المكلا .. أزمة متجددة ومعاناة متفاقمة

> «الأيام» وليد محمود التميمي:

> لم تعد كلمات الاعتذار الرسمية أو عبارات التوضيح والتنصل من المسئولية تلقى القبول أو الاستيعاب عند أهالي وسكان مدينة المكلا، التي عاشت وما تزال موسما متدثرا بالسواد شهدت خلاله تسارعا دراماتيكيا في وتيرة الأحداث على صعيدين متصلين، الأول تمثل في استمرار تفاقم ظاهرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني لتتجاوز الضعف، والثاني اتساع مساحة انقطاعات التيار الكهربائي في غمرة أيام شديدة الرطوبة وصيف حار أقل ما يطلق عليه أنه ملتهب، لتتجاوز في أحياء متفرقة من المدينة التي تسمى مجازا (درة حضرموت واليمن وعروس البحر العربي) أكثر من 12 ساعة قبل أيام نتيجة أعطاب فنية في المولدات والكابلات الكهربائية الأرضية.

وإذا ما سلمنا عقولنا عنوة أو طواعية للادعاءات المزيفة التي تصر على أن الغلاء الفاحش ظاهرة عالمية يرزح تحت وطأتها بنو البشر في بقاع المعمورة كافة، فدعونا إذاً في هذا المقال نستجلي فقط ملامح النصف الآخر من الصورة القاتمة التي تروي واقع حال مدينة بات البؤس يسيطر على أركانها، ومن تلك الزاوية الضيقة نجد أنه قد مضى أكثر من عامين والمسلسل التراجيدي لتدهور أوضاع الكهرباء مازال جاثما على الصدور، فترة زمنية برهنت على أن الأخبار المفبركة والإشاعات المغرضة التي بثتها الأجهزة الإعلامية في تلك المرحلة معلنة عن وصول محطات إسعافية لتدارك الوضع المتردي وإنقاذ ما يمكن إنقاذه لم تكن إلا محاولة يائسة للضحك على ذقون المواطنين والاستخفاف بهم وذر الرماد في عيونهم، فكم من خبر زف على مسامعنا عبر الأثير، وتهافتت على نشره الصحف السيارة، لنكتشف ونحن نتتبع أثره أنه كان مجرد أكذوبة رخيصة ابتدعتها السلطة لتمرر ألاعيبها ومشاريعها وتشرعن ممارسته في عقولنا وأفكارنا المصابة بداء التسطيح واللامبالاة. لكم فقط أن تتصوروا في هذه الأيام ونحن نعيش في عز موسم القيظ.. حجم المعاناة وحياة القهر والنكد التي يتجرع مرارتها رجل كهل وامرأة عجوز وشاب مريض وطفل رضيع يسكنون تحت أسقف منازل في حي قطع عنه التيار لأكثر من يوم أو نصف يوم، حيث يضطر الأب المتعب والفتى المنهك إلى افتراش ممرات الشوارع والأزقة بحثا عن ملاذ للراحة وفرصة للنوم فيما تكابد الأم المرهقة والطالب المقبل والطالبة المتحفزة لخوض غمار الامتحانات النهائية حرارة الطقس ومشاعرهم ملؤها القهر والآلام، وهم يقبعون في دهاليز بيوتات صبت عليها أشعة الشمس الحارقة جام لهيبها طوال ساعات الصبح والنهار، لتحول جدرانها مساء إلى أسطح أفران تستعر من الداخل لتكوي بشظايا نارها ساكني الدار وتحول حياتهم إلى كتلة من جحيم. ويخطئ من يعتقد أن تجاوز مشكلة تردي أوضاع الطاقة الكهربائية في مدينة المكلا وحضرموت الساحل ككل ينحصر بمجرد نصب مولد أو مولدين كهربائيين قوة 20 ميجا، فهذا مجرد حل إسعافي للازمة قصير الأمد، يندرج ضمن مجموعة حلول تستدعي أولا إعداد دراسة خاصة بوضعية المولدات الحالية وحاجة المحافظة من الطاقة مستقبلا، واستبدال شبكة خطوط وكابلات الكهرباء المتهالكة في عموم الأحياء السكنية وتطوير قسم الطوارئ التابع لمؤسسة الكهرباء من خلال تزويده بالآليات والمعدات المطلوبة وعدم الاكتفاء بسيارة أو سيارتين وإحلال كادر فني متخصص عوضا عن الموظفين الحاليين الذين يتعاملون مع شكاوى المواطنين بدم بارد وبدون أي إحساس بوخز المسئولية وتبعاتها، إضافة إلى عدم تمتعهم بالخبرة والدارية الكافية في مجال عملهم، على أن تتوخى الهيئة الإدارية بالمجلس المحلي بالمحافظة والمديرية بالتنسيق مع مؤسسة الكهرباء عدم الإسراف، والالتزام بالخطط العلمية لا العشوائية في صرف تصاريح وأوامر نشر أعمدة الكهرباء ومد التيار إلى مناطق غير مأهولة بالسكان أو حتى إرساء مصادر إنارة وسط الأحياء المزدحمة تظل تشتعل بالتيار بينما المنازل تستعر بحر شديد وتسبح في بحر من الظلمات والليل البهيم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى