شاهد:كيف يرى صحفيو رويترز الأجانب العراق

> بغداد «الأيام» الستير ماكدونالد:

>
موظف مستشفى في بغداد بمنطقة الصدر يتفقد الجثث في المشرحة مساء أمس
موظف مستشفى في بغداد بمنطقة الصدر يتفقد الجثث في المشرحة مساء أمس
هناك أنباء سارة من العراق.. كان أبرزها بالنسبة لصحفيي رويترز في الأسبوع الماضي عودة اثنين من زملائهم سالمين بعد أن احتجزتهما إحدى فرق الإعدام التي قتلت بالرصاص رهينتين أخريين ونجاة ابن أخت موظف آخر. وهو مراهق خطف وتعرض للتعذيب في بغداد.

ومن الأنباء السيئة مع إتمامي ما يقرب من عامين في إدارة عمليات وكالة الانباء في العراق هي إرسال التعازي لأسرة سائقنا السابق اسماعيل إبراهيم الذي قتل بالرصاص في الموصل الشهر الماضي والسعي لمعرفة أسباب نية القوات الأمريكية فيما يبدو لاحتجاز مراسلنا في الرمادي للمرة الثالثة.

وعموما وبينما أكتب عن أصوات قذائف المورتر التي ترج نوافذنا في وسط بغداد فإن هذا أسبوع عادي بعد أربعة أعوام من حرب تحولت إلى كابوس بالنسبة لملايين الناس والتي اكتشفت خلالها علاجا للكوابيس سأحدثكم عنه لاحقا.

ويتطلب عملي كمراسل أجنبي أن أكون شاهدا على التاريخ، لكن لم يحدث قط من قبل أنني كنت أعمى هكذا دون أعين الآخرين..

وهم زملائي العراقيون الذين تجاسروا على الخروج إلى شوارع العراق الخطرة منذ الهجمات على الأجانب التي حولت صالة الأخبار إلى سجن بالنسبة لي.

وهناك الآن أكثر من 60 عراقيا جرى تجنيدهم من الجامعات ومحلات التصوير ومكاتب المحاماة بل ومن محل للحلاقة يكتبون ويصورون لقطات ويلتقطون صورا لحساب رويترز عن بلدهم من أربيل شمالا إلى البصرة جنوبا.

وفرق العمل بين الأجانب والعراقيين هي جوهر عملنا في كل مكان لكن الأعين التي ننظر بها للصراع الآن كلها أعين عراقية تقريبا مع غياب الحرية التي تمتع بها الأجانب لفترة قصيرة بعد الحرب للسفر وكتابة التقارير في أمان نسبي.

ودفع الزملاء العراقيون ثمنا باهظا من حياتهم وحرياتهم لينقلوا للعالم أخبارا من ارجاء بلدهم حيث تعمل رويترز منذ عقود لكنها كانـت محاصرة معظم الوقت في بغداد.

وسقط قتيلان بالرصاص ليلحقا باثنين من زملائهم الأجانب قتلا في بداية الحرب.

ولم يكن صحفيونا استثناء من حملات التطهير العرقي التي طرد خلالها الشيعة والسنة والأكراد وغيرهم من بيوتهم في انحاء العراق.

وشاهدت زملاء تشحب وجههم ويبكون في صالة الأخبار مع ورود انباء عن ذبح أقارب لهم وسمعت قصصهم عن الهروب من بيوت العائلة في منتصف الليل خوفا على حياتهم وحصلت على تقارير صادمة من هؤلاء الذين حوصروا في تفجيرات انتحارية.

هذه قصص يومية للعراقيين الآن..

وحركة المد والجزر الخاصة بها من خلال مكتبنا باتت جانبا مهما لقياس الاوضاع في العراق.

ويواجه الصحفيون مخاطر خاصة.

وقرع شرطي مراسلنا في النجف بمقبض مسدسه في الأسبوع الماضي وهو أمر يشيع حدوثه.

والأسوأ أن حوالي 130 صحفيا ومن الفريق المعاون غالبيتهم العظمى عراقيون قتلوا منذ عام 2003 في أشد الحروب قتلا في عملنا منذ الحرب العالمية الثانية.

وكثيرون قتلوا على أيدي مسلحين يمارسون أقصى أشكال الرقابة وهو أسلوب أغلق بعض المناطق في وجه وسائل الإعلام.

والرسائل النصية التي تهدد "غادر وإلا ستقتل" هي السلاح المفضل.

وقال لي واحد ممن تلقوا هذه الرسائل "ماذا يمكننا أن نفعل..نحن باقون."

ولم يلق الجميع حتفهم على أيدي مسلحين.

فعندما أطلق جنود أمريكيون النار وقتلوا وليد خالد مهندس الصوت في تلفزيون رويترز في عام 2005 بينما كان يسير بسيارته للخلف عائدا من تغطية إخبارية كان مكلفا بها اخترقت رصاصتان بطاقته الصحفية التي كانت معلقة على صدره أمام قلبه.

وكتبت القصة بعد تلقيها.

سالت دماء وليد على لوحة مفاتيح الأحرف.

كان أمرا صعبا.

لكن ربما الأصعب كان الأسلوب الذي رفض به الجيش الأمريكي تحمل مسؤولية قتل أربعة من زملائنا واحتجاز آخرين وإساءة معاملتهم.

وانتهى ضباط أمريكيون إلى القول بأن الذين أطلقوا النار على وليد تصرفوا "بشكل مناسب".

وانتهى تقرير مستقل أعد بتكليف من رويترز إلى القول بأن تصرفات الجنود الأمريكيين "غير قانونية من الناحية الظاهرية"..

لكن تحقيقا لم يجر.

واحتجز ثلاثة من الزملاء لعدة أشهر في عام 2005 . ورغم أنه لم يتم التوصل إلى أدلة على ارتكابهم اخطاء احتجز اثنان مرة أخرى في العام الماضي ولم توجه لهما اتهامات لكن جرى تعذيبهما للحصول على معلومات. وشاهد أحدهما زميلا له في الزنزانة وهو يعذب ليلا. ولقي الرجل حتفه في وقت لاحق.

كانت شجاعة زملائي العراقيين وتصميمهم على الاستمرار في كتابة قصصهم دافعي للاستمرار.

كما ساعدني أيضا اكتشاف ذلك العلاج للكوابيس. وهو علاج لا أتمناه لأحد لكنه يعطي فكرة عن الوضع في بغداد.

بينما يدور الحلم المزعج عادة حول استيقاظ المرء عاريا في الشارع أو عدم التمكن من الذهاب لأداء امتحان في الموعد حلمت هنا ذات مرة أنني قتلت رجلا.

وأن وقت القصاص حان وحياتي دمرت..خفت.

ثم تنفست الصعداء وأنا ما زلت احلم عندما تذكرت أنني في بغداد ولن يلحظ أحد أن هناك جثة جديدة أخرى. رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى