شر البلية

> محمد عبدالله الموس:

> لا ندري سبيلاً يوصل الإحساس إلى من يعنيه الأمر، وفي المقدمة منهم ذلك الجسم العليل المسمى (حكومة) هذا الكيان المهلهل الذي أوصل الناس، وخصوصاً في محافظات الجنوب، إلى وضع أقرب إلى كونه درجة من درجات التسول من خلال الإفقار الجماعي، وصل الناس فيه إلى بيع مدخراتهم الثمينة، واستبدل معظم المتقاعدين - إن لم يكن جميعهم- ربع معاشاتهم بانتظار تحسن الحال الذي لا يأتي، نقول لا ندري سبيلاً سوى الصحف والاعتصام السلمي الذي يراه البعض خروجا عن الإذعان المطلوب.

عودتنا حكومتنا الموقرة على قول ما لا تفعل، وعلى وعود لا تتحقق، وهي فوق هذا وذاك تستجيب للاستغاثات والتظلمات والمناشدات التي تعج بها الصحف والمطبوعات بما فيها مطبوعات (بئر السلم) المسماة مجازاً (صحفاً) لدرجة أن أصبحنا جديرين بلقب (وطن المناشدات)، أما أن ينفي وزيراً علمه بكارثية سياسات وزارته فهذه جديدة.

وزير الخدمة المدنية في مقابلة مع صحيفة «الأيام» (العدد 5137 الصادر في 2007/7/5م) يقول «من سرحوا أو أجبروا على التقاعد أقول ليس هناك شيء يجبر أيا كان على التقاعد وإذا كان هناك أي موظف عسكري أو مدني أحيل على التقاعد قبل بلوغه التقاعد، فإن هذا وضع غير قانوني ينبغي أن يراجع (...) لكن نحن نسمع جعجعة ولا نرى طحنا (ضعوا ألف خط تحت عبارة لا يرى طحناً)، من هذا الذي قال: أنا لم أبلغ أجل التقاعد وأنتم أحلتموني قبل موعدي، وأنا وزير الخدمة المدنية لم يأت أحد وقدم لي ورقة وقال لماذا أحلتموني على التقاعد، وأنا أسمع فقط وأقرأ في الصحف، لماذا لم يأت إلي كشف فيه مائة موظف أو مائتين أو ألف أو ألفان ويقول وعنده دليل (...) إننا أحلناه إلى التقاعد قسراً قبل بلوغ الأجل القانوني للتقاعد، وسنقول له عد إلى الوظيفة وتسلم كافة حقوقك»!!!

للوهلة الأولى اعتقدت أن معالي الوزير يتحدث عن بلد آخر غير اليمن أو ربما معاليه يتحدث عن صنعاء فقط، كيف لا يدري عن تقاعد تعسفي (مبكر) شمل آلافاً من أبناء سبع محافظات جنوبية، وكيف لا يعتد بما تقوله الصحف حول هذه المسألة؟ ألا يعلم معاليه أن لديه صناديق للعمالة الفائضة يتكدس فيها كل موظفي المؤسسات العامة في الجنوب والتي آلت في معظمها إلى المؤسسة الاقتصادية العسكرية، التي ورثت أراضي ومنشآت هذه المؤسسات ورمت بعمالتها إلى صناديق الخدمة المدنية (علما أن هذه المؤسسة الاقتصادية لا يوجد في قيادتها أو قيادات فروعها جنوبي واحد) ألا يعلم معاليه أن كل موظفي دولة الجنوب (سابقاً) قد أصبحوا (خليك في البيت وتقاعد قبل الأوان وفائض عن الحاجة)؟ ألا يعلم باللجان التي تنزل من وزارته تحمل للناس في الجنوب خيارين لا ثالث لهما، إما تعويضاً مادياً عن خدمتهم يقل عن تكلفة مأدبة من إياها و(يخارجوا أنفسهم) أو القبول بمعاش مبكر، ولا يدفع الراتب إلا بعد الاختيار؟ ألا يعلم معاليه أن الناس في محافظات الجنوب لا يملكون القدرة المادية للوصول إلى معاليه في صنعاء وأن لديه مكاتب في المحافظات تنفق عليها أموال طائلة يمكن أن تجنب الناس مشقة الاستجداء عند مكاتب الوزراء وبيوتهم في صنعاء؟ ألا يعلم بالطرفة الشهيرة في الجنوب التي تصف الحال بعد 1994م حين يقول أحد المتقاعدين لوالده، قبل أن يعود للنوم: «عند عودتك من عملك هات معاشي معاك وكمل عليه وادفع فاتورة الكهرباء»؟!! حتى سنن الطبيعة قلبتها استراتيجياتكم وأصبح الابن متقاعدا والأب مازال يعمل.

قالوا قديماً إن شر البلية ما يضحك، فنحن يا معالي الوزير تعودنا الوعود الحكومية التي لا تتحقق، وتعودنا السماع عن استراتيجيات (لا جعجعة لها ولا طحين) بقدر طحنها للناس وتحويلهم للعمل بالسخرة، إذ هل يقبل عقل أن يحدد الحد الأدنى للأجور بما لا يعيل فرداً ناهيك عن بيت وأسرة.

من حقنا أن نستكثر أن تنكروا علمكم بما يعصف بالناس خارج أسوار صنعاء، ومع ذلك هذا بلاغ بين يدي معاليكم، والقاعدة المركزية للبيانات لديكم تشتمل على عشرات الآلاف من حالات التقاعد التعسفي الذي يسمى في وثائقكم بالمبكر، وعودوا إلى الحق فالعودة إليه فضيلة بدلاً أن ينكر أحدهم على الناس الحق في رفض التعسف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى