تلفزيون عدن وهاجس الخوف من تدميره

> «الأيام» علي محمد يحيى:

> تناهي إلى مسامع بعضنا في هذه المحافظة التي تكاد تكون منكوبة بضغينة بعض ضعاف النفوس الذين يظنون أنفسهم من مستوزري السلطة تزلفاً، مما يدور في دهاليز وأروقة مبنى تلفزيون القناة الثانية عدن من الأخبار السيئة ونرجو الله أن لا تكون صحيحة عما يضمره هؤلاء الكارهون ممن لا يبغون صلاحاً أو خيراً لهذة المحافظة العظيمة- ثغر اليمن عدن- إذ إنهم كما يتردد يحضرون لمكيدة عظيمة- الله يردها إلى نحورهم لو صحت- وهي وأد القناة الثانية (تلفزيون عدن)، وإسكاتها إلى الأبد بعد طول تاريخ حافل ومشرف لا ينكره إلا هؤلاء ضعاف الأنفس. وأد هذه القناة بعد ثلاث وأربعين من السنين حملت خلالها مشاعل وقوابيس الوعي والمعرفة والثقافة والتحضر، وحجتهم في ذلك كما أشيع إنما هو حرصهم على مكانة عدن الاقتصادية والسياحية، بعد أن كنا قد نسينا كذبتهم السوداء السابقة بتسميتها العاصمة الاقتصادية والتجارية ضحكاً وابتزازاً لأبناء هذه المحافظة الفاضلة لغرض في نفس يعقوب. فإذا بهم اليوم يعاودون الكذب المنمق بأن ينشئوا قناة للاقتصاد والسياحة في الوقت الذي لم يعد هناك لا اقتصاد ولا سياحة. ولم يدر بخلدهم أن الناس جميعاً باتوا يدركون مآربهم السيئة التي هي في الأساس محو هذه القناة من الوجود واستبدالها بمسمى زائف.. كيف لا والتاريخ القريب الذي مازالت صوره عالقة في الأذهان والذاكرة يؤكد سوء النوايا هذه، بدءاً بسحب آلاف مؤلفة من الأشرطة التلفزيونية المتنوعة والنادرة حملتها الشاحنات نهاراً جهاراً من المخازن الخلفية لمبنى التلفزيون، وهي من كنوز مكتبة التلفزيون السينمائية (الفيلمية) وأشرطة الفيديو بمختلف مقاساته تحت مبرر ترميمها ونقلها إلى أنظمة جديدة غير متوفرة في تلفزيون عدن، ولا يغيب عني أن أشير إلى أهمها وهي أشرطة فيلمية إخبارية قصيرة نادرة جداً تعد (بالآلاف) يرجع عمرها إلى بدء تأسيس التلفزيون في الستينات من إنتاج شركه (VIS NEWS) الإخبارية البريطانية وأفلام سينمائية مصرية كثير منها عن بدايات السينما المصرية وهي لا تقدر بثمن وأفلام من سينما أوروبا الشرقية لروايات عالمية عدا تلك الأشرطة الفيلمية لأولى محاولات مدينة عدن في إنتاج الفيلم السينمائي و أهمها فيلم «من الكوخ إلى القصر» الفيلم الروائي العدني (بنسخته الوحيدة) الذي أنتجه وأخرجه الفنان الراحل المخرج جعفر بهري في بداية السبعينات وأفلام تلفزيونية أخرى للأستاذ أشرف جرجرة وحسين الحريبي وعلوي علي وغيرهم لا تسعفني الذاكرة في الإشارة إليهم.

ومن المضحك المبكي في آن - وهو امتداد طبيعي لسوء النوايا - أذكر القارئ الكريم أنه في إحدى مسابقات شهر رمضان الكريم الماضي من تلفزيون القناة الفضائية حصل مواطن على جائزة قيمتها عشرون ألف ريال عن أحد أسئلتها وهو ذكر عام تأسيس أول إرسال تلفزيوني في اليمن.. فكانت الإجابة «عام 1975م» وهو عام تأسيس تلفزيون صنعاء الذي افتتح بعد 11 عاماً من بث تلفزيون عدن، وكأنه لم يعد يذكر قوافل المخرجين والفنيين برئاسة طيب الذكر الراحل الأستاذ علوي السقاف عندما توجهت تلك القوافل لتلبية نداء أخوتهم في صنعاء للقيام بتدريبهم في مختلف المجالات التقنية والإبداعية.وفي العهد القريب لم نزل نتذكر القرار المتسرع بعد جلسة القات الشهيرة في عدن حين بادر وزير الإعلام حينها بقراره العشوائي، الذي لم يكن أحد من جلسائه حينها يعلم ما كان وراءه، بتغيير اسم القناة الثانية عدن إلى قناة 22 مايو اعتقاداً أن هذه التسمية هي مثل (التابو) لا يمكن لأحد أن يبدي بشأنها أية ملاحظات، ومع هذا لم تدم التسمية الجديدة طويلاً للالتزامات الخطيرة المتوجب عليهم تنفيذها لاستمرارها، فعادت (حليمة لتسميتها القديمة).

ومع كل هذه التصرفات غير المسؤولة وغير الواضحة على مدى السنوات العشر الماضيات التي توجس منها شراً الكثيرون من العاملين في التلفزيون وعلى وجه الخصوص قياداتها بدءاً بما كان منها استخدام (نظرية) العصا والجزرة، وأخرى بعدم كفاءة البعض منهم أو تلك المتوعدة بالإحالة إلى التقاعد وغيرها من الوسائل كثيرة، فإذا بخاتمة المطاف (إشاعة) تحويل تلفزيون عدن إلى قناة اقتصادية وسياحية وهي الصورة المثالية الظاهرية أما النوايا الخفية في حالة صحتها فهي كما لا يشك أحد أبداً، أولاً الاستيلاء على كنوز مكتبة تلفزيون عدن وأرشيفها ومحتوياتها وتفريغها منها، وهي التي تمثل إرثاً لإحدى محطات التلفزيون الأولى في الجزيرة العربية وشمالها وهو تراث يجب أن لا يمس، فكيف إذا كانت النوايا محوه من أسفار الجغرافيا والتاريخ باستئصاله.

أما إذا أرادوا قناة مختصة بالسياحة والاقتصاد فلتكن قناة أخرى مستقلة لإثبات صحة النوايا، ولا بأس من أن يستفاد من بعض كوادر تلفزيون عدن وهم أصحاب كفاءة مشهود لهم، وبالله العون لسداد الأمور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى