أخطر اختراق للميثاق الوطني الجنوبي.. الانتقالي حزب لا حامل قضية

> عدن «الأيام» تحليل سياسي:

>
  • خلطة أمريكية جديدة هدفها إطالة الحرب وتحطيم الفاعلين على الأرض
  • توجه إقليمي لتشكيل تكتل سياسي بعدن يعيد مسار السلام إلى نقطة الصفر
  • النعمان: الأحزاب المجتمعة بعدن استنجدت بالأمريكان لتوحيد صفوفها
  • الزامكي: التكتل مخطط لإضعاف الانتقالي جنوبًا وإخضاع الحوثي شمالًا
> أعلن في وقت متأخر من مساء الاثنين أن جلسة مشاورات عقدت في عدن لـ24 حزبًا ومكونًا سياسيًّا في إطار الشرعية خرجت باتفاق لإنشاء كيان جامع لكن سياسيين جنوبيين انتقدوا مشاركة كيانات جنوبية في اللقاء الذي وصفوه بأنه صمم لتحطيم الكيانات الفاعلة على الأرض ودمجها بمكونات وأحزاب قد انتهت ولم تعد ذات وجود في الداخل.

وصدر عن اللقاء خبر صحفي وصف الكيانات ورتبها بحسب المنظور السياسي الموجود في السعودية ولدى الدول الغربية وهو بحد ذاته قصور كبير في السياسة الخارجية لتلك الدول، حيث لم يعد للأحزاب والمكونات المذكورة بمعظمها وجود إلا في صالات الاجتماعات في الخارج ولا تأثير لهم في الداخل.

ويمكن تقسيم المشاركين إلى المكونات الحية المتواجدة على الأرض وهي: المجلس الانتقالي الجنوبي، المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، مؤتمر حضرموت الجامع، الائتلاف الوطني الجنوبي، مجلس شبوة الوطني، المجلس الثوري للحراك السلمي.

بينما المكونات والأحزاب الميتة هي: المؤتمر الشعبي العام، التجمع اليمني للإصلاح، الحزب الاشتراكي اليمني، التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، حزب اتحاد الرشاد اليمني، حركة النهضة للتغيير السلمي، التجمع الوحدوي اليمني، حزب البعث العربي الاشتراكي، اتحاد القوى الشعبية، حزب العدالة والبناء، حزب التضامن الوطني، حزب السلم والتنمية، الحزب الجمهوري، حزب جبهة التحرير، مجلس حضرموت الوطني، حزب البعث الاشتراكي القومي، حزب الشعب الديمقراطي (حشد)، الحراك الثوري المشارك في مؤتمر الحوار الوطني.

ومنذ الإعلان عن الاتفاق سادت حالة من الغضب لمشاركة المكونات السياسية الجنوبية في اللقاء وموافقتها على النص المنشور عن الاجتماع فقال المفكر والمحلل السياسي علي الزامكي في تصريح خاص: "قيام التكتل الحزبي اليمني كان الهدف منه استمرار الحرب ليس بهدف استعادة الشرعية اليمنية إلى صنعاء بل الهدف منه إضعاف طرفين سياسيين في الجنوب والشمال من هذا التحالف وهما إضعاف المجلس الانتقالي عسكريًّا وأمنيًّا وإضعاف الحوثي بهدف إخضاعه للقبول بالتسوية السياسية الأمريكية والمعدلة سعوديًّا وعمانيًّا.. هذا مخطط أمريكي قديم ولكنه هذه المرة جاء بتوصية ورعاية يمنية عبر ذلك التكتل الهزيل الذي لا يملك من نفسه سوى اسمه".

وأضاف الزامكي "أخطر نقطة في حوار قيادات الأحزاب والمكونات السياسية في اليمن التي نظمها المعهد الأمريكي وشارك فيها 24 حزبًا ومكونًا مؤيدًا للشرعية اليمنية هي: النقطة السادسة المتمثلة في تشكيل لجنة تحضيرية للإعداد لإنشاء تكتل سياسي ديمقراطي لكافة الأحزاب والمكونات السياسية المؤمنة باستعادة الدولة اليمنية. هذه النقطة يفترض من قيادات المجلس الانتقالي الوقوف أمامها بمسؤولية وطنية قبل أن يجد المجلس الانتقالي نفسه مكونًّا سياسيًّا هزيلًا ضمن 24 حزبًا ومكونًا".

واختتم "أوقفوا هذا العمل الأمريكي الخطير؛ لأنه امتداد لمواصلة الحرب المدمرة التي لن تأتي بنتيجة للجنوب سوى ضياع مشروعه السياسي الجنوبي المتمثل باستعادة دولته".

من جانبه قال السياسي والدبلوماسي اليمني مصطفى النعمان إن "الأحزاب التي تزعم الدفاع عن السيادة وترفع راية الوطنية استنجدت بالأمريكان ليوحدوا صفوفها… وكي يساعدهم المعهد الوطني "الديمقراطي" ووكالة التنمية الأمريكية على ممارسة نشاطهم في عدن".

وأضاف النعمان في تغريده علي منصة إكس "اجتمع ممثلوها وأكلوا وسكنوا على نفقة "المعهد" وفي نهاية حفل "الزار" التقطوا الصور التذكارية.. ومثل هذا يمارسه مكتب المبعوث الأممي بإقامة نشاطات في عواصم أوروبية جميلة تحت شعارات مثيرة للضحك… العبث الذي يجري في هذا البلد وباسمها يبعث على القرف والسخرية في آن واحد".

وقال سياسي جنوبي كبير طلب حجب اسمه: "إن هذا الإعلان هو إشارة واضحة لنية مبيتة لتطويل أمد الحرب الأهلية إلى مالا نهاية وإضعاف كل المكونات المتواجدة في الداخل والتي تنشط بين المواطنين ولديها شعبية أيضًا بهدف إبعادها عن الحكم".

الخبير العسكري والمحلل السياسي العميد خالد النسي قال إن"هذه حقيقة شراكة المجلس الانتقالي الجنوبي مع القوى والفصائل اليمنية وهذه حقيقة موقف القوى الإقليمية والدولية تجاه القضية الجنوبية، بعد التنازلات غير المحسوبة التي يقدمها المجلس الانتقالي الجنوبي باستمرار على حساب وطنه وحقوق شعب الجنوب نشاهد اليوم تطاول القوى اليمنية من داخل عدن، حيث إنهم أعلنوا عن تشكيل تكتل سياسي لكافة الأحزاب اليمنية بمشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي كحزب يمني واعتبارهم القضية الجنوبية قضية حقوقية سيتم حلها في إطار اليمن الواحد مع مطالبهم بعودة جميع مؤسسات الدولة إلى عدن كعاصمة بديلة بعد تخليهم عن صنعاء للحوثيين".

وأضاف "هذه النقاط هي النوايا الحقيقية للشركاء وباقي النقاط هي للكذب والخداع مثل حديثهم عن استعادة الدولة التي تخلوا عنها قبل عشر سنوات وحديثهم عن توفير الخدمات العامة والضرورية للمواطنين ومحاربة الفساد وهم أصل الفساد، كل ما يجري هو تطويع الجنوب وإخضاعه للقوى اليمنية بمباركة قوى إقليمية ودولية تبحث عن مصالحها فقط".
  • مأزق جديد للانتقالي
في عدن اعتبر سياسيون جنوبيون مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في اللقاء خرقًا خطيرًا لـ"الميثاق الوطني الجنوبي" الذي أعلن عنه يوم التاسع من مايو العام الماضي 2023 عقب ثلاثة أيام من الحوار والتشاور بين المكونات الجنوبية برعاية الانتقالي وتمويله... حيث شددوا على أن مشاركته أنزلته من مستوى أكبر تكتل سياسي ممثل للجنوبيين إلى حزب ضمن 24 حزبا آخر.

وكان من نتائج اللقاء بحسب التصريح الإعلامي "حل القضية الجنوبية كقضية رئيسية ومفتاح لمعالجة كل القضايا الوطنية"، وهو انتهاك صارخ لمضامين الميثاق الوطني الجنوبي الذي نصّ على أن الجنوب قضية شعب ووطن محتل عسكريًّا بسبب فشل مشروع الوحدة.

الأحزاب اليمنية، وبينها الانتقالي، اتفقت في الاجتماعات التي اختتمت الاثنين الماضي بعدن على "تشكيل لجنة تحضيرية للإعداد لإنشاء تكتل سياسي ديمقراطي لكافة الأحزاب والمكونات المؤمنة باستعادة الدولة (اليمنية)". وهو ما يُعد تخليًّا وتراجعًا من الانتقالي عن أدبياته المعلنة في الميثاق الوطني الجنوبي التي نصت على أن "تمثيل الجنوب وقضيته في عملية التسوية التي ترعاها الأمم المتحدة، يكون في إطار مستقل تكون بموجبه قضية شعب الجنوب أولوية في الحل وفق مفاوضات ندية ثنائية شمال وجنوب، ليس لقوى وأحزاب الشمال التدخل أو التأثير على تشكيل فريق التفاوض الجنوبي ويكون مكان التفاوض في دولة خارجية يحددها رعاة التسوية ويتم التوقيع على الاتفاق بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والدول الخمس دائمة العضوية والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي وبضمانات منهم لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه".

في حين ينظر مراقبون سياسيون ومحللون إلى أن تراجع الانتقالي من كيان جامع يحمل مشروعًا وطنيًّا ويمثّل إرادة شعب إلى حزب سياسي مساهم في حل قضية الجنوب لا صاحب القرار فيها... يشير إلى مخاوف من تفكك المجلس أو تفكيكه، يقول آخرون إن هناك ضغوطًا خليجية على الانتقالي للحد من سطوته على الجنوب، سياسيًّا وعسكريًّا، وهي ضغوط تسير أيضًا نحو التفكيك وسحب البساط، كما لا تخلو أيضًا من الاختبار لمدى إمكانية الانتقالي من الثبات على مشروعه ومدى إمكاناته السياسية على التفاوض والحوار، وكذا معرفة مستوى ما تبقى له من حاضنة شعبية وحضور فعلي في مناطق سيطرته.

لقاء الأحزاب اليمنية في عدن وما صدر عنه من بيان كان سبقه، وتحديدًا يوم السبت، اجتماع موسع عقده رئيس الوزراء د. أحمد بن مبارك مع قيادات تلك الأحزاب، أكد خلاله رئيس الوزراء على أن "أي خلافات بين مكونات الشرعية يعد خطأ استراتيجيًّا"، ما يعني أن الاجتماع كان على هامش التحضيرات للقاء الأخير بين الأحزاب أو خلالها، وهو ما يؤكد أن السعي للملمة أشلاء الأحزاب اليمنية والحديث عن تكتل وطني هو مسعى سعودي يُراد تمريره عبر الشرعية اليمنية، وربما بإيعاز أمريكي هدفه رسم مسارات جديدة لإعادة إحياء مسار السلام في اليمن وبأوراق جديدة ومشاريع قد تدفع بقضية الجنوب وتطلعات الجنوبيين نحو مزيد من التعقيد أو التأجيل؛ بدليل "الحجم" الذي أُعطي للمجلس الانتقالي في تلك الاجتماعات وما صدر عنها من بيان اُختزل فيه الجنوب بأن يكون مجرد موقّع على السبعة البنود بقلم الانتقالي، واُختزلت فيه قضية الجنوب بإبرازها كمجرد تقية تستهل بها الشرعية اليمنية والأحزاب بياناتها وخطاباتها، مع التصريح هذه المرة من داخل عدن بأن "الجنوب" قضية وطنية "يمنية" كغيرها من مشاكل اليمن، وفي حضرة الانتقالي الذي وصف ناشطون موقفه بأنه كان أشبه بـ"شاهد الزور".

التساؤلات التي قد يطرحها، على الانتقالي، أي مبتدئ في أبجديات السياسة تتلخص في: ما هي المكاسب السياسية التي يمكن تحقيقها للجنوب وللمشروع الوطني الجنوبي من الدخول في تكتل أو تحالف كل أعضائه ومكوناته لا تعترف بمشروعك ولا تقر بمطالبك ولا تضع أدنى اعتبار للإرادة الشعبية لسكان الجغرافيا الذين فوّضوك لتتبنى قضيتهم؟ أي نتائج مرجوة من هذه المقامرة في التحالف مع قوى وأحزاب هي جزء أصيل من القطعان التي احتلت الجنوب وتشن بين الفترة والأخرى محاولات لإعادة الغزو واستعادة الهيمنة؟ ما هي إمكانيات ومدى فاعلية تلك الأحزاب اليمنية في التأثير على مراكز القوى المهيمنة داخل النظام اليمني بعد أن جرفت الحرب في الشمال كل الأحزاب وفرقتها شيعًا في تحالفات قبلية وطائفية بعيدًا عن العمل الحزبي والسياسي والديمقراطية؛ فغدت تلك الأحزاب مجرد كيانات هامشية ومسميات لن تستطيع أن تحدِث أي تأثير، لا سياسي ولا عسكري، على الوضع في الشمال، مع قدرتها على تحريك أذرعها إذا كان التوجه جنوبًا والهدف هو إعادة إخضاع الجنوب.

استهلت الأحزاب اليمنية، ومنها الانتقالي، بيانها بما نصه أن "حل القضية الجنوبية كقضية رئيسية ومفتاح لمعالجة كل القضايا الوطنية". وهو ما يتعارض مع توجهات الأمم المتحدة ومع اتفاق الرياض الأول والثاني التي تؤكد جميعها على ترحيل حل قضية الجنوب إلى ما بعد التسوية السياسية مع الحوثي، فرغم هذا التخبط إلا إنها جزئية يُفترض على الانتقالي أن يستغلها لقياس مدى جدية أحزاب الشرعية ومن يقف وراء فكرة التكتل في التعاطي مع قضية الجنوب وتطلعات الجنوبيين، من خلال التمسك بهذا النص والعمل لحل قضية الجنوب قبل كل القضايا الأخرى وفي مقدمتها الحرب مع الحوثي والتسوية معه، فـ"القضية الرئيسة ومفتاح الحل الذي يعالج كل القضايا الوطنية" من المنطقي أن تتركز الجهود لحلها هي أولًا (الرئيسية) ليصدقوا بأن قضية الجنوب هي "مفتاح الحل"، أما ترحيلها إلى ما بعد إنهاء كل القضايا فهنا ستكون"قفلًا" لا مفتاحا..

الخلاصة.. إلى أين يسير الانتقالي بالجنوب هذه المرة؟ هل سيسلم مصير الجنوبيين للأحزاب اليمنية؟ وهل يدرك "الانتقاليون" تبعات التراجع من كيان جامع مفوض وحامل لتطلعات شعب وصاحب سيطرة على الأرض وحاضنة إلى مجرد حزب هامشي يراد له أن يتفكك ويُحصر دوره؛ استهدافا لقضية وطنية لن تنتهي بانتهاء حرب، واستهدافا لإرادة شعبية لن تُكسر بانكسار كيان ولن تتراجع عن هدفها بخذلان مكون أو فشل فصيل ولا بخيبة قائد.. هذا ما ستجيب عنه الخطوات العملية التي من المنتظر أن يقدم عليها الانتقالي في مناطق سيطرته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى