انتصار وأخواتها وأهل الكهف

> محمد علي محسن:

>
محمد علي محسن
محمد علي محسن
انتصار وأخواتها الإصلاحيات الفائزات بعضوية مجلس الشورى المحلي في الضالع كنّ بحق البداية التي تأخرت كثيراً عن الزمن الحاضر العائد لتوه من حالة غيبوبة مستديمة طالت المرأة وحقوقها المكتسبة والممارسة منذ قرون خلت، فلقد مثلت هذه العودة المخجلة والمتوجسة للنسوة إلى الحياة السياسية والحزبية وكمرشحات ومنافسات ومتفوقات وليس كناخبات وأصوات ، استفاقة أهل الكهف من مرقدهم الطويل وسط عالم عجيب وغريب يصعب على هؤلاء فهمه أو فهمهم من الواقع الجديد الذي كل ما فيه يؤكد حياة مختلفة ومتغيرة وتالية لعصرهم القادمين منه.

هكذا خيل لي واقع المرأة في بلادنا وعلى وجه التحديد في المحافظات الجنوبية والشرقية من الوطن الواحد الذي أجزم أن المرأة في الجنوب ولجت كهفه المظلم وقتذاك ولم تفق بعد من حالة التيه والضياع المستبدة بحقوقها ونضالها ومكانتها في المجتمع منذ ذلك الحين إلى اللحظة الماثلة لعودتها الثانية للوجود ومن بوابة حزب الإصلاح المحافظ والتقليدي، وفي وقت دار الفلك وتغير كل من فيه باستثناء المرأة وحقوقها المرفوعة على استحياء وحذر اليوم، ومن جهة هذه القوى الحاملة لراية الوسطية والاعتدال وكانت في حقبة مضت أول من صادر وسلب المرأة حقوقها بل من زج بها في الزاوية المعتمة.

نعم عادت المرأة إلى الواجهة من نافذة الإصلاح الضيقة لا من حيث كانت مغادرتها القسرية من بوابة الحزب الواسعة. لذلك - وهنا مكمن المفارقة - كان علينا الانتظار كل هذه السنوات حتى يفيق الإصلاح وأهله من حالة العقم والجمود الفكري والفقهي والسلوكي التي رافقت مسيرته وشكلت منهجه المنفي لحق المرأة في مشاركة الرجل، وعندما وصل خط النهاية وجاءت لحظة العودة الحتمية المفروضة بحكم الظروف والواقع المأزوم كانت الأحزاب السياسية الداعمة والمؤيدة للمرأة قد توارت خلف الشمس بحيث لم تستطع الاستمرار بغير النزر اليسير من النسوة المجاهدات الصامدات في الأحزاب والنقابات والجمعيات والصحف والوظيفة ...إلخ.

14 امرأة في مجلس الشورى الجديد في عدن، 13 في الضالع و5 في إب و16 في حضرموت و7 في شبوة، وهناك 13 امرأة فزن في عضوية مجلس الشورى العام، بل وما هو أكثر من حصول نسوة الإصلاح على عضوية شرفية لا تؤهل أو تبدل من واقع التنظيم الذكوري على مدى المنظور، إذ أن ما حدث في المؤتمر العام من مراجعة وتأجيل لحق المرأة يستلزم أخذه بالاعتبار كما أن الحراك الحاصل في تكوينات الإصلاح القيادية والمرجعية الفقهية أو القاعدية -وكان من ثمرة هذا الحراك العودة ثانية بالمرأة للواجهة السياسية - يؤكد حقيقة الاستفاقة المتأخرة في حزب عرف عنه الإقصاء والمصادرة لحق النساء وانغلاقه الفكري والتشريعي والسلوكي تجاه قضايا المرأة بالذات وبالمقابل لهذه المراجعة والعودة المتأخرة كثيراً عن موعدها وعصرها رأينا الأحزاب السياسية المناصرة والمنحازة للانفتاح والشراكة وقد قضت وفرطت بما بقي للمرأة من مشاركة وحضور فعلي أو حتى شكلي وشرفي، أكان على مستوى هيئات ومؤسسات هذه الأحزاب أو النقابات والمؤسسات الحكومية والمهنية .. حيث إن ما حدث للنساء عامة ولم يقتصر على فئة أو تنظيم أو جهة بعينها يؤكد حاجة الجميع لاستنهاض حال المرأة ثانية، وليكن من بوابة الإصلاح ونسائه الفاضلات الحاملات لراية المساواة والعدالة والتغيير أمثال انتصار وأخواتها، وليس من نافذته الضيقة وغير المستوعبة لحجم الضرر ولا لضحاياه الكثر من النساء اللائي قدرهن اليوم الاستفاقة من حالة التيه الطويلة على أيدي من كان يوماً ما جاحداً لهذه المساواة والمشاركة وشاءت الظروف والأحوال أن يبرأ من سقمه ويتعافى، وعندما خطا الخطوة الأولى وجد نفسه في مواجهة ماضيه الذي أصاب الكل بمقتل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى