> تتجه انظار الجميع صوب ردفان، منطلق الثورة الاكتوبرية حاضنة هذا الحدث العظيم. إننا نعتز بهذه الثورة البطولية التي سجلتها صفحات التاريخ بأحرف من نور، واحتفالنا هذا يأتي بعد حراك سياسي سلمي تشهده محافظات الجنوب، وهي تحركات نضالية وطنية رافضة لهذا الواقع المفروض من القهر والحرمان خلال الفترة الماضية، وسنحتفل هنا بهذه المناسبة بعد مظالم عدة تعرضت لها من قبل بعض من لا يفهمون معنى وأبجديات الثورة، ومن تلك المظالم غير المقبولة توجههم العارم في الجناية على تاريخها من خلال كتاباتهم وافتراءاتهم الفاضحة عن التاريخ النضالي لهذه الثورة، والمتمثلة في ادعاءاتهم المتكررة أنه لولا ثورة سبتمبر لما كانت تحققت هذه الثورة.

صحيح أننا لا ننكر التلازم الوثيق بين الثورتين، إلا ان ما نعتب به على هؤلاء هو وصولهم حد الإفراط في ذلك الادعاء. ونخشى ذات يوم أن نصحو على ادعاء آخر من قبل هؤلاء القلة يؤكد لنا أنه لولا ثورة سبتمبر لكنا مازلنا تحت ذلك الاحتلال. ولم يكتفوا بذلك ووصلوا إلى أن يتناوبوا على تاريخ الثورة مداولة فيما بينهم وكل عام يأتون لنا بكوكبة جديدة من المناضلين وهكذا، افتراء على الأحياء والاموات.

وهنا نتساءل: هل يدرك هؤلاء ما سجله التاريخ عن المواقف النضالية منذ اللحظات الأولى للاحتلال حيث جابههم المناضلون بكل الوسائل المتاحة حينها وكان بمثابة مقدمات مهمة لانطلاق الثورة؟ هل يعلم هؤلاء عن عشرات الشهداء الذين سقطوا على قلعة صيرة في تصديهم لجحافل المحتل؟ هل تعلمون عن الانتفاضات بعد إعلان مشروع اتحاد الجنوب العربي في عام 1954م؟ هل سمعتم شيئا عن اضرابات عدن العمالية الشهيرة في عام 1956م؟ هل تعلمون ما كان يدور في محميات وسلطنات الجنوب بدون استثناء قدم فيها المناضلون قوافل من الشهداء ضاربين أروع الامثلة في التضحية بأموالهم وأرواحهم؟ وهذا جزء يسير مما ذكرته المراجع التاريخية لهذه الملحمة البطولية الخالدة.

نعود إلى احتفالنا بهذه المناسبة وإذا كان لآبائنا شرف النضال الوطني المسلح حينها، فإننا هنا مدعوون وبروح وطنية صادقة إلى المشاركة بهذه الاحتفالية الكبيرة بما يليق ومكانتها التاريخية، فهذا الاستعداد والتفاعل الحي من الجميع بهذه المناسبة يؤكد لنا بما لا يحتاج إلى برهان أن الثورة الاكتوبرية ستظل حية صامدة وماضية للأمام.