رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> (1 ) الشهيد نورالدين قاسم:الولادة والنشأة:نورالدين قاسم صالح السروري من مواليد مدينة الشيخ عثمان احدى ضواحي عدن في يوم الثلاثاء الاول من يناير 1929م في أسرة محافظة كان عميدها السيد قاسم صالح السروري رحمه الله الذي تتلمذ على يديه العديد من العلماء المعروفين وكان رحمه الله إمام وخطيب مسجد العيدروس بمدينة الشيخ عثمان.

تلقى نورالدين قاسم دراسته الابتدائية بمدينة الشيخ عثمان وأكمل دراسته في مدرسة القديس يوسف العالية st.joseph high school (البادري) بكريتر. التحق بمعهد مصافي الزيت البريطانية ضمن طلاب متدربين apprentice عام 1954م وعندما أعلن عمال الشركة موقفهم العمالي السياسي بالاضراب عام 1956م والذي أججه العدوان الثلاثي على مصر اتخذت الشركة البريطانية اجراءات عقابية قاسية من ضمنها الفصل من الخدمة وكان نورالدين قاسم أحد الذين تأثروا بذلك الاجراء.
نورالدين يواجه قراراً بالفصل عند منعطف آخر:
التحق نورالدين قاسم بسلك التعليم النظامي الرسمي بعد فصله من الخدمة مع شركة الزيت البريطانية وعين مدرسا في المدرسة الوسطى الحكومية للبنين الخاصة بطلاب الشيخ عثمان وشغلت المدرسة حيزا من المبنى الذي ضم طلاب متوسطة كريتر خلال العام الدراسي 1956/1957م (المعروفة حاليا بثانوية لطفي أمان بكريتر) بصورة مؤقتة وانتقل الطلاب بعد ذلك الى مبنى مدرستهم المتوسطة الجديد بالشيخ عثمان وانتقل معهم مدرسوهم ومن ضمنهم الاستاذ نورالدين قاسم وكان مدير المدرسة الاستاذ حامد الصافي ونائبه الاستاذ عبده سعيد الشيباني رحمهم الله جميعا.

وفي العام 1958م أعلنت نقابة المعلمين الاضراب فاتخذت ادارة المعارف اجراءات صارمة ضد المعلمين المشاركين في الاضراب حيث قامت بفصلهم من الخدمة ففتحت رابطة أبناء الجنوب صدرها للراغبين منهم للدراسة في الجمهورية العربية المتحدة (جمهورية مصر العربية حاليا) وابتعث امديب صالح أحمد وعبدالرحمن فخري وعلي فخري، كما فتح الشيخ الجليل محمد بن سالم البيحاني رضوان الله عليه صدره واستوعب نورالدين قاسم ومحمد مرشد عباد وعلي أحمد ناصر سلامي وآخرين للتدريس في المعهد العلمي الاسلامي بكريتر.

نورالدين قاسم ورحلة اقلاع من الرابطة القومية الى الجبهة القومية:ارتبط الاستاذ نورالدين قاسم بالدوائر الاجتماعية الى درجة الادمان والتي تقولبت في أطر متنوعة فكان رحمه الله من رواد نادي الشباب الثقافي في الشيخ عثمان الذي تأسس يوم الاحد 21 ديسمبر 1947م وتأثر هذا النادي كثيرا بالتيار القومي وتداول رواده كتب مفكرين قوميين مثل الحكم دروزة وساطع الحصري وتحول الى مركز من مراكز استقطاب حركة القوميين العرب التي عملت في اطار جبهوي مع قوى أخرى لتأسيس الجبهة القومية وكان عبدالباري قاسم وشقيقه الاصغر نورالدين قاسم من رموز تلك الجبهة. أعلن في الاول من يناير 1962م عن تأسيس «الرابطة القومية للكتاب العرب» وأعضاؤها المؤسسون: محمد سالم علي وعبدالله عبدالمجيد الاصنج ومحمد سعيد مسواط وطه أحمد مقبل ونورالدين قاسم وأحمد المروني ومحمد سالم باسندوة وعبدالملك اسماعيل وعبدالقادر باصالح وسالم زين محمد ومحمد أحمد ثابث الصباغ وسعيد الجناحي. شكلت هيئتها التنفيذية من: محمد سالم علي وطه أحمد مقبل ومحمد سالم باسندوة وعبدالقادر باصالح ومحمد أحمد ثابت الصباغ.نورالدين قاسم في عمادة مبارز القات:

انتشرت ظاهرة المبارز (م.مبرز) بشكل ملحوظ في عدن في الفترة السابقة علىالاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م ويطلق على مبارز القات هذه الايام «منتديات» وكانت مبارز القات أيام زمان منابر يتنفس الناس من خلالها. كان الاستاذ نوالدين قاسم من سكان قسم أ ( section A) في الشيخ عثمان وتحديدا في حافة اليهود وعلى مقربة من بيته كان مبرزه في دور أرضي من عمارة عبدالرحيم الدبعي في ركن الشارع (الحافة) وعلى مقربة منه «مبرز دغبوس» و«مبرز عبدالله بكر» و«مبرز عبدالباري الدبعي» و«مبرز باسويد» و«الشلة الاشتراكية».

العميد محمد علي باشراحيل يستوعب الاستاذ نورالدين قاسمزخرت عدن بالعديد من النوادي والمنتديات الادبية منذ بواكير العشرينات من القرن الماضي وتحملت على كاهلها رسالة التنوير والتواصل والاتصال وظهرت الصحافة في مطلع الاربعينات كوسيلة اتصال ثانية وظهرت في أسرة السيد العلامة قاسم صالح السروري خامتان صحفيتان وهما عبدالباري نجله الاكبر ونورالدين نجله الاصغر. تواصل نورالدين قاسم مع الصحافة مقتديا بأخيه الاكبر عبدالباري قاسم وكاتب عددا من الصحف منها «النهضة» و«اليقظة» و«الأيام» واحتضنه عميد «الأيام» محمد علي باشراحيل رحمه الله وأسند اليه تحمل مسؤولية صفحة الشباب ومجلدات «الأيام» في فترة الستينات من القرن الماضي وثقت للاستاذ نورالدين قاسم دوره الصحفي في تلك الفترة الى جانب كتاباته الصحفية الاخرى.

سجن الانجليز أرحم بكثير من رصاص الثوار:اعتقلت سلطات الامن البريطانية الاستاذ نورالدين قاسم في يناير 1964م واحتجزته في معتقل رأس مربط للتحقيق معه وتعرض هناك لصنوف التعذيب الجسدي والنفسي وأودعته بعد ذلك في سجن المنصورة المركزي بمدينة المنصورة وأطلق سراحه في يناير 1966م ليخرج من جحيم الى جحيم أكبر منه حيث تعرضت رموز الاحزاب المتناحرة للتصفيات الجسدية، فقرر الاستاذ نورالدين قاسم ان ينجو بجلده فنزح الى مدينة تعز.

نورالدين قاسم ووظائف قيادية لفترات قصيرة:يلاحظ من تقصي الوظائف القيادية التي شغلها الاستاذ نورالدين قاسم ان افتقار النظام السياسي للبلاد إلى عنصر مهم اسمه الاستقرار قد عكس نفسه على استقرار الاستاذ نورالدين وظيفيا، ونأخذ على سبيل المثال ان وظيفة محافظ عدن شغلها بعد الاستقلال الوطني الاستاذ أبوبكر علي شفيق، أمد الله عمره ومتعه بالصحة لم يستمر في مهام منصبه أكثر من خمسة أشهر (راجع سيرته في رجال الذاكرة- العدد رقم 4059 - 2003/12/28م) ليشغل الوظيفة بعده الاستاذ نورالدين قاسم رحمه الله.

لو أخذنا مثالا آخر وهي وظيفة مدير عام إذاعة عدن لوجدنا ان الذين شغلوا ذلك المنصب منذ عام 1954م حتى 1967م هم: توفيق ايراني وأحمد محمد زورقري وحسين محمد الصافي، أما الذين شغلوا ذلك المنصب في الاشهر التي سبقت الاستقلال الوطني حتى عام 1973م هم : علوي محمد السقاف وعبدالملك اسماعيل وجعفر علي عوض ونورالدين قاسم وأحمد محمد قعطبي وعمر عبدالله الجاوي وراشد محمد ثابت.

نورالدين قاسم والقرار الجمهوري الذي أصدره سالم ربيع علي:أصدر الرئيس الاسبق الشهيد سالم ربيع علي القرار الجمهوري رقم 9 في 22 فبراير 1972م قضى بتعيين الاستاذ نورالدين قاسم رئيسا لمجلس ادارة المؤسسة العامة للفنادق وبعد مدة وجيزة صدر قرار آخر بتعيين الاستاذ نورالدين قاسم مديرا لقسم الاعلام بوزارة الخارجية، ومارس مهام عمله حتى الواقعة الكارثة في 30 أبريل 1973م.

نورالدين قاسم في طائرة الموت:وجهت قيادة الحزب والدولة الدعوة لرؤساء البعثات الدبلوماسية لليمن الديمقراطية في الخارج لحضور لقاء في عدن طابعه تشاوري وتثقيفي في أواخر ابريل 1973م، وبعد اقلاع الطائرتين اللتين أقلتاهم من شبوة الى حضرموت يوم الاثنين الموافق 30 ابريل 1973م انفجرت احداهما وراح ضحيتها كوكبة من خيرة الرجال وكان في مقدمة اولئك الشهداء الاماجد الشهيد محمد صالح عولقي، وزير الخارجية (راجع تفاصيل ذلك في موضوعي «شهر ابريل في ساحة الاحزان اليمنية» الذي نشرته «الأيام» في العدد 5080 بتاريخ 30 ابريل 2007م).

وكان من ضحايا طائرة الموت الشهيدان عبدالباري قاسم ونورالدين قاسم صالح السروري الشقيقان اللذان جمعهما تاريخ وفاة واحد او قل شهادة وفاة واحدة ويفصلهما 3 أعوام، أي ان الاول من مواليد عام 1926م والثاني من مواليد عام 1929م.

خلف الشهيد نورالدين قاسم وراءه سجلا حافلا أودعه في قلوب تلامذته (أحدهم كاتب هذا الموضوع) وقلوب أصدقائه ومحبيه.

كما خلف وراءه أرملة وهي شقيقة الشخصيتين الاجتماعيتين البارزتين الحاج عثمان حسين الادهل وعبده حسين الادهل و10 أولاد الذكور منهم : 1- فاروق، 2- محمود، 3- عبدالقادر، 4- جمال، 5- جهاد، 6- باسل،7- وقاص، 8- محمد.

(2) ماذا في جعبة الفاضلة مريم صالح مهدي؟ تطرقت في حلقة العدد الماضي من «رجال الذاكرة» الى شخصية الشيخ محمد علي العقربي رحمه الله وورد في سياق الحلقة: الفقرة 5 وبدايتها: «احتقنت العلاقة بين السلطان فضل من جهة..... وبلغت ذروتها في مطلع يناير 1951م قبل بدء مراسم الاحتفال الكبير بزواج السلطان فضل...».اتصلت بي المرأة الفاضلة مريم صالح مهدي وأثنت على الموضوع كثيرا الا انها أبدت ملاحظتين هما:

1- ان الصورة الاولى بحسب الترتيبات من اليمن كانت «لسيدي عبدالكريم فضل» وهي اشارة الى جدها السلطان عبدالكريم وليست «لخالي فضل عبدالكريم ».
2- ان الاحتفال الكبير كان بمناسبة زواج «خالي علي عبدالكريم فضل وابن عمي علي احمد مهدي» حيث تزوج الاول من مريم أحمد مهدي، أخت علي أحمد مهدي وتزوج الثاني من حُسن (بضم الحاء وتسكين السين) صالح مهدي، شقيقة مريم صالح مهدي وبنت أخت علي عبدالكريم فضل.
جدير بالذكر ان الفاضلة مريم هي ابنة الراحل الكبير الامير صالح مهدي بن علي (ابن عم الامير أحمد فضل بن علي القمندان) وهو من مواليد عام 1910م بالحوطة والذي توفي في عدن في 10 مايو 1973م.

ونعاه عبدالله هادي سبيت في قصيدة مطلعها:
يا ابا محسن بكيت وأبكي ** وسأبكي العزيز من حيث حلا

وقال فيه ايضا:
صنتني حين كان هذا وذا ** يبغي هوائي فقلت في وقفة..لا من القصائد الغنائية التي كتبها فقيد الفن صالح مهدي:

«يا ناعس الطرف» و«حبيته وعذبني» لياسين فارع، و«احلف بحسنك» لمحمد عبده زيدي. و«اعطني ياطير» لعبد الرحمن باجنيد، و«يواعدني وينساني» لعبدالكريم توفيق.

ومن قصائده: «يقولوا لي نسي حبك»، و«على الحسيني سلام»، و«ليه ياهذا الجميل» وقصائد أخرى,(لمزيد من التفاصيل راجع حلقة «رجال في ذاكرة التاريخ» العدد 3972 2003/9/14م).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى