الانفلو نزا تفتك بستة آلاف عدني وسعيد باشا يصلي الجمعة في العيدروس

> فاروق لقمان:

> عندما شارفت الحرب العالمية الأولى على نهايتها عام 1918 بانتصار بريطانيا وأمريكا على ألمانيا وإيطاليا وتركيا كان القائد التركي المحنك سعيد باشا قد أحكم سيطرته على معظم أرجاء اليمن شمالاً والمحميات الغربية بما فيها لحج إلى دار الأمير أو دار سعد المتاخمة للشيخ عثمان. إلا أن القوات البريطانية في عدن كانت قد استعادت جأشها وقامت طائراتها القاذفة بقصف قصر سعيد باسا ومبرز الأمير علي بن أحمد فضل وراء سوق لحج، كما ذكر الوالد محمد علي لقمان رحمه الله في مذكراته.

وأشار الوالد إلى انتشار وباء الانفلونزا في عدن الذي فتك بحوالي ستة ألف شخص أو نسبة عالية جداً من سكان المستعمرة وضواحيها والمناطق المتاخمة. وامتلأت المقابر بالضحايا لانعدام الدواء المناسب للانفلونزا الآسيوية التي كانت تعيث فساداً كبيراً في أنحاء أخرى من العالم .

ويواصل حديثه :

«وبعض عقلاء الحارات كانوا يجمعون المال لشراء أكفان للموتى وكان في حارتنا عدد من أهل الخير منهم محمد عوض محيرز ومحمد راجح سلمان وعبدالرحمن بن عثمان والسيد أمير علي وأولاده جعفر وذو الفقار ومزهر وآل إبراهيم علي المحرج وبيت صالح الحداد وبيت الجوهري وأحمد حسين عبدالرحمن مكي والحاجة مرفلة والفقيه سعد عبدالله العلس».

ويواصل الوالد ذكرياته :

«في 11 نوفمبر 1918 أعلنت الهدنة وتقرر خروج سعيد باشا من لحج وتسريح الجيش التركي .

«وانتهى الاستعمار التركي في اليمن وتسلم البلاد الإمام يحيى محمد حميد الدين وأرسل عماله إلى الألوية بدلاً عن الضباط الأتراك أمثال محمود نديم الذي كان يطارد الفتيات الجميلات .

«ووصل سعيد باشا إلى عدن حيث استقبله القائد العسكري البريطاني وأعاد إليه سيفه الذي كان الباشا سلمه للقيادة البريطانية حين صدرت إليه الأوامر بإخلاء لحج، وصلى الجمعة في مسجد العيدروس وخرج الناس ألوفاً، نساء ورجالاً، يستقبلون القائد الذي وقف كالطود في وجه القوة البريطانية أربع سنوات ولم يتزعزع رغم ضرب الطائرات للحوطة وللقشلاقات - قلاع - العسكرية والقصر الذي كان يسكنه الباشا .

«وعاد السلطان عبد الكريم فضل إلى لحج واستأنف الأهالي تقديم فروض الولاء له بعد أن كانوا مستسلمين لسعيد باشا .

«وقد كان التفاوت دائماً في العالم العربي راجعاً إلى التأثير الخارجي والفرق بين أي حاكمين يساوي الفرق بين بلديهما والفرق بين بلديهما يساوي الفرق بين هذين البلدين في طبيعة التأثيرات الأجنبية الواقعة عليهما وقوتها، والفرق بين الزعماء والحكام في اختيار النظم الإدارية هو فرق مصالح وأهواء وظروف فكل حاكم أو زعيم يختار نوع الحكم الذي يريده قوة أو مجداً أو رضاً عن نفسه أو استجابة لطموحها أو أحقادها أو ما يناسبه وعادة ما يختار النظام الذي يوافق هواه ونادراً ما يتطابق مع مصالح قومه .

«والحاكم إن كان جاهلاً فإنه يجد الأتباع يطيعونه على سبيل الانخداع والتعبية أو الخوف ومحاولة العيش في أمن من غضبه لا على سبيل الوعي أو الاحترام.

«والجماهير تظل ضعيفة حتى تؤمن بحقها فتصبح قوة لا يستطيع أي حاكم إخضاعها ولا تسلم إلا إلى قوادها وزعمائها وهؤلاء إذا كانوا صالحين صلحت أمور الشعب وإذا كانوا أذلاء فاسدين فسدت أمور الشعب .

«ذهب أبي وقابل سعيد باشا خلال بقائه في عدن في القلعة الواقعة على الجبل المطلة على باب السلب وقد حاولت أن أذهب لمشاهدته ولم أتمكن ولكنني رأيته على عربة يمر أمام مكتب بيت كلايتن غالب وشركاه المقابل لفندق متروبول قبل أن يشتريه أحمد علي اليافعي ويعمره وكان مكتباً «لدلسيزيان فريرس وبيت هربرت وتروث وشركاهم».

«وبدأ تجار الحرب وأثرياء الحرب يخسرون ولم تزدهر عدن بعد الحرب العالمية الأولى إلا أن اليابان أخذت تصدر إلى عدن بضائع وأحذية وأقمشة بسعر التراب وما أن مضت 10 سنوات حتى أصيبت البلاد بركود تجاري وأفلس من أفلس وتمنى الناس عودة الحرب ناسين الويلات والمصائب التي جلبتها على الناس».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى