يوصيكم الله (7)

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> ?ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون?}? الأنعام 151. وصية كبرى وعظمى يوصي الله بها كل الناس لعلهم يعقلون أهميتها، ويتعقلون قبل مقارفتها ويتعلقون بمفارقتها وتركها ونبذها ورفضها ومقاومتها، وإقامة حدودها وعقوبتها.. إنها جريمة «قتل النفس».

إن الله -تعالت عظمته - قد حرم هذه النفس أي: جعلها حرماً آمناً لا يجوز الاعتداء عليه (إلا بالحق) وهذا الحق قد حدده (الحق) سبحانه في كتابه العظيم وسنة نبيه الكريم عليه وعلى آله أفضل صلاة وأزكى تسليم، ومن هذا الحق: الارتداد عن الإسلام، وإدمان فاحشة الزنا، وقتل النفس بالحق قصاصاً لقوله تعالى:?{?وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس?}? المائدة 45، ولقوله ?{?يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى?}? البقرة 178.

وإن من الوعيد الإلهى الشديد والزجر القرآني الأكيد ما توعد به الله عز وجل كل القتلة والمجرمين وسفاكي الدماء، والمعتدين على النفوس المعصومة المصانة إذ قال ?{?ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه (1) جهنم خالداً فيها (2) وغضب الله عليه (3) ولعنه (4) وأعد له عذابا عظيما?}? النساء 93.. فهذه أربع عقوبات زاجرة رادعة مانعة لكل من تسوّل له نفسه الإمارة بالسوء أن يفكر أو يتصور أو يشارك أو يدعو إلى قتل النفس عمداً وعدوانا وظلماً وبهتانا.

وهذا الزجر الإلهي موجه إلى كل (قبيلي) جاهل متعصب يسفك الدماء ثأراً لقتل قديم، أو رضفاً لحكم شرعي، أو تعصباً أعمى لفكرة دنيوية أو حمية قبلية.

وكذلك هذا الزجر موجه لكل (جندي) يقتل مواطناً أعزل من السلاح في مظاهرة سلمية أو مسيرة تعبيرية لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «من رفع علينا السلاح فليس منا» رواه مسلم.وهو زجر إلهي موجه لكل (ضابط) يأمر بقتل (ابن وطنه) لخلاف سياسي سطحي أو موقف حزبي هامشي. فقد قال النبي الأعظم:«من اشترك في قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه:آيس من رحمة الله».

إن المحافظة على النفس تعني المحافظة على (حق الحياة) العزيزة التي لا تذل، والعيش الكريم الذي لا يهان، وإن الاعتداء على النفس إنما هو اعتداء غاشم ظالم آثم على الحياة بأسرها، وجناية عظمى على البشرية كلها، وخيانة لشريعة الله، لأن فيه سلباً للحياة وإزهاقاً للأرواح، وسفكاً للدماء وهتكاً للأعراض وتيتيماً للأطفال، وترميلاً للنساء، وامتهاناً للحرمات، وتمزيقاً للعلاقات، وتعطيلاً للمصالح ، ودليل ذلك قول الحق الذي قوله الحق:?{?من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً?}? المائدة 32.

إن نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا «أن زوال السماوات والأرض أهون عند الله من قتل نفس مسلمة» و«زوال الكعبة حجراً حجراً أيسر عند الله من إراقة دم المسلم» ويقول «لا يزال المرء في فسحة من دينه مالم يصب دماً حراماً« رواه البخاري.. بل «من أشار إلى أخيه بسلاح أو حديدة - فقط أشار بحديدة- فإن الملائكة تلعنه حتى ينزع».

ياليت قومي يعلمون.. وياليت حكامنا يفهمون.. وياليت جنودنا يدركون.. أن حرمة الدماء والأعراض تعادل ثلاث حرمات عظمى، حرمة البيت الحرام، وحرمة الشهر الحرام، وحرمة يوم النحر.. ?{?فهل أنتم منتهون?}? المائدة91.

اللهم أحقن دماء المسلمين، واجعل نقمتك على الظلمة والمعتدين، وارحم المقتولين المظلومين، وانتقم لهم يوم الدين.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

مدرس بكلية التربية - جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى