كرموه بوظيفة في يوم تكريمه:فؤاد عباس..لاعب (عالمي) في ملعب (محلي) ..(العبسي)..هداف بالأمر العسكري منذ أول موسم وعاطل عن العمل حالياً

> «الأيام الرياضي» عادل الأعسم:

> أخيراً .. وبعد طول صمت وسنوات طويلة من التجاهل والانتظار، سيحصل المهاجم الدولي الفذ(فؤاد عباس) على شيء من التقدير الذي يستحقه، وهو يستحق أكثر منه بكثير.

بعد غد الاربعاء 14نوفمبر 2007م، سيقام حفل تكريم فؤاد عباس، وسيكون (العبسي) عريس الحفل وصاحب الكلمة و(شهريار) المقام، في قاعة ألف ليلة وليلة، بنادي الوحدة العدني بالشيخ عثمان، حيث يأتي التكريم بمبادرة رائعة تبناها رجلان متحمسان، جمال اليماني مدير مكتب الشباب والرياضة بعدن، بمشاركة وتعاون خالد الخليفي، نائب رئيس الاتحاد العام للسباحة، والمستثمر الرياضي لقاعة ألف ليلة وليلة، وأحد داعمي الرياضة والرياضيين في المحافظة.

فؤاد أحمد عباس .. كان يمكن أن يكون مجرد إسم من ملايين الأسماء التي تمر على المكان والزمان مرور الكرام، دون أن تترك أثراً يذكر.. كان يمكن أن يكون لاشيء في عالم المستديرة الساحرة، لولا جهود رجلين فاضلين كان لهما الفضل في أن يصبح لذلك الفتى الأسمر إسم (حنان طنان) في الملاعب اليمنية، خلال عشر سنوات من عمره الذهبي، منذ النصف الأول من الثمانينات حتى النصف الأول من تسعينيات القرن المنصرم (وتحديداً من عام 1983م إلى 1992م).

رجلان حكيمان دفعاً بالفتى (العبسي) إلى مستطيلات الملاعب والأضواء.. الأول هو المدرب الوطني الخلوق (صالح هزاع) الذي كان أحد أعمدة نادي الهلال ووحدة عدن ثم فريق الجيش في عصره الذهبي.. هذا الرجل كان له دور في رسم البدايات الأولى لفؤاد عباس فقد رأى بعينه الثاقبة الخبيرة أن هذا الفتى القوي الذي يصول ويجول في إحدى فرق الحواري الشعبية بمنطقة القاهرة يمتلك مواصفات ومهارات مشروع مهاجم وهداف من الطراز الرفيع.

والرجل الثاني الذي كان له الفضل الأكبر في صنع نجومية ومجد(العبسي) وشهرته واسمه هو التربوي الرياضي، والقائد العسكري الصارم، الموجه والقدوة الشهيد (صالح محمد عمر)، الأب الروحي لفريق القوات المسلحة في كل العصور،هذا الرجل الخبير المحنك انتشل ذلك الفتى الأسمر (فؤاد) من الحارة .. بعد أن اقتنع بموهبته، وبإمكاناته الكبيرة، ومهاراته العالية .. تابعه وشجعه، تبناه ورعاه.. وظفه وعلمه الالتزام والانضباط .. وزج به وسط عمالقة فريق الجيش الرهيب.

كان فريق الجيش حينها فريقاً مرعباً لايقهر يضم صفوة نجوم الكرة اليمنية:طارق ربان .. عبدالله الهرر.. عثمان خلب .. حسين جلاب .. علي سالمين .. البكري .. المكي .. فضل راجح .. منير مدهش وغيرهم .. كان لاعبو (الجيش) هم كبار الكرة العدنية ومعلميها، ولم يكن بمقدور أي لاعب ناشيء وشاب، أن يكون واحداً منهم بسهولة .. وأي لاعب صغير يجد نفسه وسطهم في الملعب (يرتبش) و(يرتبك) و(يتلخبط) وينسى لعب كرة القدم مهما كانت قدراته ومواهبه.. لم يكن أي لاعب يستطيع أن يلعب مع كل هؤلاء العمالقة أو يجد لنفسه مكاناً بينهم.. لكن (العبسي) فعلها، بثقة واقتدار ، وثبت أقدامه بسرعة وبسهولة نجماً ساطعاً بين النجوم، كبيراً بين الكبار، حتى أنه استطاع أن يخطف بريق النجومية والشهرة من بعضهم ليس ذلك وحسب، بل إن الفتى الأسمر الصغير تمكن من خطف لقب هداف الدوري من أول موسم له في الملاعب .. وبالأمر العسكري، حيث كان يقف خلفه الشهيد القائد صالح محمد عمر، مشجعاً وداعماً ومؤازراً، وبمثابة الأب الفعلي والرياضي والروحي لفؤاد عباس.

فؤاد أحمد عباس .. كان يمكن أن يكون مجرد إسم عابر من ملايين الأسماء العابرة. وكان يمكن أن يكون لاشيء في لعبة كرة القدم .. وكان يمكن أن يكون لاعباً (عالمياً)، لو وجد في زمان ومكان آخر غير هذا المكان.

فؤاد عباس .. كان لاعباً بمواصفات (عالمية) وليست (محلية) .. لاعباً لا يشبه أحدا ، ولا يشبهه أحد .. لاعبا لا يشبه إلا نفسه.. لا يشبه إلا (فؤاد عباس).. لكن عيبه أنه كان مزاجياً ولا يعطي موهبته حق قدرها، وقد أصيب بصدمة قوية عندما استشهد القائد الكابتن صالح محمد عمر في أحداث 13يناير 86م، فقد كان فعلاً معلمه وملهمه ومرشده وقائده ودافعه نحو المزيد من التألق والإبداع .. ولو قدر لذلك الرجل أن يستمر أكثر على قيد الحياة لربما كان للفتى الأسمر شأناً أكبر..أكبر في عالم كرة القدم الساحرة.

فؤاد عباس .. كان بحق لاعباً بمواصفات (عالمية)شكلاً ومضموناً.. حينما تشاهده في الملعب للوهلة الأولى تتذكر أسطورة الكرة العالمية (الجوهرة السوداء) بيليه .. وأظن (العبسي) الملقب بـ(البلدوزر) كان يستحق بجدارة أن يلقب بـ(بيليه اليمن) لكنه لعب في فترة كان فيها الإعلام ضعيفاً ومحدود الانتشار.

ماذا أحدثكم أيضاً عن (العبسي).. كان أسود البشرة بقلب أبيض صاف كالحليب.. ضخم الجثة برشاقة وخفة نمر.. كان كاسحة مدافعين على أعلى مستوى .. منصة متحركة لإطلاق صواريخ أرض - أرض وأرض - جو بقوة مدمرة ودقة متناهية من أرقى طراز.. هدافاً بالفطرة والحاسة السادسة من مختلف الاتجاهات والزوايا والمسافات ولا أبالغ إن قلت أن تسديداته كانت أقوى وأشد فتكاً من تسديدات الشهير (روبرتو كارلوس) .. وإن كنتم لا تصدقوا اسألوا عنها خشبات المرمى الثلاث وكل تلك (الكرات) التي انفجرت في الجو قبل أن تصل إلى أهدافها .. وأعتقد أن قطعة الجلد المنفوخة المسماة (كرة قدم) تنفست الصعداء، بعد أن ترك (العبسي) الملاعب، وارتاحت من تلك القدم الفولاذية القوية التي لم ولن تجد لها مثيلاً في ملاعبنا.

سألته مرة: لماذا يا عبسي لم تتألق كثيراً مع المنتخبات الوطنية وقد كنت مؤهلاً وقتها لتكون المهاجم الأول بدون منازع؟! فرد بسرعة وبعفوية وببراءة متناهية:(لأني مش مليح)!! .. حاولت استفزازه وسألته ثانية: هناك لاعبون أقل منك موهبة وقدرات ونجومية لعبوا مع المنتخبات الوطنية مباريات دولية عديدة وأنت لم تلعب دولياً سوى مباريات معدودة؟!

قال بثقة: (شوف.. أنا لعبت ضد فريق فلامنجو البرازيلي الشهير وهو في قمة مجده وعهده .. وهذه وحدها تساوي مئة مباراة دولية .. كفاية خلاص).

ياه .. يا(عبسي) .. ما أروع ذلك الزمن الجميل .. ذكرتنا ومازلت تذكرنا بتلك الأيام الماضيات الزاهرات بالتألق والعطاء والحب والوفاء والنجوم الساطعات .. ستبقى يا (أبا وجدان)،مهما جار الوقت أو تنكر الزمان، في عيون وقلوب محبيك وعشاقك، الذين يعرفون قيمتك وحق قدرك(المليح) إبن (المليح) وأبو(المليح) كمان وكمان!!

بعد هذا كله .. هل تصدقون أن (فؤاد عباس ) بكله، يعيش فقيراً معدما بلا عمل أو وظيفة، ولديه طفلان(وجدان) و(محرم)، وأسرة كريمة بحاجة إلى رعاية واهتمام وتوفير لقمة عيش هنية لها .. إن الوظيفة هي أجمل وأفضل وأغلى (أمنية) بالنسبة لفؤاد عباس.. فهل ستعمل الدولة - وخاصة قيادة محافظة عدن- على تحقيق هذه الأمنية البسيطة والحق المشروع له بمناسبة تكريمه ، أم أن (العبسي) سيظل في نظر المسؤولين - كما كان عند بعض المدربين - (مش مليح) إلى ما لانهاية؟!

< صبراً يا (عبسي).. لابد للظلم والحرمان من نهاية .. (ولابد لليل أن ينجلي)..(ولولا سواد الليل ما طلع الفجر) ياعنترة!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى