> بيروت «الأيام» ا.ف.ب:
لا تزال اسبانيا تتخبط بحوادث التفرقة العنصرية التي يبدو أنها متغلغلة في المجتمع المدني، لكنها لا تظهر فعلا الى العالم إلا حيث وجدت الاراضي الخصبة وما أكثرها في المناسبات الرياضية.
وتظهر اسبانيا اليوم بصورة أشبه ببريطانيا في سبعينات وثمانينات القرن الماضي حيث تختبر هذه البلاد توافد المهاجرين الاجانب إليها من كل حدب وصوب، وربما أن قدوم هؤلاء بطرق غير شرعية ترك عند أفراد المجتمع الاسباني نوعا من الصعوبة في تقبل «العرق» الآخر فوجد مشجعو الرياضة الملاعب وحديثا الحلبات مساحات حرة للتعبير عما يختلج في صدورهم.
وعادت قضية العنصرية لتطرح نفسها بقوة على مسرح الاحداث بعد الإهانات التي وجهت الى السائق «الأسمر» لويس هاميلتون الذي كان يخوض نهاية الاسبوع الماضي جولة من التجارب مع فريقه ماكلارين مرسيدس على حبلة مونتميلو (كاتالونيا) في مدينة برشلونة استعدادا للموسم الجديد في بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا واحد.
إلا أن الخطورة هنا لا تكمن فقط في دس حقد العنصرية في رياضة لم تتعرف عليها من قبل، بل في ملاحقة شبح هذه الآفة للرياضة الاسبانية بحيث أنها ليست المرة الاولى التي تزورها، إذ حفلت بها ملاعب كرة القدم تحديدا في الاعوام القريبة الماضية، وقد قيل أنها أثرت بطريقة أو بأخرى على فشل العاصمة الاسبانية مدريد في نيل شرف استضافة دورة الالعاب الاولمبية الصيفية عام 2012.
ولا يخفى أن عدوى العنصرية كانت قد أصابت حتى المسؤولين، إذ أثار مدرب منتخب اسبانيا لكرة القدم لويس أراغونيس جدلا واسعا عندما استخدم عبارات عنصرية قبل عامين واصفا المهاجم الفرنسي تييري هنري بـ «الأسود التافه»، وبرر قوله وقتذاك بأنه كان يحاول تحفيز خوسيه انطونيو رييس زميل هنري السابق في آرسنال الانجليزي أثناء تدريب للمنتخب الاسباني.
أما الأمر المستجد في قضية هاميلتون فهو إعادة فتح ملف لم يكن قد أغلق بعد بين اسبانيا وانجلترا اللتين عادتا لتتقاذفا التهم عبر وسائل الاعلام على خلفية ما حدث نهاية الاسبوع الماضي، لتعود الى الذاكرة جولاتهما بعد أحداث ملعب «سانتياغو برنابيو» خلال المباراة الودية بين المنتخبين الاسباني والانجليزي قبل عامين.
وكان المشجعون الاسبان قد وجهوا إهانات عنصرية الى لاعبي انجلترا شون رايت فيليبس وأشلي كول، وكان يقابل كل منهما بأصوات تشبه أصوات القرود فور تسلمه الكرة، وقد أثارت الحوادث استياء الحكومة البريطانية وعلى رأسها رئيس الوزراء السابق توني بلير ووزير الرياضة ريتشارد كابون..إلا أن هذه القضية لم تنته بهذه السرعة، إذ أدينت جماهير نادي ريال مدريد بعد هذه الواقعة مباشرة بالعنصرية، لأنها قامت بأداء التحية النازية تجاه لاعبي فريق باير ليفركوزن الألماني في مباراة الفريقين في دوري أبطال أوروبا، ورددت الجماهير المدريدية الهتافات العنصرية ضد لاعبين ملونين في الفريق الالماني، ثم انتقلت العدوى الى ملاعب اسبانية أخرى، منها «ستاد روماريدا» الخاص بريال سرقسطة الذي شهد إساءة عنصرية استهدفت مهاجم برشلونة الكاميروني صامويل إيتو، حين أطلقت الجماهير هتافات تقلد أصوات القرود كلما وصلته الكرة في المباراة، وألقيت حبات فول سوداني على الملعب بعدما سجل أحد الأهداف، وقد احتفل إيتو بتقليد قرد.
وقال اللاعب وقتذاك: «رقصت مثل قرد لأنهم عاملوني كقرد».
وإذ توعد وزير الرياضة البريطاني جيري ساتكليف برفع شكوى الى الاتحاد الدولي لرياضة السيارات «فيا» بشأن ما حصل مع هاميلتون، فهو عبر الى نظيره الاسباني عن انزعاجه بأن ما تنقله غالبا الصحف البريطانية عن حوادث عنصرية تصيب رياضيين انجليز يكون مصدرها اسبانيا.
ولم تتأخر هذه الصحف البريطانية عن شن حملة انتقاد على الاسبان، انطلاقا من «ذي صن» الواسعة الانتشار والتي أبرزت الخبر على صفحتها الاولى مرفقا بصور للمشجعين الذين تواجدوا على حلبة كاتالونيا وقد ارتدوا ملابس سوداء وصبغوا وجوههم باللون الاسود، وقد اتهمت الصحيفة عينها وسائل الاعلام الاسبانية بالتعتيم على الحادثة رغم أن صحيفة «ال موندو» كانت السباقة بوصف الامر بأنه «مهرجان إحراج لأسبانيا».
وبدت «ذي دايلي تلغراف» الأكثر قساوة في اتهامها إذ عنونت «العنصرية هي الرياضة الاسبانية»، وقد ردت عليها «اس» فورا بأن تصرف بعض المشجعين لا يعني أن الأمر ينطبق على أبناء اسبانيا جميعهم.
وأيا يكن من أمر، فإن مسألة تفشي العنصرية في أسبانيا هي أشبه بكرة الثلج حاليا رغم نفي الأسبان لهذا الأمر متهمين البريطانيين بتعظيم المسألة عبر وسائل الاعلام وغامزين من قناة «الهوليغانز» الانجليز الذين يعيثون فسادا في كل زيارة لهم إلى بلاد الاندلس، إضافة الى اعتبارهم أن الإهانات التي تعرض لها إيتو وهاميلتون مثلا تندرج ضمن إطار التعصب الرياضي دون سواه بصفتهم خصوما لا أكثر ولا أقل.
إذاً تحط حمى العنصرية الآن في اسبانيا وسط إمكان الجزم بتواجدها في جميع أرجاء القارة الاوروبية، ويبدو مستغربا الاتهامات المتبادلة بين الطرفين الاسباني والانجليزي بأن أحدهما لا توجد لديه مشكلة مع الأعراق أو الديانات الأخرى بينما يتخلف الآخر عنه بعقود في مجال الانفتاح، إذ لا بد من التذكير أنهما كانا في الماضي أكثر المتنافسين على «جائزة» أبرز بلد استعماري عبر التاريخ.
وتظهر اسبانيا اليوم بصورة أشبه ببريطانيا في سبعينات وثمانينات القرن الماضي حيث تختبر هذه البلاد توافد المهاجرين الاجانب إليها من كل حدب وصوب، وربما أن قدوم هؤلاء بطرق غير شرعية ترك عند أفراد المجتمع الاسباني نوعا من الصعوبة في تقبل «العرق» الآخر فوجد مشجعو الرياضة الملاعب وحديثا الحلبات مساحات حرة للتعبير عما يختلج في صدورهم.
وعادت قضية العنصرية لتطرح نفسها بقوة على مسرح الاحداث بعد الإهانات التي وجهت الى السائق «الأسمر» لويس هاميلتون الذي كان يخوض نهاية الاسبوع الماضي جولة من التجارب مع فريقه ماكلارين مرسيدس على حبلة مونتميلو (كاتالونيا) في مدينة برشلونة استعدادا للموسم الجديد في بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا واحد.
إلا أن الخطورة هنا لا تكمن فقط في دس حقد العنصرية في رياضة لم تتعرف عليها من قبل، بل في ملاحقة شبح هذه الآفة للرياضة الاسبانية بحيث أنها ليست المرة الاولى التي تزورها، إذ حفلت بها ملاعب كرة القدم تحديدا في الاعوام القريبة الماضية، وقد قيل أنها أثرت بطريقة أو بأخرى على فشل العاصمة الاسبانية مدريد في نيل شرف استضافة دورة الالعاب الاولمبية الصيفية عام 2012.
ولا يخفى أن عدوى العنصرية كانت قد أصابت حتى المسؤولين، إذ أثار مدرب منتخب اسبانيا لكرة القدم لويس أراغونيس جدلا واسعا عندما استخدم عبارات عنصرية قبل عامين واصفا المهاجم الفرنسي تييري هنري بـ «الأسود التافه»، وبرر قوله وقتذاك بأنه كان يحاول تحفيز خوسيه انطونيو رييس زميل هنري السابق في آرسنال الانجليزي أثناء تدريب للمنتخب الاسباني.
أما الأمر المستجد في قضية هاميلتون فهو إعادة فتح ملف لم يكن قد أغلق بعد بين اسبانيا وانجلترا اللتين عادتا لتتقاذفا التهم عبر وسائل الاعلام على خلفية ما حدث نهاية الاسبوع الماضي، لتعود الى الذاكرة جولاتهما بعد أحداث ملعب «سانتياغو برنابيو» خلال المباراة الودية بين المنتخبين الاسباني والانجليزي قبل عامين.
وكان المشجعون الاسبان قد وجهوا إهانات عنصرية الى لاعبي انجلترا شون رايت فيليبس وأشلي كول، وكان يقابل كل منهما بأصوات تشبه أصوات القرود فور تسلمه الكرة، وقد أثارت الحوادث استياء الحكومة البريطانية وعلى رأسها رئيس الوزراء السابق توني بلير ووزير الرياضة ريتشارد كابون..إلا أن هذه القضية لم تنته بهذه السرعة، إذ أدينت جماهير نادي ريال مدريد بعد هذه الواقعة مباشرة بالعنصرية، لأنها قامت بأداء التحية النازية تجاه لاعبي فريق باير ليفركوزن الألماني في مباراة الفريقين في دوري أبطال أوروبا، ورددت الجماهير المدريدية الهتافات العنصرية ضد لاعبين ملونين في الفريق الالماني، ثم انتقلت العدوى الى ملاعب اسبانية أخرى، منها «ستاد روماريدا» الخاص بريال سرقسطة الذي شهد إساءة عنصرية استهدفت مهاجم برشلونة الكاميروني صامويل إيتو، حين أطلقت الجماهير هتافات تقلد أصوات القرود كلما وصلته الكرة في المباراة، وألقيت حبات فول سوداني على الملعب بعدما سجل أحد الأهداف، وقد احتفل إيتو بتقليد قرد.
وقال اللاعب وقتذاك: «رقصت مثل قرد لأنهم عاملوني كقرد».
وإذ توعد وزير الرياضة البريطاني جيري ساتكليف برفع شكوى الى الاتحاد الدولي لرياضة السيارات «فيا» بشأن ما حصل مع هاميلتون، فهو عبر الى نظيره الاسباني عن انزعاجه بأن ما تنقله غالبا الصحف البريطانية عن حوادث عنصرية تصيب رياضيين انجليز يكون مصدرها اسبانيا.
ولم تتأخر هذه الصحف البريطانية عن شن حملة انتقاد على الاسبان، انطلاقا من «ذي صن» الواسعة الانتشار والتي أبرزت الخبر على صفحتها الاولى مرفقا بصور للمشجعين الذين تواجدوا على حلبة كاتالونيا وقد ارتدوا ملابس سوداء وصبغوا وجوههم باللون الاسود، وقد اتهمت الصحيفة عينها وسائل الاعلام الاسبانية بالتعتيم على الحادثة رغم أن صحيفة «ال موندو» كانت السباقة بوصف الامر بأنه «مهرجان إحراج لأسبانيا».
وبدت «ذي دايلي تلغراف» الأكثر قساوة في اتهامها إذ عنونت «العنصرية هي الرياضة الاسبانية»، وقد ردت عليها «اس» فورا بأن تصرف بعض المشجعين لا يعني أن الأمر ينطبق على أبناء اسبانيا جميعهم.
وأيا يكن من أمر، فإن مسألة تفشي العنصرية في أسبانيا هي أشبه بكرة الثلج حاليا رغم نفي الأسبان لهذا الأمر متهمين البريطانيين بتعظيم المسألة عبر وسائل الاعلام وغامزين من قناة «الهوليغانز» الانجليز الذين يعيثون فسادا في كل زيارة لهم إلى بلاد الاندلس، إضافة الى اعتبارهم أن الإهانات التي تعرض لها إيتو وهاميلتون مثلا تندرج ضمن إطار التعصب الرياضي دون سواه بصفتهم خصوما لا أكثر ولا أقل.
إذاً تحط حمى العنصرية الآن في اسبانيا وسط إمكان الجزم بتواجدها في جميع أرجاء القارة الاوروبية، ويبدو مستغربا الاتهامات المتبادلة بين الطرفين الاسباني والانجليزي بأن أحدهما لا توجد لديه مشكلة مع الأعراق أو الديانات الأخرى بينما يتخلف الآخر عنه بعقود في مجال الانفتاح، إذ لا بد من التذكير أنهما كانا في الماضي أكثر المتنافسين على «جائزة» أبرز بلد استعماري عبر التاريخ.