في رحاب عمر الجاوي بعد عشر مثقلات من الغياب الحضور.. الألق الذي لايخبو

> «الأيام» د.هشام السقاف:

> لم يكن الجمع المؤتلف من صفوة القوم هو ما امتازت به خميسية عمر الجاوي في مسقط رأسه التي انتظمت في منتدى الوهط الثقافي يوم السابع من فبراير الحالي، على بعد يوم فقط من الذكرى الأربعين لفك حصار السبعين يوما عن صنعاء في 8 فبراير 1968، حين كان عمر الجاوي أبرز القادة الشعبيين المقاومين عن العاصمة والجمهورية والثورة.. بل كانت الطروحات الفكرية والأدبية تنأى بنفسها عن تأبين رجل أطلق عليه في حياته (الشهيد الحي)، فلا مجال هنا للدموع والحسرة، وقد جرى اقتباس ملهمات من فكر وأدب وصحافة عمر الجاوي، ناهيك عن وقائع حية بشهادات مضمخة بصدق الحديث من رفاق ومحبين يضعون الجاوي في المكانة الأسمى في الحنايا والصدور، استقرأت نشاط الرجل وحراكه العام على أكثر من صعيد، ليصب كل ذلك في نقطة إشعاع واحدة هي الوطن.

كان المجتمعون- والمتحدثون عصبة منهم- يسترجعون خواطر لاتغيب ومشاعر لاتنطفئ من مسيرة رجل اختزل الوطن بكل تجلياته وتعقيداته منذ كان يافعا حتى اللحظات الأخيرة من حياته حين أسلم الجاوي روحه للباري جلت قدرته عصرية الـ 23 من ديسمبر 1997.

استهل الحديث د. هشام محسن السقاف بالترحيب بالحاضرين الذين جاءوا إلى الحضرة العمرية من عدن ولحج وأبين وشبوة وحتى السودان.

وابتدر الوقفات المطلة على جوانب ضافية من الرحلة العمرية رفيقه وصديقه د. علي عبدالكريم، بينما يختار السوماني د. مبارك حسن الخليفة الغوص في وجدانيات الجاوي الشعرية، دون أن ينسى- كعادته- تشنيف الآذان بإحدى قصائده التي قيلت في عمر حيا غداة محاولة اغتياله الدنيئة في العام 1991 التي راح ضحيتها الشهيد المهندس حسن الحريبي.

ثم تحدث الأخ عبدالله إبراهيم عن ملامح إنسانية ووقفات بطولية في مواقف صعبة مر بها الوطن، كان عمر فيها بمثابة رمانة الميزان لتستقيم الأوضاع بعد تأرجحها، ويكون شغله الشاغل الحفاظ على الإنسان في وطنه، والوطن في إنسانية القائمين عليه.

واقترح الزميل محمد عبدالله باشراحيل أن يخرج هذا اللقاء المفعم بصفاء المحبة لصاحب الحظوة بمبادرة لحفظ إرث وتراث عمر الجاوي كباقي رجالات الوطن، وإذا كان الوطن دونا عن مصر في بناء الأهرامات، فإن عمر ومن هم أمثاله أهرامنا التي يجب أن نضاهي ونفاخر بها.

ويلتقط د. هشام محسن السقاف الفكرة ليذكر بمبادرة اتحاد الأدباء الإعلان عن جائزة عمر الجاوي قريبا، وأن تحتضن حوطة لحج مهرجان الجاوي في أبريل القادم، مكرسا لسبيت الكبير، والجاوي معا بمبادرة من اتحاد الأدباء في لحج، برعاية الأمانة العامة للاتحاد.. وهناك تجاوب من الأخ محافظ لحج بإطلاق اسم الجاوي على إحدى المنشآت الكبيرة في لحج، رغم معرفتنا- والقول للسقاف- أن عمر أكبر من هذه التقليعات، ولأنه السلطة الثالثة باتحاد الأدباء التي تحدت النظامين قبل الوحدة وانحازت للجماهير، كما هو الأمر بعدها، فقد تجاهلته السلطات الرسمية عشرة أعوام من وفاته.

ويستدرك د. علي عبدالكريم ليدعو إلى تشكيل لجنة شعبية لمحبي الجاوي، يناط بها إحياء مآثر الرجل، دونا الولوج في دهاليز النفاق الرسمي.

وكان الباشراحيل محمد عبدالله قد طالب بأن تتسع مثل هذه الندوات عن الجاوي في أكثر من مكان، وخاصة في قاعات الجامعات لتأخذ أبعادا علمية أكثر رصانة تليق بالرجل.

وكان حديث الأخ حسين محمد زين نزوع إلى الجوانب الإنسانية بلغة بيانية لايغيب مغزاها، فالجاوي: «لايحتاج إلى تعريف.. الجاوي إذا تكلم أفصح.. وإذا كتب أبدع.. وإذا وعد أوفى.. إنه الشخصية السياسية المرموقة، عقد العزم على التحدي وتجاوز الصعاب، صاحب الكلمة النزيهة المتوازنة الجريئة والمسئولة والقريبة من الوجدان الحاملة لهم الأمة».

وكانت الرؤية المكثفة لـ د. هادي فضل العولقي تذهب إلى إنجاز كتاب علمي عن الجاوي المتعدد والمتنوع، كمشتل من مشاتل الحركة الوطنية اليمنية.

بينما كانت إطلالة الشاعر المعروف مبارك سالمين على عوالم عمر الجاوي، تمزج السياسة بالفكر والشعر بالنثر، وتؤطر لرؤية عمرية للأوضاع السائدة، بالرغم من الرحيل قبل عقد من الزمان.

أما الشعراء صالح الديح وأبو عصام وعلي حامد السقاف ود. علي مهدي كرد فقد اقتنصوا اللحظة العمرية بالإفاضة الشعرية، وخاطبه كرد قائلا:

ياشيخي

في صحراء الأيام

يبس الراكب والحدَّاء

فأرسل نورسك المسحور

علَّ الماء يفور

في قلب القحط

ياشيخي

إن الجذب اشتطْ

فازرعنا أشجارا

في الأرض البور

أما الضالع فقد أطلت ببرقية أدبائها ممهورة بتوقيع ونبض الشاعر صالح حمود، وتقول: «كم كان بودنا المشاركة في الذكرى العاشرة لرحيل منقذ اليمن، ولكن لظروف خارجة عن إرادتنا، فإننا نعتذر للشهيد من خلالكم، ولكم مجددين ثقتنا وإيماننا أن الجاوي محفور في ذاكرة اليمن والتاريخ».

وكان من بين من حرصوا على حضور هذه الفعالية المتميزة الشخصية الوطنية أحمد سالم عبيد والشيخ سيف بن محمد فضل العزيبي، رئيس مجلس قبيلة العزيبة، المتفاعل دوما في كل الفعاليات الاجتماعية والثقافية والسياسية والأستاذ أحمد فضل اليماني والأخ العميد ناصر النوبة ومجموعة من أبناء شبوة والضالع والأستاذ اللواء أحمد مهدي المنتصر والأستاذ علي حسن القاضي وكمال منيعم ومحمد مبارك حيدرة وحسن البيشي والأخ سعيد عبدالله حيدرة مدير عام مديرية تبن وآخرون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى