كينيا الشرسة تحتضن أجناس العالم بينهم 70 ألف يمني .. مغترب يمني: المواد الأساسية رخيصة فيما الكماليات لانقوى عليها

> «الأيام» عبدالواحد عبدالله:

>
مبنى السفارة اليمنية في نيروبي
مبنى السفارة اليمنية في نيروبي
خلال عشرة ايام مكثناها في نيروبي تعرفنا على اهم المعالم فيها وانصب تركيزنا على ما له علاقة باليمنيين. وكانت السفارة اليمنية في العاصمة الكينية وجهتنا الاولى.

السفارة

شيدت السفارة اليمينة عام 82 بمساهمة أموال المغتربين اليمنيين مع دولة ( ج.ي.د.ش). قيمتها العقارية آنذاك مئة الف دولار امريكي أما اليوم فتبلغ مليون دولار. بني حولها سياج كبير بعد ان تعرضت للسرقة مرتين.

ويقول اليمنيون في نيروبي إن اكبر معاناة وجدها السفير السابق احمد ميسري. ويتذكرون محاولاته في تهدئة الامور بعد أن هبت عاصفة الصحافة بفعل تفجير السفارة الامريكية ووجود جواز سفر يمني بجانب احد الانتحاريين. فرفض استقبال الـ CNN في مكتبه. ويقولون إنه حدث أن طلبت منه السلطات الكينية المغادرة إثر حديثه في اجتماع مع الجالية اليمنية عن ترحيب اليمن باستثمارات الأخوة المغتربين في كينيا مشجعا على القدوم وموضحا مزايا قوانين الاستثمار المعدلة. نظر الكينيون لهذ الخطاب بعداء على اعتبار انه يتحدث لكينيين تخلوا عن جنسيتهم اليمنية حسب القانون الكيني الذي يمنع الحصول على جنسيتين في آن معاً.

أما القائم بالأعمال الحالي السفير محمد الطشي فهو يبذل جهداً في تقريب وجهات النظر بين البلدين من خلال لقاءاته بالمسئولين الكينيين. غير أنه يواجه صعوبة في تردد الكينيين بالقدوم إلى اليمن نتيجة اندماجهم في علاقات متينة مع الغرب، وهذا خلق عزلة بينهم بين العالم العربي. تحاول كينيا رأب الصدع بالاهتمام البطيء بدول الخليج والسعودية. وكنت قدمت نفسي لاحد الكينيين بأني من اليمن ففكر كثيرا ثم رد: «لا أعرفها»! وعندما أشرت إلى أننا جيران دبي والسعودية هز رأسه وضحك.

شاهدت جمعا كبيرا من اليمنيين في السفارة ، ولاحظت الاطفال يتحدثون الانكليزية والسواحلية. حياتهم في البيت يمنية غير أن البيئة المحيطة تتشكل بصورة مغايرة، ويحتفظ اليمينون والعرب بخصوصياتهم. لا ينتشر النقاب هناك ولكن يوجد غطاء الرأس المعمول به هنا في اليمن، وأشار لي أحد الاخوة إلى مطعم تديره فتاة يمينة بوسط نيروبي.

بائع القماش الجوال

لدى سعيد محمد، ذي اللحية المصبوغة بالحناء، بيت في الغيظة ، وقد ترك اليمن عام 63م، ويستأجر هنا منزلاً يأوي 11 من افراد عائلته ولديه خادمة كينية.

يقول إن الاكل رخيص لكن الكماليات غالية. يتحصل على لقمة عيشه من خلال سيارته الكراسيدا موديل 82 التي يتجول بها في شوارع نيروبي حاملا قماش: تتركس، طراريح، وسادات وخلافه ويذهب إلى زبائنه العديدين. العم سعيد لا يهتم بالكماليات فهو يستطيع من عمله توفير لقمة العيش لعائلته الكبيرة، وأيضا عمله يوفر له مرتبا شهريا لخادمة كينية تساعد زوجته المنهكة والمصابة بأمراض الروماتيزم. أتى الينا ونحن في فندق Ngong hill، فقال: هنا عدد كبير من الصوماليين لأن الفندق رخيص. ففغر أفواهنا: رخيص!! إننا ندفع اربعين دولارا في الليلة الواحدة مع وجبة إفطار باللبن والعنبه. هذا مؤشر على طبيعة المعيشة الغالية ولذلك تكثر تجارة البغاء، كما يعم الفساد، ويقول يمنيون إنه ممتد حتى بين أفراد الشرطة. إذ قال أحد الأخوة إن صعوبة القبض على العصابات المسلحة المنتشرة يرجع إلى أنهم محميون من الشرطة. وعلق آخر بأن الشرطة إن أرادت أن تضبط تفعل.

معجزة مومباسا

تشبه مومباسا بطبيعتها الساحلية عدن، فهي تشهد اكبر تجمع لليمنيين ومحافظها السابق من أصل يمني هو الطيب على الطيب, كما كان نجيب بلعلاء، قبل تسنمه حقائب وزارية في الحكومة الكينية، في الـ32 من عمره حين حكم مومباسا وانتخب لذلك المنصب بضغط شعبي للاعوام 90-88. ووصف أحد الصحفيين في صحيفة (African business) ويدعى (انفر فيرسي) بلعلاء: «الرجل المعجزة لمومباسا». وقال في مقال له تحت هذا العنوان: «كان هدفه بسيطا جعل المدينة نظيفة ومكانا مريحا للعمل والعيش. قام بالمراقبة والسؤال، وحذر المقاولين المتعهدين بأنهم سيحرمون من أي عقود قادمة في حال الفشل في المشروع، وضع المفرقعات النارية في جيوب ضباط البلدية لينفذوا المهام لقاء أجر يدفعه لهم الشعب، جال المدينة كل يوم وفي أوقات مختلفة كي يراقب ورشة التنظيف الضخمة. أراد أن يعرف لماذا تأخر إصلاح الطرقات شهورا». وجدت صورة الطيب في صحيفة محلية تشير إلى عمله الخيري لصالح ضحايا الايدز من الاطفال. والطيب علي الطيب كان هو الآخر محافظا لمومباسا ومن أنشط الاعضاء في الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي يسهم فيه مع زميله نجيب بلعلاء.

الحزب البرتقالي

ترشح نجيب بلعلاء للرئاسة الكينية، وقد فصل من الوزارة بعد معارضته الدستور الذي يتبناه بشدة ثالث رئيس لكينيا كيباكي، وإلى جانبه نحي عن منصبه المحامي طيب على طيب عمدة مومباسا السابق لنفس السبب وكلاهما عضوان في الجناح البرتقالي orange fraction للحزب الليبرالي الديمقراطي الذي يتخذ من الموزة شعارا له. تشهد كينيا تنوعاً دينياً في الحياة شبيها بذلك الوضع الذي تأسس في عدن قبل الاستقلال حيث وجود الاديان السماوية الثلاثة إلى جانب ألوان وأطياف ومذاهب شتى. يشكل العرب حوالي 50 ألف نسمة. والمثير للاهتمام أن وجود حوالى سبعين ألف يمني مغترب في كينيا لم يؤد إلى انتعاش العلاقات التجارية بين بلدينا، بل بقيت قاصرة على أمور بسيطة مثل تجارة الشاي والسكر. لكن الصينيين أتوا إلى هنا بقوة المال دون نفوذ ولهم مراكز تجارية منتشرة، ويشهد المطار وصول مندوبين صينين للدعاية لبضاعة، وتنتشر المطاعم الصينية وتحقق شعبية تبزّ كنتاكي. وإلى جانبهم يسجل الهنود حضوراً متميزاً إذ يملكون مراكز تجارية راقية وعريقة، مؤسسات نشر وإعلام مرئي ومسموع، وبوجودهم ينتشر التمبل بانواعه (الزرده، السوكة والحالي) وكم فرح المصوران وجدي ودرهم أن وجدا ضالتهما لكنهما شكوا من غلاء سعره.

كينيا هي الملتقى

بقينا عشرة أيام في نيروبي بانتظار موافقة رئيس البرلمان الصومالي المقال شيخ شريف ادن لنقلنا معه إلى بيدوا في الصومال في طائرة خاصة لتنفيذ مهمتنا الإعلامية التلفزيونية في المناطق الخاضعة للحكومة الانتقالية لتسليط الضوء على حالة الجفاف والمجاعة التي ضربت جنوب الصومال قبل عام. انجزنا ما كلفنا به في بيدوا ولم يعرض في التلفاز اليمني نظرا لأن انجازه جاء في وقت تسيطر فيه المحاكم الإسلامية على مقديشو. كان يرافقنا بكرم من وقته الثمين إلى مقر رئيس البرلمان بفندق كونتيننتال بنيروبي سعادة السفير محمد الطشي القائم بأعمال سفارة بلادنا لدى كينيا. وفي الأخير تمكنا من المغادرة لكنا عدنا إلى نيروبي مرة أخرى بعد انتهاء مهمتنا في بيدوا ومن ثم إلى الوطن.وجاءت هذه المهمة بعد تعيين اليمن السفير أحمد حميد عمر سفيرا لدى الصومال. بذل السفير جهدا في إقناع وزارة الإعلام والتنسيق مع وزارته لإرسالنا وكذا التنسيق مع العديد من الأخوة المسئولين في بيدوا ومع سفير الجامعة العربية لدى الصومال عبدالله بن مبارك العريمي الموجود في نيروبي. استقبلنا العريمي في المدينة بعد سفيرنا محمد الطشي في المطار.

وطاف بنا في نيروبي وكان يتحدث الصومالية مع الصوماليين الذين قابلناهم في طريقنا بإتقان وعرفنا منه انه درس في مدارس مقديشو عندما قدم إليها مع والده الذي مارس التجارة فيها.

وبدا أن أمراً يشغله كثيرا وهو استمالة الغرب للصوماليين لتنصيرهم ودعوتهم إلى هناك بأعداد كبيرة.

- كانت هذه حصيلة عشرة أيام قضيناها في نيروبي واستمتعنا كثيرا بطرواة الجو والخضرة الدائمة والامطار التي تمحو الاوساخ من الشوارع فتحيلها حديقة خضراء. وتمنينا ان نزور مومباسا لكن ظروف العمل في بيدوا حالت دون ذلك. المهم رغم قصر المدة شعرنا أننا بين أهلنا ووطننا لوجود الكم الهائل من ابناء بلدنا البعيد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى