الحاج ناصر في رحاب الخالدين

> «الأيام» د. عمر علي بن علي:

> في ثالث أيام التشريق رحل عنا واحد من أبرز الرجال وأشرفهم فقيد الوطن المغوار الشيخ المناضل ناصر مثنى علي الحصين، الذي ستظل مآثره شامخة ما بقيت حصون وجبال منطقة الضالع الأبية. لقد كان فقيدنا عنواناً كبيراً في صفحات التاريخ الأبيض، عاش مجاهداً في سبيل الحق والتحرر من ربقة الاستعمار وجو التخلف الرجعي الذي جثم على أرضنا ردحاً كبيراً من الزمن.

فمنذ أن كان شاباً يافعاً في منتصف خمسينات القرن الماضي كان في طليعة المقاومين الوطنيين في منطقة الضالع ولعل معركة دار الحصين سبتمبر 1957م ضد ما سمي بقوات الجيش العربي، والقوات الانجليزية لدليل على مواقف الرجل الشجاعة فقد تصدى إلى جانب الوالد الشيخ مطهر علي أحمد لتلك القوات المدججة بأحدث الأسلحة الفتاكة آنذاك. لقد تغنى الشعراء بشجاعته حين رسم أروع المواقف البطولية وأوقع الخسائر في صفوف الأعداء والعجيب أنه تمكن من الانسحاب سالماً رغم الحصار المفروض على داره لتقوم القوات البريطانية بعد ذلك بدك الدار بمدافعها الثقيلة، ولم يثن ذلك فقيدنا عن مواصلة الجهاد الوطني - حين اتخذ إلى جانب الوطنيين الجنوبيين من قعطبة ملاذاً لهم- ضد مراكز البريطانيين العسكرية في الضالع، وشن إلى جانب رفاقه عمليات جسورة خلدها بأحرف من نور.

وبعد أن تهيأت ظروف العودة عاد ليصنع مجداً جديداً يضاف إلى المجد السابق إلى جانب رفاق دربه الشهيد علي أحمد ناصر عنتر، والشهيد علي شائع هادي والفقيد قايد صالح حسين، والمناضل محسن ناجي بن ناجي.

وعرفت الساحة معادن الرجال خلال 4 أعوام من الكفاح المسلح حتى اكتمل الحلم في 30 نوفمبر 1967م وتحقق الاستقلال الوطني.

ولم يكن بطلنا من أولئك المتزلفين للسلطة فقد حمل بداخله سجايا الشرفاء الأحرار المخلصين لقضيتهم ، وبرهن على ذلك عندما تسلم منصب مساعد المأمور في مركز خلة عقب الاستقلال، حيث جعل نصب عينيه الاهتمام بقضايا المواطنين، وإنجاز الخدمات الضرورية التي حرموا منها، كما جاهد في ترسيخ قيم ومفاهيم الثورة، وحجّم من الأخطاء التي كان يرتكبها الحمقى والفوضويون ووقف لكل أولئك المتلبسين بلباس الثورة والنضال ولم ينجرف في تيارهم وما زال أبناء المنطقة يتذكرون تلك المواقف الرائعة، وعندما لم يجد آذانا صاغية تحارب الأخطاء وتدعم مواقفه نراه يترك العمل السياسي مفضلاً العودة مواطناً فقيراً مجاهداً نقياً لم يستجد ثمناً لكل كفاحه، ولم يطلب المناصب والامتيازات، وظل يجاهر برأيه مع الحق وضد الباطل أينما وجد.

رحم الله الفقيد الحاج ناصر مثنى علي فقد عرفناه والداً كريماً شجاعاً حصيفاً رجلاً بما للكلمة من معنى، عاش شامخاً ومات شامخاً، واستحق أن يكون في رحاب الخالدين، فسلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حياً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى