المكفوفون والصم والبكم ..آمال وآلام على عتبات القرن الحادي والعشرين ..وزارة التربية لا تعتمد منهاجًا خاصًا لهذه الشرائح وهنا تتوقف الآمال

> «الأيام» صلاح العماري:

>
مكفوفون يطبعون بطريقة (برايل)
مكفوفون يطبعون بطريقة (برايل)
ورد «الأعمى» في القرآن الكريم في سياق أكثر من آية، قال تعالى في سورة الحج {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} آية 46 .

فكم من بصير أعمى وكم من أعمى بصير، وعمى البصر أهون من عمى البصيرة.

ونحن على عتبات القرن الحادي والعشرين فإن المكفوفين ومعهم الصم والبكم وذوي الاحتياجات الخاصة عموما بحاجة إلى نظرة .. إلى وقفة في زمنٍ أصبحت الوقفة فيه بثمن.

مستقبل هذه الشرائح العلمي يولد من رحم المعاناة ثم يوأد.. كيف ولماذا؟

إليكم الاستطلاع الذي أجريناه في أروقة مركز النور للمكفوفين وتدريب المعاقين بمدينة المكلا محافظة حضرموت.

انبثق مركز النور من جمعية المفكوفين الخيرية عام 1970م، وتم تأسيسه من أجل رعاية وتأهيل المكفوفين فقط، وخلال تلك الفترة حتى عام 1999م حقق المركز إنجازات وتوسعات مهمة من الناحيتين التعليمية والتأهيلية، وضم في نشاطاته شريحة الصم والبكم.

ويعد مركز النور هو الوحيد في محافظة حضرموت وتمتد خدماته إلى المحافظات المجاورة وهي شبوة والمهرة. يهتم المركز بشئون المكفوفين والصم والبكم والعمل على تأهيلهم وتقديم الرعاية الصحية والخدمات التعليمية والتدريبية المجانية للمنتسبين له.

تقديم التعليم والتدريب المجاني لمنتسبي المركز
ماذا يقدم المركز من خدمات واقعية لشريحتي المكفوفين والصم والبكم؟

هذا السؤال توجهنا به للأخ سعيد عبدالله باثقيلة، مدير المركز لدى الزيارة التي قمنا بها للمركز لعكس نشاطاته وصعوباته، فقال: «نعمل على تقديم التعليم والتدريب المجاني لمنتسبي المركز ومتابعة الطلاب الذين تم دمجهم في المدارس الثانوية والجامعة وتقديم المناهج المسجلة على أشرطة الكاسيت للطلاب بالإضافة إلى السكن الداخلي والوجبات الغذائية والعلاج المجاني ونقل الطلاب والطالبات من وإلى بيوتهم.

تنحصر أنشطة المركز في قسمين أحدهما تعليمي والآخر مهني، وقد أولى المركز جل اهتمامه بالجانب التعليمي وفتح أبوابه للتلاميذ المكفوفين والصم والبكم، فكان الإقبال كبيرا من مختلف مناطق ساحل ووادي حضرموت والمحافظات المجاورة ابتداء من المرحلة التمهيدية المتمثلة في رياض الأطفال مرورا بمرحلة التعليم الأساسي، بعدها يتم دمج الطلاب الناجحين في مدارس الثانوية العامة».

وأفادت الأخت ليلى سالم بارمادة، مديرة مدرسة مركز النور بأن 158 طالبا وطالبة من المكفوفين والصم والبكم ينتسبون حاليا لمدرسة المركز ويتلقون التعليم في رحابها تم توزيعهم على 20 شعبة دراسية، منها 6 شعب للمكفوفين بها 30 طالبا وطالبة، و14 شعبة للصم والبكم يدرس بها 128 طالبا وطالبة، وتم دمج ثلاثة طلاب مكفوفين في الثانوية العامة وطالبة كفيفة فقط في الجامعة.

المبنى الجديد سيشكل نقلة في توسع النشاط
ويتكون القسم المهني من ورش وأقسام الكهرباء والتبريد، وتكون الدراسة في هذين القسمين على شكل دورات مسائية، أما أقسام الخياطة والتطريز والتدبير المنزلي والكمبيوتر والفنون الجميلة والنجارة فيتم تدريب وتعليم الطلاب والطالبات فيها ضمن حصص القسم التعليمي في الفترة الصباحية.

يدرس الطلاب حاليا في فصول المركز وبعض الفصول التي تم استحداثها بساتر خشبي إلى أن يتم استكمال المبنى الجديد الملاصق للمبنى الحالي، والذي سيشكل نقلة في توسع نشاط المركز واستقبال عدد أكبر من المكفوفين والصم والبكم، كما سيتم استقبال طلاب الإعاقة الذهنية حسب تأكيد مدير المركز.

يشكو المركز من غياب الدعم من رجال الخير والإحسان في حضرموت، ويطالب بلفتة إنسانية لهذه الشرائح لدمجها في المجتمع.. يقول مدير المركز سعيد باثقيلة: «دور رجال الخير وتجار حضرموت للأمانة ضعيف جدا، لكننا نتقدم بالشكر لتعاون السلطة المحلية ومكتب الشئون الاجتماعية والعمل بالمحافظة، والشكر والتقدير موصول لصندوق المعاقين بصنعاء ومديره العام الأستاذ عبدالله الهمداني، وهذا الصندوق هو من يتكفل بدعم الموازنة التشغيلية للمركز، وسبق أن دعمنا بوسائل مواصلات وأدوات، إضافة إلى الدعم المادي فلهم كل الشكر، وكذلك لمؤسسة العون للتنمية والبرنامج الكندي للتنمية والجمعية الشعبية الخيرية بالمكلا ومؤسسة الصالح للتنمية».

شكاوى من كثافة وحشو المنهاج
في فصول المركز يتم تدريس المكفوفين والصم والبكم منذ التمهيدي كما أشرنا حتى الصف التاسع، وتكون الدراسة على نفس منهج التربية والتعليم المعتمد في مدارسنا الحكومية، وبالتالي يدخل الكفيف أو الاصم أو الأبكم نفس امتحان نيل الشهادة الأساسية بالنسبة للطالب العادي أو الشهادة الثانوية، مما يتسبب في رسوب هؤلاء الطلاب لكثافة وحشو المنهاج فإذا كان الطالب العادي والتربويون يشكون حشو المنهاج للطالب العادي فكيف هو الحال للكفيف أو الأصم؟

حول هذه النقطة حدثتنا مديرة مركز النور الأخت ليلى بارمادة قائلة: «من غير المعقول أن يتم تدريس هذه الشرائح نفس منهاج المدارس الحكومية، يجب الرأفة بهؤلاء الطلاب. هل يعقل أن يدرسوا كتابين في مادة واحدة في العام الدراسي الواحد؟ هذا لا يشكل أي فائدة للطلاب من منطلق معرفتنا وتدريسنا لهم. في الأردن والإمارات وهي من الدول الرائدة في الاهتمام بشريحة الصم والبكم والمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة يتم وضع منهاج خاص لهذه الشريحة لا تتجاوز الكتاب الواحد خلال العام، فكيف الحال بنا ونحن تنقصنا الوسائل التعليمية والدورات التأهيلية العليا للمعلمين خصوصا في القرآن الكريم واللغة الإنجليزية. خلال العام القادم سيصعد الطلاب الصم إلى الصف التاسع الاساسي وعندها سيدخلون شهادة إنهاء التعليم الأساسي، ومن معرفتنا الحالية بمستوياتهم نؤكد أنهم سيرسبون جميعا لكثافة المنهاج وعدم وضع منهاج خاص لهم يتناسب مع قدراتهم».

طالبات من فئة الصم والبكم يتعاملن مع الكمبيوتر
طالبات من فئة الصم والبكم يتعاملن مع الكمبيوتر
لا يوجد استيعاب للصم والبكم لإكمال المسيرة التعليمية
عقب إنهاء التعليم الأساسي يتم دمج الطلاب المكفوفين في الثانويات الحكومية، لكن الوضع يختلف بالنسبة للصم والبكم مما يعني انتهاء مسيرتهم التعليمية فليس هناك من يستوعبهم ولا يوجد معلمون يعرفون لغة الإشارة في الثانويات العامة.. حول ذلك قال مدير المركز: «هذا الأمر يمثل لنا معضلة، فمن المؤسف أن يتم حرمان هذه الشريحة من مواصلة الدراسة لأنه بكل بساطة لا يوجد هناك من يستقبلهم، ونحن هنا ندعو الإخوة في مكتب وزارة التربية والتعليم بمحافظة حضرموت بعد الشكر لهم على تعاونهم معنا وإمدادنا بـ 16 معلما ومعلمة من أصل 50 يدرّسون في مدرسة المركز، ندعوهم إلى الجلوس معنا لمناقشة وضع المنهاج لهذه الشرائح واعتماد خانات تدريسية خاصة لمركزنا حيث إن معلمينا من الصم والبكم والمكفوفين يحصلون على 8500 ريال شهريا فقط من صندوق المعاقين الذي نقدر له هذا الصنيع».

ماذا يقدم مكتب الشئون الاجتماعية والعمل بحضرموت للمركز؟
الأخ عبدالله عوض رمضان، نائب المدير العام للمكتب قال: «نحن نعتبر المركز واجهة المكتب ونوليه جل اهتمامنا وندعمه حسب إمكانياتنا ونتواصل مع الجهات الداعمة، وبالمناسبة نشكر كل من يدعم المركز وغيره من المراكز والجمعيات التابعة للمكتب وندعو رجال الخير والجهات الداعمة إلى المساهمة في تحسين أوضاع المركز وإمداده بالوسائل التعليمية وكذا وضع منهاج تعليمي خاص لهذه الشرائح وتنظيم دورات عليا للمعلمين في التعامل مع هذه الشرائح».

ومايزال المكفوفون والصم والبكم وذوو الاحتياجات الخاصة بمختلف إعاقاتهم ينتظرون تنفيذ قرار مجلس الوزراء باعتماد 5% من الوظائف لهم شريطة نيلهم شهادات عليا، وعطفا على ما سبق فإن هذه الشرائح تقف في دراستها عند حد معين ولا تستطيع المواصلة وبالتالي لا تحصل على الشهادة الجامعية فتغيب عنها الوظائف، لكن عين الله لا تغيب وهو يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى