إنه أحد فئران تجارب الوحدة..!!

> علي الذرحاني:

> لعل بعض الحزبيين أو السياسيين أو المثقفين أو الأدباء والكتاب والفنانين والصحفيين وبعض أهالي مدينة عدن البسطاء الطيبين ممن يقرأون صحيفة «الأيام» قد تساءلوا عن هوية وانتماء هذا الشخص الذي تنشر له صحيفة «الأيام» بين الفينة والأخرى بعض مساهماته الصحفية على صدر صفحتها الأخيرة عن الوحدة وقضايا اجتماعية وسياسية وثقافية أخرى، فظن البعض أنه محسوب على السلطة أو النظام أو على حزب من الأحزاب أو أنه من المقربين لأسرة تحرير صحيفة «الأيام» ولم يخطر ببالهم أن هذه الصحيفة الحرة المستقلة الجريئة والصادقة ليست حزبية ولا فئوية أو مناطقية ولا شرقية أو غربية بل هي صحيفة كل أبناء هذا الوطن الكبير والمنبر الحر لكل شرائحه المختلفة. وهذا الشخص الذي تساءل الناس عن هويته وانتمائه الحزبي أو الايديولوجي إن كان له انتماء لحزب أو أيديولوجيا هو أحد فئران تجارب الوحدة أو بمعنى أصح هو أحد الكوادر الفنية الذين انتقلوا من صنعاء للعمل في فرع وزارة الإعلام والثقافة بعدن بداية الوحدة المباركة، وكان الهدف من ذلك هو تحقيق اندماج حقيقي لابن الشمال مع ابن الجنوب على أرضية جديدة اسمها وطن 22 مايو 90م أو الجمهورية اليمنية، وكان الهدف من ذلك أيضاً هو تجسيد الوحدة حتى تنطمس ثقافة الجبلي جبلي والسواحلي سواحلي والشمال شمال والجنوب جنوب والشرق شرق والغرب غرب لا يلتقيان كما قال أحد المستشرقين من أصحاب المركزية الأوروبية الغربية.

ومرت الأيام على هذا الكادر الفني والمدرس في معهد جميل غانم للفنون الجميلة بكريتر، عاشها بحلوها ومرها مع أهالي هذه المدينة الساحلية الطيب أهلها.. حراً مستقلاً ولاؤه لله وحده، ثم لعامة المسلمين ولانتمائه الوطني والقومي والإنساني، ولم يكن في يوم ما محسوباً على أحد أو مطية لجهة محددة أو قبيلة معينة أو حزب بذاته، ولم يذق تجربة حزبية أو يشغله هاجس نظرية المؤامرة الناتجة عن الخوف من الاضطهاد والتعذيب ومرارة السجون والمعتقلات التي عاناها الكثير والعديد من المناضلين والأدباء والكتاب والصحفيين والمثقفين.

لقد عاش هذا الكادر الفني مع أهالي هذه المدينة الساحرة وتذوق معهم شتى أنواع المعاناة من أول يوم نزل فيه مروراً بحرب 94 وحصارها الذي لا يشبه حصار صنعاء بالإضافة إلى مكابدة الحياة المعيشية الصعبة التي كادت أن تحوله من فنان تشكيلي مبدع إلى موظف مراجع ولامس هموم ومصاعب وآلام وآمال وطموحات الناس في عدن لدرجة إحساسه بأنه ولد في هذه المدينة التي لم ترتح يوماً واحداً أو تتنفس الصعداء لحظة واحدة، ولم يكتب هذا الشخص عن الوحدة إلا لإيمانه بأنه وحدوي الطبع والتطبع الناتج عن اندماجه في المجتمع العدني الوحدوي الذي يضم الهندي والصومالي ومن كل محافظات الوطن اليمني الكبير، ولأن الوحدة من وجهة نظره هي من أعظم المنجزات، إلا أن الحكومات في ظل هذه الوحدة لم تمض على هدى الأهداف التي قامت من أجلها هذه الوحدة على الوجه الذي يطمح إليه الوحديون الحقيقيون وبشهادة الكثيرين في شمال الوطن قبل جنوبه، فكانت الحرب وكانت الاختلالات والانحرافات وكثر الفساد والمفسدون وكثر سماسرة البسط على الأرض ونهب المال العام والتهميش والتجاهل للناس ولحقوقهم، وحصلت اغتيالات ومصادرة وقمع حريات حتى وصلت الأمور إلى حركة الاحتجاجات والمظاهرات للمتقاعدين والمهمشين والمنفيين وغيرهم، وهذا أمر طبيعي لوضع غير طبيعي كانت بداية تطبيقه على أرض الواقع غير طبيعية، فكانت النتيجة خاطئة، ولا نرد اللوم والخطأ والعيب على الوحدة كمنجز نعتز به بل نرد اللوم على أخطاء النظام الحاكم مع أن الله عز وجل قد تجاوز عن عباده الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، ولكن لا يعني هذا إعفاء هذا النظام من المسؤولية، وعليه أن يستجيب لحقوق الناس ومطالبهم وعليه أن يسعى بكل جهده من أجل تحقيق الحياة الحرة الكريمة لكل أبناء الوطن الكبير دون تمييز، وذلك كان من أهم أهداف قيام الوحدة اليمنية التي وجدت لتبقى ويبقى معها الناس جميعاً ولم توجد لكي تبقى ويهلك معها كل الناس أو بعضهم، بل وجدت لكي تثمر وتزدهر عدلاً وأمناً وسلاماً واستقراراً وتنمية ورفاهية وسعادة ومساواة.

وإلا ما هي العبرة من تنفيذ العدالة في من أزهق النفس التي حرم الله إلا من أجل الحياة.. وبناءً عليه فإنه ينبغي على النظام في ظل الوحدة أن يسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية من أجل الحياة الحرة الكريمة كما ذكرنا آنفاً لا من أجل الموت والقهر والذل .. والحمد لله الذي قدر لي أن أكون أحد فئران تجارب الوحدة ولم أكن من فئران تجارب الانفصال..!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى