مسلسلات رمضان .. دراما أصابتها الشيخوخة

> «الأيام» متابعات :

> في كل عام وفي شهر رمضان الكريم بالذات، تتحفنا القنوات الفضائية والأرضية بكم هائل من المسلسلات ، بل وكل سنة يزيدونا منها عدداً ، ومع كل طلعة رمضان أسأل نفس السؤال الذي يسأله كل الناس ، ما العلاقة بين هذا الشهر الفضيل ـ الذي تكثر فيه العبادة والروحانيات ـ والدراما ، وينتهي الشهر دون الوصول لإجابة ، ويبقى السؤال كما هو : هل يا ترى يوجد علاقة بين رمضان والدراما ؟ ولماذا لا توزع كل هذه المسلسلات على شهور السنة ؟ ولماذا تظل مختبأة حتى تنطلق مع مدفع رمضان من أول يوم لآخر يوم وحتى أيام العيد ، ونظل نعيد ونزيد في عرض المسلسلات طول شهور السنة ، فلماذا إذاً كل هذه التخمة الدرامية التي تصيبنا كل عام في هذا الشهر الكريم ؟!!!..

وبالنظرة الدقيقة لمسلسلات رمضان هذا العام ، وبعد مرور أكثر من أسبوعين على أحداث المسلسلات ، يستطيع المشاهد أن يحكم على مستوى الدراما والأداء ، وربما يأتي الإنطباع الأول عن دراما هذا العام بأنها دراما للأسف أصابتها الشيخوخة ولا تحترم عقل المشاهدين ، فأكثر المسلسلات المعروضة أبطالها تعدو الخمسين عاماً بل وبعضهم اقترب من السبعين ورغم ذلك ظهروا في مسلسلاتهم في أدوار أصغر من أعمارهم الحقيقية بعشرات السنوات .

ففي مسلسل “ من أطلق الرصاص على هند علام “ تؤدي بطلة المسلسل “ نادية الجندي “ دور صحفية وأرملة وأم لفتاة جامعية ، رغم أنها مواليد عام 1942 وهذا يعني أنها على مشارف السبعين ، ورغم ذلك تظهر في دور يصغرها بأعوام ، واستعانت في دور الزوج بالفنان “ إبراهيم يسري “ وهو يصغرها بسنوات طويلة ، وهذا طبعاً ليؤكد على صغر سنها ، بل وتأتي أغلب أحداث المسلسل بطريقة “ الفلاش باك “ وتظهر نادية الجندي في هذه المشاهد باعتبارها طالبة جامعية يتقدم “ خالد زكي “ و” إبراهيم يسري “ لخطبتها ، وعلى المشاهد أن يقتنع بأن مجرد لبس نادية الجندي للبنطلون الجينس الضيق والبلوزة الملتصقة بجسمها بأنها أصبحت طالبة جامعية في العشرينات من عمرها ، وبعد ذلك ترتدي الجيب والفساتين الضيقة وتسدل شعرها لتصبح امرأة في ريعان شبابها ونضجها ، وكأن على المشاهد أن يرى نادية الجندي منذ أكثر من أربعين عاماً وهي لا تلعب سوى دور الفتاة الحلوة المرغوبة، رغم أنها في الحقيقة شارفت على السبعين ، وعلى المشاهد أن ينسى هذا ويسلم بما تعرضه له الدراما لتصبح في النهاية دراما تستخف بعقول المشاهدين .

كما تؤدي “إلهام شاهين “ دور سيدة في مقتبل العمر وريعان الشباب ترتبط بزوجها وتظهر كعروس في أحداث مسلسلها “ قلب امرأة “ رغم أنها قاربت على الخمسين عاماً ، فهي من مواليد 1961 ، ويأتي هذا الدور لإلهام شاهين لا يناسب سنها فهي عروسة جميلة كل من حولها من رجال يتمنوها زوجة لهم ، وعلى المشاهد أيضاً أن يغفل التجاعيد التي تظهر في وجهها وأن يصدق الباروكة التي ترتديها وتسبيلة عينيها ونعومة صوتها لتصبح عروس في ريعان الشباب والجمال يتهافت عليها الرجال، وكررت “لوسي“ الأمر نفسه ، حيث تظهر في دور زوجة في منتصف العمر لا يزيد سنها على 35 عاماً فهي سيدة حامل تنتظر جنينها بفارغ الصبر، في حين أنها من مواليد 1957 وتبلغ 50 عاماً ، وذلك في مسلسل “سلطان الغرام”. ويأتي دور الفنانة الكبيرة “لبنى عبد العزيز“ في مسلسل “عمارة يعقوبيان“وكأنها سميحة في فيلمها الشهير“الوسادة الخالية“، فيأتي الدور غير مناسب لها ، رغم أن الجمهور اعتقد أنها ستعود له بدور قوي مثل أدوراها القديمة ويا ليتها توقفت عن التمثيل لتظل صورتها أما جمهورها كما شاهدها آخر مرة في فيلم “إضراب الشحاتين “ .أيضاً سن الفنان الكبير “صلاح السعدني“ لا يتناسب مع دوره في مسلسل “ نقطة نظام “ فهذا الدور كان في حاجة لممثل أصغر في السن.

دراما قريبة من المشاهدين :

ومن ناحية أخرى ظهر بعض الفنانين في أدوار مقاربة لأعمارهم الحقيقية مثل “يحيى الفخراني “ الذي يجسد رجلا في سن الستين في مسلسل “ يتربى في عزو “ وأيضاً “ كريمة مختار“ ، وكذلك “ يسرا “ ظهرت في دور مناسب مع عمرها الحقيقي .

وأيضاً الفنان الكبير “ عمر الشريف “ في “ حنان وحنين “ الذي يجسد دور رجل كبير يعود لوطنه مصر بعد غربة 25 عاماً في أمريكا ، وكذلك الفنان “محمد صبحي“ في مسلسله “رجل غني فقير جداً “ .

ورغم الطريقة الغريبة التي يتحدث بها والتي أرجعتنا لدوره في فيلم “ علي مظهر “ إلا أنه ظهر في دور مناسب لعمره ـ وكنا نتمنى منه أن يتحدث بطريقة عادية ، كان سيكون المسلسل أفضل بكثير ـ ، كما قدم كل من نور الشريف في مسلسله “ الدالي “ ،وفاروق الفيشاوي وبوسي في “ عفريت القرش “ ،و”حسين فهمي “ و” عبلة كامل “ و” محمد توفيق “ في “ حق مشروع “ ، كلها أدوار مناسبة لأعمارهم التي تتراوح بين الخمسين والستين ، مما أضفى على مسلسلاتهم مصداقية وجعلها قريبة من المشاهدين .

دراما تعاني من فقر الإنتاج وكثرة الأخطاء

ومن ناحية أخرى يبدو أن جهات الإنتاج الدرامي في مصر اعتادت على تكرار أخطائها، وخاصة في المسلسلات التاريخية والدينية ، فرغم أن الدراما السورية تفوقت على الدراما المصرية في الأعمال التاريخية لقوة الإنتاج والتمكن من اللغة العربية والإخراج الذي يتم تصويره في مواقع مناسبة للعمل وديكور ملائم له تماماً ، إلى أن فكرة إنتاج عمل تاريخي في مصر لم تتغير فلا يزال المنتج المصري يتعامل مع المسلسل التاريخي والديني باعتباره مسلسلاً عادياً يرصد له نفس الميزانية مما ينعكس بالسلب على العمل في النهاية وهذا أتى في المسلسل التاريخي الديني “الإمام الشافعي“ الذي كتبه الدكتور بهاء الدين إبراهيم وأخرجه شيرين قاسم وقام ببطولته إيمان البحر درويش ومنى عبد الغني ، فللأسف ظهر في المسلسل أخطاء كثيرة أرجعها أصحاب العمل أنفسهم لضعف الميزانية المرصودة له ، وبخل الإنتاج ، فمثلاً كان هناك مشهد بادية في الصحراء من البديهي أن يكون هناك مجموعة كبيرة من الخيام ، إلا أننا رأينا خيمتين فقط ، ومشهد أخر لقافلة تجارية من المنطقي أن يظهر عدد كبير من الجمال المحملة بالبضائع لكننا لم نر على الشاشة سوى ثلاثة جمال ، وطبعاً يأتي التقليل هذا بسبب ضعف الميزانية ، غير مشاهد قصر الرشيد وكل قصور الخلافة التي ظهرت بديكورات متواضعة جداً رغم أنه كان من المفروض أن تظهر واسعة المساحة وفخمة ومليئة بالخدم والحشم إلا أننا لم نر هذا للأسف. على العكس نرى في المسلسلات السورية مثل “ خالد بن الوليد“ و”الظاهر بيبرس “ أكثر مصداقية وبالتالي الأعلى مشاهدة لدى الجمهور العربي ، بسبب الانتاج الضخم فمسلسل “خالد بن الوليد “ تعدت ميزانيته الـ 25 مليون دولار ، بينما مسلسل “ الإمام الشافعي “ لا تتعدى الـ 7 مليون جنيه مصري ، ويا ليتنا نتوقف عن تقديم المسلسلات التاريخية لأنها تظهر ضعيفة بل ومخزية.

دراما مكررة ومملة

من ناحية أخرى نجد أن كثير من قصص المسلسلات أتت مكررة ومحفوظة من قبل المشاهد ، فلم تعد تجذبه لمتابعتها ، لأنه بالطبع يعرف نهايتها التي حفظها عن ظهر قلب ، ففي مسلسل “حق مشروع “ نجد فتنة ابنة محمد توفيق وعبلة كامل التي تعيش في سرايا كبيرة وتقع في حب “ كريم كوجاك “ وهو شاب فقير يعمل ابيه في أرض والدها ، التي تفضله على كل من تقدم لها وتقع في حبه وتفرضه على أسرتها وعلينا ألا نعلق على بيت هذا الشاب ، وهو مبني من الطين وكأن الرؤوس تساوت ليرجع بنا المسلسل لرواية “رد قلبي“ وأنجي التي تزوجت من علي ، رغم أن هذا لم يحدث في الواقع أبداً ، فلم يصبح حلم أي فتاة أن تترك القصور لتعيش في بيت من طين مع حبيب القلب .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى