الكاتب المحامي علي هيثم الغريب:وصلت إلى قناعة أن الاختلاف داخل الاشتراكي يستحيل إن يوصل إلى وفاق

> عدن «الأيام» خاص:

> أثارت استقالة الأخ علي هيثم الغريب من عضوية اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني أكثر من تساؤل عن الأسباب التي دفعت به إلى تقديم الاستقالة.. وحولها صرح لـ «الأيام» علي هيثم الغريب قائلاً:

«لقد مضت سنتان تقريباً على عضويتي في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، عملت خلالهما على أداء كل ما استطعت أداءه في سبيل النهوض بالحزب وتحقيق أهدافه المبينة في برنامجه، سواء بما أبديت من آراء كان مبدئي فيها الصراحة والإخلاص أم بما قدمناه من رؤى كانت آخرها ورقة تحليلية عن الإشكاليات الداخلية للحزب وموقفه من القضية الجنوبية مكونة من 30 صفحة، لكنني شعرت منذ مدة، وأشعر الآن أكثر أن ثمة عوامل عائدة إلى مكونات واقعية من الصعب تجاوزها مكنتها الظروف التي يعيشها الجنوب من التغلب على العوامل الإيجابية، وأصبح من المتعذر عليّ معها أداء أية خطوة مجدية، ووصلت إلى قناعة أن هذا الاختلاف داخل الاشتراكي يستحيل أن يوصل إلى وفاق.. ولكي لا آتي إلى اجتماعات اللجنة المركزية لأختلف مع الآخرين وكل فرد يتباهي بعد ذلك بشكل الاختلاف، فضلت تقديم استقالتي من عضوية الحزب الاشتراكي اليمني لا سيما وقد اعترضنا نحن داخل الاشتراكي مع من يتعامل بسطحية مع الوحدة، أو يستخف بمطالبنا برد الاعتبار لأبناء الجنوب الذين كانوا ضحايا دورات العنف السابقة، وعندما رفض الاشتراكي ذلك قام أبناء الجنوب من اشتراكيين وغيرهم بعقد مؤتمرات التصالح والتسامح والتضامن، ثم عندما طرحنا القضية الجنوبية ومطالبة الاشتراكي بوضع موقف واضح بشأنها تجاهل الطرف الآخر هذا الطرح، وكان رد الشارع الجنوبي كافياً لحسم هذه المسألة خارج الحزب، وهكذا وجدنا أن المصالح المختلفة لا يمكن أن تهيئ مناخاً سياسياً ناجحاً، ومع الأسف فإن الذين اصطدمنا معهم داخل الاشتراكي هم من أولئك الذين كان لنا معهم خصائص فكرية طبعت بطابع واحد هو طابع النضال والتحرر والوحدة والديمقراطية، وخرجنا معهم تاركين أجمل مدن الكون (عدن) إلى صنعاء، ونحن نحمل دولة واحدة وأفكاراً إنسانية واحدة، لكن عندما تعاقبت علينا بعد الوحدة مباشرة موجات همجية متعددة تكالبت علينا في الجنوب لتحطيم حضارتنا وتاريخنا ولإزالة كياننا الجنوبي وقف هؤلاء في جانب (المتفرجين) وكان خوفهم من الغريق أكثر من خوفهم من الحي، فكان- بفعل ذلك- أن تمزق الاشتراكي إلى تيارات كثيرة مختلفة، وبقيت في وجدان كل منا فكرة مؤسفة لا تمحى من الذاكرة».

وعما إذا كانت استقالته تأتي في سياق الاستقالات الجماعية لأعضاء في الأحزاب الأخرى قال الغريب:

«لا تنسيق في هذا، إلا أن زميلي المثقف الوطني الصادق أحمد عمر بن فريد قد فتح الطريق بمنهج ورؤى صادقة، بعد أن رأينا قضية محورية مثل القضية الجنوبية يتدنى منطق الفكر منها داخل الأحزاب خاصة أحزاب اللقاء والاشتراكي تدنياً مقززاً».

وحول الانتقادات التي واجهها طيلة الفترة الماضية قال:

«الهجمة كانت من باب الحرص، والأزمة كما تعلم ضارية، والإنسان يعرفه الناس بعمله وليس بحزبيته، لكن إذا تقصينا الحقائق التي هي الأصل في شقاء الجنوب بعد حرب 94م فالحزب الاشتراكي هو المتهم الأكبر، فلو صدر موقف واحد مما يجري من مظالم في الجنوب لكان بقي شريفاً في أعين الناس، لكنه يرفض أن يتحمل المسئولية الكبرى التي سيتحملها يوماً أمام الوطن وأمام التاريخ، فكلما أردنا أن ننقل مآسي أبناء الجنوب كان يرد أن هذا خطأ كبير من شأنه أن يضعف الحزب، والأمانة العامة للحزب لا تجهل أننا نطلب الأرض التي اغتصبت والثروات التي تنهب، ونرى ما يجري في الجنوب اليوم بأنه غير مشروع ولا دخل للوحدة به، كما نعلم بالضرورة أن هناك استقالات متواصلة يشهدها الجنوب سواء من الحزب الحاكم أم من أحزاب المعارضة، هؤلاء أخذوا على عاتقهم واجباً وطنياً لا يتأخرون عن أدائه بالطرق السلمية المشروعة مهما كلفهم ذلك، وسينضمون إلى حزب (خليك في البيت).

نطالب إخواننا في محافظات الجنوب- خاصة وأن هناك إعلاماً ممنهجاً لفتح سلبيات ماضيهم- بأن يغلقوا صفحات الماضي فيما بينهم، وأن ينضموا إلى مسيرة الاحتجاجات السلمية التي تعم كل محافظات الجنوب بعيداً عن التحزب والحزبية، فهذا هو الحل الوحيد، ومهما كانت مكانة الحزب وقوته فإنه لا يمكن أن يكون بديلاً لأبناء الجنوب كما حصل في الماضي، وليس هناك مبرر لأن تكون الحزبية هي المظلة لمواجهة هذا الحزب أو ذاك، لأن القضية هي كيف نقف صفاً واحداً من الشيخ إلى المواطن مدافعين عن قضيتنا العادلة، ويعتقد البعض أن العمل المشروع خارج الأحزاب يكبت الحراك الوطني، لكن الاحتجاجات السلمية أثبتت أن الأمر كان على عكس ما اعتقدوا، فما كاد نبأ اعتصامات المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين بقيادة ناصر النوبة ينتشر حتى انفجر الإحساس الجنوبي العام، والسجناء السياسيون المتواجدون اليوم خلف القضبان أمثال باعوم والنوبة ليس بسبب انتمائهم الحزبي ولكن بسبب القضية التي يحملونها، وأقولها بصدق إن المماحكات داخل هيئات الأحزاب تنعكس سلباً على النشاط العام بين الناس، ومن الصعب أن نتكل عليها.. إذاً فإن الانضمام إلى الحراك السلمي غير الحزبي ضرورة استدعتها الظروف».

ورداً على سؤال كيف يمكن تمثيل هؤلاء الناس من خارج الأحزاب قال:

«إن الحزبية ضرورية للعمل وفق برامج تلك الأحزاب، ولكن من مصلحة أبناء محافظات الجنوب أن يكون تمثيلهم اجتماعياً خالصاً حتى لا يظنوا أنهم مسوقون لحزب معين فتكون رغبتهم مشوبة، ومن حق أبناء الجنوب- كما يحصل في مناطق يمنية كثيرة- أن يؤلفوا من ثقاتهم أصحاب الرأي الحكيم والسديد قيادة تنوب عنهم في التعبير عن رأيهم في مستقبلهم تطبيقاً للتعاليم الإسلامية والمبادئ الإنسانية وثوابت الوحدة بين الشمال والجنوب فوق ما لكثير من أبناء الجنوب من النيابة بحكم التركيبة الجنوبية المعروفة اجتماعياً أو من يمثلهم بصدق في مجلس الشورى ومجلس النواب والمجالس المحلية، وهذا العمل الديمقراطي السلمي يعتبر مظهراً من مظاهر الإعراب عن رأي شعب في مصيره، وهذا العمل الذي يجب أن يجري في إطار وحدة سلمية يظهر الرأي العام في الجنوب على حقيقته، وألتمس من أجهزة الدولة باسم العدالة أن تترك أبناء الجنوب يتمون عملهم المشروع إلا إذا كان الجنوب محكوماً بالأحكام العرفية، فأخبرونا بذلك.

من هنا نرى أنه يستحيل علينا أن نظهر القضية الجنوبية بواسطة الخطابات أو الاجتماعات الحزبية، لأن القضية التي ندافع عنها قضية رأي عام لا نقبل أن يخفت صوتها بينما أرجاء المعمورة تدوي بأصوات العدالة والسلام والحرية، وبكل أسف فإن الأحزاب جميعها وبدون استثناء أقامت سداً منيعاً بيننا وبين أهلنا في الشمال، وأصبح من الصعب أن يعرفوا الحقائق من مصادرها الطبيعية، ومايزالون يعتقدون أنهم يحملون أكاليل النصر من بعد حرب 94م دفاعاً عن الوحدة التي انغرس باسمها أنفذ سهم في قلب الجنوب! ونحن من خلال تركنا للحزبية رأينا أن نوصل بأنفسنا لأهلنا في الشمال حقيقة حالنا، وأن نطلعهم على مطالبنا المشروعة مؤملين في موقفهم الأخوي الصادق، فالذي حدث في الجنوب بعد الحرب ويحدث اليوم يجري برضا الأغلبية داخل الأحزاب، لكن لم يؤخذ رأي أهلنا في الشمال فيه، والآن تسير الأحزاب باتجاه مشروع خطير هو مشروع تثبيت الأمر الواقع الذي جاء بعد الحرب والذي يجعل من الصعب جداً أن يتظاهر أبناء الجنوب ضد الظلم والاستبداد أو حتى يعتصموا، لأن الاعتصام- حسب قول السلطة- يعكر صفو الاستثمار..! ولم تقف الأحزاب أمام هذه المعاملة القاسية من شركاء الوحدة التي أدت حتى بالنساء، اللاتي لم يطقن هذه المعاملة البشعة وإطلاق الرصاص على الشباب العزل، إلى القيام بمظاهرات والجنود يصوبون أفواه البنادق نحوهن، وكان هذا أيضاً مظهراً من مظاهر سياسة أحزاب اللقاء المشترك، تلك السياسة التي هي مسئولة عن النتائج التي نجمت عنها، ومع الأسف يظهر الخطاب الرسمي- لغرض في نفس يعقوب طبعاً- أن أحزاب اللقاء المشترك تسرعت في الدعاية للانتخابات البرلمانية التي ستقام بعد عامين من الآن وجاءت بعض الوفود لتلتقي تلك الأحزاب في صنعاء لمعرفة الأوضاع في عدن والمكلا.

هذا التحريف الذي يشنه الإعلام الحكومي والحزبي يقابله صمت من قبل قيادة أحزاب اللقاء المشترك تجاه ما يجري في الجنوب ما عدا المواقف التي تنطق بها الأقلام الشريفة في صنعاء، وهذا جعلنا نقف عاجزين عن إسماع الرأي العام في الشمال صوتنا على حقيقته، واتضح لنا جلياً أن قيادات أحزاب اللقاء المشترك لا يدل سلوكها إلا على الرضا بالحالة الحاضرة التي يعيشها الجنوب، وهم بمعزل تام عن هذه الاحتجاجات السلمية.

في الختام أطالب إخواني داخل الاشتراكي وداخل أحزاب المعارضة أن ينضموا إلى إخوانهم الذين قدموا استقالاتهم من المؤتمر في محافظة أبين وإلى المثقف الوطني الصادق أحمد عمر بن فريد، وليس غرضنا سوى العودة إلى الأصل، وهذا غرض طاهر شريف لا يشوبه تعصب حزبي ولا مناطقي ولا بغض لأحد بأي وجه من الوجوه، ونحن لا نعتمد إلا على الناس والرأي العام في الشمال والجنوب في إقامة الدليل على صدق سلوكنا السلمي في حركتنا السلمية التي قام بها أبناء الجنوب، ويستحيل والحالة هذه أن يشوه الإعلام الحكومي والحزبي غرض أبناء الجنوب الشريف والعادل بمظاهر الانفصالية التي تمارس ضدنا يومياً والتي هي منافية للمبادئ الوحدوية والديمقراطية، وبعد أن اتخذنا من الاحتجاجات السلمية وسيلتنا الوحدوية في بلورة أهدافنا.

ونؤكد أن مصدر هذا الحراك الجنوبي ليس فيه شيء من العداوة لمن لم ينهب أرضنا وثروتنا ويلحقنا بفقراء أفريقيا، وإنما مصدره مجرد الإحساس الطبيعي لكل المجتمعات في العيش بكرامة وشرف فضلاً عن أنه مشروع في تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف والقانون الوضعي، وبهذا الغرض الشريف ظهر التسامح والتصالح والتضامن والإخاء بين أبناء الجنوب في أرقى مظاهره، فأبناء أبين وشبوة يزورون لحج بدافع الوطنية، ويخطبون فيها بين أبناء الجنوب خطب الحض على الإخاء والتسامح والتعلق بالحرية والوفاء، وأبناء المهرة وحضرموت يخطبون في عدن بكل حب وتقدير.. هكذا امتشج الجنوب إلى حد لم يعرف تاريخ الجنوب من قبل له مثيلاً!

ومهما يكن من الشدة التي تستعملها السلطة للقضاء على هذا التسامح بين الجنوبيين فإنها لن تستطيع إرضاءهم بما هو دون هذا التسامح، حتى لو طال زمن استرداد الحقوق».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى