المبدع علي هادي السعدي.. متى تقوى ضمائرنا على إنقاذه من محنته

> «الأيام» علي محمد يحيى:

> علي هادي السعدي مبدع، وعلم من أعلام المسرح الحديث في بلادنا، أذاب وجدانه وعصر خلاصة إنسانيته وهو يمتعنا على مدى أربعين عاما خلت بجواهر من أدائه الراقي في التمثيل والإخراج، وبالخصوص في مجال الدراما الجادة سواء على خشبة المسرح أم في استوديوهات التلفزيون (مسرح التلفزيون) وكذلك في الإذاعة، ولم يكن في جل حياته الفنية يدخر جهدا لغير المسرح.

شخصيته وأداؤه على المسرح يذكرنا بكرم مطاوع ومحمود ياسين ومحمود الحديني، شخصية جادة وصوت قوي جهوري كان يرج زوايا المسرح رجا، يجعلنا ونحن نشاهده مشدودي الأعصاب متوتري الحال طوال أداء العرض، حتى يفرغ شحنة فكره وفلسفته في مضمون النص لتستقر في أعماقنا وفكرنا وإنسانيتنا.

أربعون عاما من عمره المديد بإذن الله تعالى كما أحصيتها منذ بداياته عام 1968.. اختزلها من حياته حبا وكرامة للمسرح ولثقافة المسرح وتحديث آلية المسرح الذي يكاد اليوم يندثر بعد أن وصل ذات يوم إلى منتهى مجده، بعد أن كان السعدي أحد رموز تحديثه وحاملي رايته في الحداثة، إلى جانب أصالته مع رفاق فنه، فبنوا مداميكه لبنة لبنة دون كلل أو ملل.

اليوم، دون الماضي العَطِر ودون كل يوم، فلقد بلغ به المرض أشده وأعجز صموده، ولم يعد يقوى على دفعه عنه، لقلة حيلته رغم علو صوته الضعيف ما استطاع، الذي لانكاد نسمعه لكثرة الضجيج من حولنا.. فهل نقبل على أنفسنا وضمائرنا أن نجازي أمثال هؤلاء المبدعين العظماء بالصمت والهروب منهم إلى الأمام، كي لانسمع استغاثاتهم ونداءاتهم البائسة حين وهنت أجسادهم وغلب عليها الداء.

لا أخال أننا حين نعلم بما أصابهم أن نسكت عنهم، فكما هبوا ذات يوم وهم في عنفوان الشباب شاحذي هممهم ومواهبهم خلال تلك السنوات الطوال، وقدموا صحتهم وقوتهم على أطباق من ذهب قربانا، كي تصل رسالة الثقافة والآداب السامية إلينا، وحملوها لنا مهداة بكل ثقة وحب ورغبة لإسعادنا، فهل لنا إلا أن نرد لهم جميل ماصنعوه عرفانا واعتزازا ووفاءً.

أعلم كما يعلم الكثير منا أن بين ظهرانينا من الرجال الأوفياء ما أعجز عن حصرهم من ذوي الضمائر الحية المخلصين، وهم أصحاب نوازع إنسانية في قيادات وزارة الثقافة ومكتب الثقافة بمحافظة عدن، وفي مقدمتهم الدكتور أبوبكر المفلحي وزير الثقافة والأديب الأستاذ عبدالله باكدادة مدير عام مكتب الثقافة في عدن الذي يعرف السعدي أكثر من غيره، وهما اللذان نعقد عليهما الآمال ونضع ثقتنا فيهما لإنقاذ مبدع كبير من محنته المرضية، كالأستاذ علي هادي السعدي، ولتكن مبادرتهما وسرعة العمل بها عروة وثقى جديدة تضاف إلى خير أفعالهما وواجباتهما ومسئولياتهما يجازيان عليها برضى النفس، وشكر وامتنان وتقدير الناس جميعا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى