فن السعادة

> «الأيام» غادة سامي النخعي:

> فن السعادة هو أهم فنون الحياة على الاطلاق، فهو بمثابة الهدف الذي نبتغيه من جميع فنونها الاخرى، فنحن نسعى مثلاً إلى إتقان العمل وفن الحب وفن الزواج وفن الحياة العائلية وفن الصداقة والقصد من كل هذا هو أن نكون سعداء.

والسعادة حالة نفسية أو بمعنى آخر «السعادة كرة نجري وراءها مادامت تجري وندفعها بعيداً عن أقدامنا حين تقف».

فالسعادة إذا وليدة الإرادة فهي قرار نصدره بمحض إرادتنا لنضع نهاية للندم غير المجدي والأماني الضائعة فنعيش لشيء أكبر من مجرد انفسنا، أو لا نحصر تفكيرنا في أنفسنا، وبعض الناس يعيشون تعساء لأسباب تافهة جداً ويسمحون للتوافه بأن تحول حياتهم إلى جحيم.

أعرف سيدة يجافيها النوم ليالي عدة إذا أضاعت خاتماً أو فقدت مبلغاً من المال أو كسرت إحدى الخادمات «طبقاً» وبالطبع تتحول حياة من حولها إلى جحيم أيضاً.

طبيعي أن نحزن أو نضيق لفقد شيء ثمين أو انتهاء علاقة حميمة أو لغدر صديق لكنها ليست النهاية وكلها أمور في الإمكان تعويضها أو استبدالها بالافضل وليست هناك تجربة نخرج منها بفائدة على نحو ما.

كنت أتفاخر بصديقة مغتربة وأشيد بأمانتها والخدمات التي تقدمها بلا تذمر، فهي سائقة ومرشدة سياحية وفي إمكانها تسهيل كل الصعوبات في البلد الأوروبي الذي تقيم فيه، وكنت ألتقيها كلما سافرت وتكاد تقيم معي وأرسل إليها كل معارفي الذين كانوا يتحفظون في الحديث عنها بعد عودتهم. العام الماضي سافرت إليها وكالعادة جاءت للبقاء معي ولأول مرة بدأت اتنبه لاختفاء مبالغ كبيرة من النقود وإلى أمور أخرى لم أكن أتوقف عندها، أردت اختبارها، تركت خاتماً ثميناً جداً في مكان ظاهر وغبت دقائق وحين عدت كان قد اختفى. انتهت العلاقة طبعاً، خسرت الكثير طوال سنوات، كان الأهم حبي الكبير لها، قلت في نفسي لابأس أنني أتعلم ببطء لكنني اتعلم فلا داعي للندم وفقدان الثقة بالآخرين.

أمور مثل هذه تحدث، وقد تحدث التعاسة لأمد طويل، وليست السعادة في ان يظفر المرء بالكثير بقدر ما هي أن يقنع بالقليل ويتعلم من الكثير، فالسعادة هي «بضاعة تبيعنا إياها الطبيعة بثمن غال» علينا أن ندفع الثمن بسرور، نحن نبتغي ان نكون أسعد من الآخرين وهذا أمر يكون غالباً صعب المنال لأننا دائماً نظن الآخرين أسعد حالاً مما هم عليه في الواقع وما اصعب أن ننظر إلى السعادة في عيون الآخرين، والإنسان هو صانع سعادته أو شقائه، والحياة السعيدة في راحة البال، وأسعد الناس من يقدّر فضائل الآخرين ويفرح لأفراحهم كما لو كانت أفراحه هو، والسعادة أيضاً تنمو إلى جوارنا ولاتُلتقط من حدائق الغرباء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى