطقة حرة إلى ( يقين) ثابت لا يقبل الجدال، وبات في حكم المؤكد أن (الإرادة) التي تملك جعل هذه المدينة البائسة منطقة حرة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى غير متوفرة في هذه المرحلة على أقل تقدير، وبات في حكم اليقين أيضا، أن هناك من يريد أن تبقى هذه المدينة مجرد (مدينة تعطي ولا تأخذ) لا أقل ولا أكثر .. ومسرحا مفتوحا لصراع الجبابرة باستعراض القوة تجاه مختلف أعمال (البسط) و (التوسع) و (الاستقواء) و(الفيد) و (الكسب) غير المشروع . وهي مفردات تتناقض جملة وتفصيلا مع أبسط شروط ومقومات إيجاد البيئة (الأولية) المناسبة لجذب الاستثمار واستقرار رأس المال الخائف بطبيعته.

ومع كامل احترامي وتقديري لمن يجتمع في كل مرة ، ولمن تتكرر اجتماعاتهم (هنا) في هذه المحافظة للوقوف أمام جملة المصاعب والمتاعب والعراقيل (المتعمدة) التي توضع حتى أمام سلاسة إنزال الحاويات وتفريغ السفن القادمة - على قلتها - فإن هذه الجهود ، وإن كانت صادقة، ستبقى بمثابة (الحرث) في مياه المنطقة التي يقال لنا (كذبا وبهتانا) بأنها ستكون حرة ذات يوم، خاصة وأن هؤلاء (الطيبين) يعلمون علم اليقين أن الصعوبات التي تواجه السفن الراسية في مياه المنطقة الحرة! وتصل إلى حد إتلاف بضائع التجار المحليين، يقابلها (في الجانب الآخر) مناطق (حرة) أخرى - غير بعيدة عن أماكن التعقيد والحجز تلك - وهي مناطق تتم فيها عمليات (الإنزال) و (الشحن) و (التفريغ) بكل راحة بال واطمئنان وسلاسة .. إنها مناطق نفوذ وهيمنة واتجار غير مشروع ..حصرية وخاصة فقط بـ(بعض المتنفذين) .

أكاد أجزم .. أنه إذا ما توفرت (الرغبة الجادة) في جعل هذه المدينة منطقة حرة ، لكانت عدن قد قطعت منذ سنوات طويلة مرحلة مهمة وطويلة في عملية التحول تلك، ولما بقيت اتفاقيات (إدارة وتشغيل) المنطقة الحرة (معطلة) ومحط جدل ونقاش عقيم ... بل ولما كانت في أول الأمر وآخره مجرد (فرصة سانحة) للتكسب الشخصي والجماعي وعمليات البيع والشراء والتقرب من الثراء الفاحش غير المشروع، ولما تحولت مثل هذه الاتفاقيات (البالغة الأهمية) إلى مجموعة أوراق يلف حروفها الشك والريبة ، وتنبعث من بين سطورها روائح الفساد ... وحتى قلة الحياء وعدم الخجل!

يتحدث الأمين العام للمجلس المحلي - صادقا - ويقول إن أهم عنصر للاستثمار هو توفر (الرغبة والقناعة) لدى المستثمر .. وأعتقد أن هذه الرغبة وهذه القناعة التي نطالب المستثمرين أن تتوفر لديهم، تحتاج هي الأخرى إلى شروط محددة ومتعارف عليها - محليا ودوليا - ويأتي في مقدمتها توفر (القناعة التامة) لدى هؤلاء المستثمرين بأن هناك (إرادة حقيقية) و(رغبة جادة ) لدى أصحاب القرار جهة خلق الظروف المناسبة والملائمة لكي يحط المستثمر رحالة وماله.. وبعد ذلك حتما سيقرر ويقول (على بركة الله) .

أما إذا ما وجد المستثمر أن سياسة (الفيد) لا تزال هي الشرط الأبرز والأهم للاستثمار، وأن هذه السياسة بقوانينها (النافذة) تصدر وتنطلق من مؤسسات العسكر، وأن الدخول إلى عالم الاستثمار في هذه المدينة لابد له أن يمر عبر تلك البوابات العسكرية بدلا عن المدنية، فمن الطبيعي جدا أن يهرب الاستثمار من الباب الخلفي لهذه المدينة البائسة.

حقا، إنه من العيب ومن المخجل أن ينصب حديث المسؤولين وتتركز جهودهم هذه الأيام، حول مسائل تعتبر من أبجديات ما تتطلب ظروف الاستثمار السليمة توفره، وهي مسألة تذليل (المصاعب والعقبات) أمام عمليات تفريغ السفن بالسرعة اللازمة، حتى (لا تتلف البضائع)!! بينما يعمل (الجادون) في منطقة دبي على مراقبة ورصد (الأرقام الفلكية) لعدد الحاويات القادمة، وعلى قياس (سرعة) التخليص والإنزال .. إن دبي ، هذه المدينة العالمية، وحينما توفرت (الإرادة) - المفقودة لدينا - لرجل واحد فقط يملك القرار ، و هو الشيخ محمد بن راشد، جعل منها (معجزة) حقيقية من معجزات القرن الحالي، وباتت دبي بفضل هذه الإرادة الفولاذية، مدينة تسبح فوق مياهها الحرة ناطحات السحاب العملاقة.. بينما جعل (بعض المتنفذين) بجهلهم وجشعهم من هذه المدينة مضربا للأمثال في عمليات الظلم والاستقواء ونشر الفقر وتعميمه .

أيها السادة ... امنحوا أمر هذه المدينة (لأبنائها).. وكفى وصاية على عدن وعلى أبناء عدن.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى