أسباب العتق من النار في رمضان (2)

> «الأيام» إبراهيم أحمد بامفروش:

> القرض الحسن، أو أن تعطي أخاك شيئاً يتزود به للمعاش، وهداية التائه الضال ..قال صلى الله عليه وسلم: من منح منحة ورق (أي الفضة - المال)، أو منح ورقاً، أو هدى زقاقاً، أو سقى لبناً كان له عدل رقبة أو نسمة» رواه الإمام أحمد وصححه الأرنؤوط.

فإذا طلب أحد الناس منك قرضاًً (سلفة) فأعطه ولا تبخل، واحتسب لعله يكون سبب عتقك من النار، أو أعن محتاجاً بشيء يتزود به على معاشه، كأن تعطي امرأة مسكينة (ماكينة خياطة)، أو تعين فقيراً بـ (محل صغير يسترزق منه، أو دل ضالاً أو أعمى على طريقه، ولا ريب أن أعظم الدلالات دعوة الناس إلى منهاج السنة (ما أنا عليه وأصحابي).

الذب عن عرض أخيك المسلم

قال صلى الله عليه وسلم:(من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقاً على الله أن يعتقه من النار) رواه الإمام أحمد والطبراني. فإياك ومجالس الغيبة والنيل من أعراض المسلمين، وذكرك أخاك بما يكره، فإذا جلست في مجلس ونال الناس من عرض أخيك المسلم، فاحذر فإن المستمع لا يخرج من إثم الغيبة إلا بأن ينكر بلسانه، فإن خاف فبقلبه فإن قدر على القيام أو قطع الكلام لزمه.

قال الغزالي: ولا يكفي أن يشير باليد أن اسكت أو بحاجبه أو رأسه وغير ذلك فإنه احتقار للمذكور بل ينبغي الذب عنه صريحاً كما دلت عليه الأخبار (فيض القدير )127/6.

ارم بسهم في سبيل الله

قال تعالى: ?{?وجاهدهم به جهاداً كبيراً?}? الفرقان 52، أي بالقرآن وهذا جهاد العلم والدعوة. فارم بسهمك في الدعوة الى سبيل الله، فلأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من كل خيرات الدنيا، والدال على الخير كفاعله، وارم بسهمك في الذود عن كتاب الله بالمساعدة في إنشاء دور تحفيظ القرآن، بطبع ونشر المصاحف.

ارم بسهمك في الذب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، برعاية طلبة العلم والنفقة عليهم ليقوموا بهذا العبء الثقيل، انشر كتب السنة، تفقه حتى لا يكون لأحد سبيل إلى السنة المطهرة وفيك عين تطرف، وهكذا.

الإلحاح وكثرة الدعاء بذلك

قال صلى الله عليه وسلم:(ما سأل رجل مسلم الله الجنة ثلاثاً إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ولا استجار رجل مسلم الله من النار ثلاثاً إلا قالت النار: اللهم أجره مني) رواه الإمام أحمد وصححه الألباني(5630) في صحيح الجامع.

كان سفيان الثوري يستيقظ مرعوباً يقول: النار.. النار، ويقول: شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات، ثم يتوضأ ويقول إثر وضوئه: اللهم إنك عالم بحاجتي غير مُعلّم، وما أطلب إلا فكاك رقبتي من النار. (الحلية 7/ 60).

فواظب على أن تدعو الله بأن تعتق رقبتك، وأقبل على الله بكليتك، مع حضور القلب، مع الانكسار والتضرع بين يدي الرب سبحانه، واستقبل القبلة وأنت على طهارة، وأكثر من الثناء على الله وحمده بما هو أهله، وناده بأسمائه الحسنى، وارفع يدك مستسلماً وأكثر من الاستغفار والتوبة، وتحرّ أوقات الإجابة الستة: وهي الثلث الأخير من الليل، وعندالأذان، وبين الأذان والإقامة، وإدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم.

إصلاح الصيام

قال صلى الله عليه وسلم:(الصوم جنة يستجن بها العبد من النار) رواه الطبراني في الكبير. وقد جعل الله الصيام بدل عتق الرقبة في دية القتل الخطأ وكفارة الظهار قال الله تعالى:?{?فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيما?}? النساء 92. قال تعالى:?{?والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا?}? المجادلة 4-3.

فإذا كان الصيام بديلاً عن العتق، وإذا كان من أعتق رقبة اعتق بها من النار، فلعل الإكثار من الصيام سبب لنفس الجزاء فلابد من تعاهده بالإصلاح بأن يكون صياماً عن المحرمات، وعدم الوقوع في المكروهات، وعدم التوسع في المباحات، صيام للجوارح، بل صيام للقلب عن كل شاغل يشغله عن الله، فترفق ولا تستكثر من أمور الدنيا في رمضان، فرمضان الفرصة الثمينة للفوز بالجنة والنجاة من النار.

إطعام الطعام للمساكين

فقد جعل الله إطعام الطعام محل العتق في كفارة الظهار ?{?ومن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم?}? المجادلة 4. وجعل إطعام المساكين أو كسوتهم محل عتق الرقاب في كفارة الأيمان قال تعالى: ?{?لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون?}? سورة المائدة 89.

وقد جاء في بعض الإسرائيليات: قال موسى لما لرب العزة عزّ وجل: فما جزاء من أطعم مسكيناً ابتغاء وجهك؟ قال: يا موسى آمر منادياً ينادي على رؤوس الخلائق إن فلان بن فلان من عتقاء الله من النار.. (حلية الأولياء 6/ 19). ولإطعام الطعام -لاسيما للفقراء والمساكين- مزية عظيمة في الإسلام فهو من أفضل الأعمال الصالحة عند الله تعالى: عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلاً سأًل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف. (متفق عليه)

وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته، أو كسوت عورته، أو قضيت له حاجة) رواه الطبراني في الأوسط. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعبدوا الرحمن وأطعموا الطعام وأفشوا السلام تدخلوا الجنة بسلام. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

بل اختص الله من يقوم بهذا العمل الصالح بنعيم سابغ في الجنة.

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة غرفاً، يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها. فقال أبو مالك الأشعري: لمن هي يارسول الله؟ قال: هي لم أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائما والناس نيام) رواه الطبراني في الكبير والحاكم. وهو معدود في أفضل عباد الله تعالى.

فهنيئاً أيها الفائز بالعتق، وعزاء لكل من فاته هذا الفضل العظيم

يا من اعتق فيها من النار هنيئاً لك المنحة الجسيمة، ويا أيها المردود فيها جبر الله مصيبتك هذه فإنها مصيبة عظيمة.

كان عطاء الخرساني يقول: إني لا أوصيكم بدنياكم أنتم بها مستوصون وأنتم عليها حراص، وإنما أوصيكم بآخرتكم، تعلمون أنه لن يعتق عبد، وإن كان في الشرف والمال، وإن قال أنا فلان ابن فلان حتى يعتقه الله تعالى من النار فمن أعتقه الله من النار عتق، ومن لم يعتقه الله من النار كان في أشد هلكة هلكها أحد قط، فجدّوا في دار المعتمل لدار الثواب، وجدّوا في دار الفناء لدار البقاء، فإنما سميت الدنيا لأنها أدنى فيها المعتمل، وإنما سميت الآخرة لأن كل شيء فيها مستأخر، ولأنها دار ثواب ليس فيها عمل فألصقوا إلى الذنوب إذا أذنبتم إلى كل ذنب: «اللهم اغفر لي» فإنه التسليم لأمر الله.

وألصقوا الى الذنوب «لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، الله أكبر كبيرا، والحمد لله رب العالمين، وسبحان الله وبحمده، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وأستغفر الله، وأتوب إليه» فإذا نشرت الصحف، وجاء هذا الكلام قد ألصقه كل عبد إلى خطاياه رجا بهذا الكلام المغفرة، وأذهبت هذه الحسنات سيئاته، فإن الله تعالى يقول في كتابه ?{?إن الحسنات يذهبن السيئات ذلكم ذكرى للذاكرين?}? هود 114 فمن خرج من الدنيا بحسنات وسيئات رجا بها مغفرة لسيئاته، ومن أصر على الذنوب واستكبر عن الاستغفار خرج ذلك اليوم مصراً على الذنوب، مستكبراً عن الاستغفار قاصّه الحساب، وجازاه بعمله إلا من تجاوز عنه الكريم، فإنه لذو مغفرة للناس على ظلمهم وهو سريع الحساب. قال ابن رجب: إن كنت تطمع في العتق فاشتر نفسك من الله ?{?إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة?}? التوبة 111 فمن كرمت عليه نفسه هان عليه كل ما يبذل في افتكاكها من النار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى