> ما عرفت احتفالا ينبض بالروعة والإشراق بالبهجة كالاحتفال بالشهر الكريم شهر رمضان في مدن وقرى وادي حضرموت، وفي الحق أني لا أدري ماذا أصاب الدنيا ودهى الناس؟ إذ لم تعد الاحتفالات بمقدم الشهر الكريم تشيع منها الفرحة المشبوبة بالحنين إلى عصور الورع وجلال التقوى كما عرفناها سابقا ونحن صغار، ولكن قليلا من الناس استطاع أن يحتفظ بهذه العادة الطيبة ألا وهي الاحتفال بقدوم هذا الشهر الكريم.

في مدن وادي حضرموت كان الناس يترقبون هذا الشهر الكريم ويستعدون له بعد ليلة النصف من شعبان، فمن تقاليد مدن وقرى وادي حضرموت إذا اقترب الشهر الكريم رمضان تذهب الخصومات ويتصالح الناس مهما كان ما بينهم من خصومات حصلت على مدى السنة، وكان أفضل الناس هو الذي يسعى إلى أخيه بعد ثبوت رؤية الهلال فيهنئه بمقدم الشهر ويصافحه قائلا له: شهر مبارك. فيرد عليه: شهر برك وكل عام وأنتم بخير.

وبعد الليلة الاولى تبدأ الليالي الجميلة وتكون بعد صلاة العشاء والتروايح، حيث يقوم الناس بزيارة بعضهم بعضا لتقديم التهنئة بحلول الشهر الكريم.

إن شهر رمضان المبارك يعود الناس بعد أن ينجزوا أعمالهم بقراءة القرآن، فمنهم من يذهب إلى المسجد ليصلي الظهر والعصر ويظل إلى المغرب يقرأ القرآن، والبعض يرجع إلى بيته بعد أداء صلاة الظهر والعصر ليقرأ القرآن في بيته.

إن الشهر الكريم في ذلك الزمان كان يتصف بألوان البر والتراحم، وكان الناس فيه أكثر حبا لبعضهم بعضا من سائر الأوقات، أما في هذا الزمان فإن الكثير من مظاهر الاحتفال برمضان قد انقرضت ولم يعد يهتم بها الناس، حيث ليس هناك استعدادت لاستقبال الشهر بفرح ولكن يحل ذلك الشهر كبقية الأشهر، حتى أطفال اليوم ليس لديهم الفرحة مثلما كانت تعم أطفال الامس، فيفرحون برمضان لمشاهدة المسلسلات التلفزيونية التي تعرض خلال شهر رمضان الكريم.

أما أطفال الامس فكان رمضان يدخل الفرحة على قلوبهم ويشعرون إلى جوار الفرحة بطمأنينة غريبة لما يسمعونه من الكبار الذين يحكون لهم أن الشياطين والجن تصفد إذا جاء هذا الشهر الكريم، مما يدفعهم أكثر إلى التجوال في الليل من أجل اللعب والابتهال بهذا الشهر الكريم بلا خوف من الجن أو الجنيات، ويقتحمون الأماكن التي دائما تروى عنها حكايات الجن لكي يتأكدوا.. تلك بعض الذكريات والصور الرمضانية في حضرموت.