الاستاذ عبدالسلام الأثوري، أمين عام المجلس اليمني لرجال الأعمال والمستثمرين رئيس المنتدى الاقتصادي والاجتماعي، بندوة منتدى «الأيام»:

> عدن «الأيام» خاص:

> عقد منتدى «الأيام» بعدن مساء أمس ندوة خاصة بـ (المشكلة الاقتصادية.. الرؤية والمعالجات) استضافت الاستاذ عبدالسلام الأثوري، أمين عام المجلس اليمني لرجال الأعمال والمستثمرين رئيس المنتدى الاقتصادي والاجتماعي، بمشاركة نخبة من المختصين والمهتمين، وبحضور رواد منتدى «الأيام».

وافتتحت الندوة من قبل الزميل نجيب اليابلي مرحبا باسم الاستاذين الناشرين هشام وتمام باشراحيل وباسم قراء «الأيام» المباشرين وعبر موقعها الالكتروني عبر الشبكة العنكبوتية من 162 دولة وباسم رواد منتديي «الأيام» في كل من عدن وصنعاء بضيف الندوة الاستاذ عبدالسلام الاثوري.

وأضاف الزميل اليابلي: «الاستاذ عبدالسلام الاثوري صاحب باع وذراع في عالم الاقتصاد وسبق أن كان أمينا عاما لجمعية الصناعيين اليمنيين وهو الآن بنفس المكانة ولكن في اطار المجلس اليمني لرجال الاعمال والمستثمرين، وأسس هذا الاطار مع زملائه.

قبل عشر سنوات وتحديدا في يناير 1998م كتب د. محمد الرميحي في افتتاحية مجلة «العربي» (متى تنتهي حيرتنا العقلية وتبدأ معجزتنا الاقتصادية) قال فيها إنه قد كتب عدة مرات في محاولة للاجابة عن السؤال المزمن الذي راوده والذي لا شك يراود القراء، وهو: لماذا تقدم الغربيون والشرقيون وتأخرنا نحن؟ وهم هنا أناس عديدون في الشمال والجنوب والشرق والغرب، وبرغم الاجابات العديدة فان الوضع العربي ما زال يواجه مرحلة التردي التي يخوض فيها منذ عقود ورحم الله استاذنا طه حسين حين قال: «يقولون اننا في مرحلة انتقالية وان النهضة آتية وانا أرى أن هذه المرحلة قد طالت اكثر مما هو مقدر لها وان النهضة قد تأخرت اكثر مما ينبغي».. ويضيف د. محمد الرميحي قائلا: «لقد علقنا اسباب التخلف العربي على عدد من المشاجب وسوقنا لها العديد من المبررات بداية من التركة الاستعمارية الثقيلة إلى اسرائيل التي تستنزفنا إلى قلة الموارد وهجرة الادمغة إلى الخارج ولكن يبدو أن المسألة اكثر تعقيدا من ذلك لانها تتعلق اساسا بالحالة الذهنية العربية وهي حالة كما أرى مزمنة لا علاج لها الا بادخال عالمنا العربي كله إلى غرفة انعاش مركزة لعله يفيق قليلا ويرى الهوة التي ننزلق اليها جميعا».

واذا عدنا إلى مجلة «نيوزويك» في عددها الاخير الصادر في 30 اكتوبر 2007م ماذا يقول ماركوس نولند وهاورد بت وهما من كبار الاقتصاديين الامريكييين، يقولان إن المشكلة في سؤالهما الذي طرحاه وهو متى يتقدم العرب؟ وهو جزء من كتابهما (الاقتصادات العربية في عالم متغير) يقولان: «ان المشكل هو أن التقدم الاقتصادي العربي الذي نشأ حديثا لم يترجم إلى وظائف» ويضربان مثلا على ذلك بأن الأردن والكويت والامارات العربية المتحدة قد ذهبت فيها معظم الوظائف الجديدة إلى الاجانب وليس إلى السكان المحليين، ويمضي الخبيران الامريكيان في الاقتصاد بأن مصر شهدت يوما نهضة اقتصادية مقارنة بكوريا الجنوبية وتايوان، ولكن ما الذي حدث؟ الذي حدث أن كوريا الجنوبية وتايوان حاليا ما تصدره في 3 أيام يوازي ما تصدره مصر في عام واحد، ويمضي الخبيران ويقولان إن تايلند لوحدها تصدر سلعا مصنعة أكثر من كل دول العالم العربي بالرغم من أن عدد سكان تايلند نحو ربع سكان الوطن العربي، وتعود قلة التصنيع كما يقول الخبيران الاقتصاديان إلى عدد من العوامل منها الافتقار إلى المهارات التقنية بسبب الانظمة التعليمية الجامعية السيئة فلا توجد اي جامعة عربية مصنفة بين افضل الجامعات في العالم إلى آخر الكلام..

والآن نترك الفرصة لمحدثنا الاستاذ عبدالسلام الأثوري».

< الاستاذ عبدالسلام الاثوري، أمين عام المجلس اليمني لرجال الأعمال والمستثمرين رئيس المنتدى الاقتصادي الاجتماعي: «بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.. بداية لا يسعني الا أن أقدم الشكر الجزيل للأخوين الناشرين هشام وتمام وللأخوة الحاضرين بمنتدى «الأيام».

وقبل أن ابدأ بمناقشة قضية ندوتنا اليوم حقيقة انا اقدر تقديرا كبيرا جدا مدى الجهد ومدى العمل المتميز لصحيفة «الأيام» وفريقها وقيادتها، والتي اصبحت علامة مضيئة في عالم الاعلام المقروء وايضا الصحافة الالكترونية واصبحت اليوم تبشر بايجابية عمل منتج لصناعة اعلامية نحن والرأي العام اليمني نحتاجها، فعلى الرغم من محدودية السوق الاعلامي في اليمن الا أن «الأيام» استطاعت أن تتصدر باقي العناوين واصبحت اليوم بالنسبة للكثيرين هي المصدر الموثوق للصحافة الخبرية التي يستقي منها القارئ المعلومات والاخبار وما يحدث في البلد بالذات.

وأنا من المتابعين لفعاليات منتدى «الأيام» وأجد نفسي اكثر انشدادا لما يطرح في منتدى «الأيام» من قضايا حارة وجيدة وايجابية وقضايا يحتاج اليها القارئ ليعرف من خلال ما تطرحه من آراء وافكار يتصدر لها بعض من صناع القرار أو ايضا المشاركون في صناعة القرار واصحاب المسئوليات والمفكرون ووجهاء اجتماعيون.

وفي اطار اللقاء الذي تم هنا مع الاستاذ صلاح محمد سعيد العطار، رئيس الهيئة العامة للاستثمار، والذي اثار اعجابي لما طرح في هذا اللقاء من افكار ومداخلات ورؤية قائمة على الشفافية في القضايا المتعلقة بالاستثمار وايضا موضوع ما طرح من اشكاليات وشكاوى تعبر عن حقيقة موضوعية ومعاناة يعانيها المستثمر والاستثمار في اليمن، فإن «الأيام» بهذا العمل انما اسهمت مساهمة ايجابية لمعالجة جزء من الخلل الكبير الذي ايضا يواجه هذه البلد في اطار وضعه الاقتصادي والاستثماري الذين نحن في اطار مناقشته، وهو المحور الذي سنطرحه في اطار المشكلة الاقتصادية أين تكمن وكيف تكونت وما هي اسبابها وما هي الرؤية للحلول وايضا اشكاليات البيئة الاستثمارية والمناخ الاستثماري.

عندما اتكلم عن مفهوم المشكلة الاقتصادية ومفهوم الاشكالية افرق بين المفهومين، بين مفهوم المشكلة الاقتصادية التي تحتاج إلى مواجهات وحلول وما بين الاشكالية التي تحتاج إلى معالجات.

فالمشكلة الاقتصادية إذا درسنا ظاهرتها اليوم في اليمن نجد أنها تعبر عن فجوة واسعة ما بين الحالة المعيشية للناس وما بين القدرة على معالجة هذه المشكلة في اطار القدرات والامكانيات القائمة، إذن هذه المشكلة تتمثل بمحدودية الموارد التي تدار من خلالها الدولة ومصالح المجتمع واعتمادها بالدرجة الاولى على مورد ريعي، بمعنى أن الاقتصاد اليمني ما زال اقتصادا ريعيا يغلب عليه اعتماد الدولة لا تمت اليه حقائق العملية الانتاجية والعملية الاستثمارية المنتجة والمولدة للثروات والمولدة لفوائض القيمة الاقتصادية ولا ايضا موفرة لفرص عمل تمكن الناس من مواجهة معاناتهم ومواجهة البطالة واتساع رقعة الفقر، وايضا كون الاقتصاد ما يزال يتركز في الدرجة الاولى على مورد ريعي فيعني هذا أن المشكلة ستظل غير قابلة للحل وأن الناس يستمرون بحاجة إلى توفير الدولة فرص العمل وتوفير تمويل مقتضيات الحياة المعيشية بعيدا عن الدور الذي يجب أن يشارك فيه المجتمع المتمثل في القطاع الخاص من القطاع الانتاجي والقطاع الاستثماري.

إذن كون الوضع الاقتصادي مازال مستمرا على مشكلة الريع فمعنى هذا أن تظل مشكلة الفساد ونهب الاموال قائمة بصورة مستمرة باعتبار أن المجتمع محدود المشاركة في اطار توفير احتياجات الدولة من خلال الوعاء الضريبي، واذا قسنا الوعاء الضريبي قياسا مع مستوى حجم الموارد التي تمول الميزانية العامة سنجد فجوة كبيرة جدا، فالمورد الضريبي يساهم في تمويل الميزانية العامة بنحو %16 ويساهم النفط بحدود 78 % وهنا تبرز المشكلة وتبرز الخطورة باعتبار النفط يمثل نحو %99 من حجم الصادرات ولا يساهم النشاط الاقتصادي المنتج سوى بنحو 11 % بما فيه قطاع السياحة وقطاع الصناعة وقطاع الزراعة وقطاع الاسماك، وبالتالي إذا تصورنا تراجعا حادا في اسعار النفط وتراجعا حادا في مستوى ما هو قائم اليوم من انتاج النفط المتراجع اليوم لكان الوضع الاقتصادي اليوم في هوة سحيقة وغير قادر على الاستقرار أو غير قادر على التمكن من معالجة المشكلة وربما لا تجد الدولة لمواجهة هذه القضية الا العودة إلى حدة التضخم الذي كان يعانيه اقتصادنا ما قبل مرحلة الاصلاحات، واعتقد أن هذه الاشكالية بمضمونها تعبر عن مشكلة في ادارة الموارد الاقتصادية التي لم ترتق إلى اضافة مجالات واهتمامات في النشاط الانتاجي سواء في القطاع العام أو ايضا تراجع القطاع الخاص في الولوج إلى الاستثمارات بالصورة التي كانت تطرح عندما بدأت عملية الاصلاحات بأن القطاع الخاص يجب أن يستوعب اكثر من 80 % من الايادي العاملة الموجودة في السوق.. إذن ما هي المشكلة؟

يمكن القول إن اليمن تغلب على الفساد الاكثر يعني مجازا وهو المتمثل بالتشطير باعتبار أن التشطير كان يمثل الفساد الاكبر في اطار وجود شعب مشطر ومجزأ وكان من وقت لآخر يواجه بعضه البعض في صراعات وحروب واستنزافات وكان يكايد بعضه البعض في استنزاف الموارد للعملية الامنية وعملية الكيد ضد الآخر، وصحيح أن دولة اليمن الموحدة ورثت اشكاليتي نظامين سياسيين واقتصاديين كانا متشابهين إلى حد كبير في تكوينهما الاقتصادي مع فارق بسيط في نظام الشمال الذي اتاح الملكية الخاصة والمبادرة الخاصة في سقف معين من الانشطة الاقتصادية ولكن ظل القطاع العام هو الغالب في هذين الاقتصادين، وايضا شهدت مرحلة الوحدة أزمات وحروبا ادت إلى استنزاف وارباك واقع الدولة واصبحت بعدها الدولة تعيش حالة تناقضات وايضا فوضى مازالت مستمرة حتى اليوم وتزداد يوما بعد يوم، السبب الذي افرغ الدولة من قدراتها وامكانياتها على معالجة اي مشكلة اقتصادية، السبب ربما ليس بعيدا عن فهمنا، كلا، وهو غياب الاطار المؤسسي لدولة مؤسسية تستطيع أن تتحكم في الموارد وتوظفها التوظيف الأمثل للارتقاء بها والخروج من الاشكاليات.

إذن الدولة للاسف الشديد لم تعمل خلال الحكومات الماضية.. لم تعمل من خلال رؤية واضحة، وأي حكومات لا تعمل من خلال رؤية لا تستطيع أن تصل الى نتائج ايجابية أو إلى تحقيق اهداف، وهذا هو لب المشكلة الاساسية.

إذن المشكلة التي نحاول اليوم طرحها والتعامل معها هي: غياب الرؤية وغياب الارادة وضعف الادارة.. تلك هي المقومات الاساسية التي تتحقق منها نتائج ايجابية أو تحقيق اهداف أو صناعة مشروع حضاري.

عندما نذهب بعيدا للاطلاع على تجارب الغير ونرى ما هو الفرق بين التجربتين الماليزية والمصرية في الوقت الذي كانوا فيه في العام 1980م في مستوى اقتصادي واحد ومستوى دخل الفرد كان حينها في ماليزيا في 1960م (600 دولار) وهو نفسه في مصر واليوم ماليزيا حجم صادراتها تصل إلى 130 مليار دولار بينما مصر وسكانها 70 مليونا اي ثلاثة اضعاف سكان ماليزيا تصل صادراتها إلى 11 مليار دولار بما فيها النفط وهذا يعني أن العقلية الذهنية التي تحدث عنها الأخ نجيب يابلي ستظل هي المشكلة التي نعانيها نحن ايضا اليوم، بمعنى اننا لا نتعامل مع متطلبات واحتياجات قواعد التطوير والتحديث والتغيير والتوافق مع مع ما يحدث اليوم حولنا من تطورات وتغيرات عديدة استطاعت ان تتسابق اليوم من الدولة للوصول إلى نتائج واسعة.

إذن مشكلة الدولة ستكون نتاجا لطبيعة الذهنية التي تسير وتدير المصالح وبالتالي تؤدي إلى نتائج مخيبة للآمال، فإذا شخصنا واقع الدولة اليمنية ومؤسساتها وحكوماتها واجهزتها سنجدها تتصف بواقع الضعف والهشاشة والعشوائية وغياب المنهج للبناء المؤسسي والقانوني وتقادم المعايير النظامية الهيكيلة للادوات التنفيذية، فتلك المعايير والهياكل لم تعد على مستوى التوافق لاستيعاب حقيقة الواقع ومتطلباته ولا تتوافق مع مستجدات التطورات السياسية والاقتصادية والمعرفية وغير قادرة على استيعاب متطلبات النهوض الداخلية ولا اشكاليات التحولات الخارجية ومجرياتها سياسيا واقتصاديا ومعرفيا وعلميا، الامر الذي يضع الدولة والمجتمع اليمني في مأزق واقع لا يسمح بالتطور والنهوض ويضاعف من تصاعد التحديات والمشاكل الاقتصادية والامنية، ايضا وفقا لهذا الواقع واشكالياته فان الدولة كاطار عام وواسع تتطلب اعادة صياغة لمكوناتها وتوجهاتها وتقييم منظوماتها القانونية والادارية واعادة تشكيلها وفقا لرؤية واضحة، وهو الامر الذي يعبر عن حاجة ماسة وضرورية لمنهجية تحديث الدولة اليمنية ووظائفها لتكون قادرة على تحقيق الاهداف الاستراتيجية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وعلميا وثقافيا بحيث تكون قادرة على مسايرة التطورات العالمية لما تمثله هذه الحاجة من ضرورة اساسية وملحة لمواجهة التحديات التي تفرض نفسها كتحديات تضع الدولة اليمنية ومجتمعها في معترك خطير لا يمكن الانتصار فيه الا بمنهجية تحديثية لوظائفها ومؤسساتها وبرامجها التعليمية والقانونية تستقيم على المعايير الضامنة للنجاح وتمكن القيادة السياسية والحكومة والادارة والقطاع الخاص والمجتمع اليمني من مواجهة التحديات التي تهدد السلام والامن الاجتماعي والوحدة الوطنية وتهدد الدولة بضروب من الفوضى وعدم الاستقرار وتهدد البلاد بالتشظي والتشتت.

إذن نحن بحاجة اليوم إلى الوقوف لمعرفة مقتضيات الدولة باعتبار أن اي نجاح اقتصادي هو نتاج لفاعليتها المؤسسية.

الادوات اليوم المطلوبة للنجاح لم تعد الادوات السابقة ولا السياسات المعتلة فالادوات اليوم يجب أن تكون جميعها متوافقة مع ما يستجد من ادوات جديدة ينتجها العلم والتطور التقني والفكري والعلمي والمعرفي، فالادوات والآليات المناسبة للنجاح والتنمية اليوم هي ادوات جديدة تتجاوز طبيعة الآليات والادوات القائمة التي لم تعد مناسبة لتحقيق الاهداف بعد أن اثبتت فشلها بصورة كبيرة الأمر الذي يشترط ضرورة التغيير المناسب للتعامل معها وتحقيق النجاحات والنهوض الحضاري للمجتمع اليمني ودولته الموحدة.

اذن نتاجا لهذه الاشكالية نأتي الآن لاستعراض حقيقة الواقع الاقتصادي واشكالياته بمجموعة نسميها مجموعة التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني.. لم يكن من الممكن أن تتطور العملية في اليمن وتحريك مرتكزات النمو وقواعد النهوض داخل المجتمع ما تزال محاطة بالعديد من القيود والاشكالات والعوائق المعيقة للاعمال والاستثمار من تركز الاعمال وهيمنة الاحتكار وضعف سلطة القانون وغياب البعد المؤسسي الانتاجي للدولة والمجتمع وتركز انشطة القطاع الخاص في مجال الاستيراد ومحدودية الاستثمارات الانتاجية التي غلب عليها الصناعات التحويلية وصناعات التعبئة وتركز الانشطة الخدمية الكبرى في ايدي قلة سمحت لهم بالتمكن من الاستيلاء على مصادر الثروة، وهذه هي أصل المشكلة، فالله سبحانه عندما حرم تركز الاموال حتى لا يكون المال دولة بين الاغنياء فقط باعتبار أن المال عندما يتركز في ايدي القلة وفئات تتحكم بهذا المال يفقد المال دورته الاقتصادية ولا يتحرك بين الناس ولا ينتفع منه الناس من خلال الاعمال والمناولات ومختلف الادوات، ولذلك حرم الله سبحانه وتعالى التكنيز للذهب والفضة ليس لانه لم يدفع الزكاة انما لان ذلك يمنع تشغيله في السوق ويمنع استفادة القاعدة الواسعة من الناس منه مما يحول دون منع توسع اكبر دائرة من الفقرة ومنع تحول الانسان إلى مستغل.

الاقتصاد الوطني عندما نشخصه تشخيصا منهجيا سنجد انه اولا يتميز بهشاشة البناء واختلال الهياكل وضعف معدلات النمو وانحسار مقوماته الانتاجية، وتتشكل التحديات البيئية الاجتماعية والسكانية والديمغرافية ونمو السكان هي اكثر المخاطر المتمثلة في هذا النمو السكاني الذي لا يوازيه توازن في نسبة النمو الاقتصادي ونمو الموارد وزيادة الدخل، كما تتنامى معدلات البطالة والفقر بنسبة متزايدة ايضا ويتنامي مع ذلك معدل الفساد والرشوة ونهب المال العام والاختلالات الوظيفية في اجهزة الدولة والاجهزة الحكومية والقضاء ونشاط الاعمال والسلوكيات الاجتماعية ويزداد مستوى الغنى لدى قلة من الناس على حساب الاغلبية، من هنا لا نستطيع أن نعالج مشكلة البطالة أو توفير فرص العمل بالتركيز على الزام الدولة بفتح فرص عمل من خلال هيكل الاعمال لديها وانما دورها الاساسي بكيف تستطيع أن تصنع واقعا وبيئة استثمارية قابلة لأن تنمو من خلال الاعمال، وهذا هو الهدف الاساسي من وظيفة الدولة، ويواجه اليمن ايضا تحديات اخرى استراتيجية تتمثل في انخفاض احتياطات النفط المورد الاساسي للدولة والذي يمثل 79 % من نسبة صادراتها و77 % من الموارد المباشرة لميزانية الدولة، وبحسب التقديرات فان الاحتياطات النفطية ستنتهي بحسب ما قاله فخامة الاخ رئيس الجمهورية في ملتقى اللجنة الدائمة في فبراير 2004م عام 2012م ووفقا لهذا الواقع فاليمن تواجه مشاكل خطيرة بسبب اعتمادها على النفط في تسيير شؤونها الاقتصادية والادارية والسياسية والامنية والعسكرية والمصدر الاساسي للعملة الصعبة التي تتجه لشراء الحاجات والسلع والخدمات الخارجية، وقد تواجه ارتفاعات العجز والتضخم خلال السنوات القادمة إلى مستويات متضاعفة مما سيفقد الاقتصاد اليمني كل ما تم تحقيقه من استقرار محدود وستفقد الدولة القدرة على حماية ذلك وقد يعود الوضع الاقتصادي إلى المربع الاول المحكوم بتضخم جامح يدمر كل أصول المجتمع والدولة والادخارات فإذا لم تطور اليمن سياستها الاقتصادية والاستثمارية وبمعايير جاذبة للحركة الاستثمارية المنتجة للسلع والخدمات الموجهة نحو تغطية احتياجاتها من الاسواق الخارجية والتقليل من الاعتماد على النفط كمورد اساسي واحلال البدائل الاقتصادية المولدة للثروة فإن نتائج هذا الواقع ستؤدي إلى انهيارات متدرجة وسريعة.

نحن كنا نحذر من اشكالية ارتفاع الاسعار العالمية والتي نجمت عن حالة الارباكات والصراعات الدولية القائمة على مصادر النفط وموارد الطاقة والاحداث التي تدور في المنطقة وتأثيراتها على مسألة النمو الاقتصادي وقضايا الارهاب ومشكلاته وآثاره ومدى تأثير كل تلك العوامل على ارتفاع السلع والانتاج العالمي ونحن دولة للاسف الشديد اقتصادنا يعتمد على اكثر من 92 % مما يستهلكه يستورده من الخارج وبالتالي سيكون تأثير العوامل الخارجية بمدى اعتماد الاقتصاد على الخارج لتلبية ما يستهلكه وبالتالي كل دولة يزداد نسبة اعتمادها على الخارج يزداد ايضا تأثيرات الخارج عليها بشكل أو بآخر وهو ما حدث، نحن في العام الماضي وخلال مرحلة الانتخابات طرحنا فكرة اساسية على الحكومة وقلنا لها إن ارتفاع اسعار القمح التي كان سعر الطن حينها نحو 200 دولار ستكون كبيرة جدا وبنحو ضعفين وقلنا يومها إن الدولة يجب أن تتحرك بعمل تعاقدات لشراء احتياجاتها السنوية كاملة لعام 2007م من الآن استفادة من الاسعار القائمة والحصول على امتيازات ولكن لم يقوموا بذلك.

كان برنامج الاصلاحات ضرورة اساسية وضرورة وطنية باعتباره مخرجا اساسيا لتجاوز الاشكالية الاقتصادية ومقومات هذا البرنامج الذي تم الاعتماد عليه بشراكة مع شركاء اليمن والبنك الدولي وصندوق الدولي وكان لا بد أن يتم التجاوب إلى حد كبير لشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في السياسات للحصول على دعم من البنك الدولي، ونحن نعرف أن عملية الاصلاحات هي عملية معقدة لا يمكن تجاوزها بسهولة ولكن عندما يكون هناك اصرار على النجاح وكما عملت كثير من الدول ووصلت إلى نتائج ايجابية كما ذكرنا ماليزيا نموذجا وإن كان الماليزيون لم يقم تنفيذ الاصلاح عندهم على علاقة دولية انما على برنامج ونموذج داخلي اعتمد على نظرية (سرب الأوز) بالاقتداء بالنموذج الياباني وخلال عشر سنوات وصلوا إلى مرحلة الاقتصاد الانتاجي بعد أن كان اقتصادهم قبلها اقتصادا اشبه بالاقتصاد الريعي المعتمد على التصدير.. تصدير زيوت النخيل وايضا على موارد نفطية محدودة ولكن عندما تحولوا إلى الاقتصاد الانتاجي والمعرفي بدأ هذا النموذج يرتقي ويتميز عن باقي النماذج بل حتى عندما حدثت الأزمة المالية في 96م بجنوب آسيا كان الاقتصاد الماليزي الوحيد الذي امتلك ادوات لادارة ازماته الاقتصادية بكفاءة وتجاوز الخطر الذي فرضه المضاربون في البورصات في آسيا.

الحقيقة نحن نعتبر أن انجازات برنامج الاصلاحات لدينا كانت ايجابية إلى حد ما بأنها منعت الانهيار وخلقت نوعا من الاستقرار الاقتصادي وتحكمت في العجز والتضخم وهي مقدمة مهمة للانتقال من هذه المرحلة الاقتصادية التي نسميها (اقتصاد الصمود) التي يتطلب اتخاذها عندما يكون اقتصادك قابلا للانهيار ويتم تطبيقها لعمل تثبيت وصمود لمنع الانهيار، وكان يجب بعد اقتصاد الصمود أن يليه فيما بعد الدخول في اقتصاد المعالجات، واقتصاد المعالجات هو الذي يعيد النظر في كل السياسات والقوانين والتشريعات والبنى الهيكلية والنظم الادارية والاقتصادية التي تتوافق مع تحقيق اهداف اقتصادية مبنية على رؤية الدولة بكل مكوناتها واجهزتها وتشد كل الاطراف معها احزابا ومجتمعا مدنيا وقطاعا خاصا بأن يتعاملوا مع هذا الاتجاه في اطار ما يسمى بمفهوم (اقتصاد المعالجات) على اساس أن تؤسس بيئة استثمارية ناهضة سليمة بعيدة عن المخاطر والعوائق والمشاكل التي تعيق جذب رؤوس الاموال والاستثمارات من الخارج أو الاموال المستثمرة في الداخل بمعنى اعطاء اعتبار اساسي للبنية الاقتصادية المنتجة.

وعندما بدأنا ندخل في اقتصاد المعالجات وجدت الدولة انها تتقاطع مع كثير من المصالح، ووجدت انها تتقاطع مع اشكاليات وتناقضات منهجية وبنيوية اساسية، هناك ضعف في الكفاءة المعرفية والادارية والقيادية وهذا الضعف ادى إلى ابقاء الاقتصاد اليمني في وضع (اقتصاد الصمود) اي اقتصاد التثبيت ولم يرق إلى مفهوم اقتصاد المعالجات حتى يصل إلى مرحلة (اقتصاد النهوض) ومن ثم (اقتصاد التنافس).

نحن نعرف أن نسبة النمو ترتفع بشكل أو بآخر من خلال النشاط الانتاجي أو النشاط الاستثماري وبحد ذاته ايضا نسبة النمو لا يعني معالجة قضية الفقر أو البطالة ولكنها قد تكون مؤشرات عامة، لكن القاعدة الافقية في استيعاب حركة النشاط الاستثماري هي التي تبنى على رؤية كيف تحقق الاهداف الاقتصادية في ربط المجتمع وتلبية احتياجات المجتمع ومعالجة قضاياه من خلال ادارة المعالجات للمشاكل التي تعيق العملية الاقتصادية مما ادى إلى اختلالات واسعة في الوضع الاقتصادي الذي مانزال اليوم نعاني من اشكاليات كثيرة فيه قد تعيدنا إلى المربع الاول.. مشكلة التضخمات نحن الآن نعاني من تضخمات، صحيح أن العملة استقرت في واقع 200 للدولار الواحد ولكن هناك تضخما في العملة بحد ذاتها، تضخم غير مرئي تضخم مستتر سببه ارتباط العملة بالدولار ولو كان هناك تحرر من الارتباط بسلة الدولار لكانت العملة تحولت بشكل أو بآخر نتيجة لوجود الاحتياطات الخارجية تتقوى في طبيعة العملة ونسبة العملة التي واضع احتياطاتها فيها سواء في اليورو أو الين ولذلك ستجد أن نسبة ما خسرته العملة خلال 2007م لا يقل عن 10 % من قيمتها الاساسية قياسا مع الخسارة التي لحقت بالدولار باعتبار أن غالبية الاحتياطات الخارجية للاقتصاد اليمني مودعة بالدولار خارجيا.

كما قلت إن الرؤية هي اساس النجاح والارادة هي اساس تعزيز تطبيق وتنفيذ متطلبات الرؤية والادارة هي التي نستطيع من خلالها تنفيذ البرامج والسياسات، واذا جئنا هنا إلى مناقشة قضية اساسية ومحورية تمثل واحدة من القضايا الخطيرة جدا التي مازالت الدولة لم تعالجها رغم الضغوط المحلية والخارجية، وهي قضية الهدر الاقتصادي وربما هو الذي اربك الدولة بكل امكانياتها وقدراتها عن أن تصل إلى نتائج تحافظ من خلالها على الاقل على الاستقرار الاقتصادي، هناك هدر مباشر وغير مباشر، الهدر المباشر يتمثل في المشاريع التي تنفذ بطريقة عشوائية وبمواصفات لا تتفق اساسا مع هدف المشروع وهناك ايضا هدر في ما يسمى بقضية الدعم، البعض ربما سيجدني مغاليا عندما اقول إنني اطالب مثلا بالتحرر من دعم المشتقات النفطية باعتبار أن اكبر مشكلة هيكلية تتمثل في استنزاف الامكانيات والقدرات المالية للدولة والى آخره تتمثل في قضية الدعم، وهذه حقيقة، فنحن نهدر ونصرف في مجال الدعم ما يساوي 45 % من دخل النفط (ما يساوي مليارين ومئتي مليون تذهب مباشرة إلى دعم المشتقات النفطية) وهذه النسبة العالية اولا سببها الرئيسي هو الانخفاض الواسع للعملة الوطنية لانه كلما انخفضت قيمة العملة الوطنية زادت الفجوة في قيمة الدعم باعتبار أن القياس الاساسي لقياس القيمة الاساسية الداخلية تقاس بالعملة المحلية، الامر الثاني أن قضية التخلص من الدعم ليس شرطا أن ترفع من قيمة المشتقات النفطية مباشرة وانما من خلال احلال مصادر اخرى تعفيك من استخدام الديزل في انتاج الطاقة، وتمثل اليوم مسألة الدعم للديزل الذي يمثل النسبة الغالبة اكثر من 65 % من حجم دعم المشتقات النفطية ونحن نستهلك شهريا ما يساوي 235 ألف طن من الديزل نستورد من هذه الكميات 150 الف طن من الخارج وننتج في الداخل 80 الف طن ونستورد بالعملة الصعبة بقيمة الطن يتجاوز اليوم بزيادة الاسعار 620 دولارا للطن الديزل وبالتالي الدولة تصرف وتخسر بحدود 28 مليار ريال شهريا لدعم الديزل، والكهرباء الحكومية تستهلك بحدود 90 الف طن من الديزل شهريا ويستهلك في توليد الطاقة غير الحكومية ما يزيد عن ذلك ولو جئنا نقيس ما تستهلكه من الديزل لانتاج الطاقة الحكومية وغير الحكومية نجدها تزيد عن مليار وثلاثمائة مليون دولار، والحكومة تستطيع في هذا الاتجاه أن تتجه وخلال خطة وبرنامج زمني لا يتجاوز ثلاث إلى اربع سنوات لانشاء طاقة بديلة تقوم بالغاز وحتى لو تحول جزء من الاحتياطات إلى قرض داخلي ممول من خلال التمويل الداخلي لتوليد الطاقة واستثمار الطاقة من خلال شراء محطات بالغاز والاستثمار في متطلباته والشبكة الخاصة بها لكان اجدى ونستطيع أن نسدد قيمة ما يزيد عن حوالي 2500-3000 ميجاوات من قيمة الدعم لثلاث إلى اربع سنوات وبالتالي نكون قد حللنا مشكلة اساسية في توفير الطاقة التي تعد الركيزة الاساسية لمتطلبات الاستثمار والانتاج، الطاقة التي تمثل المستنزف الاكبر اليوم لمشكلتنا الاقتصادية وبالتالي لو وفرنا هذه المبالغ لتمكنا من تجاوز كثير من الاشكالات المعيقة اليوم في واقعنا الداخلي، نحن نعرف اليوم أن سياسة الاجور التي اتجهت الدولة إلى تطبيقها تحتاج إلى ما يزيد عن 200 مليار في المرحلة الثانية وهي لا تستطيع أن توفر هذا المبلغ ولذلك تراجعت عن تنفيذ النسبة الغالبة من نسبة تنفيذ استراتيجية الاجور إلى تخفيضها إلى 20 % مما كانت تريد أن تنفذها في برنامجها السابق، اذن نحن في مشكلة ادارية ومشكلة وضوح ومشكلة رؤية، ولو كانت توفرت الرؤية لكنا حللنا مشكلة الطاقة خلال السبع السنوات الماضية من يوم توفر لدينا الغاز بكميات كبيرة وما كنا ايضا توجهنا إلى اهدار هذه الثروة الكبيرة جدا والتي ربما ستورد لنا مبالغ لا تصل حتى إلى نسبة ما نقدمه دعما للديزل في انتاج الطاقة الحكومية، واعتقد ان هذه قضية من اهم القضايا التي تشكل اساس الهدر الاقتصادي نتيجة لغياب الرؤية والادراك.

وللاسف الشديد الاحزاب السياسية إلى اليوم لم تقدم رؤية حول هذه القضايا ذات الاهمية والقيمة الاساسية وضاعفت اليوم من المشكلة التي نعانيها من قضية الهرج والصداع الاعلامي - مع اعتذاري لهذه الكلمة - لكن ايضا لم تذهب مباشرة إلى معرفة القضايا الحقيقية التي يتطلبها واقع اقتصاد البلد وايضا تقديم الرؤية لمعالجتها، وهذه تشكل في الاخير مشكلة جماعية بين قيادة الدولة والاحزاب السياسية ونجد نحن انفسنا ايضا نعيش في حالة الضرر الذي يأتي نتاجا لهذه المشكلات الاقتصادية.

تظهر الصورة بشكل مقلق حقيقة مع تزايد التراكمات المالية والطفرة المالية من النفط في منطقة الخليج التي استطاعت كثير من الدول أن تستفيد منها لجلب رؤوس اموال واتجهت إلى جلب واستثمار هذه الاموال، والمغرب تجاوز حجم الاستقطابات الاستثمارية ما يزيد عن 30 مليار دولار خلال الاربع السنوات الماضية، سوريا تجاوزت 7 مليارات، مصر تجاوزت 15 مليارا ودول كثيرة تجذب استثمارات بينما اليمن التي تشكل جزءا من هذه الخارطة الجغرافية للمنطقة التي تنتج هذه الثروات الكبيرة من البترول وما إلى ذلك لم تستفد إلى اليوم بأي نسبة تذكر بل وصلنا في العام 2005م إلى نسبة سالبة في مسالة الاستثمارات الاجنبية، وهذه إذا وقفنا عند هذه المشكلة لماذا لم نستطع جلب الاستثمارات الخارجية على الرغم من أن لدينا قاعدة واسعة كان بالامكان أن نستفيد منها وهي قاعدة المغتربين اليمنيين الذين لو قسنا حجم ثرواتهم وامكانياتهم في دول الخليج لتجاوزت 50 مليار دولار، وبالتالي لم نستطع حتى أن نستفيد من هذا الاتجاه ونشكل له رؤية لجذب رؤوس الاموال والاستثمارات المغتربة بشكل كبير واحضار استثمارات عالية إلى البلد، إذن غياب الرؤية الاقتصادية الناضجة لدى الحكومة حول البدائل الاقتصادية عن النفط تشكل نفس المشكلة فنحن اليوم نعاني مشكلة تراجع في حجم النفط وكل عام يزداد الفاقد بنسبة 3 % وربما يزيد عن هذه النسبة وربما لو أتينا باكتشافات نفطية وما إلى ذلك لن تغطي العجز، والذي عوضنا هي مسألة زيادة الاسعار لكن بنفس الوقت زيادة الاسعار هي كارثة حيث تؤثر على اسعار المنتجات الاستهلاكية التي نستوردها من الخارج فالنايلون ارتفع من 30 دولارا للطن القادم من امريكا إلى اليمن إلى 120 دولارا، وبالتالي فإن ارتفاع اسعار النفط بقدر ما هو ميزة يتحول إلى كارثة للدول التي يعتمد اقتصادها على الاستيراد ولو بدأنا في قضية استكشافات النفط سنحتاج إلى ست سنوات حتى تصبح الاكتشافات الجديدة قابلة للتصدير، والاكتشافات الجديدة ربما هي جديدة ولكن لم تدخل في الاستغلال المباشر والتصدير حتى تمتد الانابيب إلى المرافئ ومع ذلك هناك مشكلة اخرى تتمثل في قضية الاتفاقيات والمناقصات التي تمت فمنذ تمت في نهاية 2005م من يومها وحتى الآن لم تناقش وتعتمد لا من الحكومة ولا من البرلمان ولا من المجلس الاقتصادي، وهذا التأخير يؤثر على خطط الشركات التي فازت بالمناقصات بشكل سلبي وبالتالي نحن سنحولها إلى مشكلة تتعلق بالكلفة الانتاجية للنفط التي ستزداد كلفتها على البلد وسيكون هناك تأخير في استغلال النفط بحد ذاته عندما تتأخر الشركات في عملية الاستكشافات وعملية الانتاج.

هناك كثير من الاشكاليات المنهجية التي لو فصلناها في قضية الواقع الاقتصادي لوجدنا انفسنا في حديث واسع ولكن دعونا نتكلم عن قضية اساسية ومنهجية نتيجة لغياب الرؤية وهي كيف نحول المجتمع إلى مجتمع مستفيد من اي تطور اقتصادي؟ اعتقد أن المجتمع والكثير من الناس لديه اموال وامكانيات إلى حد ما ولكن لا يجيد ادخارها ويودعها في البنوك، والبنوك لا تقوم بتصريفها أو بادخاراتها داخليا وكثير من البنوك توجه ادخاراتها إلى الخارج للادخار أو تركز فيها على تمويلات النشاط التجاري، وهذا عيب من عيوب الوضع الاقتصادي الذي يضيع على البلد اقتصادية تنموية استثمارية لان هناك اشكالات في البنية الاستثمارية الجاذبة للاستثمارات، هناك مشكلة في واقع السياسات، في واقع القوانين في البنية التحيتة والارض وهذا الذي سنتحدث عنه في اطار مشكلات عدن وقضايا عدن وما إلى ذلك عندما نتحدث عنها كالنموذج القابل لان يعكس اثره وتأثيراته الايجابية على تنمية البلد بشكل عام.

انا كنت تقدمت برؤية حول تطوير النظام المصرفي، والنظام المصرفي يعاني مشكلة تتعلق بالنظام القانوني وهو نظام يكرس الاحتكار ويمنع استقطاب رؤوس الاموال الخارجية، البنوك التجارية خاضعة لقانون الشركات ويفرض قانون الشركات لانشاء شركات لا بد أن تكون الملكية موزعة بين 49 و51 ومع هذا لم يستطع النظام المصرفي اليمني تطوير القطاع المصرفي التجاري، بينما النظام المصرفي الاسلامي هو اشد قتامة في طبيعة تكوينه وطبيعة النظام المنظم لهذا القطاع فقانون البنوك الاسلامية يفرض شرط أن الملكية ما دون اليمنيين يجب أن لا تزيد عن 20 % ولما تم انشاء البنوك الاسلامية لم ينشئها سوى قلة من اليمنيين استطاعوا أن يستفيدوا من ميزة الاعفاءات الضريبية التي عاملت البنوك الاسلامية كمشاريع استثمارية انتاجية، وبالتالي لما أتينا بمستثمرين سعوديين وخليجين لانشاء بنوك كبيرة وما إلى ذلك وقف هذا الشرط حائلا امامنا بشكل لم نتمكن اساسا أن نتجاوزه حتى نوجد مؤسسات مالية مصرفية استثمارية قوية تستطيع أن تخلق تنافسية وتمويلات استثمارية كبيرة في السوق، ورغم مطالبتنا منذ سنين بمعالجة هذه القضية لم يتنبهوا إلا مؤخرا في اطار الحكومة القائمة التي طالبت بتعديل القانون على اساس قياسه بنفس نسبة ما هو قائم للبنوك التجارية، قلنا اذن نحن في اشكالية اخرى مازلنا نكرس قضية الاحتكار ولا نأتي بتوجهات وسياسات توسع حجم المستفيدين في السوق فالأصل في هذه المؤسسات يجب أن تشترط أن تكون نسبة معينة فيها قائمة على الاكتتاب، وهي النسبة الغالبة حتى تتيح لعدد كبير من الناس المشاركة في تكوينها وتأسيسها وملكيتها ولا تتحول هذه المؤسسات إلى مؤسسات مالية تحتكر اموال وودائع الناس لتشغيلها في الانشطة الخاصة والمصالح كما هو الحال القائم.

نفس القضية أننا نطالب بانشاء سوق مالية والاخ محمد قباطي يطرح هذه الفكرة كثيرا، وقد خضنا كثيرا في هذه القضية حتى اصبحت كل حكومة تأتي في برامجها وبيانها بانشاء سوق اوراق مالية وتحول الحكومة المشروع إلى لجنة خاصة والى البنك المركزي وتأتي حكومة ثانية تحوله إلى وزير المالية ثم وزير المالية يرجعه إلى البنك والبنك يرجعه إلى وزير المالية وهكذا دواليك ومضت ثماني سنوات منذ بداية برنامج الاصلاحات إلى اليوم لم يتمكنوا من الخروج حتى بالوصول إلى رؤية حول التصور الذي يمكن أن يعالج هذه القضية ويخرج بها إلى النور.

ولكن من اين يمكن أن تبدأ؟ هل تبدأ بمجرد أن تنشأ سوق اوراق مالية وتتحول هذه السوق إلى تكريس نفس الفوضى والمشكلة والفساد وسلب اموال الناس بشكل أو بآخر واستخدام انشاء الشركات المساهمة كوسيلة لاحتكار الاموال واضاعة حقوق المساهمين .. المشكلة تحتاج إلى استيعاب البناء المؤسسي القانوني الذي يحمي حقوق الناس، حتى في الشركات السابقة التي قامت على اساس المساهمات سواء في البنوك أو شركات معينة فهناك شركات للاسف الشديد تحولت إلى اداة من ادوات الفوضى مثلا شركة الأدوية هي شركة مساهمة يملكها عدد كبير من الناس مع الحكومة ولكن تم التصرف في ممتلكاتها وحقوقها وهناك أصول من الوكالات لهذه الشركة تم التفريط فيها من قبل ناس مساهمين استطاعوا أن يسيطروا على هذه الممتلكات حتى بقيت الشركة بدون ركيزة انتاجية واسعة يستطيع أن يستفيد منها المساهمون بشكل أو بآخر وكان لديها مطبعة تم بيعها بطريقة غير قانونية وما إلى ذلك وبالتالي هذه الظواهر جميعها تؤثر على طبيعة البيئة الاستثمارية بشكلها الايجابي وصورتها الايجابية، ومن هنا عندما يتوفر النظام القانوني الذي يحمي حقوق المساهمين بشكل اساسي ورئيسي مدعاة اساسية لانشاء سوق اوراق مالية ويوفر ضمانا للمستثمر الذي يأتي بأمواله من اي مكان في العالم ليستثمر بمشروع عرف به بطريقة أو بأخرى وان يساهم عن طريق البنوك أو الانترنت أو اي وسيلة من الوسائل مادام هناك من يضمن له حقوقه وهو بعيد عن الادارة. كان هناك تفريط في فرص مهمة جدا الدولة تجعلها قاعدة لتوسيع الثروة على مدى واسع مثل شركات الاتصالات، شركات الاتصالات التي تم انزالها كشركات خاصة هذا يعبر عن خطأ منهجي في التصور وغياب الرؤية الاقتصادية باعتبار أن هذه الانشطة الاقتصادية دائما في كل الدول تتجه اليها الدول وتتعامل معها بطرق مختلفة عن المشاريع الاخرى اولا تفرض قيمة الرخصة للاستثمار في هذا المجال بقيمة عالية ومرتفعة وتشترط اساسا كل الحكومات أن تكون ملكية هذا النشاط تقوم بجزء منها على مساهمة مغلقة والجزء الاوسع على ملكية اكتتابية والشيء الثاني تفرض أن تكون ضرائب من الضرائب المتصاعدة التي لا تقاس بنسبة الضرائب الموحدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى