اليوم العالمي للمرأة .. ما مشروعيته ؟

> «الأيام» حسين سعيد دبعي:

> رضينا باليوم العالمي لمرضى السرطان .. اليوم العالمي لمرضى الإيدز .. اليوم العالمي للتدخين .. اليوم العالمي للبيئة .. اليوم العالمي لمحو الأمية، لكن كيف نرضى باليوم العالمي للمرأة عامة يوم 8 مارس، واليوم العالمي للأمهات خاصة يوم 21 مارس؟ المشكلة أن الأمم المتحدة قررت هكذا أن يكون للمرأة يوم واحد في السنة وهل يعقل ذلك خاصة ونحن نعرف أن المرأة هي الدنيا بحالها وهي بهجة الأيام والليالي، كيف لنا أن نستسيغ مثل هكذا فكرة ومن الأمم المتحدة بذاتها .. هذا التغييب الاجتماعي للمرأة، من أجازه ومن شرعه؟ فلا دين سماوي قال ذلك ولا أعراف اجتماعية سنته، نحن المسلمون مرتبطون بأمهاتنا ارتباطاً وثيقاً ورسولنا الكريم فضلها على آبائنا ثلاث مرات في المعاملة، بل في اعتقادنا ان كل أيامها عيد وشرعنا سما بها إلى مرتبة الأمة، ومن تراثنا أنه إذا خسرت رجلاً خسرت فرداً وإذا خسرت امرأة خسرت أمة، فهي مدرسة تعد الأجيال، فكيف يكون لها في نظامنا الجديد يوم واحد في السنة نقدم لها الورود ونطبع على خدها قبلة وكفى؟. إذاً فالمرأة عموماً هي ملح حياتنا ومحور انشغالاتنا فكيف لنا أن نحدد لها يوماً عالمياً للاحتفال بها والحديث عن مناقبها وخصالها ثم نتركها بقية أيام العام عبارة عن تابع للرجل لا حول لها ولا قوة ، ألا ترون معي أن المسألة فيها ظلم معمد من طرف الأمم المتحدة التي يسيطر عليها الرجال أصلاً؟ هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ما لنا نحن والأفكار التي تأتينا من الغرب ونطبقها بطريقة عمياء ، ينبغي لنا أن لانلتفت لهكذا مسميات فديننا وتقاليدنا مبنية على أن الرجل والمرأة هما مداميك الحياة وهما عنصرا ديمومتها كما لا يجوز أن يطمس جنس جنسه الآخر بهذه الصلافة وهذا الاستهجان .. صحيح نحن مجتمع متخلف تنقصه الكثير من المفاهيم خاصة فيما يتصل بالعلاقة بين الرجل والمرأة إذ تعيش المرأة في مجتمعنا وضعاً لا يتصف بالعدل، ومهمشة في جميع المجالات وتابعة للرجل في كل الأمور، وهذا بالنسبة لذوي العقول النيرة والمفاهيم الحقيقية حيف وظلم لا ينبغي استمراره، فالمرأة شقيقة الرجل كما نصت عليه تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، لها ما للرجل وعليها ما عليه، وإن كانت هناك بعض الأفضليات يكتسبها الرجل فهي من باب تسيير قيادة الأسرةإذ لا بد أن يكون للأسرة قائد يوجهها حسب المفيد وإلا انفلت العيار وأصبحت الدنيا فوضى، لكن للمرأة في الوقت نفسه حقوقاً ومطالب مشروعة لا يمكن إغفالها من حيث التعليم والعمل والمشورة والرأي واحترام ذاتها الإنسانية، فهي ليست تابعة منقادة إلى حيث تؤمر دون أن يكون لها موقف أو اعتراض أو قرار، وإذا أردنا أن تستقيم الدنيا على أصولها فينبغي أن نوزع الأدوار بين الجنسين الذكر والأنثى حتى يكون هناك تفاهم وتناغم بينهما تجعل الحياة جميلة وتعرف مؤازرة وتناغم بين بني البشر رجالاً ونساءً .

هذا ما نريده حول نوع العلاقة بين الرجل والمرأة، وغير ذلك من التأويلات إنما هي عبث في عبث وتؤدي إلى اختلالات عميقة تزيد من عمق الشرخ الاجتماعي وهو ما نشاهده حالياً في مجتمعنا اليمني خاصة ومجتمعنا العربي عامة، أما المجتمع الغربي أو الاوروبي فليس هذا مجالنا لأن العلاقات الأسرية هناك قد انفلتت بصورة رهيبة جعلت الابن لا يرى أمه إلا يوماً في السنة، وعندما تصل إلى سن الشيخوخة توضع في دار العجزة وتعزل عن المجتمع ويخصصون لها يوماً في السنة ويحملون لها الورود ولا يتذكرون أن لهم أمهات إلا يوم 21 مارس، والمرأة هناك أخذت حرية أكثر من اللازم إلى درجة استغلالها وجعلها مادة ترويجية لمختلف البضائع والسلع وأصبحت العلاقات الزوجية عبارة عن مصالح فقط وليست قائمة على الود والحب وحسن العشرة.

إننا نتحسس هنا من المجتمعات العربية واإسلامية التي لا عملت بدينها وأخلاقياتها ولا ابتدعت بدعة حسنة لصالح المرأة وتقديسها، وكل ما استطاعت فعله هو إعطاء الرجل حق الجور والظلم ضد المرأة حيث حولها إلى مجرد ديكور مثلها مثل الدولاب أو السرير في البيت وغمطها حقها في كثير من الأمور بل ومنعها من أخذ حقها الطبيعي في التعليم والعمل واستقلالية الرأي، فهي مطيعة على طول الخط لا تأخذ ولا تعطي في أشياء هي من صميم اختصاصها وسلبت مكانتها الطبيعية في تسيير بيتها والمشاركة في بناء مجتمعها مثلها مثل الرجل ومنعت من تبوؤ مناصب في الدولة ومؤسسات المجتمع الأخرى واختير لها مربع لا تتجاوزه يتمثل في البيت وطاعة الزوج والامتثال لأوامره، وحوطوها بسياج من الممنوعات وغطوها بجلباب أسود حتى لا ترى نور الشمس ولا تستنشق هواء الطبيعة ورموها بكل الأوصاف والنعوت وجعلوها صنوة للتخلف.

لكن لماذا اليوم العالمي للمرأة .. يا سبحان الله ألا يعترف الرجال بعد أن المرأة هي العام كله وبدونها لا يساوون شيئاً وحولها يدورون شاءوا أم أبوا؟ فلماذا هذا الاستكبار الممزوج بالحسد والغيرة من أن تكون المرأة دائماً في الواجهة وهي أقدر على خطف الأضواء منهم ولديها الاستعداد لأن تكون هي الأفضل، فالدنيا وما فيها مرتبطة بها سواء كانت تحت الأضواء أو تحت أسوار العزلة، فقط الشيء الذي يحير هو لماذا اختيار يوم واحد في السنة فقط ثم إهمالها بقية العام وهي حسب قناعتنا نصف المجتمع ووسائل الإعلام الرسمية والمستقلة تقر بذلك. وتصوروا مجتمعنا بلا نساء ألا يكون مجتمعاً مشلولاً؟ إذاً كيف تصورتم يا معشر الرجال أنه بإمكان المرأة أن تقبل بتحقينها على هذا الشكل ثم تتفضلون عليها بيوم 8 مارس تتحدثون عنها وكأنها جاءت من خارج كوكب الأرض . فعلى المرأة أن تتحدث في الموضوع وتفصل فيه وتثبت أنها لا تحتاج لتحديد يوم عالمي لها يذكر بوجودها في هذا الكوكب؟ والسؤال المطروح الآن هل اليوم العالمي للمرأة هو يوم سياحة سيكولوجية لهذا المخلوق الذي تكالبتم عليه مع سبق الإصرار والترصد؟ أم هو ضحك على عقلها الذي يصر الكثير من الرجال على أنه ناقص؟!

فيا ايتها النساء إذا كان الأمر استهجاناً بكن فطالبن أنتن ايضاً بتحديد يوم عالمي للرجل يخرج فيه الرجل كل عفونته ويتحدث عن خيبته الذكورية وحقده المتوارث .. وعليكن مسؤولية قلب الطاولة على المجتمع الذكوري وخلط الأوراق حتى يعترف الرجال أن النساء موجودات بكل قوة على الأرض، يجب احترامهن واحترام خصوصيتهن الإنسانية حتى تستقيم الحياة على مبدأ واحد هو الشراكة المتساوية بين الرجال والنساء لبناء مجتمع سليم خال من العقد والتهميش والإقصاء .

نصيحة للمرأة بالمناسبة :

لا تلتفتي إلى الخراصين من أهل العقد

الذين يتحسسون من نجاحك بدافع الحسد

الذين مازال منطقهم عندما تولد الانثى

عزك الله بنت ..

وعند ولادة الذكر .. ما شاء الله ولد

افعلي ما تعتقدين .. وقولي ما تقتنعين

فالمسألة قوة حضور

ولا تنتظري وصاية من أحد

فأنت الأقدر على

تقويم الاعوجاج في هذا البلد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى