بالنسبة لنا «الأيام» خط أحمر

> محمد فارع الشيباني:

> لقد كثر في حياتنا استعمال الخطوط الحمراء ضدنا، وكنا في الماضي وحتى الماضي القريب (قبل الوحدة) لانسمع كلمة (خط أحمر) إلا في النشرات الإخبارية الخارجية، وكانت تلك الجملة تستعمل من قبل الدول الكبرى وهي تهدد دولا أقل منها، أنها إذا فعلت شيئا معينا يضر بمصالح تلك الدولة الكبرى فإن هذه الدولة (أي الكبرى)ترى في ذلك تجاوزا لخط أحمر، وأنها سوف تتخذ ما تراه مناسبا، وكان هذا يعني بلغة الدبلوماسية أنها مستعدة للدخول في حرب لحماية مصالحها، وكنا نتفهم ذلك كما كانت تفهمه الدولة التي تجاوزت الخط الأحمر، أما الآن وبعد الوحدة فقد دخل هذا التعبير في حياتنا اليومية وأصبحنا مهددين بالويل والثبور، ليس من دولة كبرى ولكن من سلطة المفروض أنها منتخبة منا لغرض حمايتنا وتوفير ما نحتاج إليه لكي نعيش حياة حرة وكريمة. هذه السلطة التي يفترض أننا قبلنا أن تحكمنا لغرض أن نعيش في أمان وفي مجتمع مدني، سلطة يفترض ولو حتى نظريا أن تخدمنا لا أن تهددنا، بل وتقتلنا إذا ما طالبنا بحقوقنا، ولكن الذي يحصل العكس، فقد حولت هذه السلطة حياتنا كلها إلى خطوط حمراء، ممنوع علينا تجاوزها، فقد أصبحت المطالبة بحياة حرة خطا أحمر، والمطالبة بلقمة العيش خطا أحمر، والمطالبة بحق العلاج والتطبيب لنا ولأولادنا خطا أحمر، وكذلك المطالبة بحق التقاعد الشريف بعد حياة مثمرة في خدمة الوطن خطا أحمر، أما الاعتصام والتظاهر للمطالبة بهذه الحقوق فأصبحنا نستحق عليه الرصاص والموت، والحديث أو الكتابة عن مطالبنا تلك هي الجريمة الكبرى، وأصبحنا نستحق عليه التنكيل والمطاردة كأننا تجاوزنا خط (ماجينو) الفرنسي المشهور في الحرب العالمية الثانية، وأكبر دليل على ذلك ما يحصل الآن للصحف والكتاب الصحفيين، وفي مقدمتها وأكثرها تعسفا ما يحصل هذه الأيام لصحيفة «الأيام» الحرة والنبيلة الأهداف، لا لشيء سوى أن هذه الصحيفة تنشر ما يدور في الشارع من أحداث لم تصنعها هي ولم تشارك فيها ولم تحرض عليها ولم تكن طرفا فيها بأي شكل من الأشكال، بل ما فعلته أنها قامت بنشر ما يدور، وفي لغة الصحافة يعتبر ذلك خبرا، ووجدت الصحافة في العالم كله ونشأت على أساس نشر الأخبار والأحداث التي تحصل في أي بلد وفي العالم كله، وهذا هو عمل الصحافة، ولكن عندنا بلد الخطوط الحمراء.

فقد استحقت صحيفة «الأيام» التنكيل بها وبأشكال مختلفة وبأساليب مستنبطة غريبة، وانطلاقا من مفهموم أننا نحن الشعب الذي ينتخب حكامه، وهذا شيء والحمد لله لاتنكره السلطة الحاكمة، فالمفروض أننا نحن أيضا لنا الحق في وضع الخطوط الحمراء، لأننا نحن من انتخب أفراد السلطة الحاكمة، ونحن من بيده إعادة انتخابهم في أي انتخابات قادمة، ولذا أقول إنه بالنسبة لنا «الأيام» خط أحمر عليكم عدم تجاوزه، لأن «الأيام» بالنسبة لنا أصبحت كالقوت اليومي، ونحن نرى أنها تعبر عن آلامنا وأحلامنا وتمناياتنا في حياة حرة كريمة، واقرأوا التاريخ، فلم يستطع الاستعمار البريطاني النيل منها، وأسمح لنفسي هنا أن أذكر بعض ما قاله وكتبه مؤسس «الأيام» الأول الأستاذ الفاضل محمد علي باشراحيل (رحمه الله) وهي: «فَجَّر الظالمون مساء يوم أمس الأول قنبلة في دار «الأيام»، فجروها بقصد إلحاق الضرر بالدار، وكتم أنفاس صوت الحق الذي قض مضاجعهم، إنهم بعملهم هذا يتوهمون أنهم قادرون على إرهابنا بحيث نخشى عواقب أعمالهم الصبيانية، ونحجم عن مواصلة السير..» «الأيام» العدد (1463) 23 أكتوبر 1963. وكذلك: «ويسعدني اليوم وقد جف الحبر في قلمي ودبت الشيخوخة في أعضائي وتيبست أصابعي أن أسلِّم الراية - وأنا فخور جدا- إلى أبنائي في مسئولية تحريرها وإصدارها بالشكل اللائق بها الذي يرضي أذواق القراء، ويلبي حاجاتهم، ويشبع رغباتهم في تحصيل المزيد من المعرفة والاطلاع والاستفادة..» «الأيام» العدد الأول 7 نوفمبر 1990. اللهم احفظ عدن.. آمين يارب العالمين!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى