موظفو الجامعات في ميزان العدل والمساواة المختل!!

> «الأيام» صالح سعيد بامطرف:

> أخذت بالاهتمام في كتاباتي بالصحافة المحلية قضايا العاملين بالجامعات اليمنية وظروف العمل في أعلى مؤسسات التعليم العالي بالبلاد.. ويمكن النظر لذلك في صحيفة «الأيام» العدد (4511) بتاريخ 29/10/2003م الموضوع بعنوان (موظفو الجامعات وواقع حالهم اليوم) وصحيفة «الوسط» العدد (18) 20 سبتمبر 2006م بعنوان (الجامعات اليمنية والنهوض بتطوير أوضاعها).

وحيث إن مجلس التنسيق لنقابات العمال بالجامعات اليمنية قد أقر في اجتماعه الاستثنائي المنعقد في صنعاء بتاريخ 2007/5/27م تنظيم الإضراب كأحد الأساليب الناجعة والقانونية لانتزاع حقوق العمال المشروعة، فأرى أنه من الأهمية بمكان إيضاح وتفنيد الأسباب المتعلقة بهذا الإضراب والأسس القانونية التي يستند عليها وإيضاح المتابعات الطويلة التي تم القيام بها لنيل مثل هذه الحقوق دون أن تلقى آذانا صاغية في حين تتم الاستجابة السريعة لمطالب أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، التي لايمكن إغفال أحقيتها ومباركتها لهم .. إلا أن ما هو حادث هو التمييز في التعامل مع مكونات منتسبي الجامعات.

ميزان العدل المختل

استحقاق %20 بدل غلاء معيشة صرفت لكافة موظفي الدولة منذ أبريل 1999 م.

فجعت لمعرفتي بأنه صدر قرار للمحكمة العليا بالجمهورية بالنقض لقرارات (المحكمة الابتدائية والاستثنائية التي قضت بإلزام وزارة المالية بصرف هذا الاستحقاق للعاملين).

وللأسف الشديد فقد أتى هذا القرار استجابة للمطالب المستعجلة لممثلي الحكومة وهي تفاوض مجلس التنسيق حول مطالبه ومنها استحقاق ليكن قرار المحكمة دليلاً على اختلال ميزان العدل وإلا كيف يمكن صدور مثل هذا القرار دون أخذ الأسباب السليمة والواضحة التي أخذت بها المحاكم الابتدائية والاستئنافية ونحددها بالآتي:

-1 صدر قرار المحكمة الابتدائية بصنعاء بناء على القضية المقدمة إليها من المعلمين حول استحقاق مدرسي التربية والتعليم بدل %20 غلاء معيشة.. وتم صرف هذا الاستحقاق من قبل وزارة المالية للمدرسين بالتربية والتعليم الذين استثناهم قرار مجلس الوزراء عند الإصدار.

-2 رسالة الأخ أ. د يحيى محمد الشعيبي وزير التعليم العالي والبحث العلمي بتاريخ

2002/12/18م إلى دولة الأخ عبد القادرعبد الرحمن باجمال رئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس الأعلى للجامعات، التي أكد فيها ضرورة صرف تلك البدل للأخوة موظفي الجامعات اليمنية لنفس الفترة أسوة بمنتسبي وزارة التربية، مع العلم بأنه صدرت عدة توجيهات من رئاسة الوزراء بصرف هذه البدل ولكن لم يتم تنفيذ شيء منها.

-3 رسالة الأخ الأستاذ عبد الرحمن باجمال عبد القادر رئيس مجلس الوزراء رقم 174/26 بتاريخ 2003/1/11م إلى الأخ نائب رئيس الوزراء وزير المالية بالاستناد إلى رسالة وزير التعليم العالي والبحث العلمي بتاريخ 2002/12/18م طالباً منه الاطلاع والتوجيه بصرف بدل غلاء المعيشة 20 % لموظفي الجامعات اليمنية أسوة بمنتسبي وزارة التربية والتعليم.

-4 رسالة الأخ الأستاذ عبد الرحمن عبد القادر باجمال رئيس مجلس الوزراء رقم 1129/26 بتاريخ 2005/3/22م الموجهة للأخ نائب رئيس الوزراء وزير المالية التي ورد فيها (مرفق بهذا صورة من الأولويات المتعلقة بالحكم الصادر بشأن قضية الـ 20 % التي صرفت لموظفي الدولة عام 1999م وحرم منها العاملون بالجامعات اليمنية وكما هو موضح بالمرفقات للاطلاع والتوجيه بتنفيذ حكم المحكمة الصادر بهذا الشأن).

إذا كانت الحكومة نفسها من خلال ما بيناه سابقاً تعترف بهذا الحق وتوجه بتنفيذه.

فأين يكمن الخلل، عند الحكومة أم عند القضاء وخاصة المحكمة العليا التي نقضت أحكاماً واضحة لمحاكمها الابتدائية والاستثنائية ومستندة فيها على تعامل محكمة ابتدائية مع نفس الحق، وتوجيهات الحكومة واعترافها المعلن بذلك دون خوضنا في السرائر لربط الأقوال بالأفعال التي نجدها ايضاً واضحة في هذا الظلم المستوحش الذي لا نرى فيه إلا عاملاً إضافياً من عوامل هضم الحقوق وتعميق الشروخ الاجتماعية داخل الجامعات وفي إطار المجتمع.

لا يمكن السكوت على هذا الظلم بل الواجب تصعيد هذه المطالب ورفع درجة الإضراب العام للاستجابة للحق.

الجهاز الإداري والفني بالجامعات بين مطرقة القانون وسندان اللائحة

قانون الجامعات اليمنية :

إن كافة جوانب معاناة الجهاز الأداري والفني بالجامعات اليمنية تتصل بشكل وثيق بقانون الجامعات اليمنية رقم (18) لسنة 1995م وتعديلاته، وهذا ما وضحته رسالة رؤساء الجامعات اليمنية الحكومية الموضحة للأخ د.عبد الكريم الارياني رئيس مجلس الوزراء في عام 1996م والتي ورد فيها:

(إن تعديل القانون أغفل الجانب الإداري والفني واقتصر على معالجة الجانب الأكاديمي مما يؤثر سلبياً على سير الأعمال في الجامعات وزيادة في الفجوة بين الجهازين الأكاديمي والإداري.. وانطلاقاً من المصلحة العامة للجامعات وحرصاً منا على النهوض والتجديد في أداء الجامعات كي تستطيع الوصول إلى مستوى التعليم النوعي المطلوب تم تأييد التعديلات من الجامعات وقدمت إلى وزارة الشؤون القانونية بمذكرة رقم 6352 بتاريخ 1996/12/4م وهذا يمكن بيان تجلياته من خلال الآتي:

-1 ففي مجال التمييز بين مكونات منتسبي الجامعات من أكاديمية وإدارية نجد أن المادة رقم (14) من القانون أسست لذلك حيث ورد فيها (تكون لرئيس الجامعة صلاحيات الوزير المنصوص عليها في اللوائح والقوانين لموظفي الدولة بالنسبة إلى الموظفين من غير أعضاء هيئة التدريس).

-2 أما الشكل الآخر لازدواجية المعايير في التعامل مع هذا القانون للجامعات اليمنية الحكومية فتبين من خلال عدم تفعيل تطبيق المادة (59) من القانون التي تنص على (يساعد رئيس الجامعة نوابه والامين العام في تنفيذ السياسة العامة للجامعة جهاز اداري وفني يتحدد حجمه وهيكله واختصاصه وصلاحياته وفقاً لكادر خاص بهم تنظمه اللائحة التنفيذية للقانون).

ففي حين تم تفعيل المادة (58) من هذا القانون لإصدار قرار مجلس الوزراء رقم (238) لسنة 1998م بشأن نظام وظائف وأجور أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم وتضمينها في اللائحة التنظيمية الصادرة اخيراً من رئيس الجمهورية بناء على قرار مجلس الوزراء لهذه اللائحة في 2006/11/7م وكافة الجهود التي بذلها مجلس تنسيق النقابات للعاملين بالجامعات اليمنية الهادفة تفعيل مجلس الوزراء لهذه المادة (59) من القانون لصالح الجهاز الاداري والفني بالجامعات والمتمثلة بالخطوات الآتية:

- تم عرض موضوع مشروع كادر لموظفي الجامعات اليمنية وجلسته المنعقدة بتاريخ 2001/6/18م (الموضوع الثاني عشر) وأقر تشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية حينها وعضوية الاخوة وزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير الخدمة المدنية والتأمينات ورئيس مجلس التنسيق لنقابات العاملين بالجامعات اليمنية وتم عقد عدد من الاجتماعات وتقديم عدد من المقترحات التي لم تنفذ.

- تم الاضراب الشامل للموظفين في عام 2001م للمطالبة بتفعيل المادة (59) من القانون وصرف بدل غلاء معيشة %20.. وتم رفع شكوى اثناء الاضراب الى رئاسة مجلس النواب وتم تحرير مذكرة من قبل الاخ عبدالقادر باجمال رئيس مجلس الوزراء يطلب فيها تفعيل عمل اللجنة المشكلة الخاصة بغية تنفيذ المادة (59).

- احاطة كافة الجهات ذات الاختصاص بالمتابعات حول استصدار قرار تنفيذي لهذه المادة ابتداء بمجلس الوزراء ومجلس النواب وكافة الوزارات ذات الاختصاص الا ان ذلك لم يجد آذانا صاغية للتفهم والتطبيق.

اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات:

الامر الذي شكل نكسة اضافية لموظفي الجامعات هو اصدار اللائحة التنفيذية للقانون التي أتت لتزيد من طابع التمايز في اطار الجامعات والتي اتسمت هي الاخرى من حيث مضمونها بالسمات الآتية:

- اصدارها دون الأخذ بكافة الآراء والمقترحات التي تقدم بها مجلس تنسيق النقابات الى كل من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والمجلس الاعلى للجامعات ووزارة الشؤون القانونية وكافة الجهات ذات الاختصاص ومنها ما جاء في رسالة الاخ مدير مكتب رئاسة الجمهورية رقم (684) بتاريخ 2006/3/29م الموجهة للاخ رئيس مجلس الوزراء عبد القادر باجمال بشان التظلم المرفوع للاخ رئيس الجمهورية من مجلس التنسيق حول مشروع اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات ورسالة الاخ رئيس مجلس الوزراء الموجهة للاخوين وزير الخدمة المدنية والتأمينات ووزير التعليم العالي والبحث العلمي حول هذا الموضوع رقم رو 1245/12 بتاريخ 2006/4/8 م .

-اعتصام أعضاء مجلس التنسيق لنقابات العاملين بالجامعات اليمنية أمام مجلس النواب بتاريخ 2006/11/22 م وعقد اجتماع للجنة التعليم العالي في مجلس النواب وحضور الاخ الدكتور صالح علي باصرة، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتوجيه الاخ يحيى الراعي، نائب رئيس مجلس النواب مذكرة للاخ رئيس مجلس الوزراء حول ملاحظات مجلس التنسيق على اللائحة للاطلاع وإجراء التعديلات .

ورغم كل هذه الجهود والتوجيهات فقد صدرت من قبل الاخ ريئس الجمهورية دون الاخذ بتوجيهات الجهات ذات الاختصاص في موقف يدل على عدم الانسجام والتوافق بين ما يتم الاتفاق عليه وما يتم العمل به وتطبيقه على الواقع.

فماذا ستحدث اللائحة!؟ وما الذي ستعكسه عند التطبيق لها بالنسبة للتعامل مع القانون أو تجاه مطالب العاملين وحقوقهم .

ويمكن اضافة الى ما تم ايضاحه تبيان العديد من الاختلالات:

- فاللائحة مثلاً أتت على المادة (14) من القانون وتجسيدها (106) منها فوضعتها باتجاه مخالف لما جاء في المادة (59) من القانون حيث ورد فيها «يكون للجامعات جهاز اداري وفني من الموظفين الخاضعين لأحكام الخدمة المدنية يتحدد حجمه وهيكلته واختصاصه وفقاً لنظام خاص (وليس كادر خاص)» في حين أن المادة 59 لم تقل ان مثل هذا الكادر تنظمه وزارة الخدمة المدنية مما يدل على ايجاد فواصل في تطبيق القانون من خلال اخضاع الاكاديميين بالجامعات لنظام خاص لا يخضع للخدمة المدنية وإخضاع الجهاز الاداري والفني لنظام الخدمة المدنية مما يحول الموظفين بالجامعات إلى قوة يمكن التصرف معها كموظفين يتبعون للخدمة المدنية وليس للجامعات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وهذا يتناقض ويتنافى مع روح الدستور والقانون وطابع الوظيفة في مؤسسة تعليمية واحدة، ففي حين يمكن القول باختلاف نظام البدلات وفقاً لمتطلبات الخدمة وطابع العمل أكاديمي او اداري الا أنه لا يمكن القبول بذلك في اطار الوظيفة بالجامعات.. إذاً ما العمل أمام مجلس التنسيق لنقابات العمال بالجامعات اليمنية الحكومية في ظل هذا الوضع الذي يتسم بالتعقيد وعدم الاستجابة لمطالبه المشروعة والقانونية والتي بينها اعتراف كافة الجهات بمشروعيتها في حين ان ما يتم على الواقع هو عدم التعاطي الايجابي معها في اتخاذ قرارت لصالح الجهاز الاداري والفني.

مقترحات للعمل

أولا:- الاهتمام الاكبر بالجوانب القانونية وتقديم تصور قانوني متكامل لإصدار قانون جديد للجامعات اليمنية يكون مصححاً ومعدلاً لكل النواقص في القانون رقم (18) لعام 1995 م وتعديلاته .

ثانياً: العمل على متابعة تطبيق المادة(59) من هذا القانون والمادة(106) باللائحة التنفيذية حول اصدار كادر خاص ينظم من خلاله حجم الجهاز الإداري والمالي وهيكله واختصاصاته.

ثالثاً :- بالتناسق مع ماجاء في ثانياً المتابعة لوزارة التعليم العالي والبحت العلمي لتفعيل المادة (107) في اللائحة بإصدار الوزير لائحة اختصاصات ومهام مجالس الاقسام غير الاكاديمية للجامعة والكليات وشروط تعيين رؤسائها .وايضاً المادة (105) من اللائحة التي تؤكد على ان يكون بنية تنظيمية اكاديمية وادارية موحدة في مسمياتها وفق للنظام الصادر بقرار من رئيس الوزراءعلى عرض الوزير وموافقة المجلس الاعلى ...وهذه المواد ممكن الاستناد عليها في اطار المطالبة باصدار القانةن الجديد للجامعات ليستوعب حقوق كافة منتسبي الجامعات وكما انه من الاهمية ان يساهم مجلس التنسيق في العمل على اصدار قانون وزارة التعليم العتالي وفروعها بالجامعات.....وفي الاخير فإن تحقيق المطالب التي من أجلها شرع موظفو الجامعات في اضرابهم يتوقف على مدى تلاحمهم وتفاعلهم مع خطة الاضراب العام وعدم السماح للعابثين بالتفريق بينهم، والتفاهم مع مجلس التنسيق الذي يعبر عن حقوقهم ومطالبهم .

كما ان عليهم الاهتمام بوسائل الإعلام وإعلامهم عن سير اضرابهم وتوضيح مدى اسجابة وتفاعل الجهات ذات الاختصاص مع مطالبهم وايجاد أشكال من العمل التضامني بالجامعات،ومع كافة منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والقانونية والعمل مع اتحاد عام نقابات العمال لإيجاد موقف تجاه مطالبهم باعتبارهم جزءاً من مكوناته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى