الوطن للجميع

> أحمد محسن أحمد:

>
أحمد محسن أحمد
أحمد محسن أحمد
عندما أسمع الجملة الساحرة «الوطن للجميع» التي اعتدنا سماعها باستمرار وبشكل شبه يومي في خطاب السلطة في بلادي الغالية اليمن، أشعر بأنها (فعلاً) ساحرة، ومخدرة للعقول، ومطمئنة للنفوس، وتفعل فعلها في خلق أحلام وآمال تظل محلقة في سماء البلاد، فيصدقها الجميع في هذا الوطن، ويظل الشعب في تعلق دائم ويحلم بذلك اليوم الذي يلمسها بصدق ويراها بالعين المجردة في حياته وفي سلوك وممارسات السلطة وهي تقرن الأقوال بالأفعال.

ولا أخفي على أحد، أنني وصلت إلى قناعة تامة بأن هذه الجملة «الوطن للجميع» هي مثل الجزرة التي يظل الحصان يلاحقها في عدوه وسيره الحثيث ليصل إليها دون جدوى أو فائدة تذكر.

والشعب يعرف جيداً أن السلطة في بلادنا أبعد من أن تحقق له هذا الحلم والأمل (السراب) في أن يشعر أبناء الوطن بأن بلدهم بخيراتها ومكوناتها وثرواتها المختلفة وحقوق المواطـنة المتساوية هي ملك الشعب في وطننا الغالي (اليمن).. فإذا راجعنا (مثلاً) قضية الموقع الذي يحتله المواطن في أجندة اهتمامات السلطة فإننا سنصدم عندما لا نـرى في أجندة السلطة ما يخص المواطن من هموم ومشاكل لا حصر لها، فأجندة السلطة فارغة وخاوية و(مجافية) لحقوق المواطن البسيط والمعـدم، لكـنها مليئـة بالقضايا التـي تهـم أمـورها هـي أولاً والفئة الاجتـمـاعـية (الأقل) التي تخشاها السلطة بحكم ثقلها في الحياة السياسية، والحياة العامة.

وطبعاً عندما نتحدث عن المواطن الذي نحلم باهتمام السلطة وأجهزتها المختلفة به فهو ذلك المواطن البسيط.. المواطن المهمش.. المواطن الذي تحرمه ظروف الحياة القاسية من العيش في وطنه عيشة كريمة وخالية من منغصات الحـياة ونكدها، لكننا لا نطالب بشيء لتلك الشريحة الاجتماعية (الأقل) والمتنفذة التي هي في شراكة وارتباط وثيق مع السلطة وتشارك في تخدير الشعب بأوهام (الانتظار) الذي يقتل الهمم ويعطل مسيرة الشعب في طريق تصحيح أوضاعه المعيشية لمواجهة السلطة الغائبة والمغيبة لحقوقه المشروعة، فالمواطن البسيط هو المعدم والضعيف والعاجز عن مواجهة مشاكل الحياة.

وهو الذي يحتاج لموقف السلطة وأجهزتها المختلفة لوضع مشاكله نصب عينيها وفي الدرجة الأولى من اهتمامها وقبل أي اهتمامات أخرى، وإن كان الأمر كذلك فإننا لا نحلم بأن ترتفع السلطة في بلادنا إلى مستوى الواجب المناط بعاتقها لتساوي بين الناس في الحق العام وفيما يتعلق بالثروات والموارد الكبيرة التي تجنيها من الخير الوفير الذي تحصده (بالهبل) من باطن الأرض.. أرضنا المعطاء، وهذا لا ينسينا تلك الخطوط الحمراء التي لا تقبل السلطة الحديث عنها، أو القرب منها، لكننا نقول إن هذا الشعب لا يطلب إلا القليل.. وحرام وجُرم أن يرى هذا الشعب ثروات وخيرات بلاده تنهب وتبعثر ولا يصل إليه شيء من الفتات كحد أدنى.

ومن ضمن الأحلام التي لا يتعشم هذا الشعب من سلطته أن تحققها له هو تذكير السلطة بأن تعمل مثل حكومات وسلطات ودول حباها المولى (عز وجل) بخير من عنده وخصها بثروات طبيعية في باطن أراضيها الغنية، لم تبخل هذه السلطات على شعوبها من إيرادات ثروات الارض فتحسن أحوال مواطنيها .وتضمن لهم الحقوق الأساسية في مجالات الصحة والتعليم والتغذية كمطالب أساسية وأولية في برامج وخطط تلك السلطات والحكومات التي تشعر بحق شعوبها عليها.والمتتبع لسير الادعاء المتكرر في خطاب سلطتنا السياسي، الذي يوهم الشعب بأن الوطن يتسع للجميع.. ذلك الادعاء الذي يلازمه ويرافقه ادعاء آخر بأن هناك من يحاول تضييق مساحة الوطن واختصارها لكي لا يتسع الوطن للجميع! هذه الادعاءات الخالية من المحتوى والمضمون ..

تنسى سلطتنا العزيزة أن المواطن البسيط لا يملك ما يمكن له القيام بهذا الجرم الفاضح. لكن هناك من يقوم بهذا العمل الإجرامي لمصالح ذاتية وخاصة، والمواطن البسيط يعرف جيداً أن الوطن الغالي يتحجم وتنقص مساحته يوماً بعد يوم بفعل تلك الشريحة المتنفذة والقابضة على خناق الوطن والمواطن!

آخر الكلام..ليت سلطتنا العزيزة تتكرم وتوفر علينا وعليها هذا الجهد والتعب الذي تبذله ويبذله المواطن بالعدو (الماراثوني) نحو السراب الذي اسمه «الوطن للجميع».. ولنا لقاء آخر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى