الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم شعراً(1)

> «الأيام» د. عبده يحيى الدباني:

> لا أظن أن رجلاً عظيماً قد مُدح ورُثي ووُصف من خلال الشعر كما مُدح النبي صلى الله عليه وسلم ورثي ووصف عبر التاريخ، إذ لم يقف جريان الشعر في هذا الموضوع الكبير منذ انبلاج نور الدعوة الإسلامية حتى هذه اللحظة، ولسوف يظل متدفقاً حتى قيام الساعة، فالقرآن الكريم المحفوظ بقدرة الله تعالى، حفظ اللغة العربية الفصحى وآدابها، وساعد على تطورها وامتدادها، على أن الشعر الذي تناول الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتصر على الشعر العربي فحسب ولكنه تنوع حسب تنوع لغات المسلمين ولهجاتهم المختلفة.

لقد برع الشعراء في صدر الإسلام في مديح النبي وفي الدفاع عنه في ظل الهجمة الشعرية الشرسة التي شنها شعراء قريش من المشركين ومن لف لفهم من شعراء يهود وبعض القبائل العربية الذين كانوا ينالون بأشعارهم الهجائية الحادة من الدعوة الإسلامية ومن نبيها الكريم ومن المسلمين حتى نزلت فيهم الآيات الكريمة (?والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم ترَ أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون.. )أما الذين دافعوا عن نبيهم وعن الإسلام والمسلمين فقد نزل فيهم قوله تعالى:(..إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وذكروا الله كثيراً، وانتصروا من بعد ما ظلموا).

لقد سجل تاريخ الأدب بحروف من نور أشعار حسان بن ثابت وعبدالله بن رواحه وكعب بن مالك وغيرهم منافحين ومدافعين عن الدعوة الإسلامية وعن صاحبها عليه أفضل الصلاة والسلام في ظروف تاريخية عصيبة وفي ظل سلطان لا يضاهى للكلمة الشعرية، وللكلمة البليغة بوجه عام، حتى استطاعوا بصوت الحق والفن أن يلجموا تلكم الأصوات النشاز في الجبهة الأخرى المعادية في تلك المعركة الشعرية التاريخية التي تكللت بظهور صوت المسلمين، وانطفاء صوت الشعراء المشركين بعد فتح مكة المكرمة في العام الثامن الهجري.

لقد خجل الشعراء بعد إسلامهم مما كانوا يقولونه في جاهليتهم ضد الإسلام وندموا ندماً كبيراً واعتذروا للنبي عن كل تلك الجهالة والطيش والحميّة والفحش التي ضمنوها أشعارهم من قبل وقد قبل النبي اعتذارهم وإسلامهم وأشعارهم الجديدة وعفى عنهم. ولكن لكل زمان مناوئوه وغاووه وأشقياؤه في معاداة الإسلام والمسلمين والرسول العظيم صلى الله عليه وسلم كما يحدث اليوم في (الدنمارك) من ترويج الإساءات والبذاءات في حق خاتم الأنبياء والمرسلين المبعوث رحمة للعالمين، إنه الصراع الخالد بين الحق والباطل.. بين الفطرة والانحراف.. بين الإيمان والإلحاد.. بين الخير والشر، فلن تجد لسنة الله تحويلاً ولا تبديلاً ومثلما كان الشعر الإسلامي في صف النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان النبي أيضاً في صف الشعر الإسلامي، لقد بنى لحسان بن ثابت منبراً إلى جانب منبره في المسجد لينشر من خلاله أشعاره وقال له في حديث صحيح: «اذهب إلى أبي بكر يعلمك مثالب القوم واهجهم وروح القدس معك» وقال فيما قال: «إن من الشعر لحكمة، وإن من البيان لسحراً» وقال أيضاً:«الشعر كلام من الكلام حسنه حسن، وخبيثه خبيث» وعن علاقة العرب بالشعر قال عليه الصلاة والسلام:«لن تدع العرب الشعر حتى تدع الإبل الحنين إلى صغارها» فضلاً عن روايته الشعر- مع كسره الوزن - واستنشاده له، وتطويعه لصالح الدعوة الإسلامية وإثابته الشعراء وتقويمه الشعر، ومعرفة تأثيره وسلطانه على القلوب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى