وكيل أمانة العاصمة في حديث صريح لـ «الأيام»:إصرار على الإصلاح في ظل غياب الشعور بالمسؤولية

> «الأيام» عبدالفتاح حيدرة:

> في ظل الحديث عن الإصلاحات والمسؤوليات نجد أن هناك من يرفع صوته ليقول لا بد من المسؤولية، لا بد من وجود الضمير. وأمانة العاصمة ما هي إلا واحدة من مناطق ربوع اليمن التي تعاني من الأوجاع، والتي بات لا يسمعها إلا من عنده ضمير، بصرف النظر عن انتمائه ومن أي منطقة هو.

ولنكشف أوجاع أمانة العاصمة فتحنا صفحات «الأيام» للأخ محمد الغربي عمران، وكيل أمانة العاصمة ليتحدث في السطور التالية:

< أخ محمد، في ظل وجود الخطط والتصورات لتطوير مدينة أمانة العاصمة، هناك إحساس بالمعوقات أمام هذه الخطط .. أين تجدون آليات تنفيذ هذه الخطط مع تزامن المعوقات؟

- أمانة العاصمة قرية كبيرة، وإلى الآن أنا لست راضيا كموظف صغير فيها عن وضع أمانة العاصمة، وعن وضع صنعاء في جميع الجوانب، فلدينا عشوائية في الإدارات وارتجال في اتخاذ القرارات والتفرد في إدارة مصالح الحكومة، والجوانب الإدارية كلها للأسف لديها فهم خاطئ في مسألة الإدارة وكأنهم يريدون دكاكين أو شركات خاصة، لا توجد لدينا الإدارة الجماعية ولا القرار الجماعي، وهذا ما أدى في أمانة العاصمة إلى الإشكالات التي يشاهدها الناس أو يعايشونها.

أمانة العاصمة ليست بحاجة للأموال

وأضاف قائلا: كل موظف يريد أن يكون عليه رقيب، لا ضمير ولا إحساس بالمسؤولية، لا فهم صحيح للوظيفة، وكأن الموظف مجرد إصلاح للنفس وليس لخدمة المواطن وتقديم الخدمات له وعدم استغلاله أو ابتزازه، وتسهيل معاملاته.. وهناك فهم خاطئ للموظف ووظيفته، فهنا نجد أن الموظف متسلط ومستغل ومتجبر، ليس كل الموظفين ولكن نستطيع أن نقول إن هناك قطاعا كبيرا منهم.. وأمانة العاصمة ليست بحاجة إلى أموال، فالأموال متوفرة والميزانيات متوفرة والخطط موجودة، ولكن القائمين عليها للأسف لا يتوفرون.

مدينة كريتر مثال عظيم لمدينة حديثة

واستطرد في حديثه: وضعت خطط لحل الاختناقات المرورية من حيث وجود مسارات جديدة، وأنا أتذكر هنا مدينة كريتر، المدينة الجميلة الصغيرة التي فيها شوارع بعينها باتجاه واحد، وبهذا الشكل نظمت المدينة.. وأمانة العاصمة تسير بهذا الاتجاه، بالإضافة إلى وضع شبكة جسور لحل الإشكاليات المرورية، إلى جانب التركيز على مواقف السيارات ومنع أصحاب المباني ذات الطوابق العديدة دون أن يكون لديهم مواقف للسيارات، وعمل نظام داخل أمانة العاصمة لإيجاد مواقف طويلة بالشوارع بالإضافة إلى عملية تنظيم الأسواق التي تعتمد على الشوارع بحيث يُفرض الآن على الأسواق إيجاد مواقف سيارات وإغلاق الأسواق العشوائية التي تعتمد في أنشطتها على مساحة الشارع.

صنعاء تنمو كالفطر وبدون رؤية

وعن صنعاء تحدث قائلا: مدينة صنعاء تنمو الآن كالفطر في كل اتجاه وبدون رؤية.. أمانة العاصمة وضعت فكرة أو خطة بحيث يكون هناك خمس مدن جديدة منفصلة عن أمانة العاصمة ولمسافات غير بعيدة وترتبط بأمانة العاصمة بخطوط سير سريعة، ومنها مثلا في الاتجاه الشمالي منطقة بني الحارث في أماكن واسعة إنشاء مدينة متكاملة، وفي بني مطر بلاد البستان إنشاء مدينة، وخلف نقم إنشاء مدينة وفي الطريق الجنوبي طريق تعز- عدن.. وخطة الأمانة إنشاء مثل هكذا مدن مع توفير الخدمات أولاً بحيث تكون المدن مختلفة، ومنها مدن تجارية وأخرى ترفيهية وثالثة سكنية وهكذا بحيث تنمو المدينة الجديدة بكل بنيتها التحتية وخدماتها.

إشكالية الجانب الإداري

وأضاف قائلاً: لدينا مشكلة في الجانب الإداري، واستحدثنا الآن إدارة خاصة بالتدريب والتأهيل، ونريد الاستمرار من أجل مواكبة نشاط الإدارة لفهم معنى الإدارة، لأن معظم الموظفين يأتي بثقافته ووعيه الخاص المكتسب ولا يوجد عنده تقنيات ونظريات حديثة خاصة بالإدارة، وهذا اهتمامنا الكبير على اعتبار أنه إذا أردت أن تخطط لأمانة العاصمة وانتشالها مما هي فيه وتطويرها لا بد أن يكون لديك كادر في مستوى هذا التخطيط.

ومضى يصف الخطط الحالية: والآن لدينا خطة لإنشاء عشرين جسرا (كوبري) على مدى عشرين عاما وذلك في أهم التقاطعات، ومنها خط المطار الجديد، بحيث إنه وبعد خمس سنوات تخرج من المطار إلى شارع تعز عدن بدون أي إشارة توقف .. وإدارة أمانة العاصمة تجابهها مشكلة كبيرة أن التخطيط لا ينفذ.

الهجرة والمياه أهم مشاكل أمانة العاصمة

وعن أهم مشاكل أمانة العاصمة قال:

مشكلة أمانة العاصمة تكمن في شحة وندرة المياه، وهذا يهدد أمانة العاصمة بكل جوانبها، وبسبب العشوائية تم استنفاد حوض صنعاء ويكاد الآن مؤشر الخطر أن يعلن نضوبه تماما، وهناك بدائل وكل بديل مكلف وصعب وخيالي، فإذا كان هناك دول أو مدن على شاطئ البحر عملت محطات تحلية وفشلت وهي على البحر فما بالنا بصنعاء على بعد ثلاثمائة كيلومتر من البحر، وإذا ما فكرنا بالجهة الشرقية (مأرب والجوف) فالمسافات بعيدة والأرض منخفضة.. وهناك سدود تغذي حوض صنعاء وهذه أنا لا أسميها سدودا لأن كمية مياهها ضئيلة، بل أسميها (حواجز).

ثم إن الهجرة الداخلية إلى صنعاء ثاني مشكلة، وهي مشكلة في سياسة الدولة بشكل عام وحلها بسياسة الدولة أيضا بشكل عام، وقيادة أمانة العاصمة ليست مسئولة عن تعز ولا تستطيع أن ترسم أي سياسة عن محافظة أخرى، والتدفق يأتي من الأرياف التي هي بحاجة إلى إنعاش وتنمية حقيقية وإلى سياسة عليا من رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ومن كافة الوزارات في البحث حول أسباب الهجرة إلى المدن مع وجود النقص في البنى التحتية والتربوية والمياه والكهرباء والصحة والرياضة وكل شيء، والجانب العملي والوظيفي أيضا يحث على الهجرة إلى المدن، وهناك مدن عالمية وقعت في شر هذه الهجرة مثل القاهرة التي يتجاوز سكانها العشرين مليوناً.. فتخيلوا معي كم رغيفا في اليوم وكم لتر ماء في اليوم بالإضافة إلى الخدمات، وبهذا تتحول المدينة إلى أزمة. وأمانة العاصمة فيها مليونا مواطن، والدراسات تعطي مؤشرات أنه وخلال 10 سنوات سيتجاوز العدد 6 ملايين، وإذا فكرنا فقط في مسألة الماء نتساءل من أين سنأتي به لستة ملايين إذا كان هناك أزمة ونحن مليونان اثنان فقط؟ وإذا لم توجد لصنعاء حلول عملية وجادة وصادقة فأنا أتخيلها ستصبح أطلالاً، وبدون ماء لا يوجد استثمار ولا أي مؤشر تنمية، ونحن نتكلم كلاما نعمل على تنفيذه وهناك أكثر من 100 سوق عشوائية و40 فقط مطابقة للمواصفات. وفي الأخير أتمنى أن يدرك المواطن أن اليمن بلده وأن البيت بيته فليحافظ عليها.

صلاحيات شاملة للمجالس المحلية

بدأنا العمل المتواصل لنقل الصلاحيات للمجالس المحلية والتوجه نحوها، وهي قفزة كبيرة ويجب أن نتحمل تبعاتها، فهناك دول متحضرة مثل فرنسا لم تصل إلى ما وصلنا إليه لأننا ننقل الآن الصلاحيات الشاملة والكاملة إلى الحارات، وهذا شيء رائع لكن لسوء الفهم هناك جوانب قصور منها عدم وجود الوحدات المتكاملة، ونحن بحاجة إلى توافق السلطات العليا والدنيا، وهناك أشياء تظل بيد السلطات العليا، وما نريده هو التنسيق على أساس وجود الإمكانيات والقدرات والميزانيات التشغيلية، وهي تجربة يمنية رائدة.

ألمي كبير من حال الأمانة .. ونعيش في صنعاء داخل قرية كبيرة

وأضاف بقوله: أنا متألم كثيرا على حال الأمانة، وأنا أحد المسئولين بها، وأتالم ألما شديدا على حالها لانني عندما أزور مسقط أو عدن أحس بالسعادة بتنظيم شوارعها، وما يحصل الآن في عدن شيء رائع من ناحية الترتيب والتنظيم.

ونعزو ذلك إلى وجود مجتمع مدني غير عادي، وهنا في أمانة العاصمة أتساءل عن سبب هذه العشوائية ولذلك لست راضيا ولو بنسبة 5% بل لست راضيا على الإطلاق، فصنعاء بحاجة إلى جهود الجميع لأننا نعيش في قرية كبيرة، ولا أحمل المسؤولية أحدا وأنا أول من يتحمل المسئولية وأمين العاصمة والوكلاء والمديرون والصغير والكبير داخل الأمانة، لأن فهمنا للعمل ليس الفهم المطلوب، بمعنى أننا نؤدي وظائف ونتكل على الله، ولذلك نحن بحاجة إلى الإحساس بالمسؤولية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى