تعلمنا من عطائه وصوته كيف نعشق ونسمع ونغني ونسامح .. الفنان الكبير سالم بامدهف والغناء العدني التجديدي المعاصر

> «الأيام» عصام خليدي:

> أسعدني وأثلج صدري الاتصال الهاتفي الذي خصني به الإعلامي المبدع جميل محسن المقيم حالياً في دولة الإمارات العربية المتحدة بمناسبة الاحتفاء بنجاح العملية الجراحية التي أجريت للفنان الكبير سالم بامدهف ذلك الحدث الإنساني الهام الذي تابعه وقام بتغطية تفاصيله للرأي العام في الصحافة الإماراتية التي تفاعلت بشكل فاعل وإيجابي مع (المحنة الصعبة) التي تعرض لها فناننا الرقيق وتكللت كل المساعي والجهود الطيبة بالتوفيق والنجاح، وفي الحقيقة جمعتني علاقة صداقة حميمة أعتز بها كثيراً بالإعلامي الخلوق جميل محسن المتابع بشغف وحب كل ما يحدث في الساحة الفنية داخل الوطن وخارجه، الحريص والغيور على سمعة ومكانة الغناء اليمني وبالتحديد (الأغنية العدنية الحديثة) إذ يتجلى ذلك من خلال كتاباته ومقالاته الصحفية الفنية التي يقوم بنشرها بالصحف الخليجية والعربية تباعاً محاولاً تقديم المعلومات الدقيقة التي تؤكد وتبرز أهمية ومكانة الغناء اليمني والدور الإيجابي الفاعل الذي أسسه وحققه في قوام البنية الأساسية لكل ما يحدث من تطورات وتغيرات في الساحة الغنائية بالجزيرة العربية والخليج إضافة إلى حرصه الدائم على التواصل معنا هاتفياً وأثناء زياراته المتتالية للوطن للاطلاع عن كثب على أهم الأحداث والفعاليات الإبداعية التي تقام محلياً، وفي اتصاله الهاتفي الأخير مساء الجمعة 10 أغسطس2007م كعادته بدأ حديثه بالسؤال عن الأحوال الصحية والفنية ثم مباشرة بادر بطلب خاص أن أسمعه بصوتي إحدى أغنيات الفنان الكبير سالم بامدهف فأجبته بأنني أقود سيارتي لكنه أصر على مطالبتني بالغناء ولم يكن أمامي إلا أن أتوقف جانباً ملبياً رغبته الملحة فغنيت للفنان الكبير أغنيته الشهيرة (تغيبت ياناظري) وكانت المفاجأة الكبرى عبر الأثير في مصاحبتي الغناء بصوت الفنان المجدد والرائد سالم بامدهف الذي شاركني بعض المقاطع ليصرخ بعد انتهائي من الغناء بأعلى صوته: الله.. الله على الإحساس العميق المرهف والراقي ياعصام وربنا يحفظك، وفي الحقيقة كانت مفاجأة كبيرة لم أتوقعها على الإطلاق خصوصاً وأنني لم ألتق بالفنان الكبير سالم بامدهف شخصياً بسبب إقامته الدائمة خارج الوطن فكانت اللحظات التي جمعتني بهذا الرجل العظيم أجمل وأبلغ تأثيراً من الحلم والخيال، ثم تبادلنا أطراف الحديث ليعبر كل منا عن تقديره وإعجابه بالآخر فأخجلني فناننا الكبير المتواضع بأخلاقه العالية وسمو وشموخ نفسه النقية المتمثلة بطيبة أبناء عدن الأصليين فأدركت وأنا أستمع لحديثه المليء بالعاطفة والرقة والصدق (سر الخلود في ألحانه وأغنياته التي تزداد بريقاً ولمعاناً ووهجاً كلما تقدم بها الزمان) فقلت له إننا اليوم يا أستاذنا الجليل بأشد الحاجة لأمثالك ليعيدوا زمن الغناء الجميل الذي افتقدناه في هذا الزحام المخيف والتلوث السمعي والبصري الذي يخاطب الغرائز اللاهث والطاغي كطوفان جارف اكتسح كل المفاهيم والقيم الجمالية والأخلاقية المتعارف عليها سلفاً فيفسح المجال لأشباه الفنانين من الأدعياء والمتطفلين الذين شوهوا وأفسدوا الذوق والمزاج الفني العام بعد أن قدمتم عصارة أفكاركم الإبداعية والفنية من أجل تطور وازدهار حركة الغناء اليمني الحديث. وفي واقع الأمر إنني تحدثت إليه قائلاً إن (الفنان سالم بامدهف ومدينة عدن وجهان لعملة واحدة) كما أن أي مواطن عربي في أرجاء المعمورة لم يقم بزيارة لمدينة عدن بإمكانه أن يتعرف على أدق التفاصيل الموجودة في مدينتنا منازلها وشوارعها وحواريها وأزقتها ومعالمها الدينية والتاريخية من خلال استماعه لصوته الدافئ الرخيم وألحانه المتفردة بطابعها المستقل وجملها وقوالبها الموسيقية المشبعة بروائح البخور والعود والزغفران وحديث الناس البسطاء في الأسواق العامة وفي المجالس والمنتديات الثقافية ليجد كل ذلك مجتمعاً في نبراته الساحرة المتميزة التي تعبر عن أهم الملامح والخصائص التي تشتهر بها عدن وتتجلى بوضوح في أغنياته المعروفة: الزين جزع مرة، قولوا له، تغيبت يا ناظري، على إيش على إيش ، من علمك يا كحيل العين، من جمالك، وغيرها من الأغنيات الخالدة المضمخة بالرقة والانسياب والجمال والأحاسيس والمشاعر الإنسانية الصادقة.

قدم فناننا الكبير خدمات جليلة ساهمت في تطوير الغناء اليمني والدفع به إلى فضاءات موسيقية غنائية متسعة رحبة تجاوزت حدود المساحة الجغرافية للوطن. وفي نهاية حديثي معه أبلغني بأنه ينوي زيارة الأهل والأقارب والأحباب في مدينة عدن بمعية الأستاذ جميل محسن وأكد رغبته في اللقاء الذي سوف يجمعنا قريباً بإذن الله ويتضمن مشاريع فنية جديدة أخبرني بها (البامدهف) يريدها أن تكون مفاجأة للأوساط الفنية سيعلن عن تفاصيلها في الوقت المناسب إن شاء الله. وبدوري أعد كل محبي وعشاق الفنان سالم بامدهف ومتابعي صحيفة «الأيام» الغراء بتقديم دراسة مستفيضة جادة أتناول من خلالها أهمية ومكانة التجربة الغنائية الموسيقية الرائدة للفنان الكبير سالم بامدهف ستتضمن في محاورها أبرز العناوين والملامح والخصائص الفنية والإبداعية التالية:

- كان الفنان سالم بامدهف واحداً من أهم مؤسسي (رابطة الموسيقى العدنية). - تميزت غنائياته بغزارة اللحن ورشاقة الإيقاع ورهافة الصوت. - وجد ضالته اللحنية بالإيقاع والجرس الموسيقي الموجود بالكلمة واللفظة المتداولة في قلب الشارع العدني، بالإضافة لتأثره بالطقوس والمناخات الصوفية الدينية/الاجتماعية/ الجغرافية في عدن. - (تغيبت ياناظري) تعد بقيمتها الأدبية وروعة مستواها الغنائي الموسيقي (موشحاً يمنياً خالداً). - قدم أعمالاً غنائية بالشعر الفصيح (راقية الشكل والمضمون) تعتمد على منهاج الوثبات المقامية والمساحات الموسيقية الرحبة، وتعدد الكوبليهات. - شكل ثنائية رائعة مع الشاعر د. محمد عبده غانم تميزت بخصائصها العدنية وأسلوب الحداثة والمعاصرة في الغناء التجديدي. - علمنا عطاء وصوت الفنان سالم بامدهف مبادئ وقيماً مثلى في الحياة.. تعلمنا كيف نعشق ونسمع ونغني ونسامح.

كان هذا بعضاً مما قدمه فناننا الكبير من عطاءات فنية شكلت إضافات وعلامات مضيئة ساهمت في تطوير مسار الغناء والارتقاء بذائقة المستمع اليمني والعربي وكان لها سبق وشرف الريادة والتأسيس.

وقد سمعنا منذ وقت ليس بقصير أن هناك رغبة في تكريم هذا الرائد المؤسس من قبل بعض الجهات المعنية ونحن نؤكد أنها سوف تكون مبادرة طيبة والتفاتة رائعة ستشهدها الساحة الفنية إن تمت بالفعل فوجود مؤسسات الدولة سيضيف ويعطي قيمة أدبية ومعنوية لهذا الاحتفاء ومعاني جليلة وعظيمة في مقدمتها الوفاء لجيل الريادة في اليمن فهل هناك نوايا مخلصة وصادقة؟.. نأمل ونتمنى ذلك!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى