«الأيام» تستطلع أوضاع منطقة جاشع بالأثاور حيفان ..آهات متفرقة وإهمال متعمد ومناشدات لم تجد من يسمعها

> «الأيام» أنيس منصور :

>
مدرسة متوقفة منذ عشرات السنين
مدرسة متوقفة منذ عشرات السنين
منطقة جاشع هي إحدى أكبر مناطق الأثاور مديرية حيفان محافظة تعز، تقع بين جبال مرتفعة انسيابية عمودية، ذات التواءات وأخاديد وشعاب صغيرة، تكسوها المدرجات الزراعية، تعتمد على مياه الأمطار الموسمية، تلتقي فيها مظاهر البؤس وسوادية الحال الخدماتي مع ألوان من الحرمان.. وبالرغم من أن الأثاور كلها مآس، لكن منطقة جاشع أشد وأنكى، يسكنها قرابة خمسة آلاف نسمة، مجزئين إلى قرى صغيرة. تلقت «الأيام» عدداً من الشكاوى والمناشدات والأخبار عن الوضع المزري في جاشع، أعقبها نزول استطلاعي، وخرجنا بهذه الحصيلة المختصرة، فإلى تفاصيلها:

مياه شحيحة وإضاءة فوانيس

مناظر يدمي لها القلب، وتحز في النفس الحسرات، ترى قطعاناً من الحمير وعشرات النساء والفتيات في ذهاب وإياب فوق رؤوسهن جرات المياه مختلفة المقايس، بمشقة وجهد طويل بحثاً عن الماء، هكذا شاهدنا نساء جاشع بعد قرابة سبع وأربعين سنة من قيام الثورة، وثماني عشرة سنة من تحقيق الوحدة. تحدث الشاب شاذي أنور محمد عن قصة البحث عن الماء وكيفية الحصول عليه والطرق المستخدمة وأسماء ومسميات آبار المنطقة، التي غار منها الماء ونضبت كاملة، والمسافات الشاسعة البعيدة التي تقطعها الفتيات وصولاً لموقع المياه، وما يرافقهن من مخاطر الطرق والمتفرعات الجبلية، ورفع شاذي يده صوب بعض المنازل التي هجرها السكان ونزحوا إلى المدن من شقاء المعيشة وجفاف الحياة. كما اجتمع عدد من الأهالي الصابرين على مصيبة الجفاف، وقالوا إنه تم اعتماد إنشاء سد حصر مياه الأمطار باسم المنطقة وذهب لمناطق أخرى بطرق ملتوية ومؤامرات ومقايضات وتبادل مصالح شخصية نتائجها غير مرضية، كون المقهورين والضحايا هم أبناء جاشع أجبروا على الصمت والهدوء بمثابة جواب للزمن الغادر، والسلطة تذهب مشاريعها وفق مصالح ذاتية وليس دراسات وخطط الاحتياج، وهناك جهود شخصية لبعض المواطنين الذين وضعوا خزانات صغيرة تتجمع فيها المياه من سطوح المنازل والمنحدرات أثناء موسم الأمطار.

ومن أهم المفاجآت التي لم تكن في الحسبان التي رصدتها «الأيام» هي الظلام المخيم على بيوت وقرى جاشع بالأثاور، فلا كهرباء ولا مولدات سوى فوانيس وقماقم وزجاجات بدائية، وقليل منهم من يمتلك مولدات خاصة يتم تشغيلها لساعات محدودة.

قال الأستاذ عادل سعيد سلام:«هذه هي حياتنا مع الفوانيس»، وتناول عادل في حديثه سلبيات ومضاعفات ضوء الفانوس الذي يملأ المنازل بالدخان الأسود والحرائق ونسبة الإضاءة الضعيفة، متسائلاً: «لماذا وزعت الأسلاك والأعمدة الكهربائية للمناطق المجاورة باستثناء منطقتهم؟ أليست جاشع من الجمهورية اليمنية؟ ولماذا الإقصاء والإلغاء المتعمد والتعامل معنا كمواطنين من الدرجة الصفر» داعياً إلى مراجعة الحسابات ومراعاة الحقوق والمطالب ومراعاة آدميتهم، فهم بشر لهم حقوق مكفولة كما هي عليهم واجبات.

تلاميذ بدون معلمين
تلاميذ بدون معلمين
تعليم ناقص ومستقبل مجهول

التعليم في مدرسة الشهيد محمد سعيد نعمان جاشع تجمعت فيه درجات المساوئ والهشاشة التعليمية. يصف هاني سعيد عبده أحد أعضاء مجلس الآباء التعليم وصفاً دقيقاً بقوله: «تعليم متدنٍ، وطالبات تركن التعليم، وتلاميذ تمر عليهم شهور وشهور ودفاترهم خالية من الدروس.. كذلك مواد علمية لم تدرس بتاتاً منذ بداية العام الدراسي، والسبب نقص معلمين، وإدارة تربية حيفان أذن من طين وأخرى من عجين، لا تسمع ولا ترى ولا تعقل، رغم المتابعات والمطالب المتكررة مع بداية كل عام دراسي».

فيما عزز مدير مدرسة جاشع أحمد عبدالرحمن عبده حديث هاني مؤكداً ذلك بالأوراق والمذكرات والوثائق التي بسطها أمام الحاضرين، وأضاف مدير المدرسة: «يتم إرسال معلمين وبسرعة يتم نقلهم، ونحن نحترم كثيراً ونقدر توجيهات مهدي عبدالسلام مدير التربية بتعز، لكن نصطدم أن التوجيهات لا تترجم في الواقع من قبل تربية المديرية ماعدا مواعيد مللناها واعتدنا عليها دائماً للأسف»، وطرح أيضاً الأستاذ حمود عبده نعمان، وكيل المدرسة وضعية المدرسة فقال:«سور المدرسة لم يتم تنفيذه بعد، ونزلت المناقصة والاعتماد، ومن عام إلى عام ونحن منتظرون بفارغ الصبر تسوير المدرسة»، وتقدم إلينا جمع غفير من تلاميذ المدرسة وسألناهم عن العملية التعليمية، وحقيقة الحديث السابق والمواد الدراسية التي لم يتمكنوا من دراستها، حيث تحدث إلينا الطلاب محمود سلطان، وبكيل رياض عبدالقادر، ومحمود طه، وسامي فؤاد عبداللطيف، ومحمد حمود عثمان، وذكرى محمد حسن، بعبارات متنوعة، أوضحوا من خلالها أن مستقبلهم مجهول ومظلم إذا استمر الحال في حضور التلاميذ ووجودعجز في المدرسين، حتى المعلمون الموجودون بالمدرسة كل واحد منهم محمل بحصص دراسية فوق طاقته أضعافاً مضاعفة، ويستمر ازدحام الشكوى فلكل معلم قضية وشكوى، ولكل تلميذ وتلميذة حكاية ألم وأنين لم تجد دواء ناجعاً، لقد كانت الصور الفوتغرافية أكبر شاهد للحدث، حيث يبدو تلاميذ المدرسة وخلفهم الطالبات مضربين عن التعليم، ترتسم على وجوههم براءة الطفولة التي أصرت تربية حيفان على اغتيالها، وعجزت عن توفير معلمين لمدرستهم، وهي أيضاً دليل فاضح حتى لا نتهم بالكذب والتدليس، ناهيك عن الوثائق والمراسلات الرسمية التي لم تجد من يقرأها وينفذها، وذهبت أدراج ودهاليز الخفاء.

كذلك مدرسة عزيق هي أحد الأدلة الدامغة على العبث بمقدرات الدولة، فهي مدرسة متوقفة منذ الإنشاء لها ما يقارب عشرة أعوام شمسية، أصبحت مأوى للزواحف والقطط والهوام والمعلقات الدعائية والرموز الانتخابية. تبدو مدرسة عزيق كما في الصورة المرفقة نموذجاً للتسيب والعشوائية واختزال المشاريع حسب الأهواء، وإلا ماذا يعني أن تتوقف مدرسة عشرة أعوام؟ زحفت على أبوابها ونوافذها وجدرانها عوامل التعرية بالمقارنة بمئات التلاميذ في طور الباحة والقبيطة وكرش الذين يتعملون تحت الأشجار وفي الهوء الطلق.

متفرقات

أحد المتابعين والداعمين لانتشال وضعية منطقة جاشع الأخ فاروق ياسين الأثوري قال:«قضية الأثاور ومناطقها أنها لن تجد من يمثلها ويطالب ويسعى لحقوق المواطنين، وهي فرصة عبر «الأيام» للدعوة لتشكيل كيان يمثلهم ويتبنى قضاياهم، بعيداً عن المناكفات والحزبية الضيقة، حتى عضو مجلس النواب رغم سعة صدره هناك حواجز بينه وبين المواطنين لا يستطيع الناس أن يخاطبوه وجهاً لوجه بدون فواصل المتمثلة ببعض من يدعي الحديث باسمهم».

الوحدة الصحية في جاشع هي عبارة عن جدار متواز مفتوح، لهو هيكل من البلوك المصفوف، ومعتمدة في قاموس مكتب الصحة كوحدة صحية، كما هي الصورة المشاهدة المرفقة بالاستطلاع، نترك للقارئ والرأي العام وجهات الاختصاص تدقيق النظر والتعليق والتحليل، وسلامتكم تهمنا يا أبناء جاشع.

الأثاور ومناطقها مليئة بعجائب وغرائب الفساد بكل أشكاله، إضافة إلى عشرات المظالم وبيئة خصبة للتناولات الصحفية، ونتمنى أن يوجد الاستطلاع إجابات ومعالجات، لأن الهدف هو التصحيح والعلاج وليس المكابرة والشطط وتبادل اتهامات وردود الأفعال في غير موضوعها، ومن لم يستطع قراءة المآساة يكفيه التمعن في الصورة فقط.

حاولنا التواصل مع مدير المديرية لكن ظروف مرضه وإجرائه عملية في العين، وقدومه أيضاً جديداً على المديرية كل ذلك حال دون التواصل معه، ولنا معه إن شاء الله جولات خبرية ومطالعة أوسع في وقفات قادمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى