قصة بعنوان (الهاتف المشئوم)

> «الأيام» علي عبدالكريم بن عامر:

> الكل يترقب بقلق شديد ..الكل ينتظر مدير الدائرة الذي شارف موعد مجيئه ليعلن عن اسم العامل الذي سيستقبل اتصالات المواطنين ..الكل خائف هنا لا أحد منهم يريد أن يكون الشخص المختار ها قد جاء مدير الدائرة الكل يصمت في تلك اللحظة فقد وصل مدير الدائرة أخرج الورقة من جيبه وبدأ بخطبته المعتادة..

اليوم وفي هذه اللحظة سنعلن عن العامل الذي سيتقبل اتصالات المواطنين لمدة شهر كامل و........لم أكن أتوقع حينها أن اسمي هو الاسم الموجود بداخل تلك الورقة

فما أن أعلن مدير الدائرة اسمي حتى تعالت صرخات الموظفين الآخرين مهللين فرحا بحظهم السعيد. يا خيبتي ماذا علي أن أفعل فقد وجب علي أن أضع نفسي أمام الأمر الواقع

تقدمت خطوتين إلى الأمام لأتسلم من مدير الدائرة مفتاح غرفة الخط الساخن

وفي صبيحة اليوم التالي بدأت بمزاولة عملي وما أن ألقيت ظهري على الكرسي حتى رن ذلك الهاتف المشئوم يا ويلي كان لابد لك أيها الهاتف الملعون أن تنتظر ساعة على الأقل وليس من أول دقيقة خفت حينها أن أرفع سماعة الهاتف لأجد مواطنا لعانا ..ولكنني سألت نفسي لماذا أنا هنا يجب أن أرفع السماعة بيد أن المتصل لم يكن أحد المواطنين اللاعنين كما توقعت فقد كان مدير الدائرة محاولا باتصاله ذاك أن يرفع من معنوياتي وقد انهال علي بوابل من النصائح المملة التي كانت توصيني بكمح جماحي أمام المتصلين وقد فهمت حينها أن الاتصال مجرد عملية لوجستية لرفع معنوياتي، بعدها بساعتين استقبلت الاتصال الأول وقد بدا لي أن المتصل مغتاظ كثيراً، حينها كنت على استعداد لأرد له السلام لكنني لم أجد منه إلا ثلاث شتائم بذيئة حاولت أن أهدئ من روعه لكن لا فائدة لقد وصفني بأشياء لا توصف، أما الاتصال الثاني فقد كان المتصل رجلا محترما وقد بدا من صوته السكينة والوقار وهكذا دواليك ساعتين متواصلتين وأنا أستقبل مثل تلك الاتصالات وكانت تانك الساعتان كفيلتين بأن تدخلاني موسعة جينس للأرقام القياسية كأكثر شخص يتلقى الشتائم.

منهم من يقول إن لديه أولادا صغارا وآخر يقول إن الجو حار والوضع لا يستحمل وآخر عائد من العمل وهو منهك ويريد أن يرتاح وآخر لديه عمل على الكمبيوتر في بيته وهو منتظر عودة الكهرباء ليكمل عمله وهناك من لديه مريض في البيت وهناك طلاب لديهم امتحانات وغيرها من الحالات.

وبعدها بساعتين توقفت الاتصالات وساد صمت عارم المكتب بعد أن استقبل مئات الاتصالات، حينها عرفت أن التيار الكهربائي قد عاد. استلقيت حينها على الكرسي لأسترخي قليلا ومكثت أحدث نفسي لدقائق فأنا لا ألقي باللوم على هؤلاء المساكين ولم أكثرت لشتائمهم البذيئة فقد تحملتها ولم أرد على أحد منهم، تساءلت حينها هل سيكون الشهر برمته بهذا الوضع لا أدري إن كان سيستمر هذا الانقطاع وستستمر الشتائم لمدة شهر كامل. كل هذا الآن لا يهم فهي ساعة واحدة وينتهي الدوام وأعود إلى بيتي وإلى زوجتي الحبيبة لآكل من يدها ألذ ما طبخته وأحضن أولادي وأسترخي على سريري لأنام، وبينما أنا أفكر راودني النعاس بغتة لكن ذلك النعاس لم يدم طويلا فقد أيقظني جرس التلفون لابد أنه شبح الشتائم قد عاد مجددا لكنني تأكدت وقتها أن الهاتف الذي يرن لم يكن هاتف المكتب بل كان هاتفي الخلوي فقد كان المتصل هذه المرة زوجتي ففي كل اتصال تتصل بي فأنني أشتم فيه رائحة طبخها اللذيذ يخترق سماعة الهاتف وأكثر ما أحبه فيها طبخها...

- آلو نعم ما الخطب.. هل من شيء مهم دعاك للاتصال بي؟

- نعم إنه الفرن.

لم تكد تكمل حديثها حتى زمجرت مقاطعا: ما به الفرن؟

قاطعتني قائلة : هدئ من روعك ودعني أكمل حديثي عليك اليوم أن تحضر وجبة الغداء من الخارج لأنني لم أستطع الطبخ.

رددت بغضب: لماذا هل من سبب يبرر ذلك؟

ترد بسخرية محاولة استفزازي: ما يبرر ذلك هو شتيمة كنت ستتلقاها مني أثناء انقطاع التيار الكهربائي في بيتك وهل نسيت أيضا أن الفرن الذي اشتريته بيديك فرن كهربائي..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى